اكتشاف عملية تمدد وتوسع قاع المحيط - Seafloor Spreading

سنة اكتشاف عملية تمدد قيعان المحيطات : 1957م

ما هذا الاكتشاف؟

  • تتحرك قيعان المحيطات ببطء، منتشرة من تصدعات وسطية، فتحمل القارات على ظهورها في هذه الأثناء

من هو مكتشف عملية توسع قاع المحيط؟

  • هاري هيس Hamry Hess

أهمية اكتشاف توسع وتمدد قاع المحيطات

نحن ندرك الآن بأن قارات الأرض تتحرك. فقد انجرفت عبر سطح الأرض على مر مئات الملايين من السنين. ربما اطلعت على صور توضح شكل الأرض قبل 500 مليون سنة خلت، ولكن قبل 60 سنة فقط، لم يصدق أحد بإمكانية تحرك القارات الضخمة، ولم يستسيغوا وجود أية قوة من الكبر بحيث تحرك قارات شاسعة تزن ترليونات الأطنان.

جاء هاري هيس بعدها ليكتشف نظرية إنتشار قاع المحيط. لم يجعل هذا الاكتشاف من حركة القارات أمراً جديراً بالتصديق فقط، ولكن فجأة جعل من فكرة القارات المنجرفة حقيقة وبرهاناً أساسياً لإثبات ما سبقها من نظريات في هذا السياق جاء بها العالم فيغنر. أطلق عمل هیس دراسة تحركات الطبقات الجيولوجية وخلق فهماً جديداً لتاريخ وميكانيكيات القشرة الأرضية، كما وإستهل دراسة جادة لحركة قارات الأرض في الماضي.

كيف جاء اكتشاف عملية توسع قاع المحيطات؟

واقفاً على منصة الربان للسفينة العملاقة الحافرة للمحيطات العميقة في منطقة وسط الأطلسي عام 1957م، راقب قائد البحرية هاري هيس Harry Hess أحد مشغلي الرافعة وهو يناور مقاطع أنبوب الحفر بمهارة من على هيكل رافعة الحفر الموضوع عالياً فوق ظهر السفينة. لقد كانت تلك المرة الأولى التي تستطيع فيها سفينة أن تحفر وتجمع نماذج من صميم قاع المحيط بعمق 13000 قدماً.

كان هيس من صمم وأدار العملية، فلا غرو إذن إن أحس بالفخر والسعادة. لكن أظهر الإختبار تلو الآخر أن قاع المحيط تحتهم أقل عُمر من 50 مليون سنة- منافياً كل نظرية وضعها وطورها هاري هيس حول قاع المحيط.

بروفيسور جيولوجيا قبل الانضمام للبحرية، كان هاري هيس قد منح قيادة سفينة النقل العسكري الأمريكية كيب جونسونU . S . S Cape Johnson العاملة في المحيط الهادئ عام 1945م. استخدم هيس نظم سونار البحرية ليعمل أول مسوح صدى صوتية نظامية لقاع المحيط الهادئ وعلى مدى عامين وهو يقطع المحيط جيئاً وذهاباً أثناء مهامه البحرية. اكتشف ما يزيد عن مائة من المرتفعات المسطحة القمة المغمورة في الماء على عمق3000 - 6000 قدم بين جزر هاواي وماريانا. وصف هيس هذه المرتفعات ب «الجزر القديمة الغارقة» وأسماها الغويو (تكريما لأرنولد غويو Arnold Guyot، بروفيسور الجيولوجيا ببرينسيتون).

افترض هيس بأن الغويو كانت في الأصل جزرة تعود إلى 800 مليون سنة مضت، أي في فترة سبقت ظهور المرجان. وكان برهانه في هذا يستند، جزئياً، على افتراضه بأن الترسبات المستمرة للرواسب على قاع البحر أدت إلى ارتفاع مستواه.

عندما تم العثور عام 1956م على متحجرات عمرها 100 مليون سنة فقط في الغويو، غير هيس من نظريته ليقول هذه المرة بأن الغويو كانت بالأصل براكين تعرت بفعل التأثير الموجي لتصبح مسطحة القمة. تخلى هيس عن هذه النظرية أيضا عندما بینت حسابات سرعة التعرية بأن من غير الممكن أن تكون الغويو قد تعرت بما يكفي لتصل عمقها الحالي.

بعد ذلك وفي العام 1957م، أظهرت نماذج من لب المحيط بأن قاع المحيط الأطلسي يصغر القارات عمرة وبأن سرعة الترسيب المحيطي أبطأ مما سبق إعتقاده. كان على هيس أن يبحث عن نظرية أخرى من جديد. .

لحسن الحظ، سمح له مسحه عام 1957م بجمع نماذج من لب الأطلسي لأكثر من عشرين موضعاً. أظهرت هذه الفحوصات بأن قاع المحيط قد ازداد تدريجياً بالعمر كلما تحرك بعيداً عن العرف الموجود وسط الأطلسي Mid - Atlantic ridge نحو أي من القارتين.

لم يكن قاع المحيط بالثابت والساكن كما ظن الجميع، بل لا بد أنه كان ينتشر ويتحرك و كأنه على حزام ناقل عملاق، سائراً ببطء السنة تلو الأخرى بعيداً عن العرف وسط المحيط. برر هيس نظريته الجديدة بصعود الصهارة (الصخور المنصهرة) من وشاح الأرض عالياً خلال التصدعات المحيطية ولينتشر جانبية عبر قاع المحيط. عندما بردت هذه الصهارة، فإنها شكلت قشرة محيطية جديدة. قدر هیس بأن القشرة المحيطية تنتشر خارجاً على إمتداد العرف الذي يتوسط المحيط بمقدار إنش أو اثنين كل سنة.

اشتهر اكتشاف هيس بمصطلح إنتشار قاع المحيط وكان الشرارة لإندلاع ثورة دراسة تحركات الطبقات الجيولوجية التي شهدها أواخر الستينات وأوائل السبعينات من القرن المنصرم.

 حقائق طريفة: يتقلص المحيط الهادئ ببطء في الوقت الذي تتلق فيه الأمريكيتان غرباً. قبل مائتي مليون سنة، لم يكن المحيط الأطلسي متواجداً، فكانت أمريكا الجنوبية وإفريقيا ملتحمتین- كما هو الحال بالنسبة لأمريكا الشمالية وأوربا. لا زال الأطلسي ينتشر ويكبر، كما هو البحر الأحمر كذلك فبعد 150 مليون سنة، سيكون هذا البحر النحيف بعرض المحيط الأطلسي حالياً.