الانتقال الاجتماعي

التأثير الاجتماعي والدعاية الشفهية. يحب الناس مشاركة القصص والأخبار والمعلومات مع من حولهم. فنحن نخبر أصدقاءنا عن وجهات العطلات الرائعة، ونحكي لجيراننا عن الصفقات الجيدة، ونثرثر مع زملائنا عن التسريحات المحتملة للعاملين. ونكتب على الإنترنت تقييما للأفلام، ونشارك الشائعات على موقع فيسبوك، ونغرد على موقع تويتر بشأن الوصفات التي جربناها للتو. يشارك الناس أكثر من 16.000 كلمة في اليوم وكل ساعة هناك أكثر من 00 1 مليون محادثة عن العلامات التجارية.
لكن الدعاية الشفهية ليست كثيرة التكرار فحسب، بل هي مهمة أيضا. الأشياء التي يخبرنا بها الآخرون ويرسلون لنا الرسائل الإلكترونية والنصية بشأنها يكون لها أثر كبير على ما نفكر فيه ونقرؤه ونشتريه ونفعله. فنحن نجرب المواقع الإلكترونية التي رشحها جيراننا، ونقرأ الكتب التي أثنى عليها أقاربنا، ونصوت للمرشحين الذين يؤيدهم أصدقاؤنا. الدعاية الشفهية هي
العاهل الأساسي وراء 20% ـ50% من جميع قرارات الشراء. وبالتالي، للتأثير الاجتماعي دور كبير في انتشار المنتجات والأفكار والسلوكيات من عدمه. المحادثة الشفهية لعميل جديد تؤدي إلى زيادة قدرها 200 دولار تقريبا في مبيعات المطعم- وتقييمة 5نجوم على موقع أمازون يؤدي إلى بيع ما يقرب من 20 كتابا أكثر مما يفعل تقييم نجمة واحدة. ومن
المرجح أن يصف الأطباء عقارا جديدا إذا وصفه أطباء أخرون يعرفونهم. ومن المرجح أن يقلع الناس عن التدخين إذا أقلع عنه أصدقاؤهم وأن يزداد وزنهم إذا أصيب أصدقاؤهم بالبدانة. في الحقيقة، بينما تظل الدعاية التقليدية مفيدة، فإن الدعاية الشفهية من الأشخاص العاديين الذين نلتقيهم كل يوم تعد أكثر فاعلية بعشرة أضعاف على الأقل.
الدعاية الشفهية أكثر فاعلية من الدعاية التقليدية لسببين أساسيين. أولاً، أنها أكثر إقناعا. غالبا ما تخبرنا الإعلانات عن مدى روعة المنتج. لقد سمعت جميع الجمل الدعائية؛ كيف أن تسعة من كل عشرة أطباء أسنان يوصون بمعجون أسنان كريست وكيف أنه لن يستطيع أي منظف آخر تنظيف ملابسك مثل تايد.
لكن لأن الإعلانات تزعم دائما بأن منتجاتها هي الأفضل، فكلامها غير موثوق بدرجة كبيرة. هل رأيت من قبل إعلانا لكريست يقول إن واحداً فقط من كل عشرة أطباء أسنان يفضل كريست؟ أو أن أربعة من التسعة الآخرين يعتقدون أن كريست سيفسد أسنانك؟
لكن يميل أصدقاؤنا لإخبارنا بحقيقة الأمر بصراحة. إذا رأوا أن كريست حقق نتيجة جيدة، فسيقولون ذلك. لكنهم سيخبروننا أيضا إذا كان مذاق  كريست سيئا أو أنه لم يبيض أسنانهم. إن موضوعية أصدقائنا، بجانب صراحتهم، تجعلنا نميل للثقة بهم والإنصات إليهم وتصديقهم.
ثانيا، الدعاية الشفهية أكثر دقة في الاستهداف. تحاول الشركات تقديم الإعلانات بطرق تتيح لهم الوصول إلى أكبر عدد من العملاء المهتمين بالمنتج. خذ مثلاً شركة تبيع زلاجات. إعلانات التلفاز خلال نشرات الأخبار المسائية لن تكون ذات فاعلية كبيرة على الأرجح لأن أغلب المشاهدين لا يتزلجون. لذلك ربما تقدم الشركة إعلاناتها في مجلة تزلج، أو على ظهر تذاكر سفر متجهة إلى منحدر شهير. لكن بينما يضمن ذلك أن أغلب من سيرى الإعلان يحب التزلج، فإن الشركة في النهاية ما زالت تهدر أموالها لأن الكثير من الناس لا يحتاجون إلى زلاجات جديدة.
الدعاية الشفهية، من الناحية الأخرى، توجه بطبيعة الحال نحو مستمع مهتم بالمنتج. فنحن لا نشارك خبرا أو اقتراحا مع جميع من نعرفهم. بل نميل لاختيار أناس معينين نعتقد أن هذه المعلومة تناسبهم أكثر من غيرهم. أي أننا لن نخبر صديقا عن زوج من الزلاجات الجديدة إذا كنا نعرف أنه يكره التزلج. ولن نخبر صديقا ليس لديه أطفال عن أفضل طريفة لتغيير الحفاضة.
غالبا ما تصل الدعاية الشفهية إلى أشخاص مهتمين بالفعل بالأمر المطروح. لا عجب أن العملاء القادمين بتزكية من أصدقائهم ينفقون أكثر، ويتسوقون أسرع، ويدرون أرباحا أكثر بشكل عام. هناك مثال لطيف على مدى تحسين الدعاية الشفهية للاستهداف جاءني عبر البريد منذ بضع سنوات. كثيرا ما يرسل لي الناشرون كتبا مجانية. وعادة ما تكون مرتبطة بالتسويق ويأمل الناشر أنني إذا حصلت على نسخة مجانية،
ربما يزداد احتمال تكليفي لطلابي بالكتاب (وبيع بعض النسخ لهم أثناء ذلك).
لكن منذ بضع سنوات، قامت إحدى الشركات بشيء مختلف قليلاً. حيث أرسلت لي نسختين من الكتاب ذاته.
الآن، ما لم أكن مخطئا، لا يوجد سبب يجعلني أقرأ النسخة الثانية، بعد أن قرأت الأولى. لكن هؤلاء الناشرين كان في اعتبارهم هدف آخر. لقد أرسلوا لي ملاحظة توضح سبب اعتقادهم بأن الكتاب سيكون جيدا لطلابي، وذكروا أيضا أنهم أرسلوا نسخة ثانية لأعطيها لزميل قد يكون مهتما بالكتاب.
هكذا تفيد الدعاية الشفهية في الاستهداف. بدلاً من إرسال كتب للجميع، جعلني الناشرون، أنا وآخرين، نقوم بعملية الاستهداف نيابة عنهم. مثل كشاف الضوء بالضبط، كل من يتلقى البريد المزدوج سيفحص شبكته الاجتماعية الشخصية، ويحدد الشخص الذي سيناسبه الكتاب أكثر من غيره، ويعطيه له.