قدر ما لديك؛
واقتل خوفك!
اليوم هو وقت رائع لتكون حياً فيه . الفرص موجودة في كل مكان، ويمتلك الناس الكثير للغاية. لم يكن هناك قط وضع تتكافأ فيه الفرص أكثر من ذلك، وهذا بفضل شبكة الإنترنت. اليوم أي شخص قادر على شراء هاتف محمول يمكنه الاتصال بشبكة الإنترنت بسهولة، ونحن جميعًا نعرف أن شبكة الإنترنت مكتظة بالمعرفة، وأن المعرفة قوة.
إمكانية الوصول إلى المعرفة هي ثورة هذا القرن. فكر في هذا الأمر. في الماضي، كانت تكاليف التعليم تمثل دائما عائقا للوصول لحياة أفضل، لكن الآن الحقائق صارت مجانية. إذا كنت لا تعرف كيفية القيام بشيء ما -أي شيء حرفيا، سواء كانت الترميز أو تصميم المواقع الإلكترونية، أو تعلم لغة الماندرين، أو إتقان العزف على الفلوت، أو أي شيء آخر- يمكنك أن تدخل الإنترنت وتعلم نفسك أو يعلمك شخص ما في النصف الآخر من العالم.

لا تحتاج اليوم حتى إلى التعليم الجامعي لكي تكون ناجحاً. نعم، الشهادات الجامعية جيدة، لكن يهتم أغلب أصحاب العمل اليوم بالمهارات أكثر من الشهادات. بالإضافة إلى المهارات، يهتم أصحاب العمل الاذكياء بالدافع والحافز والجرأة؛ إنهم يبحثون عن أشخاص ماهرين لديهم أهداف وطموحات جريئة، والشجاعة للخروج وتحقيقها. العالم ليس مثالياً، بالطبع. وبالطبع يوجد أشخاص لديهم إمكانية أقل للوصول إلى الفرص مقارنة بالآخرين. لكن بشكل عام، نحن جميعا محاطون بفرص أكثر بكثير من أي وقت مضى. إنه من المستحيل ألا تشعر بالامتنان. كيف توصلت إذن إلى تطوير مثل هذه النظرة التفاؤلية للعالم؟ إليكم الخلفية. نشأ أبي في كوخ طيني في الصين. كافحت عائلته ولكن كان لديها الكثير من الأراضي؛ مقارنة بكل شخص آخر بالطبع. ثم جاء الشيوعيون، وتم فجأة اعتبار الأشخاص الناجحين الذين صنعوا شيئا له قيمة أعداء للدولة. لذلك هرب إلى هونج كونج في قاع قارب صيد عندما كان في الخامسة من عمره وكبر مفلسا، لكنه شعر أنه محظوظ لأنه صارت له فرصة لكي يعيش حياة جيدة.
ذلك ما شعرت به أيضا، وأنا أترعرع في فانكوفر، كولومبيا البريطانية، بعيدا عن وسائل الرفاهية، أستمع إلى قصص من والدي ووالدتي عن كيف أنهما لم يعرفا أن الأرز أبيض أو الطماطم حمراء حتى قبل أن يأتوا إلى كندا بوقت  قصير كشباب؛ لأنهما كانا فقيرين للغاية لدرجة أنهما لم يستطيعا شراء أي شيء سوى الأرز البني ولم يقدرا على أن ينتظرا أن تنضج الطماطم قبل أن يأكلاها.
كانا يتحليان بالشجاعة ولم يعرفا التعب، ولم يسلكا قط الطريق السهل، ونجحا من الناحية المهنية وهما يربيان أسرة سعيدة. وهما الآن يقدران كل شيء يمتلكانه.
ماذا أتى أولاً إذن: الشجاعة الكافية لكي تصنع حياة تستحق التقدير، أم تقدير كاف للحياة لتتحلى بالشجاعة التي يتطلبها النجاح؟
أعتقد أن التوجه الذهني يأتي أولاً. التوجه الذهني الإيجابي يولد النجاح أكثر مما يولد النجاح التوجه الذهني الإيجابي؛ وفي رأيي هذا صحيح على نحو خاص عندما يتعلق الأمر بالنجاح كمبادر أعمال.
ينص قانون من قوانين علم النفس السلوكي على أنه لا يمكنك أن تكون في حالة من التقدير والخوف في الوقت نفسه، وحيث إن مبادري الأعمال الأكثر نجاحاً لا يعرفون الخوف تقريباً، فإنه لا بد وأنهم يتحلون بالقدرة على تقدير
ما يمتلكونه، القدرة على أن يشعروا بالامتنان لقيامهم بشيء ممتع ومثير للاهتمام.
عندما تحظى بالمرح، عندما تقدر الأشياء التي لديك، فإنك تتوقف عن القلق بشأن النجاح والفشل. هذا الجزء الرائع من قصيدة روديارد كيبلنج صاغ هذا الأمر على أفضل نحو: إذا استطعت أن تحلم - ولم تصبح عبدا لأحلامك؛ /إذا استطعت أن تفكر - ولم تجعل الأفكار هدفك؛/ إذا استطعت أن تقابل النصر والكارثة / وأن تتعامل مع هذين المخادعين بنفس الطريقة...
عندها ستكون الأرض كلها ملكك وكل ما فيها، / وما هو أكثر من ذلك؛ ستكون رجلا، يا بني!".
لكن في البداية، يجب أن تتحلى ببعض الجرأة بالطبع. إذا أردت أن تتبع شغفك، عليك أن تتخلى عن حذرك تماما وتقوم ببعض المجازفات. يمكنني أن أتكلم من واقع التجربة الشخصية هنا. لقد أتيت من بيئة من الطبقة المتوسطة وعادية بشكل أساسي وحصلت على شهادة في إدارة الأعمال، لكن لا أمتلك مهارات خيالية أو شهادات معتمدة: ليس لدي
ماجستير في إدارة الأعمال، ولا تدريب متخصص في الأعمال المصرفية أو مجال الإعلان أو أي شيء آخر.
لكنني كنت دائما جسوراً للغاية، لهذا السبب كانت لدي روح المبادرة -في سن التاسعة عشرة المبكرة للغاية- لأن أقفز في صناعة مكتظة بأصحاب المناصب، والعديد منهم شركات إعلانات؛ ضخمة متعددة الجنسيات، والعديد
منها كان في مجال العمل قبل أن أولد حتى بوقت طويل. لهذا السبب واتتني الجرأة أن أقدم مفهوماً جديداً تماما في مجال الإعلانات.
لقد جاء من مفهوم بسيط: الناس لا يحبون الإعلانات. لماذا لا نصنع شيئا يحبونه بالفعل؟
من خلال استيحاء الفكرة من عالم الألعاب، فكرت ماذا لو، بدلاً من مجرد تقديم الإعلانات المزعجة على الهاتف المحمول التي سينقرها الناس بعيداً أو يتجاهلونها، وصلنا الناس بالمعلنين من خلال تقديم هدية مجانية لهم؛ مثل لحظة إنجاز في الألعاب عندما يتنقلون للمستوى التالي أو يهزمون الزعيم مثلاً؟ وسعنا هذا المفهوم فيما بعد إلى لحظات أخرى من الإنجاز: على سبيل
المثال، مكافأة الناس بالمصادفة السعيدة عندما يسجلون ركضهم في تطبيقات الركض لديهم، أو يشطبون على مهمة من على تطبيق قائمة المهام المراد تنفيذها. كان مفهوما ثورياً، لكن ماذا كان لدي لأخسره إذا حاولت أن أجعله
ينجح.؟ لاشيء •'
كان هذا الإقدام هو نفس التوجه الذهني الذي قاد قراري لأتجاوز أربعة صفوف دراسية ما بين رياض الأطفال والمدرسة الثانوية وألتحق بجامعة كولومبيا البريطانية وأنا في الرابعة عشر من العمر؛ لأسبق زملائي بأربعة أعوام بأكملها. لم قمت بهذا الفعل المجنون على ما يبدو؟ كان الأمر برمته يعود في النهاية إلى الطموح الذي لا يعرف الخوف. شعرت أنني مستعد للخروج من المدرسة مبكرا والانخراط في العالم وإنجاز الأمور، بدلاً من أن أقضي أربع سنوات أخرى وأنا أجلس في الصف المدرسي؛ وبالتالي عثرت على طريقة لأحول هذا الأمر إلى حقيقة. ماذا كان لدي لأخسره عندئذ؟ لا شيء إذا لم يفلح الأمر، سأعود فقط حيثما بدأت.
لكن نجح هذا الأمر، بشكل كبير.
وعلى مدار الطريق اكتشفت أن النجاح لا يتعلق بحاصل الذكاء. ولا يتعلق بالنسب الأكاديمي. ولا يتعلق بمن تعرفه. ولا يتعلق بالمال الذي لديك.
إنه يتعلق بك.
إنه يتعلق بتخليك عن حذرك تماماً، والعمل جاهدا، والاستمتاع بينما تقوم بذلك. إنه يتعلق بالخروج والتصرف وكأنه ليس لديك أي شيء لتخسره.
تباً للخوف. فالخوف ليس له صلة هنا، وهو العقاب الكبير الوحيد المفروض ذاتياً بالكامل.
قال ستيف جوبز ذات مرة: ’تحل بالشجاعة لأن تتبع قلبك وحدسك. فكلاهما يعرف بطريقة ما بالفعل ما تريد حقا أن تكون عليه. كل ما عداهما أمر ثانوي'.
لذلك لا تخف مما لا يمكنك القيام به. قدر ما لديك –وهو بالمناسبة أكثر مما
يمتلكه أغلب الناس منذ فجر الحضارة- وانطلق من هناك. مهما كانت أحلامك أو وظيفتك أو الصناعة التي أنت فيها، فإنه توجد فرصة رائعة طوع بنانك. تخلص من خوفك، واجعل طموحك بدلاً من ذلك يبلغ عنان السماء .