حيث إن الشخص الذي يستخدم (السلطة المستعارة) أو المزيفة لمحاولة تحقيق أهدافه سيمثل المشكلة الكبرى بالنسبة لك ، لذلك فأنا أرغب في الحديث عنه أولا، وباستفاضة.

والشخص الذي يستخدم السلطة المستعارة لمحاولة التأثير على الآخرين وتوجيه أفعالهم لا يملك السلطة الشخصية الحقيقية بنفسه ، إنما هي سلطة الوساطة ، بمعنى أخر ، أنها تنتمي لشخص أخر أو للمؤسسة التي تعمل بها، وعلى الرغم من قدرة ذلك الشخص على استغلال سلطة الوساطة في تحقيق مصلحته ، فإن هذه السلطة لا تنبع منه .

وعلى سبيل المثال ، في مجال الخدمة العسكرية ، عادة ما يكون المستخدمين للسلطة المستعارة للحصول على ما يريدون، مساعدي الجنرالات وزوجات الضباط الكبار . وفي مجالات العمل والصناعة ، قد يكون المستخدم لهذه السلطة سكرتير الرئيس أو الممرض في عيادة الطبيب أو موظف الاستقبال في مكتب المحامي أو زوج الأخت أو ابن الأخ أو أي قريب أخر.

فإذا كنت زوجة ضابط، أو كنت مساعد جنرال أو سكرتير رئيس أو ممرضة في عيادة طبيب أو موظف استقبال في مكتب محامى ، ولا تنتمي إلى تلك الفئة ، فلا تغضب ، فما أعنيه هو أنني رأيت هذا النوع من مستخدمي السلطة المستعارة، معظمهم من تلك الفئات . فعلى سبيل المثال ، إذا لم يناسبك الحذاء ، فلا تحاول أن ترتديه .

ويسهل التعرف على المستخدمين للوساطة أو السلطة المستعارة بهذه الطريقة ، فهم لا يقدمون شيئا مقابل الحصول على ما يريدون وإنما يحاولون دوما الحصول على ما يريدون دون تلبية احتياجات الآخرين ، وحيث إنهم لا يملكون السلطة الذاتية الحقيقية للوصول إلى أهدافهم، يقومون باستغلال منصب أو مكانة الآخرين الذين يملكون هذه السلطة . باختصار ، فهم طفيليون، دائمأ ما يحاولون الحصول على شيء مقابل لا شيء ، مستخدمين تهدیدات مقنعة في أحيان كثيرة.

وهناك حيلة أخرى يحاول أصحاب السلطة المستعارة استخدامها ألا وهي إصدار أوامر ليست في نطاق سلطتهم ، وعندما يحاول متلقي الأمر تنفيذه يتعرض لمشكلات عديدة ، وهذا عادة هو ما يريد الشخص أو السلطة المستعارة حدوث .

ويمكنك دائما إدراك إذا ما كان الأمر الذي يتلقاه صادرا من شخص مسؤول أم لا من خلال الكلمات التي يستخدمها هذا الشخص، فإذا سمعت عبارات مثل : (هذا هو ما يريده الرئيس) ,(هذا هو ما طلبه الرئيس)، (هذا هو ما أراد المدير العام أن أخبرك به) فكن على حذر ففي النهاية ، إذا حدث خطأ ما ، فلن تجد من يؤيد قولك .

وأفضل طريقة لمنع حدوث ذلك أن تتبع هذه القاعدة البسيطة : لا تتلق أبدا أوامر من أي فرد خارج نطاق سلطتك .

وکی نبين كيف يمكن أن يتسبب ذلك في مشكلة لك ، دعني أضرب لك مثلا ، فقد يتسبب تلقي الأوامر من شخص لا يملك سلطة إصدارها في خلاف هائل في مجال العمل أو الصناعة أو الخدمة العسكرية أو المدارس أو أي مجال آخر ، وأينما وجد الناس ، فمن الممكن أن تواجه هذه المشكلة، لأن الشخص الذي يستخدم السلطة المستعارة يحاول دائمة فرض السيطرة .

في أحيان كثيرة تحدث لعبة السلطة هذه في المصانع، حيث يتنافس رؤساء العمال في الإدارة على المنصب ، ولقد شاهدت شخصيا حدوث هذا في مصنع للمطاط و الكاوتشوك، حيث تم صناعة أحزمة السيارات والأحزمة الصناعية .

وفي كثير من الأحيان كان الطلب على المطاط اللازم لصناعة الأحزمة يفوق القدرة الإنتاجية لإدارة التصنيع ، وذلك قبل وضع القوائم الجديدة وتركيب ماكينات المزج الحديثة ، وقد اعتاد (بوب . ك) رئيس العمال المسؤول عن إنتاج الأحزمة الصناعية ، على التأكد من حصول إدارته على الكمية الكافية من المطاط من أجل الوردية الليلية مما يضر بالإدارات الأخرى التي في حاجة إلى المطاط أيضا، وكان بوب سيذهب إلى المصنع بعد تناول العشاء ، ويتوجه إلى المشرف في إدارة التصنيع ، ويخبره بأن أوامر الإنتاج قد تغيرت ، وأن عليه إرسال كل إنتاجه من قطع المطاط التي يحتاجها في إدارته في الساعة الحادية عشرة مساء ، ثم يعود بعد ذلك إلى جدول الإنتاج المنتظم الخاص به .

وكان المشرف الشاب ينفذ بالطبع أوامر رئيس العمال ، فقد تصور أن وظيفة رئيس إدارة مثل وظيفة بوب.ك ، تعد أعلى من وظيفته كمشرف ، وهذا يتيح لـ (بوب) أن يعرف ما يحدث . والأمر الذي لم يدركه الشاب هو أنه لا يقع في نطاق سلطة بوب.ك ، وحيث إن بوب.ك لم يكن رئيسه المباشر في العمل ، فانه لا يملك السلطة لإعطاء الأوامر لاي فرد في إدارة التصنيع.

وقد تطلب الأمر عدة أشهر وخلافات كثيرة ومشاعر غير ودية بين رؤساء الإدارات قبل عودة الأمور إلى نصابها الصحيح ، وعندما حدث ذلك ، وزع مدير الإنتاج بيانا واضحة عن حدود إصدار الأوامر في جميع الإدارات ، وفي نادي العاملين وجميع الاماكن التي ينال فيها العمال فترات الراحة وعلى كل حائط خال كما أصدر تعليمات مشددة بأن عدم احترام التدرج الوظيفي سيكون جزاؤه الفصل الفوري ، بغض النظر عن الأطراف المسؤولة .

ويتلخص هذا المفهوم في الآتي : إذا كلفك رئيسك بتنفيذ الأمر ، فقم بتنفيذه، وإذا كلفك رئيس رئيسك بتنفيذ أمر ما، فقم بتنفيذه على أن تكون واثقة من معرفة رئيسك المباشر للأمر .

أما إذا كنت مثلا تعمل في إدارة شؤون العاملين وكلفك شخص يعمل في إدارة المشتريات أو المبيعات أو الهندسة بأمر ما ، فلا تعره اهتماما ، وأخبره بأن عليه اتخاذ القنوات الشرعية حتى يصدر أمرا يلزم تنفيذه.

وبالطبع يجب أن تكون دمث الخلق في كل الأحوال ، ولكن هذا لا يمنعك من رفض الامتثال لأمره ، لأن صاحب السلطة المستعارة إذا ما رآك مصرا على موقفك ، فسيتركك وشأنك ، ارضخ له مرة واحدة وستظل تحت سيطرته إلى الأبد ، فضع في اعتبارك دائما أنه عندما يتغير نظام السلطة الحالية ، فإن أصحاب السلطة المستعارة هم أول المتغيرين ، وسيختفون باختفاء مصدر سلطتهم ، فإذا كنت ممن يتقربون إليهم ، فسيصيبك ما أصابهم .