توليد الدعاية الشفهية:

أتريد أن تعرف أفضل ما في الدعاية الشفهية؟

إنها متاحة للجميع. من الشركات الواردة في قائمة فورتشن 500 والتي تحاول زيادة مبيعاتها إلى المطاعم الجانبية الصغيرة التي تحاول ملء طاولاتها.

ومن المؤسسات غير الربحية التي تحاول محاربة البدانة إلى السياسيين المبتدئين الذين يحاولون الفوز بأصوات الناخبين. الدعاية الشفهية تساعد على انتشار الأشياء. بل إنها تساعد شركات تبادل الأعمال التجارية على الحصول على عملاء جدد من العملاء الحاليين. ولا يتطلب الأمر ملايين الدولارات لإنفاقها على الدعاية. بل يتطلب جعل الناس تتحدث فحسب.

إذاً كيف تفعل ذلك؟

من الشركات الناشئة إلى الشركات الواعدة، اغتنم الناس وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها موجة المستقبل. تعتبر مواقع فيسبوك وتويتر ويوتيوب وغيرها من القنوات وسائل لتنمية المتابعة وإشراك المستهلكين. حيث تنشر الماركات التجارية إعلانات، وينشر الموسيقيون الطامحون مقاطع فيديو، وتنشر المشروعات الصغيرة صفقات.

تندفع الشركات والمنظمات بخطى متسارعة في محاولة لركوب عربة الدعاية. المنطق بسيط وواضح. إذا تمكنوا من جعل الناس تتحدث عن فكرتهم أو تشارك محتواهم، سينتشر عبر الشبكات الاجتماعية انتشارا فيروسيا، مانحا منتجهم أو فكرتهم شعبية فورية.
لكن هناك مشكلتان في هذا النهج: التركيز والتنفيذ.

ساعدني في هذا الاختبار السريع. ما نسبة الدعاية الشفهية التي تتردد عبر الإنترنت حسب اعتقادك؟ بعبارة أخرى، ما نسبة الثرثرة التي تدور في وسائل التواصل الاجتماعي والمدونات والبريد الإلكتروني وغرف الدردشة؟

إذا كنت مثل معظم الناس، فربما تخمن نسبة تتراوح بين 50 أو ٠%60.

يصل تخمين بعض الناس لأكثر من 70% والبعض الآخر يكون تخمينه أقل بكثير، لكن بعد طرح هذا السؤال على مئات الطلاب والتنفيذيين، وجدت أن المتوسط هو ٠/٠50 تقريبا.

وهذا الرقم منطقي. فعلى أية حال، انتشرت وسائل التواصل الاجتماعي انتشارا هائلاً في الآونة الأخيرة. يستخدم ملايين الناس هذه المواقع كل يوم، وتتم مشاركة مليارات المحتويات كل شهر. هذه التقنيات جعلت مشاركة الأشياء في وقت قصير مع مجموعة كبيرة من الناس أسهل وأسرع.

لكن 50% نسبة خاطئة. وليست حتى قريبة من النسبة الصحيحة.

الرقم الفعلي هو 7% ليس 47%، ولا 27%، بل 7%. توصل بحث أجرته شركة Keller Fay Group إلى أن 7% فقط من الدعاية الشفهية تتردد عبر الإنترنت.

يندهش معظم الناس للغاية عند سماع ذلك الرقم. ويعترضون قائلين: لكنه رقم قليل جدا. الناس يقضون قدرا هائلاً من الوقت على الإنترنت. هذا صحيح. يقضي الناس الكثير من الوقت على الإنترنت.

ما يقارب الساعتين في اليوم حسب بعض التقديرات. لكننا ننسى أن الناس يقضون الكثير من الوقت بعيدا عن الإنترنت أيضا. أكثر من ثمانية أضعاف ما يقضونه على الإنترنت، في الواقع. وذلك يوفر وقتا أكثر بكثير للمحادثات التي تدور بعيدا عن الإنترنت.

كما أننا نميل للمبالغة في تقدير الدعاية الشفهية عبر الإنترنت لسهولة رؤيتها. توفر مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلاً في متناول اليد لجميع مقاطع الفيديو والتعليقات والمحتويات الأخرى التي نشاركها عبر الإنترنت.

لذلك عندما ننظر إليها، تبدو وكأنها كثيرة. لكننا لا نفكر هكذا بشأن جميع المحادثات التي أجريناها بعيدا عن الإنترنت خلال الفترة الزمنية نفسها، لأننا لا نستطيع رؤيتها بسهولة.

ليس هناك تسجيل لحديثنا مع سوزان بعد الغداء أو المحادثة التي أجريناها مع تيم ونحن في انتظار أطفالنا حتى ينتهوا من تدريبهم. لكنها بينما لا تسهل رؤية تلك المحادثات بالقدر نفسه، فإنها تظل ذات تأثير مهم على سلوكنا.

علاوة على ذلك، رغم أننا قد نظن أن الدعاية الشفهية عبر الإنترنت قد تصل إلى عدد أكبر من الناس، فإن الحال ليس كذلك دائما. بالطبع، يمكن للمحادثات التي تدور عبر الإنترنت أن تصل إلى عدد أكبر من الناس. فبينما تكون المحادثة وجها لوجه فردية في الغالب، أو بين مجموعة صغيرة من الناس، فإن التغريدة العادية أو تحديث الحالة على فيسبوك يصل إلى أكثر من مائة شخص. لكن ليس جميع هؤلاء المستقبلين المحتملين سيرون فعلاً كل رسالة.

ينهال محتوى الإنترنت بغزارة على الناس، لذلك لا يكون لديهم الوقت لقراءة كل تغريدة أو رسالة أو تحديث يصادفهم. فعلى سبيل المثال، بين تمرين سريع وسط طلابي أن أقل من 10% من أصدقائهم قد استجابوا لرسالة نشروها.

وأغلب منشورات تويتر تصل إلى عدد أقل من الناس. يمكن للمحادثات التي تدور عبر الإنترنت أن تصل إلى جمهور أكبر بكثير، لكن نظرا إلى أن المحادثات التي تدور بعيدا عن الإنترنت قد تكون أكثر تعمقا، فمن الصعب معرفة إذا ما كانت وسائل التواصل الاجتماعي هي الوسيلة الأفضل اتباعها.

إذا فالنقطة الأولى مع كل تلك الضجة حول وسائل التواصل الاجتماعي هي أن الناس غالبا ما تتجاهل أهمية الدعاية الشفهية التي تدور بعيدا عن الإنترنت، رغم أن تلك المناقشات أكثر شيوعا، بل ومن المحتمل أن تكون أكثر تأثيرا، من تلك التي تدور عبر الإنترنت- والنقطة الثانية هي أن مواقع مثل فيسبوك وتويتر هي تقنيات، وليست استراتيجيات. التسويق عبر الدعاية الشفهية يكون فعالاً فقط إذا تحدث الناس بالفعل.

يمكن لمسئولي الصحة العامة أن ينشروا تغريدات يومية بشأن الصحة، لكن ما لم يمررها الناس فيما بينهم، ستفشل الحملة. مجرد التغريد أو إنشاء صفحة على فيسبوك لا يعني أن أحدا سيلاحظ الكلمة أو ينشرها. 05% من مقاطع الفيديو على يوتيوب لديها أقل من خمسمائة مشاهدة.
وثلث واحد فحسب من 1% منها يحصل على أكثر من مليون مشاهدة. تسخير قوة الدعاية الشفهية، عبر الإنترنت أو بعيدا عنها، يتطلب استيعاب السبب الذي يجعل الناس تتحدث والسبب وراء الحديث عن بعض الأشياء ومشاركتها أكثر من غيرها. سيكولوجية المشاركة. علم الانتقال الاجتماعي.

في المرة القادمة وأنت تتحدث في حفلة ما أو تخرج لتناول بعض الطعام مع زميل لك، تخيل أنك ذبابة على الحائط تسترق السمع لمحادثتك. قد ينتهي بك الأمر للحديث عن فيلم جديد أو الثرثرة عن أحد الزملاء. ربما تتبادل القصص حول العطلة أو تتحدث عن المولود الجديد لأحدهم أو تشكو من الطقس الدافئ على نحو غير معتاد. لماذا؟ لقد كان في إمكانك الحديث عن أي شيء. هناك ملايين الموضوعات والأفكار والمنتجات والقصص المختلفة التي كان في إمكانك مناقشتها. لماذا تحدثت عن تلك الأشياء بالتحديد؟ لماذا تلك القصة أو الفيلم أو الزميل عينه وليس غيره؟

هناك قصص معينة تكون معدية أكثر من غيرها، وشائعات معينة تكون أسهل في الانتشار. تنتشر بعض محتويات الإنترنت انتشارا فيروسيا ومحتويات أخرى لا يتم تناقلها على الإطلاق. تنال بعض المنتجات قدرا جيدا من الدعاية الشفهية، ومنتجات أخرى لا يذكرها أحد. لماذا؟ ما السبب وراء التحدث عن منتجات وأفكار وسلوكيات معينة أكثر من غيرها؟ 

الأشخاص المناسبين لدعم الدعاية الشفهية:

هناك فكرة بديهية شائعة تقول إن توليد الدعاية الشفهية يعتمد على العثور على الأشخاص المناسبين. هؤلاء الأفراد الاستثنائيون أكثر تأثيرا من غيرهم.

في كتاب The Tipping Point، على سبيل المثال، يناقش مالكوم جلادويل، فكرة أن الأوبئة الاجتماعية تحركها .جهود مجموعة صغيرة من الأشخاص الاستثنائيين الذين يسميهم الخبراء وحلقات الوصل ورجال  المبيعات- يشير آخرون إلى أن واحدا من كل عشرة أمريكيين يخبر التسعة الآخرين كيف يصوتون، وأين يأكلون، وماذا يشترون - ينفق المسوقون ملايين

الدولارات في محاولة العثور على هؤلاء الذين يعتبرون قادة رأي وإقناعهم بتأييد منتجاتهم. وتبحث الحملات السياسية عن المؤثرين ليدعموها. النظرية وراء ذلك هي أن أي شيء يلمسه هؤلاء الأشخاص الاستثنائيون يتحول إلى ذهب. إذا تبنوا أو تحدثوا عن منتج أو فكرة، فستكتسب شعبية. لكن الحكمة التقليدية خاطئة. نعم، جميعنا نعرف أشخاصا مقنعين حقا،  

ونعم، بعض الناس لديهم أصدقاء أكثر من غيرهم. لكن في أغلب الحالات لا يجعلهم ذلك أكثر تأثيرا في نشر المعلومات أو جعل الأشياء تنتشر انتشارا فيروسيا.

علاوة على ذلك، بالتركيز المبالغ فيه على حامل الرسالة، قد تجاهلنا دافعا أوضح بكثير للمشاركة. وهو الرسالة نفسها .
انظر للدعابات على سبيل القياس.

جميعنا لدينا أصدقاء أفضل منا في إلقاء الدعابات. متى ما قالوا دعابة تنفجر الغرفة ضاحكة.
لكن الدعابات تتفاوت أيضا. بعضها مضحكة للغاية لدرجة لا يهم معها من يقولها. يضحك الجميع حتى إذا كان الشخص الذي يقول الدعابة ليس مضحكا على الإطلاق. وهذا هو الحال مع المحتوى المعدي؛ فهو فيروسي للغاية بطبيعته لدرجة أنه ينتشر بصرف النظر عمن يتحدث عنه.

بصرف النظر عما إذا كان حاملو الرسالة مقنعين حقا أم لا وبصرف النظر عما إذا كان لديهم عشرة أصدقاء أو عشرة آلاف. ماذا إذا في الرسالة يجعل الناس ترغب في نشرها؟

من غير المدهش أن "خبراء" وسائل التواصل الاجتماعي وممارسي الدعاية  الشفهية قد خمنوا الكثير من التخمينات. تقول إحدى النظريات الشائعة بأن الانتشار الفيروسي عشوائي تماما؛ وأنه من المستحيل التنبؤ إذا ما كان فيديو معين أو محتوى ما ستتم مشاركته على نطاق واسع.

أشخاص آخرون يبنون تخميناتهم على دراسات الحالة والحكايات. لأن العديد من مقاطع الفيديو الشهيرة على يوتيوب إما تكون مضحكة أو لطيفة -تتعلق بأطفال أو قطط صغيرة- فإنك تسمع عاد أن روح الدعابة أو اللطف عناصر أساسية للانتشار الفيروسي.

لكن تلك "النظريات" تتجاهل حقيقة أن العديد من مقاطع الفيديو المضحكة أو اللطيفة لا تنتشر مطلقا. بالطبع، بعض مقاطع القطط تحصل على ملايين المشاهدات، لكن هذه هي القيم المتطرفة، وليست القاعدة. فمعظمها يحصل على أقل من بضع عشرات من المشاهدات .

ربما تلاحظ أيضًا أن بيل كلينتون وبيل جيتس وبيل كوسبي مشهورون جميعا وتستنتج أن تغيير اسمك إلى بيل هو السبيل إلى الشهرة والثروة.

رغم أن الملاحظة المبدئية صحيحة، فإن الاستنتاج سخيف بلا شك. بمجرد النظر إلى مجموعة صغيرة من النجاحات الفيروسية، يغفل الناس عن حقيقة وجود الكثير من تلك السمات أيضًا في المحتوى الذي فشل في جذب أي جمهور على الإطلاق.

لتفهم جيدا الأسباب التي تجعل الناس تشارك الأشياء، عليك  أن تنظر إلى النجاحات والإخفاقات أيضًا. وإذا ما كانت هناك خصائص معينة مرتبطة بالنجاح في أغلب الأحيان.