اجعل راحة البال أهم مبادئك
إن العيش بصدق يحتاج إلى راحة البال، وهو الأمر الذي يجب أن تعتبره أهم أهدافك، وقيمتك التنظيمية الأساسية، وأن تختار كل الأهداف الأخرى بما يتوافق معه. ويجب ألا تتنازل مطلقاً عن راحة البال في سبيل أي شخص، أو أي شيء.
يجب أن تقول وتفعل الأشياء التي تشعر بأنها مناسبة تماماً لك، وتتقبل أفكارك ومشاعرك تماماً مهما كانت، وتغير بانتظام أي جزء من حياتك لا يمنحك راحة البال. فبهذه الطريقة فقط سوف تتمتع بالقدر المرتفع من الثقة بالنفس الذي يشعر به الناجحون. وبإصرارك على أن كل ما تقوم به يسمح لك بأن تعيش في راحة بال، فإن ذلك سوف يبث فيك شعورا رائعاً تجاه
نفسك، ويجعلك تسير في كل علاقاتك بصورة رائعة. قيمك لا تنعكس إلا في أفعالك إن العيش بما يتفق مع قيمك هو مفتاح السعادة والانسجام والسلامة والوصول إلى مستويات أعلى من الثقة بالنفس. وهذا يوصلنا إلى النقطة
الأخيرة من هذا الفصل، التي ربما تكون أهم نقطة على الإطلاق، وهي أن قيمك الحقيقية لا تنعكس إلا في أفعالك .
  
يمكنك أن تعرف ما تؤمن به حقا من خلال ملاحظة ما تفعله في أي موقف تحتاج إلى اتخاذ قرار فيه. والمواقف التي تنكشف فيها قيمك الحقيقية، هي، بشكل خاص، تلك المواقف التي تكون فيها تحت ضغط، ومطالباً بمسئوليات
متعارضة. وسوف يوضح لك الفعل الذي ستقوم به في أي موقف أهم القيم التي تملكها، أو إذا ما كانت لديك أية قيم من الأساس. فليس ما تقول، أو تتمنى، أو تنوي هو ما يؤخذ في الحسبان، ولكن ما تفعله فقط؛ فما تختاره من الأفعال هو ما
يخبرك بشكل دائم بماهيتك الحقيقية. وفي الحقيقة يمكنك أن تعرف ما كانت عليه قيمك في الماضي، إذا نظرت إلى
ما سبق من حياتك، ولاحظت ما فعلته تحت الضغط، وعندما كان لديك قرار مهم يتعين عليك أن تتخذه؛ هل استمعت إلى الجانب الجيد من شخصيتك أو تنازلت لتحقق مكسباً على المدى القصير؟
إن الإنسان الذي يقول إن عائلته تأتي في المقدمة، ثم يضطر إلى الاختيار بين العمل لوقت متأخر أو حضور مسرحية ابنه أو نشاطه الرياضي، ثم يغلب احتياجات ابنه على متطلبات رئيسه هو شخص يعيش في توافق مع أهم قيمه. 
ولقد مر كل شخص بتجربة ترك العمل أو العلاقة، على الرغم من التضحية التي بذلها؛ لأن ذلك كان القرار الصحيح على الرغم مما فيه من ألم، ولكنك تتذكر على الأرجح كيف كانت المشاعر التي انتابتك وقتها رائعة نتيجة قرارك!
وعندما تعمل بانسجام مع قيمك، ستشعر دائماً بالرضا عن نفسك، وتزداد ثقتك بها، ولكن إذا تنازلت عن قيمك وقايضت بها شيئاً لأي سبب كان، فسوف تشعر بعدم الارتياح والدونية والذنب، وتقل ثقتك بنفسك.
قانون الانعكاس
تقودنا حقيقة أن مبادئك الحقيقية لا تنعكس إلا من خلال أفعالك إلى مبدأ ذهني غير شائع، ويسمى قانون الانعكاس. ويقول هذا القانون إن أفكارك ومشاعرك تؤدي إلى أفعال تتسق معها، وهذا القانون يمكن عكسه بالقول إن الأفعال المنطلقة من قيم ومعتقدات معينة سوف تؤدي في واقع الأمر إلى الأفكار والمشاعر التي من شأنها أن تطلق هذه الأفعال.
وما يعنيه هذا هو أنه حتى إذا كانت تنقصك صفة معينة، وتصرفت كأنك تتحلى بها بالفعل، فسوف ينتهي بك الأمر إلى أن تفرس في نفسك تلك الصفة الذهنية التي تتواءم مع أفعالك. 
ويعبر د. ويليام جيمس، من جامعة هارفارد، عن هذه الفكرة بقوله: تبدو التصرفات كأنها تتبع الأفعال، ولكن الاثنين في الحقيقة يمشيان جنباً إلى جنب. ومن خلال تنظيم تلك الأفعال التي تخضع بقدر أكثر مباشرة لتحكم الإرادة، يمكننا بطريقة غير مباشرة أن ننظم مشاعرنا التي لا تخضع إلى الإرادة على النقيض من الأفعال.
مبدأ "تصرف كأن" يمكنك أن تنمي داخل نفسك مجموعة رائعة من القيم من خلال التصرف كأنك تتبنى تلك القيم بالفعل؛ فيمكنك أن تملك الاستقامة والشجاعة والتعاطف والثقة بالنفس من خلال التصرف كأنك تتحلى بتلك الصفات بالفعل، وكلما تقمصت الدور، خاصه عندما تظهر تلك الصفات تحت الضغط، أو عندما تشعر بالرغبة في فعل أو قول شيء آخر غيرها، صارت تلك الصفات جزءا دائما من إطارك الذهني بشكل أسرع، وكلما تدربت على تلك الصفات الجيدة، أصبحت شخصاً أفضل.
وتتمثل مفاتيح تعزيز الثقة الراسخة بالنفس، التي ستجعل كل شيء آخر ممكناً بالنسبة إليك، في القدرة على التحكم في الذات، وضبط النفس، و الانضباط الذاتي . ويمكن للثقة بالنفس أن تأتي من تلقاء نفسها من خلال التصرف بطريقة واثقة، ولكنها غالباً تأتي بطريقة غير مباشرة من خلال قول الأشياء والإقدام على التصرفات التي تؤدي إلى الثقة بالنفس وفعلها.
وأهم فعل يعزز الثقة بالنفس هو العيش بما ينسجم مع قيمك في كل فرصة ممكنة ٠
مبدأ المقاومة
في رياضة رفع الأثقال يؤدي الرفع المستمر لأوزان أثقل إلى تقوية العضلات؛ فكلما زاد الثقل، زادت المقاومة، واندفع قدر أكبر من الدم في الشرايين؛ فتكبر العضلات.
وفي التنمية الذهنية هناك مبدأ المقاومة أيضاً؛ ففي تنمية العضلة الذهنية ، خاصة العضلة العقلية المسماة الثقة بالنفس، يمكنك أن تستخدم هذا المبدأ لتسريع تنميتك الشخصية؛ فعندما تمارس السيطرة على النفس، وتضبط نفسك على فعل الشيء الصحيح وقوله، خاصة في المواقف الضاغطة، فإنك تخلق مقاومة لميولك الطبيعية، وهذه المقاومة تولد الاحتكاك ، وهو نوع الاحتكاك نفسه، أو الحرارة، الذي يوضع على المركبات الكيميائية، فيسرع تفاعلها حتى تشكل مكوناً جديداً. 
فعندما تخلق احتكاكاً عقليا عن طريق مقاومة ميولك الطبيعية - وفي المقابل تفعل ما تعرف أنه الشيء الصحيح والحقيقي المتوافق مع مبادئك، خاصة في المواقف الصعبة - يولد هذا شرارة عقلية تصقل قيمك، وتدفع بها إلى
مستوى جديد؛ فتصبح في النهاية جزءا دائماً من شخصيتك.