لماذا نأكل ولماذا نشرب ولماذا نتنفس ؟

هل ساءلت نفسك في يوم من الأيام: لماذا يتحتم عليك أن تأكل وأن تشرب مرات عديدة كل يوم؟

والإجابة عن ذلك في بساطة، هي أن الجسم يحتاج إلى الغذاء والماء . والغذاء حيوي لنا . و يتحتم علينا أن نأكل لأن الطعام يعطينا القوة والنشاط .

وبالرغم من كل هذا فلقد عرف عن أناس أنهم استطاعوا البقاء أحياء بدون غذاء أسابيع عديدة. إلا أن الماء أكثر أهمية للجسم من الغذاء ، فبدونه لا نستطيع البقاء أحياء إلا أياماً قليلة . والهواء أهم للجسم من الغذاء والماء ، وبدونه لا نستطيع الحياة إلا لحظات معدودة .

وسوف نفحص هذه الأمور الثلاثة بدقة فيما يلي:

التنفس :

نتنفس عادة بسرعة ست عشرة أو عشرين مرة في الدقيقة ، وإذا حللت الهواء الذي تتنفس، لوجدته خليطاً من غازات متعددة معظمه من النيتروجين ؛ إذ يبلغ أربعة أخماسه تقريباً ، والخمس الباقي من الأكسجين . وهناك كميات بسيطة في هذا الخليط من ثاني أوكسيد الكربون و بخار الماء الذي يحدث الرطوبة في الجو . كما يوجد في هواء الاستنشاق آثار من غازات تسمى الغازات النادرة .

وإذا جمعت هواء الزفير في محفظة ثم قمت بتحليله فلسوف تجد تغيرات هامة قد حدثت في هواء الشهيق.

ستجد أن كمية النيتروجين والغازات النادرة لم تتغير ، ولكن كمية الأكسجين قد نقصت كثيراً ، وفي الوقت نفسه زادت كمية ثاني أوكسيد الكربون إلى مائة، مثل الكمية التي استنشقتها، كما زادت كمية بخار الماء كثيراً .

ذلك أنه يحدث تبادل للغازات أثناء التنفس ، فإنك تأخذ من هواء الشهيق بعضاً من أوكسيجينه ، وتطرد مع هواء الزفير كميات كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون و بخار الماء .

والسبب في ذلك أنك تستنفد بعضاً من الطاقة في الليل وفي النهار : فقلبك لكي يدق لابد له من استهلاك بعض من الطاقة ، وكذلك الحال في العضلات والمخ وسائر أعضاء الجسم . وهذه الطاقة المستنفدة تزودنا بها ملايين وملايين من الخلايا التي يتركب منها الجسم . ولكي تؤدي هذه الخلايا عملها وتزودنا بالطاقة اللازمة لابد لها من الأكسجين .

وفي الوقت الذي تستهلك فيه الخلايا الأكسجين ، فإنها تكون ثاني أوكسيد الكربون الذي يعتبر نفاية من النفايات ، مثله في ذلك مثل الدخان والتراب الذي يتخلف عن النيران . ولابد للخلايا من أن تتخلص من هذه النفاية في أسرع وقت ممكن .

من هذا تجد أن جسمك يقوم بهاتين العمليتين في وقت واحد : فأنت تأخذ في الشهيق الأكسجين الذي تحتاج إليه الخلايا لإعطائك الطاقة الحيوية ، وتطرد في الزفير ثاني أوكسيد الكربون الضار . قد يبدو هذا الأمر بسيطاً ، ومع ذلك فإن حياتك تتوقف على استمراره ليلا ونهاراً دون انقطاع . كما أن هناك جزءاً في المخ يرغمك على معاودة التنفس لو حاولت وقفه مدة أطول مما يجب، وقد تتساءل عن السبب في إخراجك كمية من بخار الماء في الزفير أكبر مما تتنفس في الشهيق . و يمكنك مشاهدة ذلك عمليًا إذا تنفست أمام المرآة ؛ إذ سترى على سطح المرأة طبقة رقيقة مكونة من نقط دقيقة من الماء كان يحملها هواء الزفير وتتكاثف على سطح المرأة .

ويساعد خروج بخار الماء في هواء الزفير على التحكم في درجة حرارة - جسمات ؛ ذلك لأن بعض الطاقات التي تتولد. في جسمك عبارة عن حرارة ، ولابد من التحكم في كمية هذه الحرارة حتى تظل درجة حرارة الجسم ثابتة عند درجة ۳۷ مئوية ؛ إذ أنه لو ارتفعت درجة الحرارة درجتين أو ثلاثاً عن هذا المعدل ، فمعنى هذا أنك قد أصبت بإحدى الحميات ، وسرعان ما تشعر بالضعف والمرض .

ومن المعلوم أنه عندما يتبخر الماء تمتص كمية من الحرارة ، ولذلك فخروج الماء من جسمك على هيئة بخار يلطف من حرارة جسمك . وبنفس الطريقة تتلطف درجة حرارة جسمك عندما يتبخر العرق من على سطح جلدك.

ولا تستطيع القطط أو الكلاب إفراز العرق إلا من وسادات مخالبها ، لذلك فإنها تقلل من درجة حرارة أجسامها بزيادة سرعة التنفس . لهذا السبب تحتاج هذه الحيوانات إلى شرب كميات كبيرة من الماء في الأيام الحارة ، حيث نراها تتجول مفتوحة الفم لاهثة.

ولقد قدرت كمية الماء التي نفقدها في التنفس بحوالى نصف لتر في اليوم كما نفقد كمية مماثلة على هيئة عرق ، هذا علاوة على ما يحتويه البول والبراز من ماء ، كل هذا يوضح لك القدر الكبير من المياه التي تخرج من الجسم يوميا .

أهمية شرب الماء لحياتنا :

والماء من ضروريات الحياة لأسباب عديدة : فالمادة الغروية التي بداخل الخلايا ، يدخل الماء في تركيبها بنسبة تتراوح ما بين 60 و 99 في المائة منها ، كما أن الماء بشكل أكثر من 90 في المائة من الجزء السائل من الدم. ومن هذا ترى أن الماء يكون جزءاً كبيراً من الجسم ، فإذا فقدنا من الماء أكثر مما نشرب، فإن التوازن العام للجسم يختل . وإذا لم نشرب لمدة طويلة ، فإن خلايا الجسم تنكمش ويقل حجم الدم وترتفع درجة الحرارة .

وكما يكون الماء جزءاً كبيراً من خلايا أجسامنا ، فإنه يدخل في تركيب معظم الأطعمة التي نأكلها مثل الفواكه الغضة الطازجة والخضراوات ومنتجات الألبان ، مثل الجبن والزبد والمثلجات . من هذا يتبين لنا أن الأطعمة تزودنا ببعض ما نحتاج إليه من مياه.

وفضلا عن ذلك، فإن للغذاء أهميته لنا لأسباب أخرى ، وأول هذه  الأسباب أنه يزدونا بالوقود اللازم لتوليد الطاقة الحيوية في أجسامنا . فأنت تعرف ولاشك أن السيارة لا يمكن أن تتحرك ما لم تزودها بالبنزين وكذلك بالهواء .

ذلك لأن احتراق البنزين عند اتحاده بأكسجين الهواء تتولد عنه طاقة تحرك مكابس آلة السيارة صعوداً وهبوطاً ، ومن ثم تنتقل هذه الحركة إلى العجلات فتديرها .

أهمية الغذاء في حياتنا:

ويتم في خلايا أجسامنا عملية تكاد تماثل ما يحدث في السيارة ، إلا أنها أشد بطئاً ؛ فالوقود الذي يدخل الجسم على هيئة الغذاء . يحترق احتراقاً بطيئاً باتحاده مع الأكسجين الذي نتنفسه مع الهواء . ويتولد عن هذا الاحتراق طاقة نستعملها في جميع ما يحتاج إليه الجسم من أعمال .

وهناك ثلاثة أنواع رئيسية من المواد الغذائية التي تزودنا بالطاقة : الدهنيات ، والسكريات ، والمواد النشوية . ويسمى النوعان الأخيران بالمواد الكر بوأيدراتية ، ومعناها مواد تتكون من الكربون والماء . ومن أنواع الأطعمة التي تزودنا بالمواد الكربوأيدراتية الخضراوات والفواكه والخبز والشعير والقمح والأرز واللين . ويمكن تخزين الدهنيات في الجسم لنستعملها عند الحاجة . ومن أهم مواردها الغذائية، الزبد ، والقشدة ، والجزء الدهني من اللحوم.

وبالإضافة إلى أن الطعام يزودنا بالوقود الذي نستمد منه الطاقة اللازمة للحياة ، فإنه يحتوي على المواد اللازمة لبناء الجسم ؛ فالخلايا في حاجة دائمة لمواد كيماوية متباينة لبناء خلايا جديدة ، والمواد الغذائية التي تتيح النمو للجسم تسمى بالمواد البروتينية ، ونستمدها من اللحوم والأسماك والبيض ، وكذلك من الجوز واللوز والفول والفاصوليا .

والغذاء يزود الجسم بالأملاح المعدنية التي لها نفس أهمية النشويات والدهنيات والبروتينات . ومن أمثلتها الكالسيوم والفوسفور والحديد التي بدونها لا نستطيع أن نعيش . كذلك يحتوى الغذاء على الفيتامينات التي تبقينا في صحة جيدة .

إلا أن الغذاء الذي نبتلعه لا يستطيع الوصول إلى الخلايا مباشرة ، بل لابد من تجزئته إلى جزيئات دقيقة جدا قبل أن تمتصه الخلايا ، كذلك لابد أن تفصل المواد التي يحتاج إليها الجسم من تلك التي هو في غنى عنها . ويقوم الجهاز الهضمي بهذه العمليات .