كيف تبدأ حياتنا من البويضة والحيوان المنوي؟

تبدأ كل خلايا الجسم من خليتين من نوع خاص هما البويضة والحيوان المنوي.

وتبدأ الحياة من تقابل هاتين الخليتين، والبويضة تقدمها الأم، أما الحيوان المنوي فيقدمه الأب. لقد بدأت حياتك على هذا الشكل، وكذلك حياة أبويك وأجدادك وأجداد أجدادك حتى نصل إلى أبناء أسلافنا آدم وحواء.

البويضة والحيوان المنوي :

فهاتان الحليتان الغامضتان: البويضة والحيوان المنوي، هما حلقة الاتصال التي تربطنا بالعدد العديد من الأجيال السالفة.

وهناك فائدة عظيمة لبدء الحياة من خليتين؛ فبهذه الطريقة يرث الطفل خصائص أبيه وأمه معاً. أما إذا نشأ الطفل من البويضة وحدها، فإنه يرث خصائص الأم فقط. ويسمى هذا النوع من التناسل الذي ينتج من خليتين بالتناسل التزاوجي، ويعطينا أنواعاً شتى من الخلائق البشرية والحيوانية. تحتوي نواة الخلية البشرية الكاملة على 48 صبغية أو «كروموسوم)، ولكن نواة البويضة لا تحتوي إلا على 4 صبغية، ومثلها في ذلك الحيوان المنوي.

وعند اتحادهما نحصل على خلية تحتوي نواتها على 48 صبغية، وتسمى مثل هذه الخلية بالبويضة المخصبة.

وبعد أن تخصب "البويضة"، تبدأ في الانقسام، فتنقسم إلى خليتين كاملتين، ثم تنقسم هاتان الحليتان فينتج عنهما أربع خلايا كاملة، وهكذا تستمر العملية.

وقد لا يكون من اليسير أن نتصور أننا نحصل على الثلاثين ألف مليون مليون خلية التي تكون كل الجسم البشري من انقسام الخلايا خمسين مرة فقط.

والبويضة أكبر الخلايا التي يكونها جسم الإنسان، ويمكن رؤيتها بصعوبة بالعين المجردة، وإذا فحصناها بالمجهر تبين لنا أنها مستديرة تماماً.

أما الحيوان المنوي فحجمه صغير جدا إذا قورن بالبويضة، فلا نستطيع رؤيته دون الاستعانة بالمجهر. ويختلف شكله من وجوه كثيرة عن البويضة، فله رأس صغير مفلطح ومدبب من الأمام، كما أن له ذنباً يبلغ طوله عشرة أمثال طول الرأس. ويعيش الحيوان المنوي عادة في سائل خاص، ويمكنه الذنب من السباحة في هذا السائل بسرعة كبيرة بالنسبة إلى حجمه فتبلغ سرعته من 10 إلى 15 سم في الساعة.

وفي الطفلة حديثة الولادة حوالي أربعمائة ألف خلية خاصة قابلة للتحول إلى بويضات، ولا ندري هل يزداد هذا العدد فيما بعد أم لا، ولو أن أغلبية العلماء يعتقدون أنه لا يمكن تكوين خلايا من هذا النوع بعد ولادة الطفلة.

وهذه الخلايا الخاصة خاملة في مبدأ حياة الطفلة، كما أنها لا تكون خلايا ناضجة، أي قادرة على أن تلعب دورها في خلق حياة جديدة. وتتجمع هذه الخلايا في عضوين يطلق عليهما المبيضان. يشبهان اللوزة في الحجم والشكل.

ويوجد منهما واحد في كل جانب، في الجزء العلوي من الحوض.

وتنمو الطفلة تدريجيا فتتحول إلى فتاة، ثم تحدث تغييرات تنبي" بتحول الفتاة إلى أني ناضجة. ومن أهم هذه التغيرات خروج أول بويضة من المبيض بادئة رحلتها في جسم الفتاة.

ويوجد بجوار كل مبيض أنبوية رفيعة يبلغ طولها حوالي 10 سم ولها فتحة عليها زوائد تشبه بتلات الزهرة، وتسمى هذه الأنبوبة "أنبوبة فالوب".

وعند خروج البويضة من المبيض، تلتقطها فتحة قناة فالوب ذات الزوائد وتوصلها إلى مجرى الأنبوبة التي تسير فيه في رحلة تستغرق حوالي أربعة وتحتوي كل خلية بويضية غير ناضجة على 48 صبغية. أما البويضة الناضجة ففيها 24 صبغية فقط، لتتحد بحيوان منوي به ۲4 صبغية. ومعنى هذا أن البويضة تنقسم أثناء رحلتها في قناة فالوب إلى قسمين، أحدهما كبير يحتوي على الأربع والعشرين الصبغية المطلوبة، والآخر صغير جدا يحتوي على الأربع والعشرين الصبغية غير المطلوبة، ولذلك فإنه يتلاشى تدريجيا.

أما الجزء الكبير فيبقي مكونا البويضة الناضجة.

قناة فالوب والرحم: 

وتؤدي قناة فالوب إلى الرحم. والرحم عضو أجوف سميك الجدران يبلغ من الطول حوالي ۷٫5 سيم ويشبه ثمرة الكمثرى في الشكل. وعندما تصل البويضة المخصبة إلى تجويف الرحم تتشبث بجداره فتأخذ منه غذاءها وتنمو وتتطور إلى طفل صغير في مدى تسعة أشهر.

يستعد الرحيم لأداء واجبه الهام في كل مرة تترك المبيض بويضة ناضجة، فترى غشاءه الداخلي يزداد سمكاً وليونة ليستقبل البويضة المخصبة، ونرى أوعيته الدموية قد زاد امتلاؤها بالدماء التغذية البويضة.

وهذا الاستعداد لا ضرورة ولا حاجة لنا به إذا وصلت بويضة غير مخصبة إلى الرحم، لأنها لن تستطيع النمو ولا التطور إلى جنين. فليس هناك حاجة إلى غشاء الرحم السميك ولا للزيادة في دورة الرحم الدموية. لذلك فإن الجسم يطرد

كل ذلك إلى الخارج عن طريق المهبل أو قناة الولادة التي يخرج منها الأطفال الصغار إلى الدنيا.

تحدث هذه العملية، عملية طرد غشاء الرحم الزائد عن الحاجة، كل ثمانية وعشرين يوماً للبنات عندما يكبرن إلى فتيات ناضجات. ويستمر خروج هذا الدم وما يحمله من أغشية رحمية مدة تتراوح بين ثلاثة وخمسة أيام. ويطلق الأطباء على هذه العملية اسم دورة الطمث.

والحيوانات المنوية التي تتكون في الذكر أكثر بكثير جداً من البويضات في فترة حياة الرجل تتكون في جسمه مئات البلايين من الحيوانات المنوية وهذا عدد يكن التعمير الدنيا كلها بالسكان مرات ومرات.

وكما تتكون البويضات في المبيض تتكون الحيوانات المنوية في عضوين صغير ين هما الخصيتان. وعلى خلاف المبيضين، توجد الخصيتان بالقرب من بعضهما خارج الجسم في كيس صغير يسمى الصفن. كما يوجد خارج الجسم من أعضاء تناسل الذكر عضو يسمى بالقضيب.

وتبدأ في الولد ما بين سن الثانية عشرة والخامسة عشرة تغييرات تدل على تحوله التدريجي إلى مرحلة الرجولة. فترى صوته وقد زاد عمقا ويبدأ الشعر في النمو على صدره كما يكبر جسمه ويزداد قوة. وهذه هي مرحلة العمر التي تتكون فيها الحيوانات المنوية في الخصيتين بأعداد كبيرة تزداد تدريجياً. ولا تترك هذه الحيوانات الجسم واحداً واحداً كما هي الحال في البويضات؛ إذ يخزنها الجسم في مكان بعيد عن الخصيتين داخل الحوض؛ إذ يخرج من كل خصية قناة صغيرة «القناة المنوية» تدخل في الحوض، ثم تنثني لتنفتح في قناة أخرى تمر في القضيب.

فعندما تتكون الحيوانات المنوية في الخصية، تتركها سابحة في سائل خاص يسمى السائل المنوي لتجمع في القناة المنوية وفي كيس صغير يسمى الحوصلة المنوية. ولا تترك الحيوانات المنوية ذلك المحزن إلا لتخرج من الجسم عن طريق قناة القضيب..

وهكذا تستمر سلسلة الحياة، التي تتكون حلقاتها من البويضات الصغيرة والحيوانات المنوية الأدق حجماً، ولكنا لا نعرف حتى الآن، وقد لا نعرف أبداً، كيف تحمل هذه الخلايا الدقيقة سر الحياة وخصائصها، فنحن لا نعرف في الواقع إلا أن أربعة وعشرين صبغية تتحد بأربع وعشرين أخرى، أي إن جزيئات كيماوية دقيقة تتحد بعضها مع بعض، ومع ذلك وبطريقة غامضة تنشأ حياة جديدة من هذا الاتحاد ، ويخرج إلى الدنيا إنسان جديد . .

وهذا هو سر الحياة، أعجب وأغرب سر على وجه البسيطة.