ما يجب أن تعرفه عن سرطان البروستاتا

السرطان هو الكلمة التي جلبت الألم المبرح والذعر للناس في النصف الأخير من القرن العشرين.

فالسرطان يعني الموت لمعظم الناس، ولا يزال هناك كثيرون يعتقدون أن من يصاب بالسرطان شخص محكوم عليه بالموت، وهذا ليس صحيحاً.

ففي هذا العقد من القرن الجديد، تتزايد الأدلة على أن ذلك ليس بالضرورة أن يحدث، فهُناك مئات الأنواع المختلفة من السرطان، كما يخبرنا خبراء الطب، والبعض منها يمكن علاجه.

أحد أنواع السرطان هذه يصيب الرجال في البروستاتا، ويوصف السرطان بأنه نمو مفرط خارج على نطاق المسيطرة للخلايا غير الطبيعية. ويمكن للخلايا السرطانية أن تنتشر بسرعة في جميع أجزاء الجسم من خلال مجرى الدم والجهاز الليمفاوي. وحيثما تستقر، تكون هذه الخلايا أورام جديدة تبدأ في الإحلال محل النسيج الطبيعي.

هناك بعض الأنواع لا تنتشر تماماً، في حين أن هناك أنواعا أخرى تكون عنيفة وتهاجم أجزاء مختلفة من الجسم بسرعة.

ويمكن للسرطان أن ينمو في الجهاز الليمفاوى ، والعظام ، والرئتين ، والصدر ، والحلق ، والقولون ، والمعدة ، وحتى في المخ .

من المناطق التي يهاجمها السرطان لدى الرجل البروستاتا . وحين يصيب السرطان الغدة البروستاتية للرجل، يكون هذا هو ما يطلق عليه الأطباء أحيانا السرطان الأولى ، والذي يعني ببساطة أن السرطان ينشأ داخل البروستاتا ولا ينتقل إليها جراء ورم سرطانی آخر يوجد في عضو آخر من أعضاء الجسم .

ما أسباب سرطان البروستاتا؟

يقول العلماء إن هناك مئات الأنواع المختلفة من السرطان، وإنها تنشأ بلا شك بسبب مئات الأسباب المختلفة . هناك بعض الأورام السرطانية التي أجرى عليها عدد كاف من الأبحاث حتى أصبح لدى المجتمع الطبي فكرة عن أسبابها ، ومن ثم يمكن التحرك واستخدام نوع من الأجسام المضادة لإيقاف أو القضاء على السرطان، وهناك أبحاث على نطاق واسع تجري حاليا على العديد من أشكال السرطان، ولكن أقل من واحد بالمائة من هذه الأبحاث تجري على سرطان البروستاتا.

إن هذا يعني أنه ربما لن يكون هناك علاج خارق لسرطان البروستاتا خلال حياة معظمنا، وكما هو الحال بالنسبة لبعض التطعيمات الوقائية التي لدينا الآن، فإن العلاج سيتم تطبيقه على أبنائنا أو أحفادنا .

إذن، من الذي يمكن أن يصاب بسرطان البروستاتا؟ على عكس العلاقة بين التدخين وسرطان الرئة ، ليس هناك ولو إشارة واحدة عما قد يسبب الإصابة بسرطان البروستاتا.

وقد استبعد معظم الباحثين الأنشطة السلوكية المعتادة، مثل تعاطي الخمر، والنظام الغذائي، والعمل ، والتدخين ، وكثرة أوندرة ممارسة الجنس، أو أي أسلوب معيشة معروف في الوقت الحالي .

ولكن هناك استثناءين: فقد وجد أن الرجال الذين يعملون وهم محاطون دائما بعوادم السيارات، والرجال المعرضين لعنصر الكادميوم في مكان العمل أكثر عرضة قليلا الخطر الإصابة بسرطان البروستاتا عن غيرهم من الرجال .

يبدو أن العامل الثابت الوحيد في العلاقة بين سرطان البروستاتا والرجال هو السن . فكما هو الحال بالنسبة لتضخم البروستاتا، يبدو أن السرطان يصيب كبار السن. صحيح أن بعض الرجال يموتون إثر الإصابة بسرطان البروستاتا في الأربعينات من أعمارهم ، ولكن معظم الرجال الذين يواجهون هذا المرض يتجاوزون الستين من العمر .

ويذكر أحد الباحثين أن متوسط عمر الرجال المصابين بسرطان البروستاتا هو اثنان وسبعون عاما . كما أن أكثر من ثمانين بالمائة من إجمالي حالات سرطان البروستاتا التي تم حصرها تضم رجالا يتجاوزون سن الخامسة والستين .

إن معظم الأطباء يدركون أنه مع بلوغ سن الثمانين ، يصاب حوالى ثمانين بالمائة من الرجال بدرجة ما من سرطان البروستاتا . قد يبقى كامنة لعدة سنوات ، أو قد يكون بدأ في النمو لتوه ومن نوع ينمو ببطء . ومعظم هؤلاء الرجال لم يصابوا إطلاقا بأي من أعراض سرطان البروستاتا ، وسوف يموتون لسبب ما لا يتعلق بسرطان البروستاتا المصابين به .

من المحتمل أن يكون معظم قرائنا على صلة بشخص مصاب بسرطان البروستاتا ، أو توفي على أثره .

وتقول الجمعية الأمريكية للسرطان إن شخصا واحدا من بين أحد عشر أمريكيا من الأمريكيين البيض سوف يصاب بسرطان البروستاتا أثناء فترة حياته . أما بالنسبة للأمريكيين السود ، فإن هذه النسبة تكون واحدا إلى تسعة أشخاص .

ويقوم الأطباء برصد ما يقرب من مائة ألف حالة إصابة بسرطان البروستاتا ، ومن المتوقع ارتفاع عدد حالات الإصابة بسرطان البروستاتا مع زيادة عمر الرجال . إن الرجال ببساطة يعيشون لفترة أطول الآن ، وهذا هو الوقت الذي ينشأ فيه المرض .

وتقر الجمعية الأمريكية للسرطان أن حوالي ثمانية وعشرين ألف رجل قد توفوا إثر الإصابة بسرطان البروستاتا العام الماضي .

ما يستطيع الرجل العادي أن يفعله عند إصابته بسرطان البروستاتا

إن المشكلة أبعد من أن تكون ميئوس منها . فمفتاح علاج أي نوع من أنواع السرطان ، خاصة سرطان البروستاتا، هو اكتشاف المشكلة مبكرة قدر الإمكان ، ويقترح بعض أطباء المسالك البولية أن يخضع جميع الرجال فوق سن الأربعين لفحص إصبعي عبر المستقيم مرة واحدة سنويا .

إن معظم هذه الفحوص سوف تكون سلبية ، وهو ما يعد نبأ سارا للرجل الذي يخضع للفحص . ويجرى الأطباء عشرات الفحوص كل عام على مختلف الأشخاص ويتوقعون نتائج سلبية ، كما يتم إجراء اختبارات الكولسترول بشكل روتيني على أشخاص في العشرينات والثلاثينات من العمر ، ولكن المشكلة غالبا ما لا تصبح حرجة حتى مرحلة متأخرة للغاية من الحياة . كما يتم إجراء أشعة سينية على الصدر بشكل روتيني ، وغالبا ما تكون النتائج سلبية بنسبة تسعة وتسعين بالمائة .

ولابد أن يتم إجراء الاختبارات الخاصة بسرطان البروستاتا بشكل روتینی ، شأنها شأن هذه الاختبارات الأخرى ، على جميع الرجال الذين يتجاوزون سن الأربعين . صحيح أن هذا الأمر لا يبعث قليلا على الارتياح ، ولكنه غير مؤلم ، وهو يستغرق حوالي ثلاث دقائق في عيادة الطبيب ، ويقول بعض أطباء المسالك البولية إن الفحص الإصبعي للفصين العلويين للبروستاتا سوف يثبت تسعين بالمائة من حالات سرطان البروستاتا ، في حين يعتقد آخرون أن هذه النسبة مرتفعة قليلا ، ولكن لابد من إجراء هذا الفحص ، وإذا استطاعت مثل هذه الفحوص اکتشاف خمسين بالمائة من حالات سرطان البروستاتا في مرحلة مبكرة ، فمن الممكن علاج معظمها تماما .

إن المشكلة الكبرى في سرطان البروستاتا هی أنه قاتل صامت . فبإمكانه ألا يظهر أي أعراض في البداية . ومع حلول الوقت الذي يبدأ فيه السرطان في إيلام المريض ، يكون غالبا قد انتشر في أجزاء أخرى من الجسم ، وعادة ما تكون مسألة وقت حتي يقضي على المريض.

هل يبدو لك هذا أسلوبا تكتيكيا مخيفا ؟ بالطبع نعم . ولكن إذا كانت قراءتك لهذا الكتاب لن تؤدي إلى شيء سوى أن تجعلك تقرر إجراء فحص طبی سنوی ، بما في ذلك الفحص الإصبعى للبروستاتا عبر المستقيم ، فإن ذلك سوف يكون مجزيا بما يكفي .

 

كيف تكتشف سرطان البروستاتا بنفسك ؟

إن بإمكانك إنقاذ حياتك بواسطة فحص إصبعي يكتشف السرطان مبكرة بما يتيح علاجه والشفاء منه .

وفي الوقت الحالي ، يتم اكتشاف حوالى أربعة وستين بالمائة من حالات سرطان البروستاتا بينما لا يزال الورم صغيراً. ولا يزال أربعة وثمانون بالمائة تقريبا من الرجال، ضمن النسبة السابقة - على قيد الحياة بعد خمس سنوات من خضوعهم للجراحة.

ويقوم الأطباء بجمع إحصائيات عن مرضى السرطان ، ويعتبر معظمهم أن الرجل يشفي من السرطان بعد مرور خمسة عشر عاما عليه وهو خال منه.

إن السر يكمن في الاكتشاف المبكر للسرطان حتى يمكن استئصال جميع الأنسجة السرطانية کی لا تنتشر أو تنمو مرة أخرى . وقد دعت " آن لاندرز " مرارا في عمودها الذي ينشر في العديد من الصحف إلى نشر مزيد من التوعية بضرورة إجراء فحوص للكشف المبكر عن نمو وتطور السرطان . وفي أحد الأعمدة ، حثت النساء على تنفيذ المهمة على النحو التالي : كلما يذهبن لإجراء فحص على الثدي ، وهو ما يحدث غالبا مرة واحدة في السنة ، لابد أن يعقدن موعدا لأزواجهن للكشف على البروستاتا بواسطة فحص إصبعي أو بواسطة الموجات فوق الصوتية الأغلى ثمنا .

وقد حثت النساء على عمل هذا حتى لا يصبحن أرامل قبل الأوان . لقد كانت فكرة جيدة من جانب هذه السيدة .

وتقر الجمعية الأمريكية للسرطان أن واحدا وسبعين بالمائة من إجمالى مرضی سرطان البروستاتا الآن يعيشون لمدة خمس سنوات أو أكثر بعد تلقى العلاج . وينطبق هذا على جميع الحالات ، سواء تم تشخيصها مبكرة أو في وقت متأخر . ولكن كلما تأخر التشخيص ، ساءت الفرصة المتاحة لعلاج الحالة.