اكتسب المصداقية بالتحكم في الغضب

يقول ديك - مدير شركة أجهزة رياضية في بروفيدانس «إننا نخسر عدداً هائلاً من الموظفين لأن المديرين لا يعرفون كيف يسيطرون على غضبهم. فبدلاً من أن يطفئوا نار الغضب في الوقت المناسب، تراهم يمضون قدماً في هذا الغضب بل ويستشيطون غضبا أكثر».

وعندما يزيد الضغط، فلا يوجد مجال للتحكم في هذا الغضب. وإن لم يستطع الفرد التحكم في غضبه، فإن هذا الغضب يسيل مثل المياه وينتهي الأمر بأن يتخذ الموظفون قرارات سيئة لمجرد الهروب من هذه المشاكل.

وأنا أتفق في الرأي مع صديقي بأن هناك مكاناً للغضب في معدله الطبيعي في حياتك الشخصية والعملية وكذلك على صعيد علاقاتك الاجتماعية. فالغضب جزء طبيعي من التركيبة البشرية وإذا ما تم التحكم فيه بطريقة ملائمة في أمور الحياة اليومية، فلا ضرر من هذا الغضب. وعندما يصيح شخص ما ويرفع صوته، فإن مصداقيته تتضاءل عند الآخرين.

ويتحدث صدیقی کاتافاج عن نقطة بالغة الخطورة وهي عدم التحكم في الغضب، واسمح لي أن أوضح ذلك بسرعة فالغضب الذي يتحكم فيه هو النوع الجيد من أنواع الغضب إذ إنه يركز على الأحداث - ما حدث - وهذا الغضب له بداية، وليست نهاية، أما الغضب الذي لا يسيطر عليه صاحبه فهو يركز على الأشخاص وهذا الغضب ينتج عنه جروح عنيفة للشخص الذي يتفجر فيه هذا الغضب.

مخاطر عدم التحكم في الغضب

إن الغضب الذي لا يسيطر عليه صاحبه سلاح خبيث جداً إذ إنه يقلل من قيمة صاحبه وكذلك ضحيته ويسلب كلا منهما قوته الشخصية. وتتأكد صحة هذه النظرية إذا ما كان الغضب على شكل مضايقات، غيبة، مقارنات غير مقبولة انسحاب أو أي شيء من هذا القبيل. واسمح لي أن أعرض عليك بعض الأمثلة السريعة.

المقارنة غير المقبولة تقول سيما لا نداو والتي تعمل في مجال نظم المعلومات بإحدى الشركات في كانساس سيتي "لقد استغرقت أربعة أيام ونصف في إعادة برمجة نظام محاسبي معقد. بعدها نظر رئيسي إلى العمل وقال «إن نيك كونتيز يستطيع أن ينجز هذا العمل في ثلاثة أيام فقط».

إن كلمات رئيس سيما تعكس شعوراً خفياً بالغضب لديه وهذا الشعور مقنع بالمقارنة غير المقبولة التي ذكرها. وهو اتجاه يسلكه البعض للتعبير عن شعور داخلي بالغضب عندهم ونحن إذ نقارن أنفسنا بالآخرين لنؤكد لأنفسنا أننا طيبون وقادرون ومستحقون مثلنا مثل غيرنا تماماً، فإننا إذا ما أخبرنا بأننا أقل من الآخرين وكان هذا الإخبار على شكل غضب، فلا شك أن هذا الإخبار يجعلنا تتشكك في أنفسنا وفي قدراتنا كما أن هذا الاتجاه له أثر سيئ علينا إذ إننا نشعر بالخوف بعدها.

التقليل من شأن الآخرين إن تصغير النقاط الجيدة التي يتمتع بها الآخرون طريقة ثانية لإخفاء الغضب تجاه الآخرين بالتقليل من شأنهم.

وتحكي صديقتي أينيد جيري والتي تغني في فريق غناء جماعي في أوبرا سان فرانسيسكو قائلة «لقد طلب مني صديقي يولاندا بترتيب ميعاد معه، ولذلك، اتصلت بصديقة أخرى لي تدعى مارشا لأسألها عن رأيها في يولاندا إذ إنها عملت معه سابقاً، وقالت لي مارشا إن يولاندا رجل جيد وستدركين ذلك إذا ما تعرفت عليه. وبداية، كنت أعتقد أنه شخص غير ظريف. إنني أتساءل على ما الذي قام به ليوبئها؟!».

المضايقة والتهكم والسخرية الشكل الثالث من أشكال الغضب الذي لا يتحكم فيه صاحبه هو المضايقة والتي تتمثل في التهكم والسخرية من الآخرين. والمضايقة في أي شكل من أشكالها قد تبدو كلون من ألوان الدعابة. ومع ذلك، فإن المضايقة قد تكون بدافع داخلي بالغضب، مؤداه تشكيك الشخص في قدراته.

ويحكي إيفان ليرتسما والذي يعمل سمساراً بولاية بوسطن قائلاً «بينما أنا أسير على أحد الأرصفة وجدت امرأة واقعة على الأرض. فأسرعت على الفور نحوها وسألتها هل توجد بها أي إصابات. إلا أنها ردت على باستهزاء قائلة لا الأمر كله أنني أمارس بعض الألعاب الرياضية. وتسببت هي بردها الساخر هذا أن أتركها مرمية على الأرض دون أن أسدي لها أي معروف وأعينها على أن تقوم، فقد تركتها دون أن أعرض عليها أن آخذ بيدها.

الغيبة، الغيبة شيء ذو حدين فقد تكون طريقة غير ضارة للتعبير عن الغضب وقد تكون طريقة متعمدة اشحذ طرف ضد آخر.

ويقول دكتور واين أورتيجا كانت الشركة التي تعمل بها قد أقامت حفل عشاء بمناسبة زيادة الاعتمادات السنوية. وكان من بين الحضور اثنين من العاملين بالشركة باربارا وأليس وكانا يعرفان بعضهما جداً، بل كانا على علم بأن مجلس الإدارة يفاضل بينهما للحصول على مركز مرموق بالشركة.

وخلال حديثها مع أعضاء مجلس الإدارة، ألمحت باربارا أن أليس لم يلتزم إطلاقاً بالمواعيد، وبعد ذلك بعدة دقائق ذكرت باربارا أن أليس لا يبالي بالآخرين. ووقتها أدركت أن هذه كلمات عادية ولكن صدورها في هذا الوقت بالذات الهدف منه محاولة تشويه صورة أليس والتشكيك في مصداقيته. وقد اتفق معي أعضاء مجلس الإدارة في ذلك.