إن التعيير الشائع الذي يقل قليلا عن عبارة "لقد دفعت المال بالفعل، ولكن الشيك لا يزال في البريد" هو "لقد أفسد الحكم الأمور". فرغم تنوع الرياضات واختلاف الظروف، فإن الحكام عادة ما يرتكبون الأخطاء. وأحيانًا تكون العواقب وخيمة، فهناك بعض النتائج التي ذاع صيتها في جميع أنحاء العالم حتى أصبح لها ألقاب خاصة.

    خذ هدف” يد السماء”، على سبيل المثال في الدور ربع النهائي لبطولة كأس العالم لكرة القدم في عام ١٩٨٦، كانت نتيجة مباراة الأرجنتين وإنجلترا هي التعادل بدون أهداف، عندما قفز كابتن فريق الأرجنتين وقتها - "دبيجومارادونا" - أعلى من حارس المرمى "بيتر شيلتين"، ولكم الكرة داخل الشباك، ولم ير الحكم التونسي "علي بن ناصر" لمسة اليد، واحتسب هدفًا صحيحًا.

    وهناك أيضًا "جيفرى ماير". في عام ١٩٩٦، في دوري البيسبول الأمريكي، تقدم فريق "أوريولز” على فريق "بانكيز” ٤ -٣، في نهاية الشوط الثامن، عندما ضرب " ديريك جيتر" - من فريق اليانكيز - كرة طائرة طويلة إلى الجناح الأيمن، ومد "ماير" - الذي كان يبلغ اثني عشر عامًا وقتها - يده فوق الحائط والتقط الكرة، مما منع لاعب "أوريولز" الأيمن – "تونى تاراسكو" - من لعب الكرة، ولكن الحكم "ريتش جاريكا"، أعلن على نحو خاطئ احتساب نقطة لفريق اليانكيز، بدلا من أن يخرج اللاعب الضارب من الملعب أو يحتسب لعبة مزدوجة، وهكذا تقدم فريق اليانكيز وفاز بالمباراة.

    إضافة إلى هذه الحوادث، هناك آلاف الأخطاء الأخرى التي تجعل من غضب الجماهير على الحكام أمرًا مبررًا إلى حد ما. بالطبع، نحن نتعاطف مع فرقنا؛ ولكن الحكام بشر في النهاية، ويمكننا أن نتقهم حدوث الأخطاء. ورغم ذلك، فإن السبب في استمرار الشعور بالغضب هو عجز أو عزوف الحكام عن الاعتراف بأخطائهم.

    وهذا ما جعل أحد أسوأ أخطاء الحكام مثالا رائعًا للغاية -ومعوضًا في النهاية عما حدث.

    لقد أُطلق على هذا المثال لقب "السرقة المثالية للمباراة". منذ عام ١٩٠٠- البداية المعروفة عامة للعصر الحديث لكرة البيسبول - لُعب ما يقرب من أربعمائة ألف مباراة في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، وخلال هذه القترة، يمثل رقم ثمانية عشر عدد المرات التي  قام فيها أحد الرماة بإرسال مثالي، واخراج كل ضارب من الفريق الآخر بالترتيب دون أن يتخلى عن دفع الضارب إلى الذهاب إلى القاعدة الأولى بعد الفشل في ضرب الكرة أربع مرات، أو التخلي عن أية ضربة، وبدون أن يضع رفاقه في اللعب مهاجماً على القاعدة من الممكن أن يقوم بارتكاب خطا. وعلى سبيل التوضيح، فإن فرص لعب مباراة مثالية في كرة البيسبول (وهوما يحدث بمعدل مباراة في كل عشرين ألف مباراة) تقل كثيرا عن فرص إصابتك بصاعقة رعدية طوال حياتك.

ولكن هناك مباراة مثالية أداها رامي فريق "ديترويت تايجرز" اللاعب "أرماندو جالاراجا"، -في إحدى أمسيات أوائل شهر يونيو من عام ٢٠١٠. لقد سجل "جالاراجا" ستة وعشرين خروجا متتاليًا للاعبي الفريق الآخر، وتسبب في قيام الضاربين بسبع وعشرين ضربة أرضية ضعيفة إلى رجل القاعدة الأول، وكانت هناك مشكلة واحدة: قام الحكم - "جيم جويس” - برفع ذراعيه على امتدادهما، وصاح قائلا: "خطأ أمان!".

لقد ضاعت المباراة المثالية ل "جالاراجا” بسبب أحد أفظع الأخطاء في تاريخ الرياضة.

    ولكن هنا تأخذ الأمور منعطفًا غير متوقع تمامًا، وربما يكون هذا الجزء هو أكثر أجزاء القصة استحقاقًا للذكر واتسامًا بالأهمية.

    عندما عاد "جويس" إلى غرفة الملابس الخاصة بالحكام، شغل شريط المباراة، وشاهد اللعبة - مرة واحدة فقط، لقد رأى مدى سوء ما ارتكبه. ولكنه بدلًا من أن يدع الأمور تمضي في صمت -مثلما يفعل الكثيرون من زملائه - اختار مسارًا مختلفًا تمامًا، لقد سار مباشرة إلى غرفة الملابس الخاصة بفريق "ديترويت تايجرز"، وطلب لقاء علنيًا مع "جالاراجا".

    وبوجه أحمر كالدم، وبعينين مغرورتين بالدموع، احتضن "جالاراجا”، واستطاع أن ينطق بكلمة واحدة فقط قبل أن ينهار في موجة من البكاء: "آسف".

    لقد اعتذر "جويس" بكل شجاعة وبلا أي تحفظات، وأدى قيامه بهذا الأمر إلى حدوث تغيير في تاريخ الرياضة، لقد كانت هناك مباريات مثالية في كرة البيسبول، ولكن هذه كانت أول مباراة تستحق الذكر بحق.

    فهناك الكثير من الأشياء التي تنتشر بيننا - الولادة، والموت، وحياة مليئة بالأخطاء، والآثام، والحماقات. إننا جميعًا نعلم هذا، ونعلم أنه يمكن العفو عن الغالبية العظمى من أخطائنا رغم أنها قد تسبب الإحباط والجنون للآخرين على نحو مؤقت.

    لماذا إذن، نمر بمثل هذا الوقت العصيب عند الاعتراف بها؟

    لنأخذ "تايجر وودز" كمثال. إن حادث اصطدام سيارته في ليلة أحد الأعياد خارج منزله قد أثار ما بدا أنه عدد لا نهاية له من الاتهامات والادعاءات التي تتناول علاقاته خارج إطار الحياة الزوجية، وحيثما تنطلق شائعة عن العلاقات الرومانسية في أنحاء المدينة، حتى ولو على سبيل الثرثرة التي لا دليل عليها، تتسارع وسائل العصر الرقمي إلى نشرها، وتوجيه أصابع الاتهام، والحكم بالإدانة بين عشية وضحاها تقريبًا.

    ماذا كان رد فعل "وودز"؟ لقد كان اعترافا غامضا معدًا مسبقًا عن "مخالفاته"، والمطالبة باحترام خصوصيته، وسرعان ما انهار عالمه الاحترافي وعالمه الشخصي من حوله، وتخلت عنه زوجته، وعانت مهاراته في لعبة الجولف كثيرًا.

    هل كان من الممكن أن يسلك "وودز" طريقًا مختلفًا؟ بالطبع.

    في الأسابيع الأولى من انطلاق الأخبار العاجلة، قبل تداعيات إلغاء صفقات الرعاية، أو رحيل زوجة "وودز"، أشار خبراء العلاقات العامة إلى أن هناك أسلوبا مختلفًا يمكنه إيقاف نزيف الخسائر سريعًا، وفي مقال بمجلة "  فوينكس بيزنس جورنال"، استشهد الصحفي "مايك سونوكس" بـ"إيبى فينك" من شركة "إتش إم إيه" للعلاقات العامة قائلًا:

لقد تحدثت "فينك" عن أن "وودز" ومعسكره اختارا الصمت على الوقوف أمام قصة يثيرها موقع "تى إم زد" ومجلة "ناشونال إنكوايرار". لقد قالت "فينك":

"في ظل غياب أي شيء يصدر من "تأيجر"، ستبحث وسائل الإعلام عن مصادر في أماكن أخرى، وبعد أخبار اليوم، ربما يظهر الكثير من الأشخاص الذين يرغبون في الإدلاء بدلوهم في هذه القصة".

ولقد تحدث " تروى كوردر” - مدير بوكالة "كريتيكال بابليك ريليشنز" في مدينة فونيكس - عن ارتكاب معسكر ”وودز" للعديد من الأخطاء التي تضمنت بشكل أساسي الكذب، والإصرار على الدفاع عن النفس وتبرئة الذات، وعدم الاستعداد للرد على تقارير الصحف الشعبية التي كانت الحقيقة تظهر في بعض أجزائها.

    لقد كان من الممكن أن يؤدى تقديم اعتذار مخلص وسريع على الملأ، إلى إعادته إلى أرض الواقع على النحو الصحيح، لقد كان يمثل رمزًا لا غبار عليه، وربما كان الاعتراف السريع والمؤكد سيؤدى إلى تنقية الأجواء، علاوة على التأكيد للجماهير بأن "وودز" مثلنا جميعًا، بشر معرض لارتكاب الأخطاء، وفوضوي - وهذه أشياء نعلمها جميعا على أية حال، لقد كان من الممكن أن يساعده هذا الأمر على العودة سريعًا ليكون ضمن الشخصيات المفضلة لدى الآخرين.

    ولقد أصدرت المديرة التنفيذية لشركة "ديجيتال رويالتي " -"إيمى مارتين" -ملاحظة في ذلك الوقت تقول:

كان يجدرد "وودز" أن يضفي اللمسة البشرية على علامته التجارية عن طريق وسائل الإعلام الاجتماعية، خاصة على موقع تويتر، وشرائط الفيديو المصورة الحقيقية. إن حضوره على موقع فيسبوك يحمل أسلوبا ترويجيًا لامعًا، مما يترك متابعيه ومعجبيه في شوق لمعرفة ما يدور خلف الكواليس... ولو كان قد أتاح الفرصة للناس لرؤية الإنسان الذي يوجد خلف شخصية النجم السوبر، لكان من الممكن أن تختلف التصورات والتوقعات تجاه الأحداث التي وقعت مؤخرا.

    وللأسف، لم يكن هذا هو الطريق الذي سلكه فريق "تأيجرز" بعد أن غيرت الأحداث مسار مسيرته المهنية، وظلت الأقاويل والشائعات تتشر لفترة طويلة قبل أن تهدأ الأمور، وهذا هو تأثير تجاهل هذا المبدأ في العصر الرقمي. فالأخبار السيئة تتشر بشكل أسرع من ذي قبل، وإذا ارتكبت خطأ، فمن الأفضل أن تتحكم في انتشار الخبر. عليك بتقية الأجواء بسرعة وبشكل مقنع.

    ويتمثل أحد الأسباب التي تجعل من الاعتراف بالخطأ أمرا صعبًا للغاية في أننا نميل إلى نسيان الرسائل التي تحملها اعتذاراتنا، ولقد ازدادت خطورة هذا النسيان في الوقت الحالى. وإذا اعترفنا بأخطائنا على الفور وبشكل قاطع، فإن هذا يشبه إصدار بيان صحفي في صفحة كاملة يؤكد أننا نهتم بالفعل بالأشخاص الذين جرحناهم، وأننا نتحلى بالتواضع، وأننا نريد أن نضع الأمور في نصابها الصحيح، ونادراً ما يستمر الناس في الشعو بالغضب والإحباط، عندما يرون أننا نتبع أسلوباً مناسباً في تقديم أنفسنا وعرض موقفنا. إننا نسارع إلى الصفح عن الأشخاص الذين يبدون رغبتهم في توضيح موقفهم على الفور.

    وفي الوقت الحالي، يتخذ الرأى العام تجاه لاعب البيسبول "جايسون جيامبى" الذي اعترف على الفور، وهو يبكي، بتناول المنشطات، بعد أن أصبحت الفضيحة محور الاهتمام، موقفاً مناقضاً لما اتخذه تجاه اللاعب السابق "مارك ماكجواير" الذي انتظر خمس سنوات حتى يعمل على تنقية الأجواء. فقد استعاد "جيامبى" حياته على نحو سريع إلى حد ما، وتميزت الجماهير بالكرم والإسراع إلى العفو عنه، بينما كان لدى "ماكجواير" بالتأكيد أسبابه التي تسببت في تأخير تفسيره للأمر، ففي العديد من عقول المشجعين، كان "ماكجواير" يضع دائماً حرف S باللون القرمزي على صدره (في إشارة بأنه مثل سوبرمان). وبعد مرور نصف قرن من انتهاء مسيرته الحافلة بالنجومية، لا يزال بعيداً جداً عن وضع اسمه بين المشاهير، وهوما كان متوقعاً في السابق.

إننا إذا اتخذنا من التحفظ والغموض أسلوباً للتعامل مع أخطائنا، فانت سنبدو وكأننا نصدر بياناً صحفياً في صفحة كاملة يقول: "إنني أرغب في استعادة حياتي". ورغم أننا جميعا نرغب في استعادة حياتنا على ما كانت عليه قبل ارتكاب الأخطاء، فإنه يجب علينا بعد أن نرتكب الأخطاء بالفعل أن نتذكر أنه ليس هناك من سيغير الظروف سوانا. فليس من واجب الآخرين أن يعيدوا لنا الحياة التي حرمنا منها أنفسنا، فنخن فقط من يستطيع أن يعود بالحياة إلى سابق عهدها، ودائماً ما يبدأ هذا بالاعتراف بأخطائنا سريعاً وبشكل حاسم.

والأمر الذي ننساه في وقت أو آخر هو أن هناك درجة معينة من الرضا في امتلاك شجاعة الاعتراف بأخطائنا. إن الاعتراف بالأخطاء لا يساعد على تنقية الأجواء والدفاع فحسب، بل إنه إنه كثيراً ما يساعد أيضاً على حل المشكلة التي تسبب فيها الخطأ على نحو أسرع.

    كان "رونالد ريجان" يشتهر بلقب "المتواصل العظيم"؛ لأنه كان يستطيع الانتقال من موضع الدفاع الذي يتسم بالضعف إلى موضع قوة لا يمكن إنكاره من خلال إلقاء ملاحظة ساخرة أو دعابة مرحة.

    ما هو أحد أساليبه المجربة والحقيقية؟ إنه التعود السلس على الاعتذار. فخلال إحدى المراحل الصعبة في فترة توليه الرئاسة، سخر "ريجان" من البيت الأبيض، فقال: "إن يدنا اليمنى لا تعرف ما الذي تقوم به يدنا اليمنى البعيدة".

    لقد كان "ريجان" يعلم أنه من السهل أن يتحمل إدانته لنفسه أكثر من تحمل الإدانة من الآخرين. فإذ ا كنا نعرف أننا سنتعرض للتوبيخ على أية حال، أليس من الأفضل أن نقوم بأفضل حركة قبل أن يقوم بها الشخص الآخر؟

    وعندما ندرك أخطاءنا ونعترف بها، فإن استجابة الآخرين لهذه الأخطاء عادة ما تتسم بالعفو والكرم. وهكذا، بتقلص الخطأ سريعاً في أعين الآخرين. أما عندما نتهرب من تحمل المسئولية أو نرفض الاعتراف بأخطائنا على الفور، فإننا نتسبب في إثارة المزيد من غضب الأشخاص المحيطين بنا، ويبدو أن سوء التقدير يزداد من ناحية الخطورة والتأثير السلبي.

    وفي الوقت الحاضر، فقد أتيحت لنا فرصة نشر اعتذاراتنا لكي يعرف جميع المشاركين أننا نرتكب الأخطاء وأننا نعتذر عن ذلك، إننا نخمد الآراء السلبية في مهدها عند قيامنا بهذا التصرف، علاوة على ذلك، فإننا نكتسب الاحترام، لأن الاعتراف بأخطائنا على الملأ يتطلب منا التحلي بالشجاعة.

    ويحتاج الأمر إلى الشجاعة أيضاً عندما نعترف بأخطائنا في السر. تأمل حياتنا الأسرية، ما مدى صعوبة أن يعترف الأزواج والزوجات بأخطائهم لبعضهم؟ إن هذا يشبه أن يطعن المرء نفسه في معدته؛ ولكن بغض النظر عن الخطأ الذي نرتكبه، فمن المهم أن نختار طريق التواضع، وأن نعتمد على قوة الصفح والتسامح.

    كانت "آن" مديرة تنفيذية ناجحة في مجال التمويل، وأمٌا لثلاثة أطفال. وكخريجة حاصلة على مرتبة الشرف من إحدى الكليات العريقة، لم تواجه الفشل أبداً في أي شيء، ولقد تزوجت من فارس أحلامها، وفي إحدى الليالي خرجت مع بعض أصدقائها في العمل عندما كانوا في اجتماع خارج المدينة. وقد تناولت بعض الشراب مما أفقدها اتزانها.

    وقررت المغادرة بصحبة أحد الأصدقاء، وفي المصعد ارتكبا خطأ شنيعاً.

    لقد كان كل منهما متزوجاً، وكان كل منهما يحب زوجه؛ ولكن الشراب أوقعهما في هذا الخطأ الفادح، ذهبت "آن" إلى الفراش وحدها، واستيقظت على كابوس خيانتها لزوجها، فارس أحلامها.

    ولم تقل شيئاً لمدة ست سنوات، لقد ارتكبت خطأ واحتفظت به لنفسها. ومرت السنون، وذكرى هذا الخطأ مخبأة في خزانة عقلها وعاطفتها.

لقد كانت تعرف أنه إذا انكشف هذا السر، فسوف يكون هذا نهاية لحياتها كامرأة حصلت على كل شيء، وتحيا حياة مثالية.

    وفي إحدى ليالي عطلة نهاية الأسبوع، أخبرت زوجها بكل شيء، نظر إليها زوجها، وبدأ في البكاء. ومن بين جميع ردود الأفعال التي  تخيلتها "آن"، لم يكن هذا الفعل من بينها.

وعلى مدار الأسابيع العديدة التالية، تحدث الاثنان مع بعضهما ومع أصدقائهما، ومع أحد رجال الدين. لقد كان زوجها يشعر بالحزن العميق، ومع كل دقيقة من حزنه، كان قلبها ينفطر كمداً؛ ولكن كان هناك شيء آخر أصيب هو أيضاً - إنه قناع المثالية التي كانت ترتديه، وعندما علم أصدقاؤهما بما فعلته "آن"، ذهلت تماماً مما حدث ولم يكن في الحسبان - لقد تلقت من الآخرين الصفح والغفران.

    لقد اكتشفت أن الحقيقة تمتلك بالفعل قوة تحريرها، إن خطأها لم يكن ليمر دون تبعات بالطبع، ولكن مع اعترافها بالخطأ والسعي وراء العفو، فتحت "آن" الباب أمام وجهة نظر مختلفة لحياتها، وجهة نظر شعرت فيها بالأمان لأنها إنسانة غير مثالية، ولو كانت "آن" قد منحت نفسها الفرصة قبل ست سنوات من هذا الاعتراف، لكان أفضل لها كثيراً.

    إن وجهة النظر هذه توجد لدينا جميعاً شريطة أن نمتلك الشجاعة الكافية لتفعيلها. فبإمكان أي شخص أحمق أن يدافع عن ارتكاب الأخطاء -ويقوم معظم الحمقى بذلك بالفعل -ولكن الاعتراف بأخطائك يضعك فوق القمة ويمنحك الإحساس بالبهجة.

    في نهاية عام ٢٠١٠، انخرط العاملون في عالم الرياضة في المناقشة المعتادة في نهاية السنة حول الشخصية التي ستختارها مجلة "سيودتس إليستوريتد" "كأفضل رياضي في العام"، ولقد ذهب هذا الشرف إلى لاعب الظهير الربعي في فريق "نيو أورليانز سيتتس" اللاعب" درو بريس" لقيادته لفريقه الذي كان سيئ الحظ فيما مضى، نحو الفوز بكاس السوبر باول. لقد كان اختياراً موفقاً.

    ولكن "كريس هارى" - من موقع AOLnews.com - كان يعتقد أن هناك رجلين كان يجب أن يتشاركا الحصول على هذه الجائزة بدلأ من ذلك. فيقول: "انني أرى أنه عند التحدث عن الروح الرياضية الحقيقية، فليس هناك ما يشبه نتائج ما حدث في ليلة الثالث من يونيو". ومضى "هارى" في سرد القصة المشهورة آنذاك عن المباراة المثالية التي ضاعت في مهب الريح، وقال في الختام:

بعد مرور ١٦ ساعة تقريباً، لعب فريقا "تايجرز" و"إنديانا" مرة أخرى، ولكن اللقاء المهم حدث قبل المباراة عندما تم اختيار "جالاراجا" للذهاب إلى منتصف الملعب لكي يسلم بطاقة تشكيل الفريق. لقد كان "جويس" ينتطره هناك، وقد تصافح الرجلان وتعانقا في واحدة من أعظم لحظات الروح الرياضية -إلهاماَ وعاطفية وإثارة للمشاعر -التي لم يشهدها عالم الرياضة من قبل، إنها لحظة تستحق أن نسترجعها مرات ومرات لكي تساعدنا على تعلم درس حول استحضار روح التفوق والكرامة عندما تساعد الظروف بسهولة -خاصة في هذا الوقت والعصر -على إصدار رد فعل مختلف تماماَ".

أوه، يا إلهي، إن كلمة أو كلمتين تمتلكان قوة تغيير كل شيء: "آسف. أنا آسف".