أهدف دائما إلى تحدي الأسئلة دائمة التكرار التي تعترض طريقي خلال مسيرتي المهنية، ليس فقط عن طريق الآخرين ممن يهتمون بي أو يسخرون مني فحسب، بل من ضميري دائم الشكوى أيضا، فعندما أبدأ في تأليف أحد الكتب على وجه الخصوص، أضطر لتعلم التعايش مع هذا النوع من الاستفسارات الداخلية التي لا تهدأ، ولكن، هذا الكتاب مختلف، فمنذ بدأت بتأليفه و الحياة الواقعية تضعني ومسودة كتابي في الكثير من الاختبارات المتعاقبة. رغبت، طوال سنوات، في أن أصمم برنامجا للمساعدة الذاتية لمساعدة الآخرين على تطوير مهاراتهم العاطفية، والتي اضطررت للحصول عليها بمحض المصادفة على مدار عدة عقود، ففي بدايات وصولي لمرحلة البلوغ، كان لمشاعري التي لا يمكن التحكم فيها تأثير مدمر على حياتي وصحتي؛ لذا، فقد كانت السيطرة على الجانب العاطفي مني عاملاً مهما لبناء ثقتي بنفسي، والتي مكنتني من أن أصبح الشخص الذي يمكنني احترامه ومنحتني أسلوب الحياة والعلاقات التي لطالما رغبت فيها. لهذا، شعرت بالحماسة الشديدة عندما توصلت أخيرا، في شهر يناير من عام 1996 خلال جلسة للعصف الذهني مع محرري، إلى قرار بعنوان وخطة هذا الكتاب، حيث عدت من لندن ملهمة ومحفزة، وكان عقلي يزخر بالأفكار المثيرة عن إستراتيجيات وتمارين جديدة. بعد بضعة أيام، وفي صباح يوم الأحد الموافق الثامن والعشرين من يناير، جلست أمام مفكرتي اليومية وبدأت في تحديد إطار عام لجدول تأليفي لهذا الكتاب، وبحلول التاسعة من مساء اليوم ذاته، انهارت ثقتي العاطفية بالكامل؛ فقد قضت ابنتي "لورا" التي تبلغ من العمر 19عاما نحبها في حادث سيارة رهيب، وكنت أشعر حينها بأنني أعيش أسوأ كوابيسي. لقد عشت آنذاك في دوامة لا يمكن التحكم فيها من الحزن الشديد والقنوط العميق، فلم أكن أعتقد أنني سأتمكن من تحقيق توازني العاطفي مرة أخرى فحسب، بل إنني لم أكن أرغب في هذا من الأساس، إلا أنه في اليوم التالي، بدأ صوت خافت يهمس في داخلي قائلاً: والآن، دعينا نر إن كانت نظرياتك الخيالية ستخرجك من هذا الوضع إذن! ، ولكنني شعرت بأن كل هذا لا يهمني على الإطلاق، وكنت أرى أن حياتي بأكملها، وليس عملي فحسب، لا مغزى منها، ولم أعد أشعر بأنني الشخص ذاته الذي كنت أعتقد أنني هو؛ حيث رفضت المواساة ولم أكن بارعة فيها، حتى إنني لم أستطع مساعدة من أحبهم ومن كانوا يشاركونني الألم ذاته. ولكن، كان صوتي الداخلي مخطئاً ، فبعد ثمانية عشر شهراً، لم تنصلح صحتي العاطفية فحسب، بل تكونت لدى قناعة بأنني أصبحت أكثر قوة، علاوة على ذلك، ألفت هذا الكتاب على الرغم من العقبات الكثيرة التي واجهتني. لقد كتبت هذه المقدمة من منطلق إيماني القوي بمحتوى هذا الكتاب؛ حيث إنني واثقة تماما بأنه من دون المعرفة والمهارات التي أشاركها معكم الآن، لم أكن لأمتلك القوة الكافية أو الدافع الكافي لأنهض بحياتي مرة أخرى وأضعها على الدرب الذي أعلم أن لورا كانت لديها رغبة في أن أسير عليه. ما الثقة العاطفية؟ إنها عبارة عن مصطلح مختصر أستخدمه لوصف مكونات بعينها من الثقة بالذات، والتي نشعر بها بداخلنا عندما ندرك أننا قادرون على الاعتماد على قدراتنا لنتمكن من السيطرة على مشاعرنا بشكل كامل. عندما أعمل على تغيير بعض من جوانب ذاتي أو سلوكياتي، أجد دائما من المفيد أن أحتفظ بصورة لقدوة مثالية في عقلي، ورغم أن المعايير الكافية هي كل ما تحتاج إليه، فإن هذا النموذج الخيالي والمثالي يعتبر أداة ملهمة ومفيد ة للغاية.