ليس هناك ما يعرف بالمستقبل. فالمستقبل مجرد وهم. وما نملكه هو الحاضر ، متبوعا بحاضر آخر، متبوعا بسلسلة من الوقت الحاضر .نحن لا نفلس فجأة. فلدينا تسلسل من لحظات الإفلاس الحاضرة . ولا يمكن لأحد أن يصبح قائدا عظيما، أو ألا رائعا، أو بصحة جيدة فجأة. ونحن لا ننجز هدفا أو نتوصل إلى أى حل فجأة. فنحن لدينا سلسلة من القادة العظام، أو الآباء الرائعين، أو سلسلة لحظات حالية موفورة الصحة. وعندما نمر بقدر كاف من هذه اللحظات، فإن الأهداف تتحقق، وتتحطم العادات السيئة، ويتم تطبيق القرارات التى نتخذها. ويحدث الشىء ذاته فى حالة اكتساب توجه فكرى رائع، أو التفكير بإيجابية، أو اكتساب معلومات، أو الإبداع، أو تقديم الامتنان، أو تغيير معتقداتنا، أو التركيز على ما نريده، أو وضع أهداف قوية، أو تحقيق أهدافنا، أو فعل ما  نحب - وهى جميع الأشياء التى ينبغى علينا فعلها كى نحظى بالنجاح ونحقق أحلامنا. ويحدث نفس الشىء عندما نكون سعداء، وفى حالة سكينة، ومتحمسين، ومبدعين، وفى حالة صدق مع أنفسنا، ويمكننا حينئذ أن نحدث أى فارق. ولا يحدث ذلك فجأة، ولكنه يحدث بينما نبنى كتلة ضخمة من تلك اللحظات الحاضرة .فنحن نحقق النتائج عندما نركز على اللحظة الحاضرة. وتعتمد النتائج التى نحققها - سواء كانت سيئة، أو جيدة، أو مهمة - على ما نركز عليه فى اللحظة الحاضرة. لقد وجدت من خلال خبرتى فى العمل والحياة على مدى الأعوام الثلاثين الماضية أن ما يصنع قائدا عظيما، أو مؤسسة أو عائلة رائعة أو إنسانا عظيما هى نفس المبادئ تماما. بمعنى آخر، إن أسباب النجاح فى العملوالحياة واحدة.وهذه الأسباب هى الوعى الذاتى، والاستقلالية الذاتية، والتصميم . ويمكننى أن أعرف كلمة التصميم بأنها تركيز أفكارك وأفعالك على ما هو مهم حقا بالنسبة لك. وبدون الوعى الذاتى، واستقلالية الذات، والتصميم فى الوقت الحاضر، فإننا نحيا كل يوم بطريقة الأمس. وهكذا يمضى عام، وعامان، ثم خمسة أعوام، ثم عشرة أعوام، ونحن نتساءل ما الذى يحدث. فلدينا نفس درجات الإحباط والخبرات مرارا وتكرارا مع مختلف الوظائف، والشركاء، والعملاء، والعمال، والموظفين، والأطفال، والأزواج. فنحن نستمر فى ارتكاب نفس الأخطاء بشكل أساسى. ولكى نساعد أنفسنا على تعلم أفضل الممارسات وأحدث أساليب  وأنظمة الإدارة وآليات العمل والأساليب وطرق التفكير، فنحن نقرأ الكتب، ونستمع للمحاضرين، ونحضر الدورات التدريبية، والحلقات النقاشية. وعلى الرغم من أننا - فى معظم الحالات - نقول إننا نريد أن نطبق ما تعلمناه، فإننا لا نفعل ذلك. فنعود إلى نشاط وسرعة العمل والحياة دون إحداث أى تغيير. وأحيانا نقوم بإحداث تغيير وينجح معنا هذا الأمر - ولكن لفترة من الزمن. ثم بعد ذلك تتعسر الأمور ونعود إلى سلوكنا السابق الذى ألفناه. أو ربما نحقق بعض التحسينات الدائمة، إلا أنها تكون ضئيلة. عندما نريد أن نحدث تغبيرا فإننا نادرا ما نفعل، فكيف يحدث ذلك؟ أو عندما نفعل ذلك فإنه يكون ضئيلاً ولا يعتبر تغييرا؟ ويحدث ذلك لأن الكثيرين؟ أو عندما تعلموا أن أفعالنا وسلوكياتنا تؤدى إلى النتائج. إننا نتعلم أننا إذا أردنا أن نغير النتائج، فيجب علينا تغيير تصرفاتنا. وهذا ما تعنيه الإدارة “ تغيير التصرفات والسلوكيات والعمليات والأنظمة. وهذا أيضا ما تدور حوله قرارات العام الجديد - تغيير تصرفاتنا لكى نفقد بعضا من وزننا أو نحقق هدفا معينا. وعلى نحو مغروس فى الذهن، فإننا نركز على تغيير الأفعال والسلوكيات كوسيلة للتطوير. إن الاكتشاف الرائع بخصوص إدارة التفكير هو: إن ما يدور فى عقولنا هو ما يقود للنتائج. إن معتقداتنا وتصوراتنا وتوجهاتنا وغاياتنا وحماسنا ومقاصدنا - أفكارنا هى التى تقود قاطرة تصرفاتنا. وإن لم نوجه أفكارنا، فلن يحدث تغيير ذو مغزى. وعلى النقيض، فإننا عندما نبدأ بالفعل فى التحقق من معتقداتنا الكامنة وتوجاهاتنا ونصبح على وعى بأفكارنا، يحدث التحول الحقيقى. فبإمكاننا أن نختار أن نكون على وعى بأفكارنا وعلى وعى بما تنطوى عليه هذه الأفكار لأنها تقود أفعالنا وقدراتنا نحو ابتكار طرق إبداعية لتحقيق نتائج رائعة. إننى لا أتحدث عن تطوير أهداف تحفيزية أو بيانات المهام أو القرارات. ولكنى أتحدث عن تنمية الوعى بالذات، أى أن نكون على وعى بأفكارنا وبمشاعرنا وأن نقوم بعمل التغييرات الدقيقة، والقوية فى الوقت نفسه، التى من شأنها أن تؤدى إلى الأفكار والرغبات والأهداف وأخيرا التصرفات التى تحقق لنا الطمأنينة والإلهام. فنحن نصبح ملهمين عندما نكون فى حالات السعادة والامتنان والتبصر والتصميم، والتنقيب والمسئولية. ففى هذه الحالات نكون منسجمين مع مستويات أعلى من الوعى، ونكون على اتصال بقدرتنا الإبداعية. ونستطيع فى حالة الإلهام أن نحقق نتائج رائعة. فعندما نكون ملهمين،  نستطيع أن نحدث تغيرا. العظماء هم من يرون... أن الأفكار هى التى تحكم العالم. رالف والدو إيمرسون الفصل الثانى كيف تحكم أفكارك عالمك؟ إن أى شىء نقوله، أو نفعله، أو نحققه ماديا يبدأ بمجرد فكرة. ففى البداية، تكون لدينا فكرة متبوعة برغبة، ثم فكرة أخرى متبوعة بنية، ثم فكرة أخرى متبوعة بخطط وأهداف، ثم المزيد من الأفكار حتى نتخذ إجراء معينا فى النهاية. فنقول، أو نفعل، أو نحقق، أو نبتكر شيئا ما. فكيف تحكم أفكارك عالمك؟ وكيف تحكم أفكارك حياتك، وعلاقاتك، ومسارك المهنى، ومؤسستك، وعائلتك؟ هل تقودك أفكارك إلى نتائج إيجابية أم أنها تمنعك من تحرير طاقتك الكامنة؟ وهل تحفزك أفكارك، أم أنها مصابة بطاعون الشك الذاتى والقلق والخوف؟ وهل تشعرك أفكارك بالسعادة والطمأنينة أم أنها تشعرك بالتوتر ولعب دور الضحية؟ هل تقودك أفكارك إلى حياة من البهجة والصحة التامة أم أنها تؤدى إلى حياة من الألم والمعاناة؟ هل تساعدك أفكارك على أن تحيا نوعية الحياة التى تريدها، أم أنها تصيبك بالشلل وتضعف أهدافك وتدمر جهودك ؟ هل تخدمك أفكارك؟ أم أنك تقع عاجزا تحت رحمتها؟ لا يتخيل الكثير منا أننا نستطيع فى لحظة واحدة أن نغير مجرى حياتنا، أو أن نغير حياة عائلاتنا، ومؤسساتنا من خلال أفكارنا. عندما تحكمنا أفكارنا فإننا عادة ما نكون فى حالة رد فعل. ربما يسىء عملاؤنا أو رؤساؤنا إلينا؛ ونجد أنفسنا نتشاحن مع أزواجنا، ونستاء من منافسينا، ومن أصدقائنا؛ ومن زملائنا فى العمل؛ ونتجول فى كل مكان مثل قنابل انفعالية موقوتة سريعة الانفجار. ويحدث هذا لأننا تعلمنا أن نعتمد على أنماط محددة ومألوفة للتفكير. يشير كل من جيرى وايند ، و كولين كروك The Power of Impossible Thinking: Trans- فى كتابهما form the Business of Your Life and the Life of Your إلى هذه المراحل على أنها "نماذج عقلية" شكلتها توليفة من  Business

الوراثة والتعليم والخبرة- وعلى الرغم من أنها ليست سيئة بالضرورة، فإن النماذج العقلية قد تكون معوقة، فهى تميل إلى أن تكون أفعالاً منعكسة تصدر بدون تفكير. ولأنها أفعال مألوفة، فهى لا تؤدى إلى تطور. فهى ترجمة عقلية لطريقة المرء فى التصرف. وعندما نقوم بإدارة أفكارنا، فإننا نتبع أسلوبا فعالا بدلا من الانقياد وراء التوجهات المعتادة والمعتقدات المعوقة للذات. فنحن قادرون على أن نستخدم أفكارنا لنقى أنفسنا بشكل استباقى من تأثير تلك الأحداث المثيرة للتوتر والتى كنا نتفاعل معها بصورة دفاعية فى السابق. وبفعلنا ذلك، تظهر أمامنا صور ذهنية جديدة للخيارات؛ وبالتالى فإننا نمر بنتائج مختلفة للغاية. وبدلاً من أن نبدد وقتنا وأموالنا وطاقتنا فى ردود الأفعال، فإننا نركز على ما يهمنا " الواقع الذى ننشده. وهذا هو ما تدور حوله عملية إدارة التفكير ، فهى تحررنا من تقبل أفكارنا السلبية وتنقذنا من ارتباطنا بها أو اندماجنا فيها. إنها تمنحنا القوة لكى نحيا حياتنا الخاصة بالطريقة التى نرغب فيها. وبعبارة أخرى، فإننا بإدارتنا للأفكار، نستطيع أن نختار عن وعى مستقبلنا؛ وذلك لأن كل ما نفكر به هو مسألة اختيار. وليس هناك أى موقف أو شخص يمكن تحميله مسئولية ما يدور فى عقولنا أو توجيه اللوم له نتيجة ذلك. فإن جودة حياتنا ومجتمعاتنا وحياتنا العائلية والمهنية تتأثر إلى حد كبير بطريقة تفكيرنا وسلوكنا. وتعتمد طريقة تصرفنا على طريقة تفكيرنا وعندما نكون على وعى بكل فكرة لدينا أو بكل سلوك يصدر عنا كل يوم، فإننا نحقق نتائج ملحوظة فى العمل وفى الحياة. وتوضح القصة التالية أن اختيارنا للتفكير فى أى لحظة يؤثر على ظروفنا ومقدراتنا ونجاحاتنا. لقد أصبح التفكير داء. وهذا ليس لأنك تستخدم عقلك بصورة خاطئة، ولكن لأنك لا تستخدمه مطلعا. فإنه هو الذى يستخدمك. وهذا هو الداء بعينه. فأنت تعتقد أنك تمثل عقلك. - إيكارت تولى