كان بيتر إف. دراكر (١٩٠٩ - ه ٢٠٠) - المعروف على نطاق واسع بأنه الرائد الأول لنظرية الإدارة في العالم - كاتبا ومعلماً ومستشاراً متخصصاً في الإستراتيجيات والسياسات الخاصة بالشركات ومؤسسات المجتمع المدني. وقد تجاوزت حياة دراكر المهنية ككاتب واستشاري ومعلم ٧٥ عاما تقريبا، وعمل مع مجموعة كبيرة من المؤسسات، بما في ذلك شركات بروكتر أند جامبل، وجنرال إليكتريك، وأي بي إم، ومنظمة جيرلز سكاوتس في الولايات المتحدة، وكذلك مع إحدى منظمات الإغاثة الدولية وغيرها من المؤسسات. إن عمله الرائد قد حول نظرية الإدارة الحديثة إلى فرع مهم من فروع المعرفة، وساهم في كل جانب من جوانب تطبيقاتها العملية سواء بوضعه أو بالتأثير فيه، بما في ذلك اللامركزية، والخصخصة، والتمكين، وفهم أهمية عمالة المعرفة. وقد ألف دراكر ٣٩ كتابا والعديد من المقالات البحثية الخاصة والعامة، كما كان كاتب عمود في جريدة وول ستربت جورنال، ومساهماً دائماً في دورية هارفارد بيزنس ريفيو، ودوريات أخرى.

ولد دراكر في عام ١٩٠٩ في فيينا وتعلم هناك وفي إنجلترا، وحصل على شهادة الدكتوراه في القانون العام والدولي في أثناء عمله مراسلاً صحفياً في فرانكفورت بألمانيا. ثم عمل خبيرا اقتصاديا في أحد البنوك الدولية في لندن. وقد انتقل دراكر إلى لندن عام ١٩٣٣ ليهرب من ألمانيا النازية، وعمل محللاً للأوراق المالية في إحدى شركات التأمين. وبعد خمسة أعوام، تزوج من دوريس شميتز، وغادرا معاً إلى الولايات المتحدة عام ١٩٣٧ .

وجد دراكر عملاً بدوام جزئي كمعلم في جامعة سانت لورانس في نيويورك عام ١٩٣٩، وانضم إلى كلية بينينجتون في فيرمونت كأستان جامعي في  مادتي السياسة والفلسفة عام ١٩٤٢، وفي السنة التالية أوقف حياته الأكاديمية ليقضي سنتين في دراسة البنية الإدارية لشركة جنرال موتورز. وأدت هذه التجربة إلى نشره لكتاب Concept of the Corporation ، الذي تصدر على الفور قائمة أفضل المبيعات في الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، والذي يؤكد أن هناك شركات كبرى تعد من بين أسمى الاختراعات البشرية. ولأكثر من ٠ ٢ سنة، عمل أستاذا جامعياً لمادة الإدارة في كلية الدراسات العليا بجامعة نيويورك. وقد حظي بالجائزة الرئاسية، والتي هي أعظم منصب شرفي في الجامعة.

وقد انتقل دراكر إلى كاليفورنيا عام ١٩٧١، حيث ساهم في وضع أول برنامج تنفيذي لشهادة الماجستير في إدارة الأعمال في تاريخ البلاد بجامعة كلاريمونت للدراسات العليا (والتي سميت بعد ذلك بكلية كلاريمونت للدراسات العليا) للعاملين في المجال. ثم سميت كلية إدارة الأعمال بالجامعة باسم كلية بيتر إف. دراكر للدراسات العليا تيمنا به عام ١٩٨٧ . وفي ربيع عام ٢٠٠٢ قام بتدريس آخر صف له في الكلية، وكانت صفوفه تجذب باستمرار عدد من الطلاب أكبر من أي صف آخر تقدمه الجامعة.

وكمستشار، تخصص دراكر فى إستراتيجيات وسياسات الحكومات والشركات والمؤسسات غير الربحية. وكان تركيزه الرئيسي منصبا على المؤسسات وعلى عمل الإدارات العليا. وقد عمل مع بعض أفضل الشركات في العالم وكذلك مع أصغر الشركات الريادية. وفي سنواته الأخيرة، عمل دراكر على نطاق واسع لدى المؤسسات غير الهادفة للربح، بما في ذلك الجامعات والمستشفيات ودور العبادة. وعمل مستشاراً لدى مجموعة من الوكالات الحكومية الأمريكية ومع حكومات كندا واليابان والمكسيك ودول أبرى عبر أنحاء العالم.

وقد أشيد بدراكر في الولايات المتحدة والخارج كأحد المفكرين الرائدين والكتاب والمحاضرين في المؤسسات المعاصرة- وكان لعمل دراكر أثر كبير على المؤسسات الحديثة وعلى إداراتها لأكثر من ٦٠ عاما. وتم تقديره على أفكاره الحماسية وقدرته على توصيل أفكاره بلغة دارجة. وفي مجال التفكير الإداري، كان دراكر هو من يضع غالبا جداول الأعمال والخطط. وكانت الرؤية الأساسية في فلسفته هي أن الأشخاص يمثلون أكثر الموارد قيمة للمؤسسة وأن عمل المدير هو تجهيز الأشخاص للعمل وتحريرهم- وفي عام ١٩٩٧ ، تصدرت صورته غلاف مجلة فوربس تحت عنوان ويظل هذا الرجل صاحب الذهن الأكثر نضوجاً وأطلقت عليه مجلة بيزنس ويك المفكر الإداري الأكثر صموداً في زماننا . وفي ٢١ يونيو من عام ٢٠٠٢، تلقى دراكر، مؤلف كتابي The Effective

Exe cutive و Management Challenges for the 21s t Century ، وسام الحرية الرئاسي - أعلى وسام شرفي مدني في الدولة - من الرئيس جورج دبليو. بوش.

تلقى دراكر شهادات الدكتوراه الفخرية من جامعات عديدة حول العالم، بما في ذلك جامعات في الولايات المتحدة الأمريكية وبلجيكا وتشيكوسلوفاكيا وبريطانيا واليابان وإسبانيا وسويسرا . وكان مؤسس ورئيس مؤسسة بيتر إف. دراكر للإدارة غير الهادفة للربح، والتي أصبحت الآن معهد فرانسيس هيسلبين للقيادة. وقد رحل دراكر عن عالمنا في يوم ١١ نوفمبر لعام ٢٠٠٥ عن عمر يناهز الخامسة والتسعين.