لم يتفق الباحثون على تعريف أمثل للصرع تتوافر فيه الدقة والشمول حتى يومنا هذا ، ولعل أبسط تعريف للصرع هو أنه عبارة عن نوبات متكررة من اضطراب بعض وظائف المخ النفسية أو الحركية أو الحسية أو الحشوية، تبدأ فجأة، وتتوقف فجأة، وقد يصاحبها اضطراب في الوعي إلى حد الغيبوبة أحياناً، مع ظهور تغيرات في النشاط الكهربائي للمخ يمكن تسجيلها بواسطة «رسام كهربائية الدماغ».
كيد تحدث النوبات الصرعية؟
من المعروف أن كل خلية من خلايا المخ تؤثر في عشرات الألوف من الخلايا المجاورة لها عن طريق عدد من العمليات الكيماوية، كما أن كل خلية عصبية تحمل شحنة كهربائية عبر الغشاء المحيط بها تسري خلال جسم الخلية الى أطراف ليفتها العصبية، ولا يوجد اتصال كهربائي مباشر بين خلية وأخرى، ولكن الشحنة
الكهربائية تكون مصحوبة بإفراز مادة كيماوية تعرف «بالموصل الكميائى» تنتشر عبر الحيز الضيق الذي يفصل بين طرف الليفة العصبية والخلايا المتاخمة له، فيحدث شحنة كهربائية تؤدي إلى تنبيهها أو تثبيطها، وعلي ذلك فإن كل خلية من خلايا المخ تعتمد في وظيفتها علي محصلة الآثار المنبهة والمثبطة من كافة الخلايا المحيطة بها، فإذا ما تعرض عدد من الخلايا ذات ا لأثر المثبط للتلف، فإن ذلك يؤدي إلى تحرر الخلايا المتاخمة لها فتصيح مفرطة الاثارة وتطلق شحنات منبهة تهيج عددا آخر من الخلايا المتاخمة لها فتصبح مفرطة الإثارة وتطلق شحنات منبهة تهيج عددا آخر من الخلايا المجاورة لها وهذه بدورها تهيج خلايا أخرى لتفرغ شحناتها دون ضابط وعلى غير هدى، وتسرى الشحنات الكهربية ا لشاذة في المخ سريان النار في الهشيم، ويمكن تسجيلها بواسطة (رسام كهربائية المخ». ويؤدي هذا الاضطراب الوظيفي إلى تولد أنماط مختلفة من النوبات الصرعية، وكافة العوامل التي تزيد من استفزازية خلايا المخ وتهيجها أو تحول دون تثبيطها وكبح جماحها تعرض
المريض للنوبات الصرعية، أبرز الأمثلة في هذا الصدد ما يحدث عند التعرض «لغازات الحرب» التي تعرف ((بغازات الأعصاب» حيث يصاب الأشخاص  المعرضين لها بالتشنج العصبي، كما أن تعاطي الخمر بكافة أنواعها كثيرا ما يسبب النوبات الصرعية.
والجدير بالذكر أن تعرض شخص لنوبة تشنج واحدة طيلة حياته لا يعني إصابته بالصرع، ويلزم لتشخيص الصرع أن يكون الشخص قد تعرض لأكثر من نوبة صرعية من أي نوع عدا أن تكون بسبب الحمى..
ما معدل انتشار الصرع؟
معظم الدراسات الوبائية التي أجريت في مختلف أتحاء العالم تقدر معدل انتشار الصرع بحوالي نصف بالمائة (ه,0%)، وتتفق معظم البحوث على أن الصرع أكثر شيوعاً في العقدين الأوى والثاني من العمر، ولكنها تختلف حوى معدلات انتشاره في الذكور والإناث، فتشير بعض الدراسات إلى أنه أكثر شيوعا' في الذكور. ويشير بعضها إلى أنه أكثر شيوعاً في الإناث بينما يرى فريق ثالث من باحثين أن معدل انتشاره متساو في الجنسين، كما تشير بعض الإحصائيات إلى أن الصرع أكثر شيوعاً في الطبقات الفقيرة عنه في الطبقات ذات المستوى الاقتصادي والاجتماعي المرتفع، وقد يعزي ذلك إلى سو، التغذية وتفشي الجهل في الطبقات الفقيرة، بالإضافة إلى شيوع ظاهرة زواج الأقارب الذي قد يساعد على انتشار الأنواع الوراثية من الصرع، والميل إلى إنجاب عدد كبير من الأبناء مما يتيح إصابة أكثر من شخص في الأسرة الواحدة بنفس المرض.