المدير باعتباره قدوة - مفتاح التأثير
واحدة من أنجح الطرق للتأثير في الموظفين وتحسين أدائهم في العمل، تتمثل في تبني كل مدير عقلية القدوة؛ ليكون نموذجاً يحتذى، كما قال بيتر دراكر"، مؤلف كتاب Management Challenges for the 21st
Centu ry : إن الموظفين يحاكون ما تقع عليه عيونهم، فمثلما يحاكي الأطفال سلوكيات آبائهم وأفعالهم ومواقفهم، فإن الموظفين يتطلعون إلى أفعال مديريهم وقادتهم أيضاً -
لا تختلف الحال في بيئة العمل عن الحال في الحياة كثيرا، فنجد فيها النماذج الإيجابية والسلبية، ونجد أشخاصا يقلدون أشخاصاً أخرين! وهناك أمثلة بسيطة على ذلك كاستخدام اللغة البذيئة، وعدم الالتزام بقواعد الزي في مكان العمل. ومن المثير للاهتمام ملاحظة كم مرة حدث أن تأقلم شخص ما كان يرتدي ثياباً معينة، ويتحدث بطريقة معينة عند انضمامه للمرة الأولى إلى الفريق، وكيف أنه في غضون ستة أشهر تغيرت لغته وملابسه لتتناسب مع لغة أعضاء الفريق الآخرين وملابسهم، أو مع القائد.
وبعد سنوات من استقصاء آراء الموظفين في العمل عن الأشخاص الذين يعتبرونهم قدوة لهم، والسبب في رؤيتهم كذلك، وجدنا أن هناك إجماعاً واضحا فيما يتعلق بالصفات والخصائص المحددة والمفصلة، التي نصنفها بأنها سمات شعورية (الصفات التي يمكن للأشخاص تعريفها وتحديدها).
ومع ذلك، هناك أيضاً سمات لا شعورية؛ الصفات التي يتأثر بها الموظفون، ولكن لا يدركونها، ويمكن أن تشمل تلك السمات اللاشعورية الطريقة التي يقدم بها الموظف نفسه، وطريقة تحدثه، وتصرفه، حيث تخلق كل هذه السمات
انطباعا لا شعورا لدى الآخرين.
متى كانت أخر مرة فكرت فيها في نفسك كقدوة؟
بالنسبة إلى معظمنا، لم يحدث ذلك في الآونة الأخيرة على الأقل، فإذا كنت ترغب في التأثير في طريقة تفكير الموظفين وشعورهم وأدائهم، فيجب أن تكون قدوة لهم، وأن تجعل هذه العقلية هي عقليتك المتناسقة والواعية. ولا ينبغي أن

يترك هذا للمصادفة؛ فهؤلاء المديرون الذين التقينا بهم، والذين يعتبرهم الآخرون قدوة لهم، يفهمون هذا، ويبذلون ما بوسعهم للتحكم في انطباعات الآخرين عنهم.
يصف" جان كارلسون" في كتابه Moments of Truth كيف نتشكل  انطباعات الآخرين عنا من خلال لحظات الحقيقة
ووفقا لهذه النظرية، فإن كل لحظة من لحظات الحقيقة سوف تؤثر في الطريقة التي ينظر بها الآخرون إليك على الصعيد الشعوري أو اللاشعوري؛ وهذا بدوره يؤثر في الأداء في مكان العمل، إما بالإيجاب، وإما بالسلب. وبعبارة أخرى، يصدر الآخرون أحكانا شعورية أو لاشعورية بشأنك باستمرار، كما يصدرون أحكاماً بخصوص فريقك، أو نشاطك التجاري، أو مؤسستك، أو الطريقة التي تعمل بها، وهذا يعتمد بشكل مجرد على ملاحظتهم لما تفعله، أو ما لا تفعله؛ فالحقائق لا علاقة لها بذلك على الإطلاق! والمؤسسات التي تسجل أعلى المستويات من حيث الثقافة، لديها مديرون يعدون بمنزلة القدوة على المستوى الشعوري، ويتعلمون كيف يكونون قدوة تحتذى، وكيف يؤثرون في موظفيهم ليحفزوا الأداء العالي لديهم، كما أنهم يراقبون ويتحكمون بدقة أيضا في انطباعات الآخرين عنهم.
وخلال بحثنا، سألنا الموظفين ذوي الأداء العالي عما إذا كانوا يشعرون بأن مديرهم يمثل القدوة الحسنة بالنسبة إليهم، وإذا كان الأمر كذلك، فما السمات التي لها الوقع والتأثير الأكبر في أدائهم الشخصي. وبغض النظر عن مجال العمل والمهمات الوظيفية والمناصب، فقد كانت السمات الأكثر شيوعا هي الاتساق وإظهار الاهتمام والأصالة - الشخص الصادق والمخلص، الذي يتواصل مع الآخرين بشكل جيد، ويركز على النتائج، ويرغب في مساعدة الآخرين وتطويرهم-