إذا غضب منك جارك فسيكون رد فعلك أحد أمرين ، فإما أن تستشيط أنت غضبا وتبادله الشجار أو قد تفعل عكس هذا تمامأ وتتخذ خطوات لتهدئة غضب جارك.

أما عن الخيار الأول وهو أن تبادل الشجار وتنتقم لنفسك - وهذا هو ما يتوقعه منك الشخص الآخر بل ويريده منك - فسوف يؤدي هذا بك إلى أن تفقد تماما سيطرتك على الموقف ولن يؤدي بك هذا إلا إلى أن يزداد الأمر سوءا، كما أنك لن تفعل أي شيء إذا فقدت أعصابك. وفي الحقيقة فإن عدم قدرة الشخص على التحكم في أعصابه يشير إلى فقدانه التام للانضباط الذاتي، والمرء إذا لم يكن قادرا على التحكم في نفسه فلا يتوقع منه أن يتحكم ويسيطر على الآخرين.

إذن، ماذا سيحدث لو أنك لم تبادل الشجار ؟ هل يعني هذا أنك قد خسرت الموقف وبالتالي يكون الشخص الآخر هو الكاسب ؟ بالطبع لا ، وفي حقيقة الأمر فإن الضمان الوحيد لكسب موقف مثل هذا هو ألا تفقد أعصابك ولا ترد على الغضب بغضب ، ولابد لأي شجار من وجود شخصين على الأقل، وأنت عندما لا ترضى لنفسك الغضب فأنت تترك غضب الشخص الآخر يتبدد من تلقاء نفسه . ودعني أعطك مثالا على هذا .

أخبرني روجر، س ذات مرة قائلا : إن لي جارا سريع الغضب يتذمر لای سبب ، وكنت في البداية قد اعتدت أنه بمجرد أن يأتيني شاكيا من أي شيء أن أستشيط غضبا وأبادله الصياح دون أن نصل معا إلى أي شيء من وراء هذا ، ودائما ما كان الأمر ينتهي بنا إلى الدخول في مباراة من الصياح إلى أن تعلمت كيف أسيطر عليه.

والآن عندما يأتيني غاضبا، وهو ما لا يحدث كثيرا الآن لأنه يعرف أنه سيخرج من الموقف خاسرا ، فكل ما أفعله هو أنني أحتفظ بهدوئي بدلا من أن أستشيط غضبا على غضبه ، وعندما لا أبادله غضبه أجده وقد أدرك أنه لا طائل من الغضب ولذلك يعترف بهزيمته ويستسلم.

ولهذا عليك أن تأخذ العبرة من هذا المثال ، وأفضل وسيلة لإطفاء غضب جارك في الحال ليس أن تفقد أعصابك، بل أن ترد على الغضب بكل هدوء ورد ، وما عليك إلا أن تلتزم الصمت حتى يفرغ الآخر الشحنة الانفعالية التي لديه ، وبعد ذلك أجب عليه بهدوء ولين وذلك عملا بما تقوله الحكمة . الإجابة اللينة تطفيء الغضب ، وهذه الحكمة ستظل دائمة قابلة للتطبيق ، وعندما تستخدم نبرة صوت هادئة ولينة فلن يؤدي هذا فقط إلى تهدئة الشخص الآخر بل سيساعدك هذا على ألا تنزلق أنت أيضا في هاوية الغضب .

وعندما تأبى أن تبادل الشخص الآخر الغضب وتضبط أعصابك وتتكلم بلین فستجد الشخص الآخر الغاضب قد أدرك سريعة أنه هو الوحيد الذي يصيح ، وهذا بدوره يصيبه بالإحراج ويجعله يشعر بالغباء ، وبذلك ستجده قد استحوذ عليه الخجل فجأة وسعي جاهدا للتخلص من غضبه بأسرع وقت ممكن.

ويمكنك أن تستخدم هذه الفكرة النفسية للسيطرة والتحكم في الشخص الغاضب وتهدئة انفعالاته حتى يعود إليه رشده وصوابه مرة أخرى ، ومن ثم فعندما تجد نفسك في موقف يسوده التوتر مع جار يسيطر عليه الغضب - أو أي شخص أخر، سواء كان مرؤوسا أو موظفا أو زوجا أو زوجة - أيا كان فما عليك إلا أن تحتفظ بهدوئك وسكينتك ، واعمد أن تخفض من صوتك واستمر على هذا ، وهذا بدوره سيدفع الشخص الآخر إلى أن يخفض صوته ، ومادام قد تكلم بلين فلن يكون بمقدوره أن يستمر طويلا في غضبه ومزاجه العصبي.