عملت في وقت من الأوقات مع رجل يدعى " ستيف "، وكان على دراية باللغة الفرنسية، وربما كانت درايته بتلك اللغة مثل درايتنا جميعا، ولكنه اتخذ من معرفة اللغة الفرنسية فرصة ليتميز بشىء لا يتميز به أحد سواه من طاقم العمل. لقد كان منتظماً في دروس ليلية في اللغة الفرنسية، وكان يقفى إجازته في فرنسا كل عام ويستمع إلى محادثات فرنسية ويقرأ روايات فرنسية. وخلال فترة وجيزة أتقن الفرنسية تماما. وكان مما تنبأ به على نحو صحيح أن الشركة ستنقل أعمالها إلى داخل أوروبا، الأمر الذي يجعل من إتقانه للفرنسية ميزة ضخمة. إن معرفتك بشىء لا يعرفه الآخرون تمنحك التميز الذي تتطلع إليه، وقد أدرك " ستيف " ذلك التميز بإتقانه تلك اللغة، بيد أنه بإمكانك إدراكه بالمهارات والمواهب والخبرات والكفاءة.

بداية يجب أن تنظر في مواهبك -وهذا جزء من القاعدة ٣-٧: تعرف على نقاط قوتك وضعفك - ثم قرر بعد ذلك أي معرفة خاصة قد تكون مفيدة لك. فربما كنت عبقرياً فيما يخص الحواسب والتقنيات المماثلة، وربعا تعرف ما لا يعرفه أحد في هذا الصدد. لقد كانت لي صديقة على علم بأمور الطباعة، فإذا ما جد أمر يخص الطباعة في العمل كانت هي أول من يقصده الرؤساء. لقد منحتها تلك المعرفة الميزة التي تطلبها.

وهناك معارف أخرى كثيرة، فماذا عن المعلومات المالية مثلا؟ هل تستطيع تفسير صفحات التجارة والمال للآخرين؟ أو ما رأيك في أن تصبح أحد الذين يجيدون فهم الميزانيات، أو علوم المستقبل، أو البرمجيات أو العقود، أو الجمارك وأصول التجارة في البلاد الأخرى، أو بناء فريق عمل، أو إدارة اجتماعات بشكل معين؟ لابد أنك ستجد في إحدى هذه المعارف ما تستطيع التميز به.

وأياً كانت اختياراتك فينبغي أن يتوفر فيها ثلاثة شروط، وهي:

  • أن تكون متعلقة بالعمل.
  • وضرورية له.
  • ومثيرة لاهتمام.

وبهذه الطريقة سيأتيك الآخرون حين يحتاجون إلى خدماتك. وحين تعرف شيئاً لا يعرفونه فستصبح مستشاراً لهم أكثر من كونك موظفاً عادياً. وإذا كانت تلك المعرفة شيئا يحتاجه رئيسك في العمل فتلك غاية ما بعدها غاية.

ولقد عملت لفترة مع شخص جعل شغله الشاغل أن يعرف أماكن تمضية الأمسيات داخل المدينة أكثر من أي شخص آخر - المطاعم والنوادي الليلية والمسارح وما إلى ذلك، وقد بدا الأمر غير ذي بال في بداية الأمر، لكن حين بدأنا نتعامل مع عملاء من خارج المدينة ويريدون المبيت ظهرت أهميته. فقد تم استدعاؤه ليكون مرشدهم في هذه الأمسيات، ومن ثم جليسهم وجليس رؤسائه على موائد العمل والعشاء، فما لبث كثيرا حتى أصبح واحدا منهم