إن كوننا لطفاء مع أنفسنا هو أمر يتجاوز بكثير مجرد شراء هدية لأنفسنا، أو الاهتمام بأنفسنا بطريقة ما. قد يكون اللطف تجاه أنفسنا في الإقرار أئنا تحملنا ما يكفي من مجموعة معينة من الظروف،  وفي التصميم على تغيير الأمور.

إنه يمكن أن يكون اعترافا بأننا نستحق ما هو أفضل، وأننا نقدر أنفسنا بما يكفي للقيام بشيء حيال الأمر. يظهر اللطف مع أنفسنا أيضا في دفاعنا عن أنفسنا، وفي اتخاذ القرار بأننا نستحق أن نعامل بلطف واحترام. إنه يمكن أن يظهر أيضا في قرارنا أن نكون أنفسنا وليس الشخص الذي يتوقع الجميع منا أن نكونه. من خلال تجربتي، فإن تلك الأساليب لكوننا لطفاء مع أنفسنا، تجعلنا بالفعل أكثر سعادة. إنها تحدث إحساسا بالسيطرة على حياتنا، والذي هو عامل هام في السعادة.

كما أنها تعزز من ثقتنا بأنفسنا. تعزيز الثقة في النفس يجعلنا اللطف جميعا أكثر سعادة لكنه قد يجعل البعض غاية في السعادة. كانت تلك هي نتيجة بعض الأبحاث المنشورة في مجلة دراسات السعادة التي ضمت 119 امرأة «يابانية»  71 منهن في مجموعة اللطف، و48 في مجموعة الضبط، من أجل المقارنة».

على عكس بعض الدراسات حول اللطف، حيث يطلب من الناس أن يخرجوا ويقوموا بتصرفات لطيفة، طلب من السيدات في تلك الدراسة ببساطة أن يلاحظن سلوكهن الخاص ويقمن بتسجيل عدد التصرفات اللطيفة التي يقمن على الرغم من بساطته، فقد امتلك «عد الأعمال اللطيفة» كبير الأثر على حياة السيدات: لقد أصبح جميعهن تقريبا أكثر سعادة، ولكن بالنسبة إلي 20 من السيدات «حوالي نسبة 30 في المائة من مجموعة اللطف المكونة من 71، كان للتجربة تأثيرا هائلأ: لقد أصبحن غاية في السعادة.

أعتقد أن السبب يعزى إلى أنها عززن من ثقتهن فى أنفسهن. لقد لاحظت هذا عندما قمت بتشجيع الناس على تجربة ذلك التمرين. عندما قاموا بعد أفعالهم اللطيفة،

توصل الكثير من الناس إلى استنتاج أنهم أكثر لطفا مما ظنوا أنفسهم، وأدركوا فجأة أن مساهمتهم في حياة الآخرين هي أكبر مما تخيلوا سابقا.

بالنسبة إلى البعض، تلك هي بالضبط الدفعة التي تحتاجها ثقتهم في أنفسهم، إذ يصبح لديهم إحساس أكبر بالقيمة والغاية نتيجة لذلك .بين لي أحد الأشخاص أنه قيل له عندما كان أصغر سنا إنه لم يكن شخصا

لطيفا، وترسخت لديه تلك الفكرة بطريقة ما. عندما قام بهذا التمرين، كان يشعر بالانتصار عند إدراك أن الفارق الذي أحدثه كان أكبر مما يظن. قال معلقا: «كانت الأمور الصغيرة والتي حدثت بأعداد كبيرة، هي التي صنعت الفارق الأكبر». تصرف لطيف اشتر تذكرة وقوف إضافية واتركها في عداد موقف السيارات حتى يجدها الشخص التالي عندما نفكر في التصرفات اللطيفة، قد يخيل إلينا أننا يجب أن نقوم بشيء مهم، بشيء جوهري وبارز، ربما بشيء يتطلب حتى بعض التخطيط، ولكن بالنسبة إلى هذا الرجل كان إدراكه أن كل يوم عامر بعشرات التصرفات اللطيفة، كإمساك الباب مفتوحا، الإنصات، التقاط القلم الذي وقع، الابتسام في وجه أحدهم، إيماءة موافقة لجعل الآخر يشعر بالتأييد، هو ما صنع الفارق الكبير. كانت هذه الأفعال اللطيفة بالنسبة إليه هي التي المهمة أكثر. العطاء يسعد الأطفال الصغار لقد ألهمتني «لين»  أصغر أخواتي والتي تصفرني بستة أعوام، حينما كانت طفلة صغيرة. كنت كثيرا ما أتأثر باستعدادها لإعطائي أو إعطاء إحدى أخواتي الأخريات أي شيء تملكه من حلوى، ألعاب وحتى المال.

كثيرا ما قام العلماء بدراسة اللطف لدى الأطفال. قام أحد الأبحاث، التي أجريت في جامعة «كولومبيا البريطانية» في «كندا»، في جزء منه بدراسة ما يحدث عندما يقوم الأطفال الصغار تحت عمر السنتين بإهداء الألعاب أو الحلوى.

عمل اثنان من المساعدين المدربين على مراقبة الأطفال واستخدام تعبيرات وجوههم وتلميحات أخرى في تقييم مدى السعادة التي بدت عليهم. على  سبيل المثال، تم تسجيل الابتسامة، كإشارة إيجابية بينما كان العبوس سلبيا.

كان الأطفال يلعبون لعبة مع دمية، وهو شيء كثيرا ما يستخدم من أجل دراسة سلوك الأطفال الأخلاقي تحت ظروف خاضعة للرقابة. أثناء اللعب، تم إعطاؤهم حلوى في بعض الأحيان، وكان السؤال: هل سيكونون أكثر سعادة بتلقي الحلوى أم تقديمها إلى الدمية؟  

لقد حزرتم! كانوا أكثر سعادة عندما قدموا الحلوى إلى الدمية، مما كانوا عليه عندما أخذوها لأنفسهم. ليس ذلك وحسب، بل كانوا حتى أكثر سعادة عندما تخلوا عن فرصة أخذ الحلوى لأنفسهم بحيث تمكن الدمية من

الحصول عليها. ماذا يخبرنا ذلك؟ يحب الأطفال التلقي، بالطبع يحبون، ولكنهم يحبون العطاء كذلك. أتذكر كطفل، أنني سمعت أمي تقول، في أعياد الميلاد، أن متعتها عند تقديم في أعياد الميلاد، وبالكاد كنت أستطيع النوم في الليلة التي تسبقه من فرط الإثارة.

إلا أنه وفي الوقت نفسه، كانت من بين أكثر ذكريات طفولتي أهمية، والتي غمرتني بالسرور الحقيقي، هي ذكرى تقديم الهدايا لأبي وأمي. في إحدي السنوات قدمت لأمي لوح شوكولاتة «كادبوري فليك» كنت قد اشتريتها من مصروفي، وقدمت لابي نصف درزينة  من «الدومينو» خاصته ملفوفة  في قطعة من الورق.

على الأرجح، لم أكن قد تجاوزت الرابعة من العمر في ذلك الوقت .كلما استعدنا تلك الذكرى على مر السنوات دائما ما كانت أمى تطبع في ذهني أن اللطف الذي وراءها هو ما يهم لا يهم كثيرا ما تقدمه فالفكرة التي تكمن خلفه هي الأكثر أهمية. لأنك تقدم شيئا، فإن تلك الفكرة ستبقى دائما فكرة لطيفة.

يستطيع اللطف التقليل من القلق الاجتماعي إن القلق الاجتماعي هو الانزعاج أو الخوف من التواجد في مواقف معينة. إنه كفيل بنخر ثقتنا وسعادتنا.

نقلق من أننا قد نعجز عن مجاراة حديث ما، نقلق من أننا قد نصبح عصبيي المزاج، من التعرق، التورد، الإحراج، التعرض إلى الإهانة بطريقة ما، الشعور بالرفض. قد نشعر بالقلق الشديد إزاء ما قد يظنه الآخرون عنا. قد نقلق حتى من فكرة الاضطرار إلى التواجد في بعض المواقف.