تمهيد
هذا الكتاب هو نتاج خمسة وعشرين عاما من العمل والبحث في مجال الإدارة.
على مدار حياتي المهنية في الاستشارات الإدارية وتعليم الكبار، شهدت لحظتين حاسمتين: جاءت اللحظة الأولى عام ١٩٩٨ عندما قرأت مقال:
"What Makes a leader?" الذي كتبه الكاتب وعالم النفس" دانيال جولمان وتناول فيه ما يميز بين صاحب الأداء المتميز وصاحب الأداء العادي.
أما اللحظة الحاسمة الثانية، فقد وقعت حينما كنت أحضر مؤتمراً بعد ذلك بنحو عشر سنوات حين أعلن أحد المتحدثين قائلاً: على القادة أن يؤثروا في أفكار موءوسيهم ومشاعرهم وأدائهم -
وقد بدا لي أن اللحظة الثانية قد أجابت عن السؤال الذي طرحته اللحظة الاولى!
عندما تتخلص من التعقيدات المتزايدة باستمرار في مجال القيادة، فإن  الصورة التي يرى بها الموظفون قائدهم في العمل وشعورهم إزاءه هما ما يحددان دائما مستوى الأداء الذي يحققونه.
وقد ألقيت أولى محاضراتي عن الإدارة عام ١٩٩٢، وكان موضوعها هو التحفيز، ومنذ ذلك الحين استحوذت على فكرة التحدي المتمثل في فهم ما يحفز الأفراد، وما يثير حماستهم لتحقيق إمكاناتهم التي يعرفونها، أو تلك
التي يجهلون وجودها... أو السبب في عدم قدرتهم على القيام بكل ما سبق.
كان لي على مر السنين شوف مقابلة مديرين ومسئولين تنفيذيين وتدريبهم وتعليمهم، وهم يعملون في مجموعة كبيرة للغاية من الشركات والمؤسسات الدولية والمحلية التي تقع مقراتها في أوروبا، وأمريكا الشمالية، والشرق
الأوسط، وآسيا، وأستراليا.
لقد عملت شركتنا إتش سي إم جلوبال، وبرنامج كارير كراود ® التابع لها، مع أكثر من ١٠٠ منظمة بدءا من الشركات متعددة الجنسيات الرائدة التي تحتل المراكز الخمسة الأولى في مجالاتها، وصولاً إلى الشركات المتوسطة والصغيرة، والشركات الناشئة، والإدارات الحكومية، والمؤسسات غير الربحية. وقد تلقيت أنا وفرق العمل معي تقييماً مباشرا من قبل ما يزيد على ١٠٠٠٠  فرد في سياقات متنوعة، بدءاً من المقابلات الفردية وجلسات التدريب والتوجيه، وصولاً إلى جلسات التدريب للفرق الصغيرة والكبيرة، والندوات، والندوات عبر الإنترنت، والمؤتمرات، في مؤسسات تمثل معظم المجالات، بما في ذلك: 
وقد تم تقييم عملنا بدقة من قبل الهيئات الصناعية المحلية كطرف ثالث، وفقاً لعدد هائل من البرامج المرموقة التي يتم منح الجوائز بناء على تقييماتها. وقد تلقينا تقديرات متواترة؛ نظرا إلى ما حققناه من إنجازات في مساعدة الشركات المدرجة على قائمة فورتشن ٥٠٠ على تحسين النتائج من خلال اتباع إستراتيجيات لتعلم أفضل الممارسات وإستراتيجيات التطور والنمو  للمديرين والمسئولين التنفيذيين وأرباب الإمكانات العالية.
كان هدف بحثنا المتواصل هو تحديد المؤشرات والأنماط والاتجاهات والصيغ التي تسهم في الكشف عن الشروط اللازم توافرها حتى تكون مديراً تتمتع بتأثير كبير، وحتى تتمكن من الإجابة عن سؤال: كيف تؤثر وتحفز وتقود
فريقاً عالي الأداء؟
لقد جربنا واختبرنا مجموعة من المهارات والتقنيات ثبت أنها ساعدت كل المديرين على تحسين أدائهم وإمكاناتهم داخل فرقهم. وقد ساعدت تلك التقنيات المؤسسات على تحسين الأداء، كما ساعدتهم على نيل الجوائز المخصصة للمديرين التنفيذيين ورؤساء الأقسام والفرق في عديد من المجالات. كما قمنا بتقييم العديد من أفضل الأساليب المستخدمة في مجال الإدارة حاليا حول العالم، وسوف يعرض لكم هذا الكتاب بعض هذه الأساليب القيمة للغاية من وجهة نظرنا؛ نظرا إلى دورها في مساعدة المديرين على فهم العوامل المحفزة للموظفين، وطرق إدارتهم من أجل تأسيس فريق ذي أداء
عال، والحفاظ عليه عند هذا المستوى لفترات أطول من الوقت.
وسوف وأستعرض معكم في الصفحات التالية ما تعلمته خلال ه ٢ عاماً، وما قمت بتطبيقه على مدى السنوات الاثنتي عشرة الماضية. وقد تم دمج كل مجال من مجالات المعرفة في استراتيجياتنا للفوز بالجوائز من أجل إنشاء مراكز التميز وبرامج التحول وتغيير ثقافة المؤسسات، ومبادرات لإشراك الموظفين في العمل تعزز زيادة الإنتاجية والأرباح في مجموعة متنوعة من المجالات.
ومنذ عام ٢٠٠٧ أتيحت الفرصة لشركة إتش سي إم جلوبال، وبرنامج كارير كراود® التابع لها، لمراقبة وتحليل أداء الموظفين أصحاب الأداء العالي، وأصحاب الأداء المنخفض، كما تم تحديد العوامل المحفزة على الأداء العالي في العمل وتوثيقها بالنسبة إلى كل من الأفراد والفرق.
ومن خلال أكثر من ٥٠٠٠ دراسة استقصائية وتقييمات الأداء، والمقابلات الفردية، ودراسات حالة استمرت ١٢ شهراً، وجدنا أنه عندما يتم تفعيل دور تلك العوامل المحفزة بشكل صحيح، فإنها تؤثر في الموظفين وأعضاء الفريق لكي يقوموا بوظائفهم على أعلى مستوى من الأداء لفترات أطول من الوقت، والنتيجة هي أنهم غالباً ما يحققون إنجازات لم يكونوا يعتقدون قدرتهم على تحقيقها فيما مضى.
وباختصار، لقد وجدنا أن العوامل المحفزة تشير إلى أن هناك أربع عقليات بالغة الأهمية لتحقيق الأداء العالي. وتستند تلك العقليات إلى مشاعر جوهرية تنشأ عن أفكار الموظفين وملاحظاتهم وافتراضاتهم وتصوراتهم ومعتقداتهم إزاء قائدهم.
ولقد اتضح منذ أمد طويل مدى تأثير المدير المباشر في أداء فريق العمل، وكثيراً ما يقال إن الموظفين ينضمون إلى المؤسسات، ولكنهم ينفصلون عن قادتهم ، بل إن هناك ما هو أكثر مما تم توضيحه.
يقر المديرون ذوو الاداء العالي بأهمية فهم العوامل المحفزة للموظفين على العمل، ولقد وضع هذا الكتاب لمساعدتكم على القيام بذلك، وسوف نستعرض معاً:
٠ الأمور التي يركز عليها المديرون ذوو الأدا۶ العالي
٠ الأمور التي يقومون بها بالفعل
٠ الأمور التي لا يقومون بها -
كما نقوم بتحديد العوامل المهمة لبناء علاقات قوية مع الموظفين الأفراد  والفرق، وهذا بدوره يحفز على تحقيق الاداء العالي، والإمكانات العالية سواء كانت واضحة أم خفية.
آمل مخلصه أن تجدوا في هذا الكتاب مصدرا قيماً في سعيكم الحثيث لبلوغ التميز في الأداء.