اكتشاف أول علاقة مثبتة بين المادة والطاقة (طا = ك س2E = mc2)

سنة الاكتشاف: 1905م

ما هذا الاكتشاف؟

  • أول علاقة مثبتة بين المادة والطاقة

من المكتشف؟

  • ألبرت آينشتاين Albert Einstein

لماذا يعد هذا الاكتشاف ضمن المائة العظمى للإكتشافات العلمية؟

طوال التاريخ، كانت المادة مادة والطاقة طاقة، فالاثنتان كانتاً بمثابة مفهومين مختلفين لا علاقة لهما ببعضهما البعض. ثم جاء آینشتاين ليثبت العلاقة بين المادة والطاقة بوضعه للمعادلة الأشهر في تاريخ البشرية، طا = ك س2 تليها شهرة نظرية فيثاغورس للمثلث القائم الزاوية، أ2= ب2 + ج2 .

عرفت نظرية آينشتاين، لأول مرة، العلاقة الكمية بين المادة والطاقة، وعنت بأن هذين الجانبين من الكون والذين لطالما اعتبراً منفصلين كاناً في الواقع قابلين للمبادلة ببعض أو بمثابة وجهين لعملة واحدة.

لقد غيّرت هذه المعادلة لوحدها من مسار البحث الفيزيائي، جعلت من حساب مایکلسون لسرعة الضوء (1928م) أمر بالغ الأهمية، وقادت مباشرة إلى تطوير القنبلة الذرية والطاقة النووية.

كيف جاء هذا الاكتشاف؟

في عام 1903م، حصل ألبرت آینشتاین Albert Einstein، البالغ من العمر أربعة وعشرين عاماً، على وظيفة كاتب تسجيل لصالح مكتب تسجيل براءات الإختراع السويسري. كان جل عمله يقضي بالتحقيق في الصحة التقنية لطلبات التسجيل.

ورغم أنه طالما حلم وسعي وراء وظيفة في الحقل العلمي، إلا أنه فشل فشلاً ذريعاً في التوغل إلى ذلك العالم. فقد رسب في دراسته الثانوية وحرم من التدریس نهائياً.

كان آينشتاين متزوجاً وقتذاك بصديقته أيام الدراسة الثانوية، ويعيش كرجل بيروقراطي من الطبقة الفقيرة بالكاد يقتات رزقه في مدينة برن بسويسرا. وكان كل شيء يدل على أنه سيقضي باقي حياته على تلك الحال.

رغم إبعاده عن التعليم الرسمي، إلا أن ذلك لم يمنع آینشتاين من أن يكون رياضياً وفيزيائياً هاوياً وشغوف، يقضي معظم أوقات فراغه تقريباً في التدبر والتفكير بالألغاز والمسائل العظيمة التي كانت تواجه فيزيائي زمانه.

برع آینشتاين فيما أسماه التجارب الذهنية، التي بحث من خلالها عن صور ذهنية خلابة بإمكانها تسليط الضوء على المسائل الفيزيائية المعقدة، وإضفاء منظور جديد عليها . ثم بدأ بتطبيق الطرق الرياضية التي كان ضليعا بها لشرح هذه الصور والفهم تطبيقاتها في الفيزياء.

في العام 1904م، كان آينشتاين يحاول توسيع نطاق فيزياء عصره بالتركيز علی العلاقات بين الضوء والفراغ والوقت. وتمكن من إظهار أن الضوء موجود على شكل موجات ودقائق (جسيمات) على حد سواءª (نطلق على دقيقة واحدة أو كم واحد من الضوء بالفوتون).

قاد هذا العمل آينشتاين إلى مبدئه الثوري للنسبية، فتوصل إلى عدد من النتائج المذهلة من خلال الحسابات الرياضية التي وصفت هذا المبدأ. الوقت من اللدانة كما هو الفراغ (المكان)، يتباطأ كلما أسرع الجسم، والأجسام بدورها تزداد كتلة كلما اقتربت في سرعتها من سرعة الضوء. أرست النظرية النسبية لأينشتاين إرتباطاً مباشراً بين الفراغ(المكان) والوقت (الزمان) وأظهرت بأن كليهما يعوّج ويتشوه حول الأجسام الثقيلة (کالنجوم مثلاً)، وبأن قياسهما ممكن فقط من مفهوم نسبي وليس مطلق.

من هذا الأساس النظري البحت، استمر آینشتاین بتطوره الرياضي وأظهر بأن الجسم كلما اقترب من سرعة الضوء، كلما ازداد طوله، ازدادت كتلته، وتباطأ الزمن. (و قد تم تأكيد هذا المبدأ لاحقا باستخدام ساعة دقيقة محملة على طائرات نفاثة عالية السرعة)

فإذا كانت المادة تتغير بإزدياد سرعتها، فإنها لا بد أن تكون ذات علاقة ما بالطاقة. وأدرك آینشتاین بأن نظريته النسبية تدل على أن المادة هي نوع عالي التركيز من الطاقة، وتوقع بأنه قادر على استنتاج علاقة رياضية بينهما.

علم آینشتاین بأن هذا المفهوم الثوري يناقض المفهومين المشهورين والمقبولين بحذافيرهما لحفظ الكتلة (لافوازیه، 1789م) وحفظ الطاقة (هيمهولتز، 1847م). كان آینشتاين يقول ببساطة أن عملاقي العلوم هذين مخطئان، فلا الطاقة ولا الكتلة كانت مستقلة الحفظ عن الأخرى، ولكن مجتمعتين، فإن الطاقة الكلية لهذه المنظومة الطاقية - الكتلية يجب أن تظل ثابتة.

أظهر آینشتاین بأن معادلة الطاقة - الكتلة التي أشتقها (طا = ك س2 ) كطبقة سكر تغطي سطح كعكته من النظرية النسبية. فنشر مقالة عنها وكأنها فكرة ملحقة بنظريته النسبية وناجمة عنها. فبالنسبة لصاحبها، كانت هذه المعادلة تهم فقط من وجهة نظر فيزيائية وعلمية لا غير، أو كطريقة لتبيان العلاقة النظرية المتبادلة بين الكتلة والطاقة. لم يعتقد بأنها كانت مهمة بالذات.

أما الآخرون، بطبيعة الحال، فقد إستوعبوا بسرعة تطبيقات معادلة آينشتاين لتصميم الأسلحة والإنتاج الطاقة النووية. «العالم» قال ألدوس هكسلي ªAldous Huxley وهو يراجع فيزياء آینشتاین «ليس فقط أغرب مما نتصور، بل أغرب ما يمكن أن نتصور»ªª.

حقائق طريفة: تخبرنا المعادلة المشهورة لأينشتاین كم من الطاقة موجود  بالضبط في أي جسم (أو كتلة) كان. مهما يكن من أمر، فإن تفاعلاً واحداً فقط بإمكانه تحرير كل هذه الطاقة: الاصطدام المادي - الضد مادي، المحّول المضبوط الوحيد للمادة إلى الطاقة في الكون.

الهوامش المرجعيّة

ª ليفض بذلك نزاعا طال أمده بين أنصار النظرية الدقائقية لنيوتن و النظرية الموجية الكهرومغناطيسية الماكسويل، و ذلك من خلاله إثباته للطبيعة المزدوجة للضوء.

ª الكاتب الإنجليزي المعروف (1894-1963م)، صاحب الرواية الشهيرة (العالم الجديد الشجاع Brave New World)، التي تحدث فيها عن حالة من «اليوتوبيا» سيشهدها النصف الأخير من القرن العشرين.

ªª لعل من غرائب هذه المعادلة (طا =ك س2)، أن الطاقة المتضمنة في كتلة كغم واحد يمكن أن تشغل مصباحاً كهربائياً بقدرة مائة واط لثلاثين مليون سنة وتحرك سيارة المائة ألف عام، و أن شمس اليوم تقل كتلة عن شمس الأمس، ففي كل ثانية تتحول أربعة ملايين طن من كتلة الشمس إلى طاقة.