يعتقد الكثيرون منا أننا لا نملك القدرة على التحكم فى أفكارنا. ولكى نثبت زيف هذا الاعتقاد، ألق نظرة على التدريب التالى. هل استطعت فعل ذلك؟لو كان الأمر كذلك، فقد أثبت لتوك أن لديك سيطرة على أفكارك. لقد كنت قادرا على التوقف عما كنت تفكر به لتفكر فى مخروط الآيس كريم، كما كنت قادرا أيضاً على التوقف عن التفكير فى مخروط الآيس كريم لتفكر فى الجرو هل تستطيع أيضا أن تدرك أنك كيان منفصل عن أفكارك، وعن عقلك؟ وأنك تتحكم فى عقلك؟ لقد اخترت التفكير فى مخروط الآيس كريم. واخترت أن تفكر فى الجرو الصغر. فأنت الملاحظ، والشاهد، والمراقب، المستخدم لعقلك ولأفكارك. تعتبر عقولنا مجرد أدوات؛ تماما مثل جهاز الكمبيوتر فهو مجرد أداة. فعقولنا تؤدى وظائف عديدة: فهى تلاحظ، وتشعر، وتخزن، وتستدعى وتسترجع المعلومات، ولكننا لسنا أجهزة كمبيوتر، ولسنا تجسيدا لعقولنا، ولسنا أدوات؛ فنحن من يستخدم الادوات، ونحن قادرون تماماً فى كل لحظة على مشاهدة أفكارنا، وعلينا أن ننظر إلى أفكارنا وليس من خلال أفكارنا. فنستطيع أن نمسك بفكرة، وأن ننظر إليها، ونحدد ما إذا كانت هذه الفكرة بناءة أم مدمرة. وفى كل لحظة، لدينا القدرة على اختيار ما نفعله بالفكرة؛ هل نتعامل مع الفكرة أم نتصل بها، ونعطيها الفرصة لتحكم عالمنا؟ هل نترك الفرصة للفكرة كى تتلاشى؟ هل نعيد صياغة الفكرة؟ أم ننتهز الفرصة لنخاطب عقولنا قائلين: شكرا على المشاركة ، ونختار الأفكار التى نقودنا فى اتجاه يخدم أهدافنا؟ لقد لاحظت أن اغلبيتنا يقضون جزءا كبيرا من حياتهم فى حالة اندماج مع الجزء الزاحف من المخ (مخ الزواحف)، وهو أقدم تركيب للمخ وأكثرها بدائية؛ ونتيجة لذلك فهم يمرون بقدر كبير من الألم والمعاناة. هل حدث وتواجدت بمفردك ليلاً وسمعت ضوضاء غير متوقعة؟ وعند سماعك للضوضاء، هل توقفت عن الاستماع إليها عن قصد؟ فى هذه اللحظة وبسرعة مذهلة فإن خلايا المخ الموجودة بداخل النظام الحوفى تحدد سلوكك المترتب على ذلك وتمدك بثلاثة اختيارات: إما الكر، أو الفر، أو التجمد فى مكانك. وبدون وعى منا، عندما نسمع أو نرى شيئا مختلفا عما نتوقعه فإن المخ يتصرف كما لو كنا فى حالة خطر بدنى ويمدنا بأفكار الكر، أو الفر أو التجمد فى المكان. فربما نقرر أن نتجادل، أو ننتقد، أو نصدر الأحكام، أو نشكو، أو نلوم، أو نتصرف بشكل دفاعى أو عدائى، أو نغضب، أو نقلق، أو نصاب بالإحباط (الكر). أو ربما نقرر أن نتجنب الموقف برمته، وذلك بتركه، أو إنكاره، أو تجاهله، أو ربما نقلق، أو نرتبك أو نمر بحالة من إنكار الذات،أو نشعر بالندم (الفر). ومن المحتمل أن نمر بصدمة ولا نتصرف حيال ذلك، أو نماطل، أو نعانى من الكآبة، أو نتصرف كما لو كنا ضحايا (التجمد فى المكان). فى الحقيقة، عندما ينشط الجزء الزاحف من المخ، ويباشر النظام الحوفى عمله، يصبح ذلك الجزء من المخ الذى يخطط ويفاضل ويقيم المعلومات عاجزا. وعندما نكون غير واعين بذلك - فإننا نبقى عن جهل فى حالة كر، أو فر، أو تجمد فى المكان؛ فنفقد رؤية أهدافنا، ونبدد الوقت، والطاقة، والمال، ونحقق نتائج دون  المستوى المرغوب فيه. وعندما نكون فى حالة كر، أو فر، أو تجمد فى المكان، فإننا ننفصل تماما عن قدرتنا على الوصول إلى المستويات العليا من الوعى والإبداع- وعندما نتحكم فى أفكارنا، فإننا نصبح قادرين على فهم حقيقة وجود عقولنا فى حالة كر، أو فر، أو تجمد ونضيف خيارا آخر. وأنا أشير إلى هذا الخيار على أنه ضوء . فعندما يحدث شىء غير مصيرى أو يكون آمنا من الناحية المادية فإنه يمكننا أن نتوقف لحظة لنلقى الضوء على الموقف نفسه. بدلاً من الكر، أو الفر، أو التجمد فى المكان. يمكننا التقاط أنفاسنا، أو إصدار زفير عميق أولاً، ثم شهيق، قبل الاستجابة، ثم نستغل تلك اللحظة لكى نقيم الموقف بوعى. بإمكاننا أن نتوقف لكى نلاحظ أفكارنا ونصيغها. وهذا الفعل البسيط ينقل تفكيرنا من الجزء الذى يتحكم فى الجهاز العصبى اللاإرادى إلى القشرة الأمامية للمخ حيث تكون لدينا مجموعة كبيرة من البدائل؛ حيث نحقق نتائج مختلفة ومهمة كما ظهر فى قصة درس فى الجولف فى الفصل السابق، إذ اختار أحدهم الكر، واختار الآخر التركيز على الضوء- ويؤدى كل من اختيار الكر والتركيز على الضوء إلى نتائج مختلفة بشكل كبير. نستطيع أن ننتقل من القشرة الخلفية للمخ إلى القشرة الأمامية من خلال تحكمنا فى أفكارنا وتيقظنا فى كل لحظة. وبفعلنا ذلك، فإننا نستطيع أن نعيد صياغة  الظروف المحيطة بنا، ونتمسك بأهدافنا، ونحقق نتائج مهمة. إننى أدعوك لكى تخطو الخطوة الأولى نحو الوعى الذاتى وتبدأ بالاهتمام بأفكارك ملاحظا إياها دون إصدار حكم أو لوم - ملاحظا أن الفكرة هى مجرد فكرة. ولو كنت على وشك اختيار شئ واحد فقط من هذا الكتاب لتستخدمه، فليكن البدء بملاحظة أفكارك ناظرا إليها وليس من خلالها ، وراقب ما يحدث. لاحظ ما إذا كانت أفكارك نتعلق بالكر، أو بالفر، أو بالتجمد فى المكان. ولاحظ ما إذا كنت تستفيد من أفكارك. ولاحظ الخيارات التى تقررها نتيجة للاعتماد على أفكارك، ولاحظ ما إذا كانت هذه الخيارات تخدم أهدافك. وتدرب على ملاحظة نماذج أفكارك. وكملاحظ غير متحيز، فإنه بدون لوم أو إصدار أحكام سيتيح اختيارك لكيفية تفكيرك أو لكيفية تصرفك بصورة مختلفة الفرصة لظهور موقف مشابه فى المرة القادمة. وبملاحظتك لأفكارك، فسوف تجد نفسك تطرد تلك الأفكار السلبية والمحبطة والمثبطة للعزيمة، وفى الوقت المناسب ستلاحظ أن أفكارك تعمل لصالحك بدلاً من العمل ضدك. وسوف تجد نفسك فى حالة هدوء وسكينة. كلما أصبحنا أكثر هدوءاً، عظم نجاحنا وتأثيرنا ،وتحولت قوتنا للأفضل._جيمس الان