ننظر إلى الماضي وكأنه سلسلة حتمية من الأسباب والنتائج التي لم تكن لتوصلنا إلا لما نحن عليه في الوقت الحاضر.

إننا بطبيعتنا نعتقد أن تصرفاتنا محتومة وخارجة على إرادتنا، كما أننا نعيد تفسير الماضي وفقاً للسياق الحاضر الذي نعيشه ولذلك على الرغم من محاولة الهروب نبقى أسرى الأوهام الشخصية.

يتناول الفصل الأول من كتاب "ماكاى” واحداً من أكثر أوهام العامة غرابة في التاريخ الحديث وهو مشروع المسيسيبي الذي دمر الكثيرين وأدى إلى هزيمة أمة بأكملها. وعلى الرغم من ذلك ‘يوضح” ماكاى” في البداية أن” جون لو” لأسكتلندي الذي بدأ هذا المشروع لم يكن” وغداً ومجنونا وانه يجب عدم لومه على الخطأ الذي ارتكبه لأن الناس عاملوه معاملة سيئة أكثر مما أخطا في حقهم”. لقد فهم أننا عندما نشير بأصابع الاتهام فعادةً ما يكون هذ ابعد الحدث.        

هناك الكثيرون التفاصيل لشرح مشروع المسيسيبي لكن يكفي معرفة أن” لـ” خطرت له فكرة أن الحكومة الفرنسية يجب أن تبيع أسهمها في شركة مسيسيبي وهي شركة فرنسية كان لها حقوق التجارة في هذا الجزء، من العالم. ونظراً لتضافر بعض الظروف، حرص العامة على شراء الأوراق التجارية المصدرة لدرجة أن جلبة الشراء تسببت في رفع الأسعار سريعاً بشكل مفاجئ في الفترة ما بين ١٧١٩ إلى ٠١٧٢٠ وفي هذه المرحلة، لم ثكن الحكومة قادرة على الدفع لكل من أراد البيع.

ودمرت حياة الناس وسحقهم الذعر المالي وقتلوا من أجل المال. ومن غير المثير للدهشة أن” لو” أصبح عدو المجتمع رقم واحد. وعلى الرغم من ذلك، فهو لم يكن نصابا دولياً. ولم يخطط لعمل ذعر مالي. لقد راودته بعض الأفكار والمبادئ النيرة التي استغلتها الحكومة الفرنسية التي رغبت في زيادة أرباحها من هذا المشروع.

وبالمثل، نقوم في الوقت الحاضر بالأمر نفسه مع الأشخاص الذين فشلوا في الأعمال التجارية، وننسب عكس هذه المفكات للقادة الناجحين؛ حيث إننا نفترض أن الذين أخفقوا قد ارتكبوا أخطاء فادحة. على صعيد آخر، نعتقد أن أولئك الناجحين لابد أنهم أذكى وأقوى. على سبيل المثال، لم تكن مايكروسوفت الاختيار الأول لشركة (آبى بي إم) لتصميم برنامج لتشغيل الكمبيوتر الخاص بها، لقد حالف الحظ” بيل جيتس” في هذا الوقت. وربما أثبت" بيل جيتس” أنه ذكي للغاية أو أنه رئيس إداري عظيم، لكن هل لاختلف قرار (آبى بي إم) هل كان” بيل جيتس” سيتمكن من أن يصبح مليارديرا؟ ربما لا.

في الحقيقة عندما نتوقف طويلاً للتفكير في النتائج، فإننا نعيد تفسير الأمور التي أدت إليها كما لوكنات حتمية في سلسلة السبب والنتيجة وكما لوكان دائماً هناك شخص مستعد لإلقاء اللوم عليه أو الثناء عليه.

غادة لا يكون الأشخاص أذكياء أو أغبياء كما نتصور اعتماداً على ما أنجزوه، بل إن أكبر وهم يسيطر على عقولنا هو فكرة أن حدوث كل أمر جيد أو سيئ يمكن نسبه لبطل ما أو لشرير ما.

إليك هذه الفكرة ...

في بعض الأحيان نحدث أمور سيئة لأشخاص جيدين، وعندما تراجع المشروعات التي فشلت، أجمل بحثك بغرض تقصي الحقيقة وليس بحثاً عن شخص لإلقاء اللوم عليه.