كتاب لا تتمنى ابدأ التغيير للكاتب محمد نبال قلعة جي، صدر حديثاً عبر مؤسسة علوم الأمة للاستثمارات الثقافية التابعة لمجموعة الأمة للطباعة والنشر، وهو كتاب ممتاز يجمع العديد من الفوائد للإداريين وأصحاب الشركات والمناصب القيادية والريادية.

مقدمة كتاب لا تتمنى، ابدأ التغير :

مر الإنسان عبر مراحل تطوره بعدد متسلسل من العصور ومراحل متتالية من التطور,  فكانت بداية الإنسان في عيشه على الأرض بدائية وبسيطة , فأول عصر في حياة الإنسان هو العصر الحجري والذي يسميه المؤرخون عصر ما قبل التاريخ و الذي بدأ مع ظهور الإنسان على سطح الأرض, حيث اعتمد على الحجارة بشكل أساسي في حياته لصنع الأدوات والأسلحة والتقطيع و اعتمد على الصيد وصنع أدواته من العظام والحجارة, كما تعلم إشعال النار, وقد عمل الإنسان في الزراعة وتربية الحيوانات وتعرف على المعادن وطرق صهرها.

استمرت حياة الإنسان البسيطة المعتمدة على الصيد و الزراعة حتى منتصف القرن الثامن عشر الذي ظهرت فيه الآلة وحلت مكان العمل اليدوي , حيث ظهرت الآلة البخارية في إنجلترا وكانت أول آلة صناعية انتقلت إلى غرب أوروبا ثم إلى كافة أنحاء العالم , وشكل ظهور الآلة ثورة صناعية  حيث حلت الآلة مكان العامل , وفي عام 1929م حدثت أزمة الكساد الكبير في أمريكا وامتدت إلى معظم بلدان العالم وانخفضت معها التجارة العالمية ما بين النصف إلى الثلثين.

من الضروري فهم المراحل التاريخية للإنسان, وكيف كانت مراحل التطور منذ بداية وجوده على الأرض حتى يومنا هذا, وإن أي محاولة لإحداث التغيير في حياتنا لن تكتمل ما لم نعرف كيف بدأ الإنسان حياته على الأرض وكيف وصل إلى واقعه اليوم.

كان عام  1929م نقطة تحول في حياة الإنسان حيث انتقل الإنسان من مرحلة سيادة المنتج Producer Sovereignty إلى مرحلة سيادة المستهلك Consumer Sovereignty , في مرحلة سيادة المنتج  قبل عام 1929م كان المنتج هو الذي يقرر حجم الإنتاج وشكل الإنتاج وطرق التوزيع والأسعار وكل ما يتعلق بالعملية الإنتاجية , وكانت الناس تقف على شكل طابور أمام أبواب المنتج للحصول على احتياجاتها من السلع بسبب قلة عدد المنتجين , أما بعد عام 1929م بدأت مرحلة سيادة المستهلك , حيث أصبح عدد المنتجين كبير نسبياً وأصبح الخيار مفتوح أمام المستهلك لاختيار المتجر أو المصنع لإشباع حاجاته , وبدأ المنتج بتغيير سلوكه والإنتاج وفقاً لرغبات المستهلكين , فالمستهلك هو من يقرر شكل الإنتاج وحجمه وسعره وأماكن التوزيع, ومرحلة سيادة المستهلك ما زالت مستمرة إلى يومنا هذا.

في عام 1971م بدأ الإنسان العصر الذي لا يزال مستمراً حتى يومنا هذا وهو عصر المعلومات , حيث أصبح نجاح الإنسان وتطوره يعتمد بشكل أساسي على امتلاكه للمعلومات وقدرته على معالجتها , فمن يمتلك المعلومات الصحيحة والمحدثة يمتلك القوة والقدرة على التطور وتحقيق الأهداف, وأصبحت قوة المجتمعات والأمم والأفراد لا تقاس بالقوة العضلية إنما تقاس بمقدار ما يمتلك هذا الإنسان من معلومات وقدرته على تسخيرها في اتخاذ القرار, حيث أن القرار سواء على المستوى الشخصي أو المستوى المؤسسي أو المستوى الكلي يعتمد على نفس الآلية, مدخلات يتم معالجتها للحصول على المخرجات, والمدخلات هي معلومات فكلما كانت المدخلات (المعلومات) صحيحة ومحدثة كلما زاد احتمال حصولنا على قرار صحيح , هذا يعني أن المعلومات هي الأساس في اتخاذ أي قرار وهي المحدد الأول لصحة وجودة القرار, وكلما زاد عدد القرارات الصحيحة المتخذة على الصعيد الجزئي والكلي كلما زاد تطور الأفراد وبالتالي تطور المجتمع ونجاحه بشكل عام.

وتزداد أهمية المعلومات في القرن الحادي والعشرين تزامناً مع ظهور مفاهيم جديدة مثل التنافسية والعولمة , حيث أن الشركات التي تتقن اتخاذ قراراتها بناءً على معلومات صحيحة هي المرشحة للنجاح والتطور , وبسبب الزيادة السكانية العالمية فإن ما يميز شخص عن آخر هو مدى امتلاكه للمعلومات وقدرته على معالجتها وتسخيرها في اتخاذ القرار, فالطبيب الذي لا يمتلك المعلومات الكافية حول تشخيص الأمراض لن يقدر على النجاح والتطور مثل الطبيب الذي يمتلك المعلومات الكافية والصحيحة والمحدثة حول تشخيص ومعالجة الأمراض , وكذلك المحامي الذي لا يمتلك المعلومات الكافية عن الأنظمة والتشريعات والقوانين لن يقدر على النجاح والتطور مثل المحامي الذي لديه معلومات كافية عن الأنظمة والتشريعات والقوانين, وينطبق ذلك على المهندس والمدرس والعامل وكافة أفراد المجتمع

ففي وقتنا الحاضر من غير المقبول أن لا تمتلك المعلومات الكافية حول عملك واختصاصك وذاتك و التي هي المحدد الرئيسي للنجاح والتطور.

ويبدو أن البشرية شارفت على الانتهاء من عصر المعلومات الذي يعتمد بشكل أساسي على النصف الأيسر من الدماغ للإنسان وقد بدأت ملامح عصر جديد بالظهور والتشكل وهو عصر الإبداع الذي يعتمد على التكامل بين نصفي الدماغ الأيسر المنطقي التحليلي والأيمن المبدع الذي ينظر إلى كامل الصورة, فيوجد اليوم وفرة في عرض الأطباء والمهندسين والإداريين ومختلف أصحاب الكفاءات العلمية, إلى درجة أن بعض المجتمعات كالمجتمع الأمريكي بدأ يعاني من قلة توظيف أصحاب الكفاءات بسبب أن معظم الشركات بدأت بنقل إنتاجها إلى آسيا بسبب أجور العمل الرخيصة, ونتيجة ذلك هو البطالة بين أفراد مجتمع المعلومات مما يعني قرب نهاية هذا العصر وبداية مرحلة عصر الإبداع.

عصر الإبداع أو ما يسمى بالفكر السامي هو خلق الجمال الفني والعاطفي, وتجميع الأفكار غير المترابطة في الظاهر ومزجها في ابتكار جديد ,والقدرة على التعاطف مع الآخرين وإدراك دقائق التفاعل الإنساني واكتشاف مصادر البهجة في الذات وإثارتها في الآخرين ,وتجاوز الأمور العادية سعياً وراء الغاية والمعنى.

من خلال صفحات هذا الكتاب لن نستعرض المعلومات المتعلقة بالطب أو الهندسة أو القانون, إنما سيتم استعراض كافة المعلومات اللازمة لإدارة وتطوير النفس البشرية سواء كان صاحبها يعمل في الطب أو الهندسة أو كان طالباً أو عاملاً أو أباً أو أماً أو مهما كان دوره أو دورها في الحياة.

فمن لا ينجح في إدارة ذاته لن ينجح في مهنته واختصاصه وحياته بشكل عام, وإن أهم أنواع ومهارات الإدارة التي يجب أن يمتلكها الإنسان هي إدارة الذات أو إدارة النفس البشرية, فمن ينجح في إدارة ذاته سيسهل عليه النجاح في مهنته وعمله وكافة جوانب حياته الأخرى, ومن يخفق في إدارة ذاته فإن كافة النتائج التي سيحصل عليها ستكون انعكاساً لفشله في إدارة الذات.

التطور هو سنة كونية يسعى كافة الناس لتطوير ذواتهم , لكن عملية التطوير لا يمكن أن تتم قبل الإدارة, فإدارة الذات أو النفس البشرية أولاً ثم المرحلة التالية وهي تطوير النفس البشرية.

الكتاب يناقش فكرتين:

  • إدارة النفس البشرية
  • تطوير النفس البشرية

حيث أنه لا يمكن الحديث عن تطوير الذات قبل التمكن من إدارتها, فالإدارة أولاً ثم التطوير ثانياً.

" لا تتمنى.. ابدأ التغيير " يجمع كل دورات إدارة وتطوير الذات في كتاب واحد

 

للحصول على الكتاب من مؤسسة الأمة.