في معرض إجابتنا عن هذا السؤال اعتمد منهجنا على البحث الكمي أكثر من البحث النوعي، رغم استرشادنا بكلا المنهجين فيما خلصنا إليه من نتائج،
ولم نعول كثيرا على ما يقوله البشر، بل ركزنا على ما يفعلونه؛ كيلا نتخذ موقفا متحيزا بدافع من قيمنا وتوقعاتنا، أو بدافع من قيمهم وتوقعاتهم. وبعد
ما فرغنا من قول ما تقدم، نود بيان أننا حاولنا قدر الإمكان أن نورد في الكتاب البحث ودراسات الحالة المستقاة من خبراتنا وما توصلنا إليه من
واقع ما مررنا به، أكثر من الاعتماد على عمل الآخرين، وقاومنا إغراء صياغة نتائجنا في قالب أفضل عشر نصائح حتى تبدو رائعا للغاية ولك تأثير
قوي ، مفضلين عوضاً عن ذلك تحديد ثلاثة مبادئ رئيسية تكون أشبه بسلسلة أقفال تعمل بتوليفة أرقام مترابطة ببعضها البعض، ويمكن لف تلك
الأقفال أو تعديلها أو إضفاء طابع شخصي عليها حسب ما تقتضي الظروف.

ونهدف من خلال ذلك أن يدعم الكتاب التغيير الإدراكي والسلوكي، ونوفر لكم، قرائنا، آراء لم تطالعوها من قبل. بالإضافة إلى تلك الآراء نود تزويدكم بفهم أكثر شمولا وتكاملا للدافعية البشرية، وتسلسلا، وعملية تحسن قدرتك على إصدار الأحكام وتحقيق الفاعلية في أي منحى من مناحي الحياة التي تختار أن تطبقها فيها.

و العقبة التي واجهتنا أثناء ما أجريناه من بحث تمهيدا لتأليف هذا الكتاب  كانت هي قدرة الأفراد على فهم بعضهم البعض، لرؤية العالم من خلال عيون الآخر. 

وربما خمنت من العنوان أن المغزى المقصود هو أننا أفرطنا في الأنانية والخوف والغباء، حتى إننا لم نلحظ أن هذا هو حال الجميع، ومن ثم يعاني العالم من ضعف التواصل والعلاقات المحطمة وقلة المشاركة، وبدلاً من ذلك الكل يبكي على ليلاه ثم نشكو من أننا لا نجد آذانا مصفية من أحد.

ولكن لماذا يعد هذا المسعى إلى فهم السلوك الإنساني مهما للغاية؟ لمن كتاب أناني وخائف وغبي ؟ في حقيقة الأمر، كلنا باحثون سلوكيون وخبراء استراتيجيون. يبدأ ذلك مع

الميلاد، وهي مهارة ننميها طوال حياتنا ونصقلها. كل طفل يجذب انتباه والديه، وكل شخص جذاب يستغل جاذبيته لمصلحته، وكل ثائر يخلب الألباب بما يتمتع به من كاريزما هو متلاعب متمرس وخبير استراتيجي في مجال السلوك. ومع أن هناك بعض الممارسين النابهين لهذا الفن، فإن عددا قليلاً منهم فقط استطاع إتقان تلك المهارة التي نستعين بها في كل قرار نتخذه
تقريبا.

مما لا يحتاج إلى بيان أن هذا الكتاب يتناول تطبيقات الأعمال في القيادة والمبيعات والموارد البشرية والتدريب والتحفيز، ولكنه يرشدنا في جميع مناحي الحياة التي نريد مضاعفة تأثيرنا وحماسنا فيها. ويؤثر السلوك والتحفيز الإنساني على أسلوب تعليمنا وكيف نعول أطفالنا، وكيف نحقق أهدافنا وقدرتنا على أداء دور أكبر في مجتمعاتنا، وسبل تحقيق التغيير على المستوى السياسي، أو كيف نعزز ببساطة من قدرتنا على دمج من حولنا اجتماعيا.

لا مراء في أن الفرضية الأساسية لهذا الكتاب تبعث على التحديد: عدد قليل منا يحبون أن يروا أنفسهم أنانيين وخائفين وأغبياء. ومن المحقق أنه كان لمجلدات المساعدة الذاتية والإدارة الذاتية رأي آخر، إذ أخذت تداهننا لتغرينا برسائل كنا نتشوق لسماعها سرا، مثل: إنك رائع ومتفرد وتمثل مجموعة من الإمكانات الخالصة. وتمكننا نظرياتها الاستثنائية التي لم تثبت صحتها عادة من احتساء مشروب كوول أيد والتصرف كما نشاء، وغض الطرف عن حقيقة أننا ربما لا نكون أصحاب نية خالصة كما يحلو لنا أن نظن. إننا نأمل في أن نتيح لقرائنا قدرا من التحرر من قيود الماضي، من خلال
المزيد من التقبل الصريح للأشياء التي تجعل منا بشرا، بالإضافة إلى بعض الاستراتيجيات والأدوات التي تجعل من طبيعتنا الإنسانية ذاتها أحد الأصول التي تجعلنا قادة أمضى تأثيرا، وبائعين أكثر إقناعا، وأولياء أمور أكثر احتراما وأكثر رضا عما نحققه في حياتنا من إنجازات. ولكن علينا أن نعترف في البداية بأننا جميعا أنانيون وخائفون وأغبياء ...