• تصوري إنك قد دعيت لمنزل واحدة من صديقاتك لتناول العشاء. تستقبلك صديقتك عند باب المنزل مرُحبة، وفجأة وأنت تخطين داخل المنزل تصيح مضيفتك:" ماذا دهاك؟ إن حذاءك مليء بالوحل! إنك تلوثين السجادة ! " فتصابين حينئذ بالارتباك والحرج وتتمتمين " آسفة " ، ثم تنزعين حذاءك،وبينما أنت تفعلين هذا إذا بك تلاحظين ثقباً في الجورب الذي ترتدينه في نفس الوقت الذي تلاحظ فيه صديقتك هذا أيضاً فتبادر قائلة:" رباه ألا تعتقدين أنه كان بإمكانك أن ترتدي ثياباً مناسبة لدعوة عشاء؟ إنك تبدين كالبلهاء " . وعندما تأخذين مكانك علي مائدة العشاء تدفع مضيفتك مرفقك من فوق المائدة وهي تهمس " لا تفعلي هذا " . أما حديث المائدة فينصب كله علي قصة ترويها صديقتك عن ضيفة لها دعتها لتناول العشاء في منزلها الليلة السابقة،  وكيف كان سلوكها رائعاً، وكيف كانت جواربها خالية من الثقوب. إنه رذاذ تنثره صديقتك علي ما قد صححته لك من سلوك المائدة. وعندما تفرغين من تناول عشائك تنهضين لتسمعي صديقتك تقول :" لا شك أنه سيكون شيئاً لطيفاً أن يساعدني أحدكم في تنظيف المائدة ". 

أنا متيقنة من أنك قد فهمت ما أرمي إليه الآن. إن الكثير من الآباء والأمهات يعاملون أبنائهم بطرق لا يتعاملون بها مع أصدقائهم مطلقاً. وفي سعيهم لتربية أبناء محترمين يكون كل تركيزهم منصباً علي الهدف النهائي، ولا يدركون أن هناك رسالة أخري أساسية وأولية تصلهم أيضاً وأنها ليست بالشيء اللطيف.

انظر بإمعان إلي تعاملاتك اليومية مع أبنائك وتأكد أن الرسالة الأساسية والأولية التي تصلهم منك هي:" أنا أحبك، أنا أثق بك، أنا أحترمك". فالأطفال الذين يعتقدون أنهم محل ثقة واحترام وحب أهم الأشخاص في حياتهم، يكون سلوكهم أكثر لطفاً ودماثة.

كيف تنقل هذه الرسالة لأبنائك؟ أولاً: امنحهم أهم شيء يريدونه منك، وهو وقتك. فأنت حينما تعطي أبنائك قدراً ولو ضئيلاً من وقتك كل يوم يكون ذلك أكثر فاعلية من أن تعطيعهم قدراً كبيراً منه كل شهر. ثانياً: أنصت إليهم؛ فالأبناء ينمون وبتألقون حين يجدون منْ يستمع لهم بصدق . إن الاستماع والاستماع فقط يفوق في أهميتة أية نصائح تسديها أو أية مشكلات تحلها .ثالثاً: امتدح وشجٌع أبنائك يومياً. ابحث عن أسباب كبيرة كانت أم صغيرة كي تعطي أبناءك دفعة إيجابية.رابعاً: أخبرهم أنك تحبهم، وأنك تثق بهم وأنك تحترمهم، واستخدم كلماتك وأفعالك كي تنقل لهم هذه الرسالة المهمة جداً:" أنا أحبك، أنا أثق بك، أنا أحترمك "