تاريخ اكتشاف الحياة في أعماق البحار - Deep-Sea Life

تم أول اكتشاف للحياة في أعماق البحار عام :  1870م

ما هذا الاكتشاف؟

  • ليست المياه الأبدية الظلام للمحيطات العميقة بصحار عقيمة الحياة، بل تحتوي حياة زاخرة.

من مكتشف الحياة في البحار؟

  • تشارلز ثومسون Charles Thomson

لماذا يعد اكتشاف الحياة في أعماق البحار من أعظم اكتشافات التاريخ؟

أحدث تشارلز ثومسون تغييراً جذرياً في نظرة العلم للمحيطات العميقة والمتطلبات العيش فيها. رغم غياب الضوء في أعماق المحيطات المعتمة، تمكن هذا الرجل من اكتشاف حياة زاخرة ومتنوعة. فقد أثبت بأن الحياة يمكن أن تتواجد بغياب الضوء، بل وحتى أثبت أن النباتات يمكنها أن تحيا في أعماق حالكة الظلام (رغم انتظار العلم قرن آخر ليكتشف الكيفية التي تعيش بها النباتات محرومة من البناء الضوئي).

أمدّ اكتشاف ثومسون حدود الحياة المحيطية المعروفة من الطبقات العليا الرقيقة للمحيطات إلى الأعماق الشاسعة، كما وفر أول دراسة علمية للمحيطات العميقة. وجزاء على اكتشافاته، نال ثومسون وسام الفروسية من الملكة فيكتوريا عام 1877م.

كيف تم اكتشاف الحياة في أعماق البحار ؟

ولد تشارلز ثومسون Charles Thomson عام 1830م في المحيط المالح للساحل الاسكتلندي. بعد انتهاءه من الدراسة الجامعية، شغل مناصب مختلفة بين أروقة البحث والتدريس الجامعي، لحين عام 1867م عندما عين بروفيسوراً لعلم النبات في الكلية الملكية للعلوم في دبلن بایرلندا.

كان المنطق والحكمة يقضيان آنذاك أن الحياة موجودة في الطبقات العليا الضيقة من المحيطات طالما أن الضوء لا يتنافذ إلى أعمق من 250-300 قدم   من المياه ليسمح بنمو نباتات المحيط. أما الطبقات العميقة فهي بمثابة صحار عديمة الضوء، عقيمة الحياة. لم يجد أحد داعياً لتحمل مشقة التشكك بمنطقية هذا الاعتقاد.

بعدها في أوائل عام 1866م، قام مایکل سارس Michael Sars ببعض عمليات التجريف بساحل النرويج كجزء من مشروع لتنصيب الأسلاك. فأدعى بأن جرافته اصطادت أسماكاً على عمق يفوق 1000 قدم. .

سخر منه العلماء بدعوى أن جرافته اصطادت الأسماك في طبقة أعلى خلال نزولها أو صعودها. فمن المستحيل أن يكون سارس اصطادها بمستوى أعمق بكثير من «منطقة الحياة» للمحيط، لأنه ببساطة لا يمكن لأي كائن العيش هناك.

على أية حال، حاز التقرير على اهتمام ثومسون. فبدأ يفكر: ماذا لو كانت الكائنات الحية تسرح وتعيش فعلاً في الأعماق الشاسعة المظلمة للمحيطات؟        

هل أعماق البحار هي الصحاري العديمة الحياة كما تصور الجميع؟ دون الذهاب إلى هناك، كيف لأحد أن يعرف حقيقة ما يجري هذه الأعماق السحيقة؟

مقتنعا بجدارة هذه المسألة بالتحقيق العلمي الجاد، أقنع ثومسون البحرية الملكية بمنحه رخصة استعمال السفن المعروفة باش ام اس لايتينينغ واش ام اس بور کوباین لغرض القيام باستطلاعات صيفية ولمدة ثلاثة مواسم متلاحقة: أعوام 1868و 1869 و1870م. خلال هذه الرحلات من سواحل إنجلترا وإسكتلندا، إستعمل ثومسون شبكات البحار العميقة والجرافات ليستطلع أي وجود للحياة في مياه بعمق 2000 قدم. إعتقد معظم العلماء بأنه يهدر وقته ومال البحرية سدى وبأنه يخدع نفسه بنفسه.

خلال مواسم الصيف الثلاثة القصيرة هذه، قام ثومسون بأكثر من 370 إستطلاع العمق البحر. فسحب شباکه وجرافاته خلال المحيطات على أعماق تصل 4000 قدم (1250م)، وشاهد صورة مستمرة من الحياة على نطاق جميع الطبقات الممسوحة. كانت شباکه تأتيه دوماً بمختلف اللافقريات والأسماك.

اكتشف ثومسون كل تلك المجاميع من الأسماك التي تعيش وتزهو في أعماق من المحيط لم يمسس فيها أي ضوء عذرية الظلام المعتم.

كما جمع نماذج من المياه العميقة الحبرية السواد، فلاحظ تواجداً  مستمراً لفتات النباتات الميتة التي غاصت إلى أعماق المياه دون أن تؤكل. كما وتوفيت الحيوانات البحرية أيضاً لتضيف على هذا الوابل المتساقط من الأغذية التي تقتات عليها كائنات الأعماق.

عثر ثومسون على جميع الأنواع المعروفة من اللافقريات البحرية في هذه الأعماق وكذلك العديد من أنواع الأسماك الغير المعروفة. كما جرف خارجاً الكثير من النباتات المقيمة بالأعماق، مثبتاً أن بإمكان النباتات العيش والنمو بغياب ضوء الشمس.

دون ثومسون اكتشافاته المجفلة في كتاب أصدره عام 1873م بعنوان Sea The Depths of the أو «أعماق البحر» -و الذي نشر مباشرة بعد إبحاره على متن سفينة التشالنجر للقيام برحلة إضافية من خمس سنوات مكملاً بذلك 70000 ميلاً بحرياً من جمع بیانات بحوث أعماق البحر التي أثبتت وجود حياة الأعماق في محيطات العالم جمعاء.

حقائق طريفة: أعظم حبّار عملاق تم دراسته كان بطول 36 قدماً (11م) عندما جرفت المياه بجثته على أحد شواطي أمريكا الجنوبية. بلغت المصاصات الدائرية الكبيرة على ذراعيه الطويلين عرض 2.2 إنشاً (5.5 سم).

وقد اصطيدت بعض حيتان العنبر وهي تعاني أثاراً حديثة بفعل مصاصات عملاقة بلغ عرضها 22 إنشاً (55.8 سم)، تدل على حبّار مارد يفوق طوله 220 قدماً (67م)! إنها تقبع هناك، ولكن لم يرها إنسان منذ أن تحدث البحارة القدماء عن ملاقاتهم لوحوش بحرية عملاقة أثناء أسفارهم.