اكتشاف ظاهرة دوبلر - Doppler Effect

سنة الاكتشاف : 1848م

ما هو هذا الاكتشاف؟

  • تزداد أو تقل ترددات الصوت والضوء- اعتماداًً على تحرك المصدر باتجاه أو بعيداًً عن المراقب

من هو مكتشف ظاهرة دوبلر؟

  • كرستيان دوبلر Christian Doppler

لماذا يعد هذا الاكتشاف ضمن المائة العظمي للإكتشافات تاريخياً؟

يعتبر تأثير (ظاهرة) دوبلر من أقوى وأهم المفاهيم المكتشفة في علم الفلك علی الإطلاق.

فقد سمحت للعلماء بقياس سرعة واتجاه حركة نجوم ومجرات تبعدنا بملايين عدة من السنوات الضوئية، كما فك طلاسم المجرات والنجوم شديدة البعد وقاد إلى اكتشاف المادة المعتمة وكذلك العمر والحركة الحقيقيين للكون.

 استعمل هذا المبدأ كمادة دسمة للعديد من البحوث في الكثير من الحقول العلمية وبشكل قلما نافسه فيه أي مبدأ آخر .

نظراً لأهمية اكتشاف دوبلر، فإنه يدرس اليوم ضمن جميع المناهج العلمية للصفوف المتوسطة والإعدادية في العالم.

كيف جاء اكتشاف دوبلر؟

كان الرجل النمساوي المولد المدعو کریستیان دوبلر Christian Doppler مثالاً لمعلم الرياضيات المكافح- وذلك لسببين اثنين: أولهما أنه كان قاسياً جداً على طلابه مما أثار سخط أولياء أمورهم ومدرائه في العمل على حد سواء.

وثانياً لأنه أراد فهماً كاملاً لكل ما كان يعلمه من مفاهيم رياضية وهندسية. فتذبذب بين العمل في التدريس وبطلانه خلال أعوام 1820 و1830م عندما كان في العشرينيات والثلاثينيات من عمره.

ولكن كان دوبلر محظوظاً حقاً لدى اختياره لشغل منصب تدريسي شاغر بمعهد فيينا للتقنيات المتعددة عام 1838م.

بأواخر العقد الثالث من القرن التاسع عشر، كانت القطارات القادرة على تجاوز سرعة 30 ميلاً /ساعة قد بدأت تتوغل إلى عمق الريف النمساوي. كانت هذه القطارات تطلق ظاهرة صوتية لم يعهدها الناس من قبل، كما ولم يعهدوا الانتقال بأسرع من هرولة الحصان.

فقد سمحت هذه القطارات للناس ملاحظة تأثير حركة جسم ما على الأصوات الصادرة منه.

كان دوبلر يراقب عبور القطارات في سره وبدأ بتحليل سبب هذه التحولات الصوتية التي يسمعها.

وفي عام 1843م، وسّع من نطاق تفكيره ليضمن موجات الضوء أيضا تحت نظرية عامة مفادها أن حركة الجسم تزيد أو تقلل تردد الصوت والضوء الصادر عنه بالنسبة لمراقب ساكن، ودعا بأن هذا التحول هو السبب وراء الصبغة الحمراء والزرقاء للضوء الصادر عن النجوم التوأمية البعيدة ( التوأم الذي يدور باتجاه الأرض سيصدر ضوء أعلى تردداً ینزاح باتجاه الأزرق. أما التوأم الآخر الذي يدور بعيداً، فإنه سيصدر ضوءاً أقل تردداً ينزاح باتجاه الأحمر).

في تقرير رفعه إلى المجمع العلمي البوهيميª" عام 1844م، قدم دوبلر نظريته القائلة بأن حركة الأجسام المتحركة باتجاه المراقب تضغط الموجات الصوتية والضوئية بشکل تبدو فيه منزاحة نحو نغمة صوتية أرفع وتردد لوني أعلى (الأزرق) على التوالي، والعكس يحدث عند حركته بعيداً عن المراقب (نغمة صوتية أدين وتردد لوني أقل - نحو الأحمر).

دعا كذلك إلى أن نظريته تفسر الصبغة الزرقاء والحمراء التي عادة ما تلاحظ على الضوء الصادر عن النجوم البعيدة. فبينما كان صائباً في دعواه الأخيرة من المفهوم التقني فقط، إلا أن هذا الانزياح كان من الصغر بحيث لا تستوعب أجهزة زمانه تقصيه.

وجد دوبلر نفسه في موقف التحدي لإثبات نظريته. فلم يسعفه الضوء نظراً لبدائية قابلية التلسكوبات وأجهزة الحساب في هذا المجال. فقرر على إثرها توضيح نظريته معتمداً على الصوت.

في تجربته الشهيرة عام 1845م، وضع فرقة من الموسيقيين في قطار وطلب منهم العزف على النغمة ذاتها بأبواقهم، بينما وقفت فرقة أخرى من الموسيقيين الضليعين بدراسة طبقات الصوت على رصيف المحطة مهمتهم تسجيل النغمة التي يسمعوها لدى اقتراب القطار ومن ثم ابتعادها عنهم. و كان ما أجمعت عليه كتابات جميع الموسيقيين المستمعين: نغمة أعلى بقليل ثم أدني بقليل مما عزف عليه زملائهم المتحركون في القطار.

أعاد دوبلر تجربته مستعيناً هذه المرة بمجموعة ثانية من عازفي الأبواق على رصيف المحطة، وطلب منهم عزف ذات النغمة التي يعزف عليها عازفو القطار. ولدى مرور القطار بالمحطة، كان واضحاً للمستعمين اختلاف النغمات. فقد بدا للجميع تعارض النغمات المتحركة والثابتة مع بعضها البعض مشکلاً تموجاً نبضياً

بإثباته لوجود هذه الظاهرة، وضع دوبلر اسمه عليها ولكنه لم يحظ قط بالشهرة التي ابتغاها في حياته. فتوفي عام 1853م في وقت كان فيه المجتمع العلمي ببدايات اعتناقه له لهذا الاكتشاف وبالتالي امتصاص فوائده واستثماراته الجليلة.

 

حقائق طريفة: تم الاعتماد على انزياحات دوبلر لإثبات ظاهرة تمدد الكون. يمكن تشبيه ظاهرة تمدد الكون برغيف من خبر السمسم قبل وضعه في الفرن، فحبات السمسم هنا ساكنة بالنسبة لبعضها البعض ضمن العجينة. ولكن عند البدء بتسخين العجينة فإن الخبز المتكون يبدأ بالتوسع، فتزداد المسافة بين حبات السمسم على سطحه بالتدريج. فلو كانت لحبات السمسم أعين ترى بها، لشاهدت أن جميع قريناها تبتعد عنها رغم أنها بدت ساكنة ضمن الرغيف. فالعجينة (الكون الخاص بها) هي وحدها التي تتوسع.

الهوامش:

ª نسبة إلى مملكة بوهيميا (جمهورية التشيك حالية، حيث كانت جزءاً من إمبراطورية النمسا حينذاك.