كثيرا ما نسمع هذه العبارة، فلان مصاب بفشل كلوي، فلان مصاب بالتسمم البولي، فشل كلوي حاد، فشل كلوي مزمن، فلان سيتم شفائه بإذن الله، فلان محتاج لعلاج تعويضي يقوم بأعمال الكلى التي كفت عن أداء مهماتها! ما حقيقة هذه العبارات وماذا تعني؟

    كان الأطباء قديما يطلقون لفظ التسمم البولي على حالة مرضية متعددة الأمراض، مختلفة العلامات، تنشأ عن اسباب عدة، ولكنها تتعلق جميعا بكف الكلى عن القيام بوظيفتها. أعراض هذه الحالة تظهر في الجسم كله وعلاماتها تبدو واضحة في الاجهزة كلها واسبابها متعددة.

وتنشأ هذه الحالة لتغير في التركيب الدقيق في البيئة الداخلية للجسم. كان يظن قديما ان وظيفة الكلى الوحيدة هي اخراج المواد السامة الناشئة عن ايض الطعام او الناتجة عن تناوله، وعندما لا تستطيع الكلى القيام بهذه الوظيفة تتجمع هذه السموم في الجسم ويصاب المريض بما كان يعرف " بالتسمم الولي "، وكان يعتقد ان سببه هو تراكم البول في الدم، ولكن عرف الان ان وظيفة الكلى ليست فقط افراز المواد "السامة " من الجسم في البول، بل المحافظة على التركيب الدقيق للبيئة الداخلية للخلايا، بإخراج ما يزيد عن حاجتها والاحتفاظ بما ينقصها مما تحتاجه، بالإضافة الى افراز هرمون ينشط نخاع العظام ويحثه على تكوين كرات الدم الاحمر، وتعديل تركيب فيتامين د الى صورته النهائية الفعالة التي تعمل على ترسيب املاح الكالسيوم بالعظام، وغيرها، مما حدا بالأطباء الى تعديل تسميتهم لهذه الحالة من اسم " التسمم البولي " الى " الفشل الكلوي " مهما تباينت اسبابه.

   قد يكون الفشل الكلوي حادا، يحدث في ساعات او ايام قليلة، وقد يكون مزمنا يبدا بالقصور التدريجي في وظائف الكلى على مدى شهور طويلة او سنوات حتى ينتهي بالفشل الكلوي.

الفشل الكلوي الحاد

   الفشل الكلوي الحاد هو حالة مُفاجئة، مثيرة تقابل الطبيب الباطني والجراح ومتخصص امراض النساء والتوليد، وتسبب اعراضها سريعة وقد تنتهي بالوفاة، ولكنها حالة قابلة للشفاء الكامل – وما أقل المراض التي لا تترك اثرا في المريض بعد تمام برئه. وعلامات الفشل الكلوي الحاد هي حدوث تزايد مطرد وسريع في بولينة الدم مع نقص حاد في سريان البول. وهي حالة من السهل التعرف عليها.

   وقلة سريان البول هي لفظ يطلق على نقص كمية البول التي يفرزها الشخص يوميا و هي الكمية التي يحتاجها خروج المواد الفاسدة من الجسم لدى الشخص السليم الذي بتناول الطعام العادي و هي 500 ميلمتر كل 24 ساعة، اذا بلغ تركيز البول مستواه الأقصى، و يصاحب هذا النقص ارتفاع مطرد في نسبة البولينة و الكرياتينين بالدم (ترتفع البولينة بمعدل 10 مجم على الاقل و يرتفع الكرياتينين في البلازما بمعدل 0.5 مجم على الاقل يوميا)،

و يطلق لفظ انقطاع سريان البول اذا انخفضت كمية البول عن 150 ميلمتر كل 24 ساعة، و قد عرف الفشل الكلوي الحاد لأول مرة في الطب اثناء الحرب العالمية الثانية.

   يبين الجدول رقم (1) اهم اسباب الفشل الكلوي الحاد ، ومنه يلاحظ ان الفشل الكلوي الحاد قد يحدث في كافة فروع الطب اذ ان حوالي نصف الحالات يحدث في مرضى يعالجون لدى الجراحين و حوالي ربع الحالات يحدث تحت اشراف التخصص الباطني و حوالي 10% من الحالات يحدث لدى متخصص امراض النساء و التوليد و حوالي 10% من الحالات يحدث نتيجة اصابات حادة و يحدث الباقي من سموم تؤثر تأثيرا[‏‏مستخدم 1]  حاداً على الكلى ، و يشكل التنكرز الحاد لنبيبات الكلى موتها في ثلاث أرباع حالات الشل الكلوي الحاد .

   إذا نشأ الفشل الكلوي الحاد نتيجة النقص الشديد في سريان الدم بالكلى. ينبغي تعويض هذا النقص سريعا بإعطاء المريض الدم الذي فقده في حالة النزف او السائل الذي فقده في حالات القيء والاسهال الشديدين او في حالات الحروق، واستعادة حجم الدم وسريانه ثانية في الكلى يمكنها من افراز البول، اما إذا طالت مدة توقف سريان الدم بالكلى فان التركيز الذي ينشأ في النبيبيات لا يمكن اصلاحه ويحدث الفشل الكلوي الحاد. كما ان انخفاض ضغط الدم الشديد (اثر انسداد بالشريان التاجي مثلا) اذا تم التغلب عليه بسرعة لن يترتب عليه فشل كلوي حاد اما اذا استمر لعدة ساعات فان الفشل الكلوي سيحدث حتما.