ستة مبادئ للعدوى
يوضح هذا الكتاب ما يجعل المحتوى معديا. وأعني بكلمة "محتوى" القصص والأخبار والمعلومات. المنتجات والأفكار، الرسائل ومقاطع الفيديو. كل شيء من جمع التبرعات على محطة الإذاعة العامة المحلية حتى رسائل الصحة العامة التي نحاول إيصالها للناس. وأعني بكلمة "معد" أنه محتمل الانتشار. أن ينتقل من شخص إلى آخر من خلال الدعاية الشفهية والتأثير الاجتماعي.
أن يتحدث عنه أو يشاركه أو يقلده المستهلكون وزملاء العمل والناخبون. في بحثنا، لاحظت أنا وزملائي بعض الأفكار الرئيسية، أو السمات، المشتركة بين مجموعة من المحتويات المعدية. أو يمكنك القول بأنها وصفة، إذا صح
التعبير، لجعل المنتجات والأفكار والسلوكيات أكثر عرضة لاكتساب شعبية. انظر إلى سلسلة فيديوهات هل سيطحن؟ وشطيرة اللحم والجين في مطعم باركلي برايم. تثير كلتا القصدتين مشاعر كالدهشة أو الذهول؛ من كان ليظن أن خلاطا قد يكسر هاتف آي فون، أو أن شطيرة لحم وجين قد تكلف مبلغا يقترب من مائة دولار؟ كلتا القصدتين مميزة للغاية أيضا، لذلك تجعلان المتحدث عنهما يبدو شخصا لطيفا. وكلتاهما تقدم معلومات نافعة: فمن المفيد دائما الحصول على معلومات بشأن منتجات تعمل جيدا أو مطاعم تقدم طعاما رائعا.
تماما كما تحتاج الوصفات إلى السكر لتحضير الحلوى، كنا نجد دائما المكونات نفسها في الإعلانات التي انتشرت انتشارا فيروسيا، أو المقالات الإخبارية التي شاركها الناس، أو المنتجات التي نالت قدرا كبيرا من الدعاية الشفهية .
بعد تحليل مئات الرسائل والمنتجات والأفكار المعدية، لاحظنا أن المكونات ، أو المبادئ، الستة ذاتها غالبا ما تكون موجودة. ست خطوات أساسية تكمن وراء الوصول بالأشياء إلى التحدث عنها ومشاركتها وتقليدها.
المبدأ 1: العملة الاجتماعية
كيف يبدو الناس وهم يتحدثون عن منتج أو فكرة ما؟ أغلب الناس يفضلون أن يبدوا أذكياء لا حمقى، وأغنياء لا فقراء، ولطفاء لا غريبي الأطوار. تماما كالملابس التي نرتديها والسيارات التي نقودها، ما نتحدث عنه يؤثر على نظرة الآخرين لنا. إنها عملة اجتماعية. معرفة الناس عن الأشياء اللطيفة -كخلاط يستطيع تكسير هاتف آي فون- تجعلهم يبدون أذكياء وملمين بالأمور. لذلك لنجعل الناس يتحدثون، نحتاج لصياغة رسائل تساعدهم على ترك تلك الانطباعات المرجوة. نحتاج للعثور على تميزنا الداخلي وإعطاء الناس الشعور بأنهم من الخاصة. نحتاج للاستفادة من آليات اللعب لتوفير سبل للناس
لتحقيق وتقديم رمون المكانة المرئية التي يستطيعون إظهارها أمام الآخرين.
المبدأ 2: المحفزات
كيف نذكر الناس بالتحدث عن منتجاتنا وأفكارنا؟ المحفزات هي عوامل تحث الناس على التفكير في أشياء ذات صلة. تذكرنا زبدة الفول السوداني بالهلام وتذكرنا كلمة كلب "بكلمة قطة" . إذا كنت تعيش في فيلادلفيا، فرؤية شطيرة لحم وجين قد تذكرك بالشطيرة البالغ ثمنها مائة دولار في مطعم باركلي برايم. غالبا ما يتحدث الناس عما يخطر في ذهنهم، لذلك كلما فكروا في منتج أو فكرة ما أكثر، تحدثوا عنها أكثر. إننا نحتاج إلى تصميم منتجات وأفكار تحفزها البيئة بشكل متكرر وصناعة محفزات جديدة عن طريق ربط منتجاتنا وأفكارنا بإشارات شائعة في تلك البيئة. الحاضر في الذهن يتحدث
عنه اللسان.
المبدأ 3: المشاعر
عندما نهتم بشيء، نشاركه. فكيف يمكننا إذا صياغة رسائل وأفكار تثير شعورا ما لدى الناس؟ عادة ما يثير المحتوى المعدي بطبيعته نوعا من المشاعر. طحن هاتف آي فون يثير الدهشة. زيادة محتملة في الضرائب تثير الغضب. الأشياء التي تثير المشاعر غالبا ما تتم مشاركتها. لذا بدلاً من التحدث باستمرار عن خصائص الأشياء، نحتاج للتركيز على المشاعر. لكن
كما سنناقش، ترفع بعض المشاعر من نسبة المشاركة، وأخرى في الواقع تقللها. لذا نحتاج إلى إثارة المشاعر المناسبة. نحتاج إلى إضرام النار. أحيانا حتى المشاعر السلبية قد تكون مفيدة.
المبدأ 4: العلنية
هل يرى الناس الأشخاص الآخرين عندما يستخدمون منتجنا أو يتحلون بسلوكنا المرغوب؟ عبارة ما يراه القرد، يقلده تصور ما هو أكثر من مجرد ميل بشري للتقليد. إنها تخبرنا بأنه من الصعب تقليد شيء لا تستطيع رؤيته. جعل الأشياء ملحوظة أكثر يسهل تقليدها، مما يزيد من احتمالية اكتسابها شعبية. لذا نحتاج لجعل منتجاتنا وأفكارنا علنية أكثر. نحتاج لتصميم
منتجات ومبادرات تروج لنفسها وتنشئ أثرا سلوكيا يدوم طويلاً حتى بعد شراء الناس للمنتج أو تبنيهم للفكرة.
المبدأ 5: القيمة العملية
كيف نصمم محتوى يبدو مفيدا؟ يحب الناس مساعدة الآخرين، لذلك إذا استطعنا أن نريهم كيف يتسنى لمنتجاتنا أو أفكارنا أن توفر الوقت أو المال أو تحسن الصحة، سينشرون الخبر. لكن نظرا إلى كم المعلومات التي تنهال على الناس، نحتاج إلى جعل رسالتنا تتميز. نحتاج لأن نفهم ما الذي يجعل شيئا ما يبدو وكأنه صفقة رابحة. نحتاج إلى تسليط الضوء على القيمة
المبهرة لما نقدمه؛ سواء كانت مالية أو غير مالية. ونحتاج إلى صياغة معرفتنا وخبرتنا بشكل يتيح للناس تمريرها بسهولة فيما بينهم.
المبدأ 6: القصص
ما الصيفة السردية الأكثر شمولاً التي نستطيع تضمين فكرتنا فيها؟ الناس لا يشاركون المعلومات فحسب، إنهم يسردون القصص. وتماما كحكاية  حصان طروادة الملحمية، القصص هي الأوعية التي تحمل أشياء مثل الأخلاقيات والعبر. تنتقل المعلومات بمقتضى ما يبدو وكأنه ثرثرة فارغة. لذا نحتاج لبناء حصان طروادة الخاص بنا، مضمنين منتجاتنا وأفكارنا في
قصص يرغب الناس في سردها. لكننا نحتاج إلى القيام بأكثر من مجرد سرد قصة رائعة. نحتاج إلى جعل الانتشار الفيروسي قيما. و نحتاج إلى جعل رسائلنا جزءا لا يتجزأ من الحكاية لدرجة أن الناس لا تستطيع سرد القصة دونها. هذه هي مبادئ العدوى الستة: منتجات أو أفكار توفر عملة اجتماعية ولها محفز ومثيرة للمشاعر وعلنية وذات قيمة عملية ومتضمنة في قصص. يركز كل فصل في الكتاب على واحد من هذه المبادئ. تجمع هذه الفصول أبحاثا وأمثلة لإظهار الجانب العلمي الكامن خلف كل مبدأ وكيف طبق الأفراد والشركات والمؤسسات تلك المبادئ لمساعدة منتجاتهم وأفكارهم وسلوكياتهم
على الانتشار.
يمكن دمج تلك المبادئ في ست خطوات لصياغة محتوى معدي. تقود هذه المكونات إلى التحدث عن الأفكار وبالتالي نجاحها. تحدث الناس عن شطيرة اللحم والجين البالغ ثمنها مائة دولار في باركلي برايم لأنها وفرت لهم عملة  اجتماعية، وكان لها محفز (انتشار شطائر اللحم والجبن في كل مكان في فيلادلفيا)، وكانت مثيرة للمشاعر (مدهشة للغاية)، ولها قيمة عملية (معلومة مفيدة عن مطعم لحوم عالي الجودة)، ومتضمنة في قصة. تعزيز تلك المكونات في الرسائل أو المنتجات أو الأفكار سيزيد من احتمال انتشارها واكتسابها شعبية. أتمنى أن يساعد تسلسل المبادئ بهذه الطريقة على جعل تذكرها واستخدامها أسهل.
لكن لاحظ أن تشبيه الوصفة لا ينطبق هنا من إحدى النواحي. حيث تختلف المبادئ عن الوصفة في أنه لا يجب بالضرورة وجود المبادئ الستة جميعها في منتج أو فكرة ما لتصبح معدية. بالتأكيد، كلما زادت المبادئ كان ذلك أفضل، لكن هذا لا يعني أن منتجا عاما سيفشل لأنه غير متضمن في قصة.
لذلك فكر في هذه المبادئ ليس باعتبارها وصفة بقدر ما هي إضافات شهية للسلطة. سلطة الكوب Cobb، على سبيل المثال، غالبا ما تحتوي على دجاج وطماطم ولحم مقدد وبيض وأفوكادو وجين. لكن السلطة التي تحتوي على جبن ولحم مقدد فقط لا تزال شهية. المبادئ مستقلة نسبيا، لذا يمكنك انتقاء واختيار ما ترغب في تطبيقه منها.
بعض المبادئ أسهل في تطبيقها على أنواع معينة من الأفكار أو المبادرات.