إنني أعمل محاضراً تحفيزياً؛ لكني في الحقيقة لا أحب هذا المسمى الوظيفي كثيراً؛ فهو في رأيي يصنفني بطريقة تجعلني أبدو إلي حد ما شخصياً غيرعادي، في حين أنني في حقيقة الأمر أتعامل مع العديد من الأشياء التي يتعامل معاها أي شخص آخر.

وبدءاً من صياغة هوياتنا، حتي بناء علاقتنا ، يعيش كل منا هذا الشيء المسمي "حياة"؛ حيث يتعين علينا جميعاً التعامل مع الواجبات  التي تفرضها جميع أنواع الإلتزامات في كل المجالات: المادية، والتجارية، والعلاقات الإنسانية، وتربية الأبناء، والأسرة، والأصدقاء، والصحة.

وعلي مدار السنوات الأربع عشرة الماضية، حاضرت في أكثر من 2000 مناسبة أمام الجماهير؛ فقد كنت المتحدث، والمدرب، والمرشد، والمعلم، والموجه الرئيسي لمئات الآلاف من الأشخاص؛ ذلك لأنني قد عرفت الكثيرين ممن يهدرون كما هائلاً من الطاقة في محاولة لتغيير الأمور التي لا سيطرة لهم عليها مطلقاً. وحتي إن لم يرغبوا في هذا التغيير, فإنهم يقضون قدراً هائلاً من الوقت في القلق بشأنها.

وهدفي من تأليف هذا الكتاب هو إعطاء الجمهور أداة بسيطة، من شأنها مساعدتهم علي التركيز علي استغلال أكثر الطرق "إفادة" حقاً؛ حتي يحققوا الاستفادة القصوى من حياتهم .

كنت في إحدى الحفلات في العالم الماضي ، فاقترب مني رجل ليقول لي ساخراً: "سمعت أنك محاضر تحفيزي؛ فلم لا تقول لي شيئاً يحفزني؟"

فضحكت وحاولت تجاهله؛ لكنه أصر قائلاً: "لا, لنتحدث بجدية، قل لي ما الذي تقوله لجمهورك؟ هل تطلب منهم أن يكونوا إيجابيين؟ هل هذا ما تقول لهم؟ "كونوا إيجابيين"؟".

شعرت بالقلق من لهجتة؛ فقد كانت عدوانية جداً؛ ولسبب ما كنت يحاول استفزازي كي أرد علية.

ثم استطرد: "أنا لا أمزح معك، أخبرني حقاً ، ما الذي لديك لتقدمه؟ ولماذا أنت تحديداً تحظى بالفرصة للتحدث أمام الجماهير؟".

نظرت إليه وأدركت أنه يريد أن يعرف فعلاً، أوظننت أن ما كان يريد سماعه هو إذا ما كان لديً شيء جديد أو مختلف، عليه أن يعرفه .

فقلت له: " ليس الأمر كذلك، فأنا لا أطلب من جمهوري أن يكونوا إيجابيين؛ ففي الحقيقة  لا يجدي التفكير الإيجابي نفعاً"

صمت الرجل للحظة؛ فلم يكن يتوقع هذا الرد، ويمكنني قول إنني قد جذبت انتباهه.

لذا واصلت حديثي: " تخيل لو أنك مررت بأسوأ عام في حياتك، ثم أتاك شخص ليحفزك، قائلاً: " هيا يا رجل، لقد مررت بعام سيء، ولكن لا تقلق بشأنه! فقط كن إيجابياً!"؛ فماذا سيكون ردك؟".

فأجابني، قائلاً:" سأرغب في أن ألكمه في وجهه".

فضحكت، ثم قلت له: " بالظبط، فالتفكير الإجابي في موفق كهذا لن يجدي نفعاً؛ لذا بدلاً من ذلك أعلمهم الشيء النافع ، عن طريق تطبيق مفهوم سميته "الاعتقاد النافع"".

"وإليك مثالاً يشرح لك آلية هذا المفهوم: إذا مررت بأسوأ عام في حياتك، فإنك لا تريد مني أن أطلب منك أن تكون إيجابياً؛ لذلك سأقول لك عوضاً عن ذلك: " نعم، لقد مررت بعام سيء حقاً، وها أنت ذا قد عدت إلي نقطة الصفر؛ ولكن السؤال الآن هو: ما الشيء الأكثر نفعاً بالنسبة إليك؛ ومن شأنه أن ينقلك من النقطة واحد إلي النقطة ثلاثة؟ " . فكونك إيجابياً لن يعطيك هذه النتائج؛ في حين أن معرفة الشيء النافع ستعطيك إستراتيجية للنهوض من كبوتك والوصول إلي المستوى التالي ".

فنظر إلي الرجل بتمعن وسط صخب الحفلة، وقال: "لقد أعجبتني فكرة الاعتقاد النافع هذه، إنها رائعة".

فوجدت نفسي أبتسم؛ فمن الرائع دوماً أن أقنع الساخرين من عملي .

يدور هذا الكتاب حول كل ما هو نافع، ويستند إلي بعض الأدوات العملية البسيطة التي ستمنحك القوة والإستراتيجية للتعامل مع واقعك . لقد كتبت الفصول الثلاثة الأولي من الكتاب في شكل حكاية رمزية؛ لإعتقادي أنها وسيلة فعالة لتوصيل فحوي ومدي فاعلية الرسالة التي أود إرسالها . إنها فكرة يمكن أن يطبقها كل قاريء؛ فلكل منا واقعه الخاص؛ لذلك تقدم لك هذه الفكرة إستراتيجية نافعة للتعامل مع المواقف المحددة.

ومن خلال حكاية ذلك الرجل الذي يقوم بالكثير من رحلات الأعمال، واللقاءات المهمة الثلاثة التي حدثت علي مدار إحدي رحلاته، سيأخذك هذا الكتاب في رحلة خاصة لاكتشاف الوعي الذاتي، وسيزودك بمنهجية نافعة لتتبعها في مجال الأعمال، والعلاقات وبالآخرين، كما ستتعلم كيف يكون الاعتقاد النافع أفضل من التفكير الإيجابي ، وستكتشف المنفعة التي ستعود عليك من التحديات التي تواجهها في حياتك ، سواء في ماضيك، أو حاضرك، ومستقبلك . فإذا كنت تواجه تحديات الآن ، فاعلم أن مجرد اتخاذك قراراً بأن "تكون إيجابياً" لن يساعدك علي تجاوزها؛ بينما يمكن للإستراتيجية والاعتقاد النافع أن يفعلا. كما يوضح لك هذا الكتاب كيفية تحديد تحدياتك حتي يمكنك التغلب عليها، وكذلك كيفية وضع خطة عمل تقودك إلي النقطة التي تود الوصول إليها.

لقد قمت بصياغة هذه الأفكار معاً في الفصل الأخير من هذا الكتاب، وحددت سبعة مجالات أساسية يمكن فيها للاعتقاد النافع أن يتحول إلي فعل نافع كذلك.

وبالإضافة إلي ما سبق، تدور فحوي الكتاب حول دعم الذات، وتعزيز نظام معتقداتك؛ فلكل منا واقعه الخاص، سواء أكنا ندرك ذلك أم لا؛ ومن ثم يمكننا كتابة قصتنا الخاصة، ثم إعادة صياغتها. وفي النهاية، ستندهش من عدد الفرص التي ستتكشف لك عندما تتحلي بالاعتقاد النافع.