سن اليأس من المحيض

(انقطاع الطمث)

ما إن تقدمت النساء في السن، واجهن مخاطر متزايدة من التعرض لأمراض معينة مثل أمراض القلب وسرطان الثدي وهشاشة العظام وكلها ترتبط بالإنخفاض المتزايد في مستويات هرمون الإستروجين الأنثوي. وحقاًً فإن الهرمونات تؤثر على جميع أجهزة الجسم تقريباً وإذا إضطربت مستوياتها فقد يؤدي هذا إلى عدد كبير من الإضطرابات المختلفة ومنها مرض ألزهايمر وحتى التغيرات الجلدية. ويمكن الإقلال من حدة تلك الإضطرابات بإتباع أنماط معيشية صحية.

التبويض

في كل شهر بدءاً من سنوات المراهقة يطلق جسمك واحدة من أكثر من 400 ألف بويضة مختزنة في مبيضيك وكل بويضة من تلك تكون محاطة بطبقة من الخلايا التي تعتبر المنتج الأول للهرمونات الأنثوية : الإستروجين والبروجسترون. وتبدأ الدورة الشهرية في المرأة عندما تفرز غدتك النخامية الواقعة أسفل المخ الهرمون المحفز للحويصلات المبيضية (FSH)، وهذا               بدوره يحفز المبيضين لكي ينتجا هرمون الإسترادیول (وهو الإستروجين الطبيعي بالجسم) وهذا يجعل البويضة تنطلق من إحدى الحويصلات بأحد المبيضين، وهي العملية التي تسمى التبويض. وتلك العملية يمكن أن تحدث أكثر من 500 مرة خلال حياتكِ إذا لم يحدث لكِ حمل أو لم تستخدمي أقراص تنظيم النسل.

والإستراديول أيضاًً يجعل بطانة الرحم تتغلظ توقعاً لإستقبال بويضة ملقحة. ومتى حدث التبويض، فإن الحويصلة تنتج هرمون البروجستيرون، فإذا لم يحدث إخصاب للبويضة، فإن مستويات البروجستيرون تنخفض وتبدأ بطانة الرحم في الإنفصال ويبدأ نزول دم الحيض.

وكلما تقدمت في السن، بدأ مخزونك من البويضات في التضاؤل وأصبحت طبقة الخلايا المبيضية المفرزة للإستروجين أقل إستجابة للإشارات الواردة إليها من المخ. وتمر عليك بعض الشهور التي لا تنتجين فيها أية بويضات، وهذا يعني               أنك لا تنتجين الإستروجين ولا البروجستيرون. والنتيجة هي غياب بعض فترات الحيض. وبعض النساء في هذه الحالة تكون لديهن فترات حيض أطول مع تدفق كثيف للحيض. ونساء أخريات يكون لديهن دورات أقصر مع عدم نزول الدم إلا قليلاً. والبعض يحدث لهن خليط من الأمرين، وأخريات تغيب عنهن فترات الحيض بصفة كاملة. وخلال هذا الوقت سوف تلاحظين أنك قد بدأتِ تفقدين بالتدريج قابليتكِ للحمل.

وتوجد 8٪ من النساء يتوقفن عن المحيض قبل سن الأربعين. ومن الناحية الأخرى توجد  من النساء ممن يستمر لديهن دورات الحيض حتى يصلن إلى سن الستين تقريباً. وفي جميع الأحوال، فإنكِ عندما تصلين إلى أواخر عقد الثلاثينات أو الأربعينات من العمر، فإن مبيضيك يبدأن في الضعف وينتجان قدراً أقل من الإستروجين والبروجستيرون وعددة أقل من البويضات.

وإن التضاؤل التدريجي للإستروجين يسبب عدداً من التغيرات المختلفة المتنوعة في الأنسجة التي تتأثر بهرمونات الإستروجين ومنها المهبل، الفرج، الرحم، المثانة البولية ، مجرى البول، الثديان، العظام، القلب ، الأوعية الدموية، المخ، الجلد والشعر والأغشية المخاطية وسوف تلاحظين كثرة تعرضكِ لنزلات البرد والإنفلونزا، وبعد ذلك قد تتعرضين للإصابة بهشاشة العظام والتي قد تبدأ في عقد الأربعينات وأمراض القلب.

وعندما تبدأ هرمونات جسمك في التناقص، سوف تلاحظين حدوث أعراض ما تسمى مرحلة "قبيل سن اليأس من المحيض" أي الفترة التي تسبق سن اليأس من المحيض مباشرة. وبعض النساء يجدن أن أسوأ أعراض الفترة الإنتقالية إلى سن اليأس تحدث خلال تلك المرحلة.

متى تشارفين سن اليأس من المحيض (إنقطاع الطمث)؟

إن البدء المبكر للأسف، لا توجد وسيلة سهلة للتنبؤ بالموعد الذي تصلين فيه إلى سن اليأس من المحيض (إنقطاع الطمث) ولكن يمكنك  الحصول على فكرة عامة على أساس تاریخك العائلي، ونمط جسمك وأسلوب حياتك. ولا توجد علاقة بين السن الذي بدأت عنده المحيض لأول مرة وبين سن إنقطاع المحيض، بل من المرجح أن تصلي إلى سن إنقطاع المحيض عند نفس السن تقریباً التي وصلت عندها أمكِ إلى هذه الحالة وهو في المتوسط 51 عاماً.

ولا شك أن الموقف الهرموني لكثيرات من النساء اليوم قد يكون مختلفاً تماماً عما كان بالنسبة لأسلافهن نظراً لإختلاف ظروف الزواج والإنجاب والإرضاع، ففي الماضي كان سن الزواج أصغر وكان عدد مرات الإنجاب والإرضاع أكثر مما جعل فترات تعرض النساء في الماضي لإرتفاع هرمون الإستروجين أقل وأقصر.

وكما ذكرنا فإن متوسط سن اليأس (إنقطاع المحيض) هو 5۱ عاماً. ولكنك قد تصلين إلى هذه السن في وقت مبكر في الحالات التالية إذا:

* كنتِ نحيفة وعظامك أصغر حجماً أو أقل وزناً.

* لم تنجبي أطفالاً .

* کنتِ تدخنين.

* تعيشين في منطقة مرتفعة كثيراً عن سطح البحر.

*كنت لا تأكلين جيداً في أثناء حياتك السابقة.

* كان مستوى حياتكِ مرتفعاً.

* أجريت لكِ جراحة إستئصال الرحم (حتى لو لم يستأصل البيضان).

*كانت دوراتك الشهرية أقصر من المتوسط (أقل من ۲۰ يوماً)

* تعرضت إلى حالات إجهاض متعددة.

وقد يتأخر وقت وصولك إلى سن اليأس من المحيض في الحالات التالية إذا:

* كنتِ بدينة أو عظامكِ أكبر حجماً أو أثقل وزناً.

*أنجبت العديد من الأطفال (كل طفل أنجيته يعمل على تأخير وصولك لسن اليأس حوالي خمسة أشهر.

* كنت لا تدخنين.

* کنت تعيشين على نفس مستوى سطح البحر.

* كنت تعانين مرض السكر أو سرطان الثدي أو الرحم أو الأورام الليفية بالرحم.

* كان مستوى معيشتك منخفضاً.

* أنجبت أول أطفالك بعد سن الأربعين (تأخر الإنجاب).

* كنت تتناولين حبوب تنظيم النسل لسنوات كثيرة.

أعراض الدخول إلى مرحلة إنقطاع الطمث

إن إنقطاع المحيض أو الطمث لا يحدث فجأة ولكن تحدث أعراض تظهر تدريجياً نتيجة الإختلاف في معدل إنتاج الهرمونات ویزید وضوحها بالتدريج.                 وأكثر تلك الأعراض شيوعاً هو تغير نظام الدورة الشهرية للحيض، ولكن توجد أعراض أخرى مهمة أيضاً مثل:

* الهبات الساخنة.

* الأرق.

* تقلبات المزاج.

* ضعف الذاكرة أو نقص القدرة على التركيز.

* جفاف المهبل.

* تغيرات بالثديين.

* صداع.

* الإحساس بضربات القلب.

* فقد الرغبة الجنسية أو زيادتها أحيانا في (حالات قليلة).

* مشکلات بالجهاز البولي

* زيادة نمو شعر الوجه.

* الإكتئاب.

تغيرات الدورة الحيضية

من المتوقع أن تصبح دورتك الحيضية أقل إنتظاماً عند دخولك مرحلة سن اليأس من المحيض. فقد تتباعد فترات الحيض أو يصبح الحيض أقل في كميته.             وبعض النساء يلاحظن أن دوراتهن الشهرية تتغير من شهر لآخر.                            وهذا هو أكثر الأعراض شيوعاً. أما إذا تقاربت مع دوراتكِ الشهرية أو كان الحيض أو الطمث أكثر كثافة فهذا يعد غير طبيعي وعليكِ باللجوء إلى الطبيب للتأكد من عدم إصابتكِ بسرطان بطانة الرحم.

وقصر فترات الدورات الشهرية قد يكون علامة على عدم حدوث التبويض. فالتبويض يحدث عادة في منتصف الدورة الشهرية، وكلما إنخفضت كمية الإستروجين في الجسم، قل عدد الأيام السابقة على منتصف الدورة الشهرية.         وفي نفس الوقت فإن الإستروجين تقل كميته فيتفاوت عدد الأيام التي تلي منتصف الدورة الشهرية، وإنخفاض مستوى كل من الهرمونين يكون له تأثير قوي على الدورة الشهرية.

وغياب بعض فترات الحيض هو أمر غير قليل الحدوث إذ إن هناك بعض الشهور التي لا يحدث فيها تبويض، وهذا معناه عدم إنتاج هرمون البروجستيرون، وبالتالي عدم تساقط بطانة الرحم. ويمكن التفرقة بين غياب نزول الحيض وبين حدوث الحمل بوجود أعراض أخرى. فغياب الحيض الذي يكون مصحوباً بجفاف المهبل وحدوث الهبات الساخنة يكون في الغالب متعلقة بسن اليأس من المحيض. أما غياب الحيض المصحوب بالغثيان والإرهاق وامتلاء الثدي الذي يكون مؤلأ عند لمسه هي أعراض يمكن أن تكون ناتجة عن الحمل. فعليك بزيارة الطبيب للتأكد من السبب.

ولو كان السبب الوحيد للنزيف غير الطبيعي هو التغيرات الهرمونية المرتبطة بسن اليأس، فإن العلاج الهرموني التعويضي قد يغني عن إجراء عملية إستئصال الرحم. ومن المعلوم أن النزيف غير الطبيعي في هذه الحالة سوف ينقطع تماماً عندما تكتمل مرحلة إنقطاع الطمث تماماً.

وإذا كان النزيف مرتبطاً بوجود أورام ليفية بالرحم، فقد يوصي الطبيب بإستئصال الأورام في حالة وجود ضغط منها على المستقيم أو المثانة البولية. ويمكن معرفة درجة الأورام بالفحص بالموجات فوق الصوتية. كما يمكن أخذ عينة من بطانة الرحم للكشف عن وجود سرطان الرحم.

إحترس

إذا لاحظت حدوث نزيف کثیف أو فترات طويلة من نزول بقع الدم فعليك باللجوء فوراً إلى الطبيب الممارس. فهذه الأعراض خاصة النزيف الشديد قد تكون نتيجة المشكلات أشد خطورة مثل البوليبات (أو الزوائد الإصبعية)              أو الأورام الليفية بالرحم أو حتی السرطان.