إذا لم تكن مستمتعاً بما تفعل، فما قيمة فعله؟ وإذا لم يكن هناك جانب للمتعة في عملك فلا جدوى إذن من أدائك له -فربما تساعدك إعانة البطالة على الحياة. أعتقد أن هناك عددا كبيرا من الناس المستمتعين حقاً بأعمالهم، لكنهم يخافون الاعتراف بذلك حتى لا يتهم أحدهم بأنه مدمن عمل، أو أنه كئيب أو غير ذلك.

وأنى لا أرى عيباً في الاعتراف باستمتاعك بعملك، إن الظهور كشخص بائس في العمل، والسخط على الوضع أمر شائع بين الموظفين، فهذا نوع من احتواء الأفراد لبعضهم حين يبارى بعضهم بعضاً في التعبير عن مدى كراهيتهم لعملهم.

أما أنت فلا يجوز ذلك لك، فمثلك من أرباب القواعد يستمتع بعمله ويتأكد من أن الناس يعلمون ذلك. وبمجرد أن تعترف باستمتاعك بعملك -أكثر من أي شخص آخر -ستجد أن خطوتك أخف، وتوترك أقل، وأن سلوكك كله أصبح أكثر بهاءً. وباعترافك بأن

عملك يمتعك، تكون قد اكتسبت حكمة لا يعلمها إلا الناجحون، وهي أن العمل هو المتعة، فاحفظ هذه الحكمة في مكنون قلبك.

هناك اختلاف بين قضاء وقت طيب في العمل وبين إدراك أن العمل ممتع. فكون العمل ممتعا يعنى أنك فخور به، ومستمتع بما فيه من تحد، ومتطلع إلى كل يوم بمزيد من التفاؤل والحماس، أما قفاء الوقت الطيب في العمل فمعناه أن تعمل قليلا، وأن تتكلم كثيرا وتثير زملاءك ثم تحتسى القهوة معهم بعد الظهيرة. إذن هناك فارق أعرف أنك تدركه. وقضاء الوقت المسلي في العمل أمر مؤقت ويدوم ما دامت المتعة، لكن سرعان ما ينقضي حين يزول مصدر الإثارة والنشوة.

أما الاستمتاع بالعمل فهو الاستمتاع بالتفاوض، بالحصول على وظيفة، بالفصل منها، بالتحديات اليومية، بالضغوط والإحباطات، بالمستقبل غير الواضح، وباختبار العزم لديك، وبمواقف التعلم الجديدة. إن عددا كبيرا من الناس يموتون في العام الذي يتقاعدون فيه! وهذا يعنى أن متعة العمل أهم لوجودنا مما نظن.

إذا لم تكن مستمتعاً بهذا كله ولا تجد فيه متعة، فقدرك إذن أن تكون أحد أولئك الساخطين، وأحد ضحايا الحياة.