منذ أن وصف ريتشارد برايت المرض المعروف باسمه عام 1823كان         الأطباء يصفون المراحل النهائية للمرض التي تؤدي عادة إلى الوفاة، ولم ينتبه الأطباء إلا حديثا إلى أن هناك عددا كبيرا من المرضى يتم شفاؤهم أو يظلون متوازنين بالرغم من إصابة الكلى بالالتهاب ، ولم تعرف حقيقة التغيرات التي تحدث في الكلى ولم يتم تتبعها إلا حديثا بعد عام 1951عندما ابدع برون الدنماركي الإبرة الخزعية لأخذ عينة من نسيج الكلى والمريض  على قيد الحياة ، وتكرر الخزعة الإبرية لتتبع هذه التغيرات ، ثم بعد الكشف عن المجهر الإلكتروني تمكن العلماء بواسطته من رؤية تفاصيل غاية في الدقة تحدث في الكبيبات ، وبعد إبداع الطرق المناعية المختلفة في البحث (مثل دراسة الانسجة بالتألق المناعي) ، أمكن للعلم الإلمام بكثير من دقائق هذا المرض.

    تشمل عبارة "التهاب الكلى الكبيبى" مجموعة تغيرات أولية تحدث في الكبيبات بدون وجود مرض بالجسم – كالسكر مثلا – يمكن أن تعزى إليه هذه التغيرات. منها ما هو حاد ، مفاجئ في بداية ومنها ما هو بطئ في مسيرته ومزمن في تقدمه ومنها ما هو بين هذا وذاك ، منها ما يتميز بغلبة مظاهر الالتهاب عليه ومنها ما يتسم بشدة فقد البروتين في البول وما يترتب عليه من أثار .

    ويوضح الجدول رقم (3) أهم اللزمات السريرية التي يشملها،  "التهاب الكلى الكبيبى"

أنواع الالتهاب الكلوية الكبيبة الرئيسية

لزمة الالتهاب الكلوي الحاد

الالتهاب الكلوي الكبيبي سريع الاطراد

لزمة الالتهاب الكلوي المزمن

اللزمة الكلائية                                     

تعني كلمة "لزمة" مجموعة أعراض ومظاهر متزامنة ، وتظهر في الوقت واحد ، وقد يكون المتسبب فيها أمراضا مختلفة – التهاب الكلى الحاد تعني الظهور المفاجئ للبول المدمى _ بدرجات متفاوتة _ وإفراز الزلال بالبول مع نقص الترشيح الكبيبى واختزان الصوديوم والسوائل بالجسم وارتفاع ضغط الدم وقلة سريان البول ونقص حجمه في24 ساعة . هذا المرض يتم الإبلال منه في معظم الحالات . أما التهاب الكلى سريع التقدم فلا يظهر مفاجئا بهذا الدرجة ولكنه يتقدم حثيثا وتقل كفاءة الكلى تدريجيا ولا يتم البرء منه. ويعني المريض بعد أسابيع طويلة أول شهور من الفشل الكلوي . لزمة التهاب الكلى المزمن هي مرض يشمل تقدما بطيئا لكل المظاهر السابقة وينهي بعد سنوات طويلة _ من خمسة إلى عشرة أعوام _ بالفشل الكلوي . أما اللزمة الكلائية فتتميز بإفراز كمية كبيرة جدا من الزلال في البول ، تؤدي إلى استفادة الزلال                                    

بالبلازما ونضوبه، ويعاني المريض من ورم عام وشديد بالوجه والأطراف وكثيراً ما يصاحبها ارتفاع في دهون المصل.

التهاب الكلى الحاد

   أهم أسباب لزمة التهاب الكلى الحاد هو سبق الإصابة بالمكورات السبحية في اللوزتين عادة _ خاصة الإصابة بأصناف معينة من المكورات السبحية. بعد حوالي عشرة أيام من التهاب اللوزتين، وبعد شفاء المريض من حلقه، يحدث التهاب الكلى الحاد، الذي يعتبر من المضاعفات التي تعقب الالتهاب بالمكورات السبحية. ونسبة حدوث التهاب الكلى تختلف من سنة إلى أخرى حسب صنف المكورات، بينما الحمى الروماتزمية _ وهي المضاعفة الثانية للالتهاب بالمكورات السبحية_  فثابتة تقريباً، إذ تحدث في 2% من الحالات بينما التهاب الكلى قد لا يحدث مطلقاً أو يحدث في 90% من الأطفال المصابين بعدوى المكورات السبحية. والحمى الروماتزمية تعبر عن استعداد وراثي في هذا الشخص بالذات، أما التهاب الكلى فيتوقف على صنف المكور السبحي.

   تتمثل استجابة الكبيبات لسبق الإصابة بالمكورات السبحية في تكاثر الخلايا البطانية في الشعيرات، وتتضخم الكبيبات وتسند ويمتنع مرور الدم بها ويؤثر هذا تأثيراً شديداً على وظائفها فينخفض:

  • سريان البلازما في الكلى.
  • معدل الترشيح في الكبيبات.

 ويحدث اختزان الصوديوم في الجسم والورم، وقد يسبب هذا هبوط       القلب.

  • ارتفاع ضغط الدم                                               
  • فقد الزلال بالبول.
  • ظهور الدم بالبول.

   ولو أن لزمة التهاب الكلى الحاد تحدث عادة عقب العدوى بالمكورات السبحية  إلا أنها قد تحدث في أمراض أخرى مثل الملاريا، حمى الغدد، وفي حالات الفرفرة  المسماة هنوخ وشونلاين، والذؤاب الاحمراري وغيرها. التهاب الكلى الحاد الذي يعقب العدوى بالمكورات السبحية يصيب الأطفال عادة، ولكن من الممكن حدوثه في أي سن.