جلس "جورج برنارد شو" ، في حفل عشاء، بجوار شاب أثبت أنه شخص له باع طويل في الملل، وبعد معاناة مع ما بدا أنه حوار فردي لا نهاية له، قاطعه "شو" قائلاً إن الفرق هو أن كليهما على معرفة بما يجب معرفته في هذا العالم إلا شيئاً واحداً لا يعرفه هذا الشاب.

فسأله الشاب: "وكيف ذلك؟".

 فأجابه "شو": "حسناً، يبدو أنك تعلم كل شىء باستثناء أنك شخص ممل، وأنا أعلم ذلك".

     لم يكن هذا هو الانطباع الذي كان يستهدفه الشاب؛ ولكن الأمر أثمر عن نقطة مهمة: عندما يتعلق الأمر بما هو مهم بالنسبة للآخرين، يجب عليك مناقشة تلك الأمور، وعليك أن تفترض أن كل ما عدا ذلك سوف يجد أذاناً صماء، أومتبلدة كما في هذه الحالة.

وهناك مبدأ شيق يجب التفكير فيه نظراً للروح التي تتواصل بها الغالبية العظمى من الناس في الوقت الحالى. تهتم معظم الرسائل في الأساس بإعلام الآخرين عن حياتنا أو منتجاتنا، لكي نكشف عن جوانب مقنعة من أنفسنا نعتقد أن الآخرين ربما ينجذبون إليها، ورغم أن هذا قد يظهر كإستراتيجية مضمونة، فإنها استراتيجية سلبية بالفعل؛ لأنها تتطلب من الآخرين التواصل معنا، ومثل شعار إعلانى في موقع إلكتروني ينتظر من يضغط عليه، فإننا نقدم إعلانات رقمية لأفضل ما في أنفسنا، آملين أن ينجذب الآخرون إلى الاهتمام بها.

وتكمن المشكلة في أن هذا حديث تسويقى ذو طرف واحد، وليس حواراً يقوي العلاقات. إنه افتراض، وليس استيعاباً، وعندما توجه الافتراضات جهودنا الرامية إلى مصادقة الآخرين أو التأثير عليهم، تنتهي النتائج إلى الجانب الخاطئ من الأشياء الجديرة بالذكر.

في عام ١٨١٠، تفاوض اللواء "ويليام هنرى هاريسون" - الذي كان حاكم مقاطعة إنديانا في ذلك الوقت - مع "تيكوميسه" في محاولة لتجنب المزيد من الأعمال العدائية. وأمر "هاريسون" بإحضار كرسي من أجل الزعيم الأمريكى الوطنى. قال الرجل الذي أحضر الكرسى ل "تيكوميسه": "إن والدك، اللواء ”هاريسون”، يعرض عليك مقعداً ". فقال ”تيكوميسه” متعجباً: ”والدي! إن الشمس هي والدي، والأرض هي أمي، وسوف أستلقى على صدرها ". وتجاهل الكرسى، وتمدد على الأرض .

وفي الوقت الحالى، فإن أكبر أعداء التأثير الدائم هو قطاع التأمل في كل من الأمور الشخصية والمؤسسية، الذي يربط نفسه بفن خلق الانطباعات دون استشارة علم التأكد من الاحتياجات، ولا يتسم هذا الأسلوب بالوقاحة فحسب، بل وسوء المسار العملى أيضاً، إن أكثر ما يحتاج إليه العالم هو حوار يبني جسور العلاقات - وهذا ما رآه " اكارنيجي"

 منذ خمسة وعشرين عاماً.

 ويحدث هذا الأمر عندما تنقلب كل الطرق الحديثة للتسويق ووسائل الإعلام الاجتماعية رأساً على عقب، وتبدأ كل التفاعلات بالانتباه إلى الأمور التي تهم الآخرين.

    ويبدأ هذا - كما قلنا من قبل - بالاستماع. وحالما تعرف الأمور التي تهم الآخرين عن طريق ممارسة الاستماع لمدة أطول، يمكنك الانخراط معهم بشكل صادق وحقيقي من خلال وضع هذه الأمور في بداية تفاعلاتك معهم. فإذا كنت تتكلم عن العمل، فإن هذه العملية ستساعد على إعادة العميل إلى إدارة العلاقات مع العملاء - وهي محاولة ذكرها المدون "دوك سيرلز" - ذ ات مرة - بأنها تتعلق غالباً بالإدارة أكثر من العملاء.

    تقول " فاليريا مالتونى"، المدونة والخبيرة الإستراتيجية في مجال الأعمال: " يخطئ الجميع - فيما عدا عملاءك -عند التحدث عن التأثير".

فكر في هذا الأمر قبل التورط في المشكلات بسبب عدم تحقيق نتائج عديمة الجدوى ... إن التأثير الحقيقى ينبع من تجمع الأشخاص ذوي الاهتمامات المشتركة. إنه عملية مكونة من تحديد مجالات الارتباط بين عملائك الحاليين والمحتملين، وبين بناء المجتمع والسماح للآخرين بتوسيع نطاق تأثيرك عندما تلبي احتياجاتهم.... ولسوف تستمر في مطاردة الأحلام (حتى البسيطة منها) لمدة طويلة للغاية إذا واصلت الاعتقاد بأن التأثير يدور حولك أنت. إن الأمر ليس كذلك، ولست بحاجة للسير على هدى أي شخص مشهور لكي تبنى شيئاً ذا قيمة.

    إنك تعمل في الأساس على بناء مجتمع عندما تبدأ التفاعل مع الأمور التي تهم الآخرين، وهذا المجتمع هو ما يهمك بالفعل، سواء كنت تقوم بتأسيس شركات إنشاءات، أو إطلاق علامة تجارية جديدة، أو التخطيط لعملية مهمة لجمع الشمل. هناك بالتأكيد علاقات أولية يجب عليك إقامتها. ولكن يدور الكثير من الحديث في التسويق ووسائل الإعلام الاجتماعية في الوقت الحاضر عن نقطة الارتباط -اكتساب معجب أو مشجع أوعميل آخر. وكثيراً ما تصبح خطة المدى الطويل في طي النسيان، وتطلق الشركات على هذا الأمر إستراتيجية الاحتفاظ بالعملاء، ولكن من الأفضل أن ننظر إليها على أنها حوار هادف مفعم بالحيوية بين مجموعة من الأصدقاء.

    فإذا كان أساس كل النجاحات على المدى الطويل هو إنشاء علاقات تقوم على الثقة، فإن الهدف من كل التفاعلات يجب أن يكون تحقيق القيمة في أقرب وقت قدر الإمكان، وهناك بعض العقبات الشائعة التي  بجب التغلب عليها.

     يسافر "جايسون" إلى مناطق نائية جدًّا في السنغال مرات قليلة في السنة. وقد سافر لأول مرة مع مؤسسة غير ربحية وصلت به إلى السنغال. وفي الوقت الحالي، فإنه يعود إلى هذا البلد أنه لا يزال يتعلم هناك، وفي الآونة الأخيرة، جذبه أحد كبار السن في القرية جانباً في ظهيرة أحد الأيام، التي تبلغ درجة حرارتها إلى ١١٥ درجة فهرنهايت، وطرح عليه سؤالا ملحاً: كيف يعيش الناس في أمريكا الشمالية؟

    فأجابه "جايسون" بأن معظم الناس يعيشون في منازل منفصلة على نحو يماثل وضع الأكواخ في القرية، وأن هناك آخرين يعيشون في شقق فوق بعضها وبجوار بعضها في بنايات أكبر حجماً.

فقال العجوز متسائلاً : " وكل هذه المنازل محاطة بالجدران؟".

فرد عليه "جايسون" بالإيجاب. "ولكن لماذا؟" .

" لحمايتهم من الطقس السيئ، وفي بعض الأحيان لحمايتهم من الأشخاص الأشرار،وللحفاظ على أشيائهم في منازلهم، وتحقيق الخصوصية "

    فرد الرجل العجوز: " أوه، لا، لا، لا. هذا تخلف". وأخبره بأنهم في قريتهم يهدمون الجدران لكي يشعروا بدرجة أكبر من الأمان، فقال: " كما ترى، فإن العديد من الأشياء تختفي خلف الجدران، وعندما نهدم الجدران ليرى الجميع ما لدينا، فسوف نشعر بمزيد من الأمان".

    إننا نعيش في عالم معاصر، وفي هذا العالم المعاصر فإننا نبني الجدران. فهناك برنامج جدار الحماية الناري لحفظ أجهزة الحاسب الخاصة بنا، وهناك جدران الطوب لحماية ممتلكاتنا العقارية، وهناك السياج الخشبي أوالسلكي لحماية مزارعنا وأفنية منازلنا، ثم هناك الجدار العظيم لتشتيت التفاعل الاجتماعى، ومن الممكن أن يؤدي هذا إلى مستوى معين من التأثير يوجد خارج إطار العلاقة – تأثير يرتكز على الاتباع وليس الصداقة.

   وتحذر ”تشارلين لى" - خبيرة وسائل الإعلام الاجتماعية ومؤلفة كتاب Open Leadership - من خطر مثل هذا التأثير الرقمى المحصن، وفي مقابلة أجريت معها مؤخراً، تحدثت "لى" عن الهم الأكبر _ أي الإحساس الزائف بالأمان. وقالت مفسرة: "هناك فرق بين الصديق والمعجب، فالمعجب يتضاءل لديه الشعور بالالتزام والاهتمام، وهناك مقياس متدرج للولاء يقف فيه المعجبون على أحد طرفيه بينما يقف الأصدقاء على الطرف الآخر. ويحدث التأثير في جميع مستويات هذا المقياس المتدرج، ولكنه أكثر ثباتاً واستمرارا عند الطرف الخاص بالأصدقاء".

    وأسهل طريقة لإثبات وجهة نظر " لى" هي الذهاب إلى شبكة الإنترنت ومحاولة شراء صديق على موقع فيسبوك، لا يمكن القيام بهذا، فكثيرة هي الشركات التي سوف تبيع لك معجبين على الفيس بوك، ومن الممكن أن يضمن لك الكثير من المعجبين في موقع تويتر، ولكن مع ترك الأمر لوسائل الإعلام الاجتماعية تبرز الحقيقة الكبرى - لا يمكن شراء صديق حقيقى.

    "متى سنعرف أن ملايين المعجبين يتساوون دائماً في التاثير؟" هكذا تساءل الكندي "ميتش جويل" على مدونته وهو مؤلف المدونة والكتاب الذي يحمل الاسم نفسه Six Pixels of Separation، وهو أحد أفضل ٢٥ قائداً ومبتكرا في مجال الإنترنت والتسويق حسب تصنيف شركة "آى  ميديا" .

إنها لعبة (أقصد... عملاً) تعمل على نحو جيد إلى أن توضع التحليلات والمنصات في المكان المناسب.... وتوجد المجموعات الأصغر حجماً والأكثر قوة حيثما يوجد التأثير.... والعلامات التجارية التي تفوز ب "التأثير الحقيقى"... تفوز بالفعل (في مقابل الفوز بالأرقام) لأن لديها عاملين يقومون بتفاعلات حقيقية مع بقية البشر (وتتسم تلك التفاعلات بأنها هادفة بالفعل).... فمن الأفضل من الناحية العملية/ الواقعية أن يفكر رجال الأعمال في الاستفادة من تلك الفرص من أجل الترابط والاهتمام الصادق بدلا من محاولة تكديس الأرقام.

    كان ''نيوتن مينو" هو الرئيس المؤثر للجنة الاتصالات الفيدرالية في عهد الرئيس "اجون إف. كينيدى"، ولقد مضى فيما بعد إلى تولى العديد من المناصب المرموقة في القطاعين العام والخاص، وعندما سئل عن سر نجاحه، أجاب بأن كل هذا يرجع إلى تخصصه الجامعى، فقد تخصص في دراسة علم دلالات الألفاظ -دراسة المعنى. إن علم دلالات الألفاظ لا يدور حول الكلمات فحسب؛ إنه يدور حول الأطر والسياقات التي تستخدم فيها هذه الكلمات، إنه علم يتعلق بفهم الآخرين.

    ولقد لاحظ "مينو” ذات مرة أن ٩٩ % من كل الخلافات تحدث نتيجة سوء فهم للكلمات المستخدمة في أطر وسياقات مختلفة، وهكذا يرجع سبب نجاحه إلى محاولته الاجتهاد في فهم ما يعنيه الآخرون.

    ويعتبر هذا المسعى أكثر دلالة في الوقت الحاضر لأنه عندما قرر "مارك تسوكربيرج" أن يطلق على كل شخص على موقع فيسبوك لقب "صديق"، فقد قام باختيار دلالى أسيء فهمه بكل سهولة. إن العقل البشرى - ناهيك عن القلب - لا يستطيع أن يتعامل مع مئات الأصدقاء، وحسب ”روبين دونبار"- أستاذ علم الأنثروبيولجى التطورى في جامعة أوكسفورد - فإن حجم المخ يقيد قدرتنا على إدارة الدوائر الاجتماعية في حدود ١٥٠ صديقاً، بغض النظر عن اتصافنا بحسن المعاشرة وحب الاختلاط  بالآخرين.

    ولقد توجه "دونبار" إلى دراسة موقع فيسبوك، واكتشف صحة هذا الأمر على شبكة الإنترنت أيضاً ويقول في هذا الشأن: " الشيء المثير في هذا الأمر هو أنك تستطيع الحصول على ١٥٠٠ صديق، ولكن عندما تنظر إلى حركة المرور في الموقع، تجد أن الناس يحافظون على الدائرة الداخلية نفسها - التي  تضم حوالى ١٥٠ شخصا - التي  نلاحظها في العالم الواقعى".

    ولكن من المهم هنا أن نعرف " دونبار" على " مينو" ؛ لأن "دونبار" يعرف الصديق بأنه شخص تهتم به وتتواصل معه مرة في العام على الأقل، ويجب هنا أيضاً وضع الخطوط الفارقة، فرغم أننا لا نستطيع الحصول على ١٥٠ صديقاً حميماً، فإننا نستطيع الحصول على ١٥٠ علاقة مؤثرة.

    فالصداقة الحميمة تتحلى بالالتزام العميق، وتقوم على المخاطرة الكبيرة -أولا تأتي المخاطرة من الاعتقاد بأننا أشخاص نتمتع بالأهمية والقيمة الكافيتين لكي نؤثر على حياة الآخرين، وإذا كنا لا نفهم مغزى وجودنا، فلا يمكننا أبداً أن نمنح أي شخص هدية حياتنا؛ ولكن هناك أمراً على القدر نفسه من الخطورة، يتمثل في أن وجود الأصدقاء المقربين يجعلنا عرضة للأذى الشديد من هؤلاء الأصدقاء، ويحمي بعض الأشخاص أنفسهم من آلام العلاقات عن طريق عدم السماح بوجود أصدقاء مقربين لهم. بينما يقوم آخرون بذلك عن طريق إحاطة أنفسهم بالعديد من الأصدقاء السطحيين؛ بحيث يساعد الجمع على تشتيت الأذى الذي يسببه أحدهم.

    الخلاصة هي أن العلاقة تتضمن المخاطرة، وإذ ا أردنا التأثير على حياة الآخرين، فيجب أن نتقبل المخاطرة بصدر رحب، ورغم أن مقدار ما نبذله من أنفسنا يتنوع اعتماداً على العلاقة الحميمة التي نسعى  وراءها، فإن المخاطرة دائماً ما تكون متضمنة في عملية تحويل الناس من معجبين فضوليين إلى أصدقاء مقربين يتجاوز تأثيرنا عليهم حدود اتجاهات التعامل، وحالما تعرف الأمور المهمة بالنسبة للآخرين عن طريق الاستماع، فإن وضع الأمور المهمة بالنسبة لك في وضع الانتظار هو الطريقة الوحيدة لدفع الآخرين إلى الانخراط الحقيقى مع وجبة ثابتة من الأمور التي  يظهرون الاهتمام به. وكما هي الحال مع معظم المخاطر الهادفة، فإن المكافأة تتساوى مع  قدر المخاطرة. ويتميز التأثير اللاحق بأنه أكثر فاعلية، وسرعان ما سيأتي الوقت الذي تصبح فيه الأمور المهمة بالنسبة لك مهمة بالنسبة لهم أيضاً.

ويدرك "جيمى توركوسكى" هذا الأمر. في عام ٢٠٠٢، كانت هناك سيدة تدعى" رينيه" تستخدم شفرة الحلاقة لكي تشكل صفاً من الكوكايين وتجرح ذراعها، لقد كانت تشعر بالاكتئاب، والوحدة، وكانت تحيطها مجموعة من "الأصدقاء" الذين يدورون في الدوامة نفسها معها. لقد كانت "رينيه" على وشك الموت.

    وظهر "جيمى" - مندوب مبيعات متواضع لألواح ركوب الأمواج - مع مجموعة من الأصدقاء في حياة "رينيه". وتجنباً  للمخاطر العاطفية، فقد حاولوا منحها هدية التواجد والتأثير في حياتها، فاشتروا لها قهوة وسجائر، وأسمعوها الموسيقى، وأحاطوها بمشاعر الحب، وكانوا يتساءلون عما ستكون عليه الحال لو أنهم استطاعوا أن يكتبوا كلمات الحب على ذراعها، بدلاً من قيامها بجرحه بشكل يبث كراهية الذات.

    لقد قادت صداقة "جيمى" بـ "رينيه" إلى تصميمه لبعض الأقمصة وبيعها من أجل مساعدتها على دفع تكاليف برنامج التعافي من الإدمان. وأدت صداقته مع المغني الرئيسى لفرقة شعبية تعزف موسيقى الروك، إلى أن يطلب معروفاً من الرئيس الرمزى للفرقة قائلاً: "ارتدِ أحد الأقمصة الخاصة بنا على المسرح". وهذا ما فعله الموسيقى.

    وبعد مرور عقد تقريباً من الزمان، أصبحت "رينيه" متعافية تماماً من المخدرات، وأصبحت مؤسسة جيمى تبيع أقمصة بما يساوى ٣ ملايين دولار أمريكى كل عام، ويستثمر هذا المال في العديد من برامج التعافي من الإدمان.

    وهناك ما يزيد على ٢٠٠٠٠٠ معجب بـ "جيمى" على موقعي تويتر وفيسبوك؛ ولكنه يعرف أن معظمهم من المعجبين والمشجعين الذين يتملكهم الفضول. ويعد القليل منهم - مثل "رينيه" - من الأصدقاء.

    ويوجد ل "جيمى" تأثير محدود على متابعيه؛ ولكنه مع ذلك تأثير سطحي مقارنة بتأثيره على أصدقائه، ويحدث معظم هذا التأثير في لحظات عابرة. وهو يتقبل هذا الأمر، ويشيد بوجود أشخاص آخرين في العالم يقومون بأعمال جيدة أيضاً تستحق أن يكون لها متابعوها.

إنه يتمتع بتأثير قوي على أصدقائه، وهذا هو الوضع المرن الذي اختار التواجد فيه، إنه المكان الذي يجب عليك أن تقيم فيه – وهو مختلف حسب كل شخص - سواء كنت تمثل مؤسسة متعددة الجنسيات أو تعمل وكيلاً للتغيير الفردى.

    إن الفرق بين صديقك وتابعك هو فرق مهم يجب التفكير فيه عند السعي إلى ترك انطباع دائم لدى الآخرين، فهناك في هذا العالم هؤلاء الأشخاص الذين تكتسب معهم درجة كبيرة من التأثير؛ إنهم هبة ومسئولية في الوقت نفسه، ويجب عليك ألا تقتصر في معرفتك على ماهية شخصياتهم فقط، بل يجب عليك دائماً معرفة الأمور المهمة بالنسبة لهم، وتتجلى الهبة فيما يجلبونه عليك من خير؛ فأظهر تقديرك لذلك، أما المسئولية فتتجلى في توجيه علاقتك نحو غاية ذات مغزى بالنسبة لكل منكما - أو على الأقل بالنسبة لهم.

    "إن قدرة العلامة التجارية على توصيل رسالتها لملايين الناس تبدأ وتنتهي مع ذلك الانطباع "؛ هكذا يختتم " ميتش جويل" المشاركة المذكورة آنفاً على مدونته.

يبدو أننا - عامة الناس - نعتقد أن التأثير ينبع من الحجم الهائل للانطباعات والعلاقات التي نتمتع بها في سوق العمل.... ولكن الأمر ليس كذلك. إن التأثير الحقيقي ينبع من الترابط مع الآخرين، ورعاية تلك العلاقات، وإضافة قيمة حقيقية إلى حياة الآخرين، والقيام بأي شيء وكل شيء من أجل خدمتهم، ولذلك عندما يحين الوقت لكي تطلب طلباً، ستجد شخصاً ما يمد إليك يد العون. لا تقلق كثيراً حول عدد الأشخاص الذين تتواصل معهم، ولكن عليك أن تقلق كثيراً حيال ماهية الأشخاص الذين تتواصل معهم، وطبيعتهم، وما يجب أن تقوم به لكي تظهر لهم التقدير والتكريم.

    وربما يكون الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لك - في النهاية –هو أن تكون ذا قيمة بالنسبة للآخرين، هناك شيء مؤكد لا شك فيه: في عصر تتضاعف فيه أعداد الرسائل بشكل يومى، فإن عددا قليلأ فقط من تلك الرسائل هو الذي يحمل صفة الأهمية بالفعل، ولكي تؤثر على الآخرين، عليك أن تحرص على وجود رسائلك ضمن هذا العدد القليل.