الإمكانات، والقدرات، والقوة
لا يوجد شيء يلهمني أكثر من مشاهدة أشخاص يتجاوزون المحن، باكتشاف قوتهم وإيمانهم بإمكاناتهم. ولم أدرك هذا الأمر، ولم أتمكن من التعبير عن طريقة تفكيري وحياتي بالكلمات إلا في وقت متأخر، فربما أكون قد ولدت وأنا أمتلك وجهة النظر هذه، وحسبما أتذكر، لقد شعرت باتصال مع قدرتي وشجاعتي، وحققت ما أريد، وشعرت بإحساس قوي بالمسئولية عما يحدث في حياتي. وقد رأيت نصف الكوب الممتلئ؛ حيث العالم الممتلئ بالفرص، ونحن جميعاً لدينا إمكانات هائلة لا حصر لها، وتعلمت كيف أرى الأمور الإيجابية، ولو في أصعب المواقف. وأدركت أنه ليس كل شخص يرى الحياة بهذه الطريقة، فبالنسبة إلى البعض رؤية نصف الكوب الفارغ أمر طبيعي للغاية؛ ومع ذلك من الممكن تغيير وجهة نظرك، وطريقة تفكيرك، كما يمكنك اكتشاف إمكاناتك، وقدراتك، وقوتك الشخصية الخاصة. 
١: فن رؤية الإمكانات
كانت الدموع تتساقط ببطء على وجنتي، وكنت في الثالثة والعشرين، وقد استقللت الطائرة من كوبنهاجن إلى فلوريدا، وودعت عائلتي وأصدقائي، متجهه إلى حياة ومغامرة جديدة في مكان آخر من العالم. كنت جالسة بمفردي طوال الرحلة، أستمع إلى أغنية راندي كراوفورد One Day III Fly Away وأنظر من النافذة، ألقي نظرة أخيرة على وطني، والطائرة
تقلع بنا. كانت المشاعر تطغى على - مشاعر الإثارة والحزن، وكنت أتجه إلى أرض الفرص والمستقبل المجهول.
وكان الشيء الوحيد الذي أمتلكه هو شركة مؤسسة حديثاً في فلوريدا، وتأشيرة العمل الخاصة بي، ومنتجات دنماركية التصميم لأبيعها. ولم أعرف كل الإمكانات التي أمامي، ولكنني كنت أعرف أنها موجودة، وأن لدى الشجاعة كي أسعى إليها.
هناك لحظات معينة في الحياة تحدد مصيرك، نحن لا نراها في حينها دائما، ولكن إذا ما استرجعنا الأحداث الماضية، فإن مغادرتي وطني الأصلي الدنمارك الذي كثيرا ما شعرت فيه بالأمان والاطمئنان، عابر؛ المحيط الأطلنطي إلى مستقبل مجهول تماماً، كانت خطوة جريئة، ولحظة مصيرية  بالنسبة إلي.
تعاونت مع صديقة دنماركية، وأنشأنا معاً شركة لتصدير واستيراد الديكورات. وقد تولت صديقتي مسئولية إدارة شركة التصدير التي كان مقرها في الدنمارك، وكنت مكلفة بمهمة الاستيراد وتنمية الأعمال والإدارة في الولايات المتحدة.
قبل أن أرحل كنا قد قضينا نصف سنة نخطط، ونوفر المال، ونقدم الطلبات للحصول على تصريح العمل. وكان أخي قد سار على خطى أجدادنا الكبار، وبعض أحفادهم، وانتقل إلى فلوريدا حيث كانت البداية.
ظن الأصدقاء والعائلة أنها كانت فكرة مثيرة، وكانوا جميعا يقدمون الدعم، ولكنني متأكدة أنهم كانوا أيضا يتساءلون في قرارة أنفسهم إذا كانت هذه الفكرة سوف تنجح حقا أم لا. وباعتباري فتاة ساذجة وعنيدة في الثالثة والعشرين، كنت أرى بالطبع القليل من المخاطر التي قد تحيق بنا، ولكنني تجاهلتها وكان شعوري بالحماس الشديد للمغامرة ومعرفة المجهول يدفعني بشدة إلى المضي قدما. وكنت أركز تمانا على الإمكانات، ولم أبال بأي شيء يمكن ألا يسير على ما يرام.
وهذا هو الوجه الجمالي في أن تكون صغيراً وساذجاً - لم يكن الطريق إلى  النجاح ممهدا، وكان هناك على طول الطريق الكثير من الإخفاقات والأخطاء، ولكنني وضعت نسختي الخاصة لحلم الحياة المثالية التي أود أن أعيشها.
 
 
حين تركت الدنمارك، كنت صحفية حديثة التخرج. واكتشفت في سنوات الدراسة في المرحلة الثانوية حبي الكتابة، واهتمامي بالناس وبقصصهم، والفضول الطبيعي؛ الأمر الذي أدى بي إلى أن أتقدم إلى مدرسة الصحافة بعد التخرج مباشر؛. ولم أكن متأكدة تماما أنني أريدها، أو أنني سوف أنجح فيها، ولكنني فكرت قائلة لماذا لا أتقدم على الأقل ؟ لذلك تقدمت، وبينما كنت أنتظر النتيجة، ذهبت في رحلة كمرشدة سياحية إلى إسبانيا ولندن، واستمتعت بحياة رائعة مليئة بالمرح، وإقامة الحفلات، وبعض العمل. كان هذا مثيرا لشابة من الريف، وكنت قد غادرت الدنمارك، وكان شعري طويلاً ومموجاً، منتعلة حذاء ريفياً خشبياً، وأرتدي تنورة قطنية طويلة تصل حتى كاحل القدم، ولكنني بعد ذلك بقليل ارتديت البنطال الجينز الأحمر الضيق، والأحذية ذات الكعب العالي، ووضعت بعض مساحيق التجميل، وثقبت في أذني العديد من الثقوب. وأجريت استئصال الزائدة الدودية في مستشفى إسباني، ووقعت في الحب للمرة الأولى؛ وفي الوقت نفسه نسيت كل شيء عن انتظاري نتيجة الطلب المقدم. وربما كان معظم الناس سعداء،  ولكن بالنسبة إلي كان يوما حزيناً في الحياة التي عشتها بعد المدرسة الثانوية، التي اتسمت بالبساطة والمرح، حين طلب مني والداي العودة إلى المنزل، حيث تم قبول طلبي، ولم أرد أن أذهب. لم يكن لدى ما يكفي من الوقت لأكتشف ما أريد أن أفعله حقا. كنت قد عشقت تلك الحياة السعيدة الخالية من الرقابة والهموم التي كنت أعيشها، وبتجربة أمور جديدة، ومعرفة العديد من الأمور عن نفسي- كان هذا الأمر بالنسبة إلى أبي وأمي غير قابل للتفاوض، ووعداني بأنني سوف أشكرهما بعد ذلك. (وشكرتهما بالفعل) .
إذن، قد بدأت السنوات الأربع في كلية الصحافة, ويختلف نظام التعليم في الدنمارك اختلافا طفيفا عن نظام التعليم في الولايات المتحدة، حيث تشبه مدرسة جيمنازيوم هناك كلية المجتمع هنا، ويحصل معظم الأشخاص على فترة راحة بعد التخرج في مدرسة جيمنازيوم قبل الالتحاق بالكليات المهنية، مثل كلية الصحافة، أو كلية الأعمال، أو الطب. وكان لدى العديد من زملائي في كلية الصحافة (خاصة الرجال) مزيد من خبرات العمل، والدرجات العلمية الأخرى؛ وكانوا أكبر سنا، وأكثر استعدادا مني، وبالتأكيد أكثر حماسا. ومنذ البداية مباشر؛ شككت فيما إذا كان هذا الشيء هو المناسب بالنسبة إلي. ولم يجد ذلك نفعا حينها، فعندما حان الوقت للعمل ثمانية عشر شهرا في وظيفة حقيقية، رفضت المرة تلو الأخرى، وقد تم رفضي كذلك في وظيفة الأحلام في جامعة كولومبيا، في الوقت الذي حصل فيه زملائي على  وظائف مثيرة في التليفزيون والراديو، ومنهم صحفيون في مجال الأعمال.
وقد حصلت أخيرا على وظيفة في جريدة محلية، حيث كان على أن أغطي الأحداث اليومية في مدينة صغيرة يعيش فيها ألف وخمسمائة شخص. وبوصفي فتاة مؤمنة ومخلصة، لم أستسلم وتخرجت بدرجات لائقة. وبعد التخرج، بدأت البحث عن وظيفة مرة أخرى، ورفضت مرة أخرى، ولم أحصل على وظيفة دائمة، وانتهى الأمر إلى أن أعمل صحفية مستقلة. وخلال حياتي المهنية القصيرة في الصحافة، كان على أن أتخلى عن خيالاتي؛ بأن أكون صحفية تجري الحوارات مع المشاهير، وتكتب مقالات مميزة لجريدة صنداي، فما كان يحدث في الواقع هو أنني أغطي افتتاح أحد المخابز في
الحي، والأحداث السياسية المحلية، ومباريات دوري كرة القدم للناشئين. وأدركت بعد سنة أن هذا لم يكن ما أريد، وكنت ما زلت أحلم في أعماقي باستكشاف العالم خارج الدنمارك.
وحين أنظر إلى الماضي، أدرك أنه لم يكن وقتاً مهدرا بأية حال من الأحوال، فقد تعلمت من خلال تعليمي, والوقت القصير الذي قضيته في هذا المجال,
بعض المهارات القيمة للغاية التي استخدمتها خلال حياتي المهنية والشخصية. فقد تعلمت أن أغوص في قدر كبير من المعلومات، وأحصل على نظرة عامة، وأعطي بعض الأمور الأولوية دون تردد. فإنك تجد نفسك كل يوم  في مواجهة مجموعة من المواقف، قد لا تعلم عنها شيئا، ولكن عليك أن تكتشفها، وتجمع المعلومات. وعليك أن تكون مرتاحا لعدم معرفة بعض الأمور، وشغوفاً بما يكفي لتكتشف بعض الأمور الجديدة، وتمتلك الثقة بهذه العملية. تلك هي حياة الصحفي، وحياة الأشخاص الذين يتولون الأدوار القيادية، وحياة أي شخص يجرؤ على القيام بشيء جديد وغير مألوف. وقد
علمتني الصحافة قوة الفضول، والقدرة على قراءة الأمور، ومهارة عمل الاستنتاجات.
لذلك لم أنظر أبداً إلى الخلف، أو أندم على الفترة التي قضيتها في العمل في الصحافة، ولكنني مثل الكثيرين اتخذت القرار؛ لأنني كنت في عجلة لعيش نمط الحياة العادي. وفي ذلك الوقت، كنت مرتبكة، وليست لدي فكرة عن اهتماماتي الحقيقية، وشغفي، وقيمي، وما أريد القيام به في حياتي. وبعد مضي فترة من الحياة، أجبرت على تحديد تلك الأمور الكبيرة والمهمة بالنسبة
 
القفزة الكبرى
يبدو من المثير قليلاً أن أقول إنني استوعبت الأمر، ولكن ترك الصحافة منحني طاقة هائلة؛ تتمثل في الشعور بالشجاعة والثقة بنفسك، ذلك الشعور الذي يتولد لديك عندما تعرف ما تريد. فقد اتضح لي فجأة ما يجب علي  القيام به.
كنت متأكدة جدا من الفكرة، ومتحمسة لشركة تصميم الديكورات، فلن يقدر شيء على أن يثنيني عنها؛ لذلك عملت أنا وصديقتي شهورا بجد من أجل إنشاء وتطوير فكرتنا، وبدأنا في التواصل مع شركات تصميم الديكورات المحتملة، وتأسيس شركتنا في كل من الدنمارك والولايات المتحدة، ونحاول التماس التمويل من أية جهة وتأمينه، والحصول على التأشيرات اللازمة.
وذهبت إلى فلوريدا لإدارة شركة الاستيراد.
ومع أن السفر إلى الولايات المتحدة، وبدء العمل في شركتنا الخاصة كان بمنزلة قفزة نوعية، فإنني كنت واثقة، ومصممة، ومفعمة بالحيوية. وكنت مطمئنة إلى فكرة أن تأسيس شركة وبناءها سوف يستغرق بعض الوقت، وكنت مستعدة لمواجهة العقبات والتحديات، وكنت سعيدة للغاية، وكانت لدى مجموعة جديدة كاملة من المشاعر، كانت مختلفة كثيرا عن المشاعر التي مررت بها في أثناء كفاحي بوصفي صحفية.
فقد شعرت الآن بفورة النشاط، فالأمر جديد، وشعرت بأنني على قيد الحياة بشكل أكبر، واتخذت القرار، وكنت في طريقي إلى تحقيقه- الفرص = الأفكار 
ترتبط - في رأيي - الشجاعة والقدرة على رؤية الإمكانيات ارتباطا وثيقاً، فأنا مقتنعة بأن كلأ منا لديه القدرة والقوة لتغيير نمط تفكيره من النظر إلى نصف الكوب الفارغ إلى نصف الكوب الممتلئ. وقد عملت خلال حياتي المهنية مع الكثير من الأشخاص ممن لا يعتزون بأنفسهم كثيراً، ولا يدركون قدراتهم الخاصة، وليست لديهم القدرة على المخاطرة، فهم يشعرون براحة أكبر في الالتزام بما يقومون به، وعدم تغييره، ونجد أنه بطريقة ما يكون من المقنع والمريح أن تشتكي لهؤلاء الأشخاص الذين اختاروا أن يكونوا مجرد متفرجين في حياتهم الخاصة، فمن السهل بالنسبة إليهم أن يقولوا: إننا لسنا
مسئولين. هذه هي الحياة، ونحن راضون بها على هذا النحو.
وقد التقيت بالكثير من الأشخاص الذين يظنون أنفسهم ضئيلين وغير مهمين، والكثير ممن يشعرون بالراحة لوضعهم الراهن، والكثير كذلك ممن يرفضون المخاطرة والتعيير، وقابلت القليلين ممن تجرأوا على اتخاذ خطوات نحو المجهول، راغبين في استكشاف وتجربة أشياء جديدة. أريد أن أشجعك لكي تفكر بطريقة مختلفة قليلاً، إذا كنت تريد تحقيق أمور
رائعة في حياتك، فإن الأمر يتطلب منك أن تتحمل المسئولية وتضطلع بها. 
ومنذ أن كنت طفلة، كنت دائما أرى الإمكانات حولي في كل شيء، وكان لدي دائما العديد من الأفكار -لم تكن دائما أفكارا جيدة- ولا تزال هذه هي الحال.
وإذا ساءت الأمور أفكر، فما الذي يمكن أن أتعلمه من ذلك؟ وإذا نظرنا إلى الحياة باعتبارها شريطا طويلاً من الخيارات وعملية التعلم، يمكننا أن نرى فرصاً جديدة تلوح لنا طوال الوقت.
تخلق الفرص أفكاراً جديدة وخطوات تالية ممكنة، وليس عليك أن تبدأ بخطة حياة مهنية طويلة الأمد ومحددة بشكل جيد, ويمكنك أن تبدأ بأن توضح لنفسك أو لرئيسك الأمور التي تريد تحقيقها في حياتك الشخصية والمهنية في المستقبل القريب. وسوف تندهش مما يمكن أن يحدث فعلياً من مجرد صياغة أمنيتك في عبارات. ويناضل معظمنا ليستمتع بحياته؛ الأمر الذي يصبح أكثر سهولة إذا كانت لديك فكرة ورؤية للمستقبل. فكر في الأسئلة التالية:
٠إلى أين تتجه؟
٠ ماذا تريد أن تفعل؟ 
٠ كيف ترى مستقبلك بالنسبة إليك وبالنسبة إلى أسرتك؟
٠ أين تريد أن تعيش؟
٠ ما الوظيفة التي تريدها؟ إذا كنت لا تعلم ما تريد، فمن الممكن أن تحصل على الدعم من الأشخاص المحيطين بك.
إذا وضحت كل شيء لنفسك، فإن هذه الخطوة تعتبر الخطوة الأولى نحو تحقيق هذا الأمر؛ ليصبح حقيقة واقعة. وبوضع هذه الرؤية لمستقبلك، فأنت تقرر مبدئيا، في عقلك الباطن، كيف سيكون مستقبلك؛ وتدير الأمر, وتبدأ في اتخاذ الخطوة الأولى.
مواجهة الحقيقة
في معظم الأحيان، لا أرى فقط الفرصة، وأجد الإمكانات في كل شيء، ولكن أميل أيضا إلى رؤية الأمور الإيجابية في الأشخاص، قبل أن أكتشف الأمور السلبية. وأحاول أيضاً تحويل التجارب السيئة إلى فرصة لتعلم شيء جيد من التجربة. 
وهذا لا يعني أنني أتجنب التعامل مع المشكلات وحلها، فقد يكون التعامل مع الأمور السلبية عملية صعبة، وهو الأمر الذي تعلمته عندما اختفت النشوة الأولية التي شعرت بها لدى قدومي إلى الولايات المتحدة.
فكثيراً ما كان التجول في سيارة في الولايات المتحدة، والشعور بالحرية، وحب العالم الذي يفتح لي أبوابه، حلماً كبيرا بالنسبة إلي. في العامين الاولين، قدت سيارتي من طراز تويوتا كورولا ما يقرب من ..... ١ كيلو متر، لأعيش الحلم. واستمتعت، والتقيت بكل الفئات من الناس الذين كانوا سعداء بالترحيب بفتاة دنماركية شابة مغامرة.
ولأنني لم أكن أعرف أي شخص، اضطررت إلى إجراء مكالمات باردة مع أشخاص لا أعرفهم، حصلت على أرقامهم من دفتر الهاتف، وحاولت إقناعهم بأن يصبحوا شركاء العمل المحتملين. وعلى الرغم من كرم الأمريكيين الكبير، تلقيت عبارة لا، شكرا مرة تلو أخرى، وبما أنني متفائلة، ظللت أقنع نفسي بأن غدا سيكون أفضل. وبدأت أذهب إلى المعارض التجارية، لأجلب عملاء دائمين، وأتلقى طلبات دائمة، لكن ذلك لا يزال غير كاف. وبالعودة إلى الماضي، فقد كان بإمكاني إدراك الحقيقة مبكرا للغاية، وتقبل حقيقة أن الاحتمالات الحقيقية لنجاح عملي، بالإضافة إلى الإعدادات والمنتجات نفسها، ليست موجودة هنا. واستغرق الأمر مني سنتين قبل أن  أصل إلى مرحلة أكون فيها واقعية تماماً، وأقول: هذا الأمر لا يجدي نفعاً ، وفي ذلك الوقت فقدت الثقة والطاقة. ولم تخطر في ذهني العودة إلى الدنمارك مرة أخرى؛ لسببين: أولهما أنني أحب العيش في الولايات المتحدة، ومنذ أن انتقلت إلى هناك, انتقلت عائلتي كلها إليها أينت.
وقد نفد مني المال والطاقة والثقة، وشعرت بأنني عالقة، وأن الشراكة التي كانت بيني وبين صديقتي وشريكتي في العمل في الدنمارك معرضة للخطر- فقد كانت في الدنمارك تشعر بأنني لم أقم بما يكفي، ولا أحقق ما يكفي من
المبيعات، وشعرت بأنها لم تكن تفهم ما كنت أفعله، وما كنت أواجهة من صعوبات. وأخيراً اتفقنا على إغلاق الشركة وتصفية أصولنا القليلة, وكان كل منا يشعر بالإحباط وخيبة الأمل تجاه الآخر.
فلم تنهر شركتنا وأحلامنا فقط، ولكن انهارت كذلك صداقتنا. واستغرق الأمر سنوات عديدة للتغلب على الأثر الذي تركه كلا الأمرين في نفسي. وشعرت بشعور سيئ للغاية، فقد أضعت المال الذي استثمره أفراد عائلتي وأصدقائي معنا في شركتنا. وكان درساً صعدا عن المخاطر المترتبة على خلط المال  بالعلاقة مع الأصدقاء والعائلة. واستغرق الأمر نحو عشرين عاماً قبل أن نعاود الاتصال أنا وصديقتي مرة أخرى. وكان الأمر صعباً على كل منا، ولكننا اليوم قد عدنا إلى علاقتنا الودودة، وكل منا يمتلئ عرفاناً للآخر.
إذن، ما الخطأ الذي حدث؟ كنا صغاراً وعديمي الخبرة، وتجاهلنا المشكلات على أمل أن تحل من تلقاء نفسها. ومن غير الجيد أن تكون متفائلاً للغاية، وغير مستند إلى الواقع. بعد ذلك، لم أستطع أيضا أن أقول لنفسي إنه كان ينبغي على أن أتصرف بشكل مختلف؛ لأنني قد فعلت كل ما أستطيع، ولكنه لم يكن كافياً؛ لذلك تمكنت من المضي قدماً ببساطة عن طريق قبول الأشياء كما هي، فقد كانت خطوة كبيرة، ونهجاً قويا استندت إليه فيما بعد على نطاق واسع، وتعلمت استخدامه بشكل أكثر وعياً.
كما حدثت بعض الأشياء الجيدة خلال السنتين الأوليين اللتين قضيتهما في الولايات المتحدة. التقيت الكثير من الأشخاص, بينما كنت أتنقل ذهابا وإياباً على ساحل فلوريدا مثل المجنونة، ونشأ عن ذلك إمكانات جديدة في أحلك الأيام التي مررت بها-
وكنت قد التقيت بصاحب شركة أثاث، قال لي مرارا وتكرارا بأن أتصل به عندما أكتفي من الأعمال التجارية الخاصة بي، وأريد وظيفة ’حقيقية وكان هو مالك سلسلة متاجر الأثاث دور ستور ورئيسها؛ لذلك اتصلت به، وحصلت على وظيفة مندوبة مبيعات في المتجر الرئيسي في ميامي، فلوريدا.