الحزن والمرض والموت :

أكدت الدراسات أن الأشخاص الذين يفقدون عزيزا عليهم ويعانون من حالة الحزن Grief مثل الزوجة التي تفقد زوجها تزيد مخاطر تعرضهم للأمراض النفسية، والاضطرابات النفسية الجسدية ( السيكوسوماتية ) والأمراض العضوية بصفة عامة نتيجة لتأثير الانفعالات النفسية على جهاز المناعة في الجسم، ورصدت الدراسات زيادة في معدلات الوفاة خلال عامين أو ثلاثة عقب صدمة الوفاة خصوصا إذا كان الفقيد هو شريك الحياة ( الزوج أو الزوجة ) أكثر من أي من الأقارب الآخرين، وتزيد احتمالات المرض والوفاة في الرجال من الأزواج لتصل إلی 20 % مقارنة بالسيدات من الزوجات في حدود 4 % فقط .

ماذا تقول الأرقام والإحصائيات ؟

و في إحصائيات بالمملكة المتحدة تبين أن حالات الاكتئاب تمثل 40 % - 33 % من المرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية، وترصد الدراسات أن الاكتتاب في مقدمة الأمراض التي تؤدي إلى العجز والإعاقة والتكلفة والأعباء الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية، وتشير الأرقام إلی أن احتمالات الإصابة بالاكتتاب بالنسبة لأي شخص في حياته تصل إلى 20 % بينما لا يطلب العلاج سوی 15 % من مرضى الاكتئاب، وفي دراسة على المستوى الاجتماعي المرضى الاكتتاب تتبين أن زيادة الحالات في الطبقات الدنيا من المجتمع عنها في الطبقات الأخرى على عكس الاعتقاد السابق بزيادة الإصابة بالاكتتاب في الطبقات العالية والأغنياء بصورة كبيرة والإصابة بالفصام في الفقراء .

التدخين والاكتئاب

  1. تم دراسة العلاقة بين التدخين والاكتئاب حيث تؤكد الدراسات زيادة احتمالات الإصابة بالاكتئاب بين المدخلين بنسبة 33 % مقارنة بالنسبة المعتادة وهي 7 % وتبدا اعراض النوبات الاكتئابية العظمی Major depressive episodes عقب التوقف عن التدخين بفترة تتراوح من يومين إلى 6 أسابيع، وفي دراسة أخرى كانت نسبة حدوث الاكتئاب خلال مدة 12 شهر عقب التوقف عن التدخين 14.1 % بما يفوق نسبة الاكتتاب في غير المدخنين ، ولا يوجد تفسير واضح للعلاقة بين التدخين والاكتئاب .

الدواء الوهمي .. والأدوية الحقيقية للاكتئاب:

  1. في دراسة المقارنة تأثير الأدوية المختلفة المضادة للاكتئاب فی شفاء المرضى لم يتبين وجود فرق يذكر بين الأدوية الحديثة مثل فلوکستین (بروزاك)، والجيل السابق من الأدوية مثل امبرامین (تفرانيل) باستثناء الآثار الجانبية الأقل نسبية في الأدوية الحديثة، وفي هذه الدراسات تم استخدام الدواء الوهمي ( البلاسيبو ) Placebo وهو عبارة عن أقارص تشبه الأدوية الأخرى تستخدم في مجموعة من المرضى لمقارنتهم بالذين يستخدمون الأدوية الحقيقية وقد أظهرت النتائج أن هناك نسبة من مرضى الاكتتاب تتحسن حالتهم بالأدوية الوهمية التي لا تحدث أي تأثير كيميائي لكنها تعمل فقط عن طريق الإيحاء Suggestion، ويدل ذلك على أهمية العوامل النفسية جنبا إلى جنب مع العوامل المتعلقة بكيمياء المخ في حالات الاكتئاب .

دراسات الاكتئاب والانتحار :

  1. تشير الأرقام الصادرة من منظمة الصحة العالمية إلى أن معدل حالات الانتحار يصل إلى 800 ألف حالة في العالم كل عام، وتصل النسبة إلى أكثر من 40 كل 100 ألف في بعض الدول الأوربية وتصل إلى 4 – 2 لكل 100 ألف في الدول العربية والإسلامية، وتفرق الدراسات بين حالات ايذاء النفس Deliberate self harm التي تزيد 30 – 20 ضعفا عن حالات الانتحار التي تؤدي إلى قتل النفس .
  2. ومن المؤشرات المخاطرة Risk التي ترتبط بزيادة احتمالات الانتحار مرضى الاكتئاب من الذكور، فوق سن 40 سنة، والعاطلين عن العمل، ويعيشون في عزلة، ولديهم تاريخ مرضي لأشخاص أقدموا على الأنتحار من أقاربهم، ولديهم الرغبة في انهاء حياتهم، ولا امل لهم في الحياة أو المستقبل، ومستخدمي الكحول والمخدرات .. وتوصي الدراسات باهمية وضع احتمالات الانتحار في الإعتبار في حالات الاكتئاب بصفة عامة حيث أن الاكتئاب هو السبب الرئيسي في 80 % من حالات الانتحار، ويقدم ما يقرب من 15 % من مرضى الاكتئاب على إنهاء حياتهم بالانتحار ومن بين 5000 حالة انتحار تحدث في انجلترا وويلز كل عام فإن 500 – 400 يستخدمون ادوية علاج الاكتئاب نفسها بجرعات زائدة كوسيلة للانتحار .

 دراسات الاكتئاب في الشرق والغرب :

رغم أن الاكتئاب من الأمراض التي تصيب الإنسان في كل الأزمنة، كما أنه يحدث في كل المجتمعات في انحاء العالم كما تشير الحقائق العلمية فإن الدراسات عبر الحضارات Transcultural تؤكد وجود فروق في مظاهر وعلامات الاكتئاب بين المرضى في الدول الغربية المتقدمة ودول الشرق النامية، وبين أهل المدن من الحضر وسكان الريف والمناطق البدوية البدائية وفي دراسة للطب النفسي في الثقافة العربية Psychiatry in Arab Culture قمت برصد الاختلاف بين مرضى الاكتتاب في مصر والدول العربية ومقارنتهم بالمرضى في أوربا وأمريكا والبلدان الأسيوية، وكانت أهم النقاط هو أن مرضى الاكتئاب في مصر والدول النامية يعبرون عن الاكتئاب باعراض جسدية فيشكو المريض من الصداع أو آلام الظهر والمفاصل والاجهاد وعسر الهضم، بينما يشكو مرضى الاكتتاب في الدول المتقدمة م ن المزاج السيء وعدم القدرة على الاستمتاع، ولا يشكو المرضى عندنافی العادة من مشاعر الذئب ولوم النفس التي عادة ما ترتبط بالاكتئاب بسبب الخلفية الثقافية والدينية للمرضى في المجتمعات الغربية، كما أن الاقدام علی الانتحار بحدث بصورة أقل 10 مرات من معدلات الانتحار في الغرب ويعود الفضل في ذلك إلى تعاليم الدين الإسلامي الواضحة بشأن تحريم قتل النفس .