تشير الأبحاث إلى أن معظم الوظائف تتطلب كماً كبيراً من الإنصات. فعلى سبيل المثال، الأطباء ورجال الدين ربما يقضون 80-85 في المائة  من وقت عملهم في الإنصات. ويمكن أن يشترك المهندسون، والمشرفون ورجال المبيعات، والمعلمون في أنشطة تتضمن الإنصات بنسبة 40-60 في المائة من وقت عملهم (أنستازي وديموند، 1972، ص 8)

كيف تحل الخلافات من خلال الإنصات

    ربما تتساءل ولك الحق في هذا: "علام سأحصل من الإنصات الأفضل؟". دعنا نختبر هذه الإجابات النموذجية لهذا السؤال ( أنستازي وديموند، ۱۹۷۲، ص ۱۰):

      معلومات أكثر أبني عليها قراراتي.

      معرفة أفضل بالأشخاص الذين أعمل معهم.

      أخطاء محرجة أقل.

      رؤية أكثر دقة لنفسي وطريقة تأثيري في الآخرين.

      فرصة لأتعلم أكثر.

      متحدثون أفضل أستمع إليهم؛ إذا أنصت بشكل أفضل، فسوف يتم تشجيعهم للتحدث بطريقة أكثر فاعلية.

      شكاوى وتذمر أقل.

      تواصل أفضل.

      سوف يحاول الناس أن يفعلوا ما أقول.

      تعاون أكثر.

      تحكم أكثر في الذات.

الإنصات: قوام الحياة في العلاقات

      تفهم أفضل للأشياء التي أتحدث عنها.

      الكثير من الأشياء التي لم أكن لأسمعها.

      وربما معرفة أن هذه الأشياء التي لم أكن لأسمعها ليست سيئة بقدر   ما تخيلت أن تكون.

      ومن ناحية أخرى، ربما تكون أسوأ مما تخيلت.

      الحقيقة.

      لا أعرف. فلم أنصت حقا من قبل بدرجة كافية لأعرف ما الذي    يمكن أن يحدث.

      دعنا لا نخطئ الفهم. دعنا لا نربك أنفسنا بالتشابهات الظاهرية بين السمع والإنصات. ليس كل منا ممن يستطيع أن يسمع، ينصت.

      معظمنا مستمعون سيئون، دائماً على استعداد للتحدث بدلاً من الإنصات بفرض أنه كما لو كانت المحادثة تتكون من شخصين ينتظر كل منهما بفارغ الصبر أن يتوقف الأخر عن التحدث.

    لقد زجر ستيوارت تشايس (۱۹۹۲، ص ۸۰) الأمريكيين بصراحة:

       أن الإنصات هو النصف الآخر للتحدث. إذا توقف الناس          عن الإنصات، فلا فائدة من التحدث؛ وهذه نقطة دائماً لا يقدرها   المتحدثون.

كيف تحل الخلافات من خلال الإنصات؟

   الأمريكيون ليسوا مستمعين جيدين. فهم بوجه عام يتحدثون            أكثر مما ينصتون. إن المنافسة في ثقافتنا تمنح التقدير للتعبير عن    النفس، حتى لو لم يكن لدى الشخص شيء يعبر عنه. ما يفتقده       الشخص من المعرفة يحاول أن يعوضه عن طريق التحدث بسرعة          أو النقر على الطاولة. والكثير منا، على الرغم من أنهم يستمعون     ظاهرياً، فإنهم داخلياً يعدون كلمة ليذهلوا بها الشركة عندما تتاح           لهم فرصة التحدث.

سوء الإنصات يؤدي لأخطاء باهظة الثمن

    إن وضع فكرتك في صورة سؤال، بدلاً من طرحها في صورة واضحة، يمكن أن يفتح الآذان الصماء. إن الأشخاص الذين يتفاهمون مع      الآخرين كثيراً نادراً ما يبدءون بجمل مثل "إن نصيحتي لك هي..."، أو    "إن الحقيقة هي..."، وبدلاً من ذلك يطرحون سؤالاً مثل "هل تعتقد أنه    يمكن أن يساعد إذا...؟"، أو "ماذا قد يحدث إذا...؟"، أو "هل يمكننا أن تتحدث عن...؟"

   لينكلتر (۱۹۸۲، ص ۷۰-۷۱) كتب:

       إن الأخطاء باهظة الثمن التي تحدث بسبب سوء الإنصات جعلت الكثير من المدراء التنفيذيين يخشون التواصل اللفظي. ورغم ذلك، قاعدة "اكتب ما تريده" هي قاعدة خاطئة في معظم المواقف. حيث من السهل أن تسيء فهم الرسالة المكتوبة أكثر من الرسالة المنطوقة.

الإنصات: قوام الحياة في العلاقات

    إن الشخص الذي يكتب مذكرة أو خطاباً يخسر كل فرصه           لجعل رسالته أكثر إفهاماً عن طريق نبرة صوته، وتعبيرات وجهه ،    وتعبيراته الجسدية، وأسلوبه بأكمله. والأسوأ من ذلك، ربما يتم قراءة      نصف المذكرات و الخطابات فقط، أو تدفن وسط ركام الأوراق        الأخرى. وعلى الأرجح، لن يمنح التواصل المكتوب أي تغذية راجعة      على الإطلاق. ربما لن يعرف الشخص أبداً هل تمت قراءة كلماته ام       لا، وهل تم فهمها أم لا، وهل تم تصديقها أم لا، وهل تم التصرف       حيالها أم لا.

   إن التغذية الراجعة تنتج بسهولة عن الأخذ والعطاء المتواجدين          في الحديث. قال لنا موظف خبير ناجح: "نفضل أن نعمل وجهاً          لوجه أكثر من أن نعمل عن طريق تمرير المذكرات".

      وفي الأيام الحالية، تقوم شركة من كل أربع شركات بطرح     استفتاءات لتتعرف على الحقائق التي لا تظهر بسهولة: مثل هل       ينصت الموظفون حقاً لما تخبرهم به الإدارة أم لا.

      على سبيل المثال، في شركة Burlington Northern      Railroad  ، يمكن لأي موظف أن يقدم شكواه من خلال برنامج        جديد يسمى dial Boss. يتلقى مسجل هاتفي رسالته. ومكفول له أن يحصل على رد مكتوب من رؤسائه في العمل. ومكفول له أيضاً ألا يعرف رؤساؤه المباشرون هويته. ولقد أوجدنا كثيراً من الاقتراحات الجيدة التي ربما لم تكن لتقدم - أو يتم الإنصات لها- من دون هذه الطريقة.

كيف تحل الخلافات من خلال الإنصات؟

    يعتبر لي إياكوكا واحداً من أساطير الأعمال الأمريكيين. في منتصف الستينيات، أصبح مشهوراً بسبب أنه الرجل المسئول عن سيارة موستانج   التي تصنعها شركة فورد موتور الأمريكية، السيارة التي أحدثت ثورة في جانب من صناعة السيارات الأمريكية. ثم في الثمانينيات، استطاع بمفرده تقريباً أن ينقذ شركة كرايسلر من الإفلاس واكتسب سمعة كمدير تم اعتباره بشكل جدي مرشحاً لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.