ثمة رسالة واحدة وددت لو أني ركزت عليها بشكل أكبر في الكتاب الأصلي، وهي عن حجم التحرير الكبير الذي توفره طريقة لعبة الأعمال الرائعة للقادة، فكثيرا ما أرى قادة أعمال يخافون مجرد مغادرة مكاتبهم دون ضبط وضعية رابطات أعناقهم، أو آخرين يصابون بسكتات جراء التوتر الشديد الذي
يعانونه، والناجم عن شعور لديهم بوجوب معرفة حلول لكل مشكلة تطرأ. يعتقد الناس أن كونهم قادة في موقع ما يوجب عليهم أن يكونوا حاضرين دائما بالقرارات المناسبة - وهو ما يجعلهم في حالة رعب.

لكن ما من حاجة لامتلاك القادة جميع الإجابات، بل هم في حاجة أشد لمعرفةإلى أين يتوجهون بالمشكلة، وما لم أكن أعرفه قبل عشرين سنة من الآن هي النتائج المذهلة التي يمكن الحصول عليها حين نستفيد من طاقة العمل الجماعي وتعزيز التعاون من خلال الثقة والتفويض والتأكد من معرفة كل فرد لدوره.

لقد كنت أعتقد أن العمل الجماعي كفريق هو الأسلوب الصحيح للعمل، كان ذلك بديهيا بالنسبة لي، لكن ما لم أكن أعرفه أن أسلوب لعبة الأعمال الرائعة يمكن كل فرد، بغض النظر عن موقعه داخل الشركة، من صنع الفارق - إنها طريقة تحرر الناس.

تكمن أهمية لعبة الأعمال الرائعة أيضا في أنها تساعد على بناء القادة - وقدبنينا في سبرينجفيلد مجموعة رائعة من القادة على مدى السنوات الثلاثين الماضية، وهذا هو ما مكننا من تأسيس هذه المجموعة المتنوعة من الشركات على مدار السنوات الماضية، وأكاد لا أحصي المرات التي قص عليها فيها رجال أعمال أخرون عن فرص ضاعت عليهم لأنهم لم يمتلكوا الرجال المناسبين في الوقت المناسب، فإن كان القادة على هذا القدر من الأهمية، فلم لا نعمل طوال الوقت على تعليم أفرادنا فن القيادة؟ بلم لا نملك نظاما يوميا يعمل على منح جميع الأفراد ما يحتاجون إليه من أدوات ليمارسوا بها القيادة؟

باستخدامنا منهج لعبة الأعمال الرائعة، يمكننا إمداد العاملين بمعلومات تجعلهم مسئولين عن اتخاذ القرارات، فالناس يقدرون وظائفهم بشكل أكبر إن منحوا فرصة لصنع الفارق من خلالها، وطريقتنا هذه تؤتي أكلها؛ لأن بإمكاننا استخدام المعرفة والتواصل لتعليم وبناء القادة، ثم نمنح الأفراد الذين لديهم الاستعداد الفرصة لممارسة القيادة على مدار القرون الماضية اتبعنا النظرية القائلة بحاجة الناس لمن يديرهم، وهي النظرية التي عززتها كتب الأعمال والخبراء الذين لم يسبق لهم أن أداروا أية أعمال، لكني أعتقد جازما أن الناس لا يحبون أن يديرهم أحد، والفكرة في ترسيخ نظام ثابت بدلا من النظام الهرمي أنك حين ترصد تفاوتا لاأو خللا، يمكنك مهاجمة سبب هذا التناقض، لا مهاجمة الأشخاص، لكن العكس صحيح أيضا: فحين يتجاوز أحدهم معيارا معينا، لن يستطيع أحدهم الانقضاض وسرقة إنجاز ذلك الشخص وما نال من استحسان وتقدير، ذلك أن كل شخص يرى مكانه المناسب له.

وعندئذ تصبح لعبة الأعمال الكبرى هي الأساس لمنهج الشركة في المكافأة التقدير؛ حيث يذهب الامتياز والتقدير لمن يستحق، ولا يمكن لأحد أن يسرق إنجاز أو نتائج غيره، فلا يمكنك أن ترى أحدا ينال تقديرا على شيء فعله غيره، ففي نظامنا هذا أنت المالك الأوحد لإنجازك، وهذا المنحى هو ما يدفع الناس للتطور، وتطورهم يكون سببا في تطور الشركة- كلمة للمتشككين على الرغم من النجاح الكبير الذي حققته لعبة الأعمال الكبرى في سبرينجفيلد وشركات أخرى كثيرة حول العالم، كان مثيرا للدهشة كذلك كم الناس الذين أصروا على أن هذا النظام لا يصلح للتطبيق في شركاتهم.

صدقوني، لقد سمعت جميع الأعذار التي تتخيلونها، وهي تتراوح بين الخوف من انكشاف معلومات مهمة للمنافسين، إلى القول بأن الموظفين ببساطة ليسوا مهتمين أو غير قادرين على التفكير كرجال أعمال، وأنا حزين لهذه المخاوف التي يشعر بها الناس، وقد صور هذه الحالة جورج جيندرون، رئيس التحرير السابق لمجلة Inc ببلاغة كبيرة قائلأ: السبب وراء تجنب الناس لتطبيق لعبة الأعمال الكبرى هي أن لديهم الكثير من الأسرار في شركاتهم. وأنا أرى أن هؤلاء الناس يفوتون فرصة العمر لبناء شركة عظيمة، ومن الموضوعات الرئيسية في كتابنا الثاني ، كان التركيز على ما يحدث حين تتوقف عن استغفال الأفراد

ودفعهم للتفكير فيما بعد مجرد صنع المنتج والخدمة. فإذا طلبت من الناس بناء شركات عظيمة ومنحتهم المعلومات التي يحتاجون إليها لفعل ذلك، فسوف تحصل على منتجات وخدمات عظيمة في المقابل. فإن الطريقة الوحيدة لتحقيق غاية النجاح هي حين يدرك الناس الصورة الكلية للعمل، لا أن يعلقوا في الجزيئات الصغيرة.

وهناك شيئان كفيلان بتدمير أية شركة، هما: الغرور والجهل، وإبقاء الموظفين في حالة جهل بالوضع المالي للشركة لا يعزز إلا الشائعات، وأنا أرى أن لدى الأفراد كافة الإجابات عن الأسئلة التي لا يريد أصحاب الأعمال طرحها أو التعامل معها. لعلك لا تريد نشر دفاترك على الملأ لأنك ببساطة لا تريد لأحد أن يعرف حجم أرباحك سواء كانت ضخمة أو صغيرة، لكن في غياب المعلومات، سوف يسعى الناس إلى ملء الفراغات بما يتصورونه هم من أرقام، وسيكونون على خطأ في تصوراتهم. حين يفتقد الناس الأرقام، يسرحون بخيالهم الخاص، معتقدين - خطأ في الغالب - أن أصحاب الشركة يملأون القبو الأرضي بسبائك الذهب، ومن خلال خبرتي، غالبا ما تكونالأرقام التي يختلقها الناس أكبر من الواقع بست مرات على الأقل.

في سبرينجفيلد، على سبيل المثال، قمنا بإجراء استبيان للعاملين لدينا، ولكن قبل أن نبدأ بتطبيق نظرية الأعمال كلعبة، فوجئنا بأنهم يظنون أن أرباحنا ما بين ٤٠ و50%  بينما كانت نسبة أرباحنا الحقيقية بين ٣و 5%، وبمجرد أن علموا الحقيقة، سألني أحد العاملين عما يدفعنا للاستمرار في عالم الأعمال إن كانت تلك هي حال الأرباح.

لكن بمجرد أن تعلم الحقيقة، سوف تلحظ على الفور تغيرا سلوكيا تجد فيه الناس أكثر استعدادا للمشاركة في تحسين الوضع القائم، وحين يخفي أصحاب الشركات أرقامهم، خاصة حين تكون سيئة، فإن ذلك خطأ منهم تجاه العاملين وتجاه أنفسهم كذلك ، فحين يعرف الموظف على نحو مفاجئ نبأ فصله، وهو على وشك مغادرة مكتبه، يود لو أنه كان يعلم بالأمر قبل هذا... فلعله استطاع أن يتصرف بطريقة ما حياله. إنني أعرف ذلك لأنني، وفي مرحلة ما، لم أستطع إدراك الطبيعة الحيوية للصورة الكلية، حتى جاءت محاولتي إيجاد تمويل لشراء شركتنا، وحينها فقط أدركت أنه على الرغم من معرفتي الكاملة بكيفية إعادة بناء محرك جرافة مثلا، فإنني لا أعرف أي شيء عن بناء قيمة لشركة ما، وقد حلت بي لحظة الفهم هذه حين تعلمت كيف أقيم أعمالنا كمستثمر أو كمشتر وليس كتقني. كذلك أدركت حينها أن بالإمكان تعليم أي شخص أن يصبح رجل أعمال أو قائدا، وابتكرنا حينها فكرة لعبة الأعمال الكبرى كسبيل لمساعدة شركائنا العمال على أن يمتلكوا ثقة ليصبحوا رجال أعمال، وذلك من خلال إدارة نظام تكراري يرتكز على ثلاثة مبادئ:

  • كل موظف يجب أن يمنح مقايسات النجاح في عالم الأعمال ويتعلم كيف يفهمها: اعرف القواعد وتعلمها.
  1. يتوقع من كل موظف أن يعمل بحسب هذه المعرفة لكي يحسن الاداء ويجب أن يتم تمكينه من ذلك: اعمل وتقدم.
  2. يجب أن يكون لكل موظف دور مباشر في نجاح الشركة ومخاطر فشلها: اشترك بسهم في الناتج. 

إذا شرحت لكل فرد كيف يسير العمل - وكيف أن دفع النتائج في الاتجاه الصحيح يقود إلى مزيد من المكافأة والتقدير “ حينها سيحصل السحر، وبهذا تؤسس ما أحب أن أسميه الملكية النفسية في عقول العاملين بالشركة، فبائتمان الأفراد على المعلومات الخاصة بالشركة، يشعر هؤلاء الأفراد بالالتزام وبإحساس بالملكية يتصرفون على أساسه. فما الذي يدفع الأفراد للالتزام بالفعل أو اتخاذ القرارات إذا لم يمنحوا المعلومات الكافية؟

في الوقت الذي يعتبر فيه فتح الدفاتر عنصرا أساسيا في ممارسة لعبة الأعمال الكبرى، فإنها تظل مجرد عنصر واحد في نظام كامل، وأرى أن كثيرا من الناس قد بدأوا في استخدام مصطلح الادارة بأسلوب الكتاب لمفتوح - والذي كان أول من صكه هو جون كيس في مجلة Inc - بديلا أو مثيلا للعبة الأعمال الكبرى، وقد ثبث هذا الخلط، وحين أطلقت مجلة Inc ، على لقب أبو إدارة الكتاب المفتوح، رأيت أن اللقب أقرب إلى المسبة بالنسبة فتعريف الإدارة بأسلوب الكتاب المفتوح، وبحسب ما يفهم من التسمية، يعني مشاركة البيانات المالية للشركة مع الموظفين، وإعلام الموظفين بهذه المعلومات لا يعني بالضرورة أنهم يفهمون أو يدركون مقدار التأثير الذي يحدثه عملهم على أرقام الشركة. إن مجرد وجود برنامج لتقاسم الأرباح في شركتك، لا يعد كافيا حتى تعلم كل واحد منهم كيف يصنعون تلك الأرباح. لقد قابلت العديد من الأشخاص خلال السنوات العشرين الماضية، كان الواحد منهم ينتحي بي جانبا ليبلغني بمدى إحباطه لأنه، وحسبما يقول:  اخبرت الموظفين بكل شيء لكن شيئا لم يحصل.

وقد كنت أخبرهم بأنهم لم يفهموا الأمر برمته؛ إذا إن لعبة الأعمال الكبرى ليست مجرد عرض لأرقام الشركة أمام الموظفين، بل تعني أن يمتلك الموظفون أنفسهم هذه الأرقام وهم من يقدمونها إلى النظام، وهذا المنطق ينحدر من مبدأ ياباني في الأعمال يقول إنه لا أحد لا يعرف العمل أفضل ممن يؤديه، بعبارة أخرى، من هذا الذي يعرف الأرقام أفضل من ذاك الذي يقوم بالعمل بنفسه؟  تخرج الأعمال عن المسار المرسوم حين تتوقف المؤسسة عن طلب التوقعات من أفرادها، وغالبا ما يتردد الناس في تسجيل أسمائهم بجوار أرقام متوقعة مستقبلية، وأنا لا أدري كيف يمكن للناس إدارة شركاتهم من دون توقع، وقد وجدنا أنه كلما زادت المعلومات المعروضة على الموظفين، كانوا أقدر على التخطيط وتحسين دقة توقعاتهم.

إن فكرة التوقعات تقوم في الأساس على وضع بيان لما تريد تحقيقه والالتزام المتبادل بالوصول إلى الهدف المعلن، فأنت لا تخترع أرقاما لمجرد إرضاء رئيسك " بل تقطع التزاما على نفسك بخوض الرحلة معا، وهذا شيء رائع في الحقيقة. إن التوق  الدقيق يخرج الريبة من العملية ويحدد لك هدفا متوقعا تتطلع لتحقيقه. إن كنت تستطيع التحكم في توقعاتك، فأنت قادر على السيطرة على العالم.

أذكر ةقول أحد المديرين التنفيذيين لي بعد أن بدأ العاملون لديه في وضع توقعاتهم وكان متخوفا: لا أستطيع أن أتخيل وجود كل هذا القدر من المعلومات في شركتي!". في لعبة الأعمال الكبرى، يكون اللاعبون هم من يتتبعون ويتنبأون ويحددون مواضع الضعف الكبرى التي تقف حائلا دون نجاح الشركة. إن سر تغير الثقافة السائدة يكمن في عمل بسيط للغاية وهو التكرار، ثم التكرار، ثم التكرار.

لا يتعلق الأمر بالتخطيط فحسب، ولا يتعلق ببرنامج الحوافز، ولا يتعلق فقط بمشاركة الملكية، بل هو متعلق بالتكرار، ومتعلق بتثبيت روتين محدد ودفع الأفراد نحو التنبؤ الدقيق، وبشكل دوري - هكذا يتعلم الناس وهكذا تتغير الثقافات، وتلك من بديهيات إدارة الأعمال، وهي سياسة ناجحة ثمة رسالة واحدة وددت لو أني ركزت عليها بشكل أكبر في الكتاب الأصلي وهي عن حجم التحرير الكبير الذي توفره طريقة لعبة الأعمال الرائعة للقادة، فكثيرا ما أرى قادة أعمال يخافون مجرد مغادرة مكاتبهم دون ضبط وضعية رابطات أعناقهم، أو آخرين يصابون بسكتات جراء التوتر الشديد الذي يعانونه، والناجم عن شعور لديهم بوجوب معرفة حلول لكل مشكلة تطرأ.

يعتقد الناس أن كونهم قادة في موقع ما يوجب عليهم أن يكونوا حاضرين دائما بالقرارات المناسبة - وهو ما يجعلهم في حالة رعب. لكن ما من حاجة لامتلاك القادة جميع الإجابات، بل هم في حاجة أشد لمعرفة إلى أين يتوجهون بالمشكلة، وما لم أكن أعرفه قبل عشرين سنة من الآن هي النتائج المذهلة التي يمكن الحصول عليها حين نستفيد من طاقة العمل الجماعي وتعزيز التعاون من خلال الثقة والتفويض والتأكد من معرفة كل فرد لدوره. لقد كنت أعتقد أن العمل الجماعي كفريق هو الأسلوب الصحيح للعمل، كان ذلك بديهيا بالنسبة لي، لكن ما لم أكن أعرفه أن أسلوب لعبة الأعمال الرائعة يمكن كل فرد، بغض النظر عن موقعه داخل الشركة، من صنع الفارق - إنها طريقة تحرر الناس. تكمن أهمية لعبة الأعمال الرائعة أيضا في أنها تساعد على بناء القادة - وقد بنينا في سبرينجفيلد مجموعة رائعة من القادة على مدى السنوات الثلاثين الماضية، وهذا هو ما مكننا من تأسيس هذه المجموعة المتنوعة من الشركات على مدار السنوات الماضية، وأكاد لا أحصي المرات التي قص عليها فيها رجال أعمال أخرون عن فرص ضاعت عليهم لأنهم لم يمتلكوا الرجال المناسبين في الوقت المناسب، فإن كان القادة على هذا القدر من الأهمية، فلم لا نعمل طوال الوقت على تعليم أفرادنا فن القيادة؟ بلم لا نملك نظاما يوميا يعمل على منح جميع الأفراد ما يحتاجون إليه من أدوات ليمارسوا بها القيادة؟ باستخدامنا منهج لعبة الأعمال الرائعة، يمكننا إمداد العاملين بمعلومات تجعلهم مسئولين عن اتخاذ القرارات، فالناس يقدرون وظائفهم  بشكل أكبر إن منحوا فرصة لصنع الفارق من خلالها، وطريقتنا هذه تؤتي أكلها؛ لأن بإمكاننا استخدام المعرفة والتواصل لتعليم وبناء القادة، ثم نمنح الأفراد الذين لديهم الاستعداد الفرصة لممارسة القيادة.

على مدار القرون الماضية اتبعنا النظرية القائلة بحاجة الناس لمن يديرهم، وهي النظرية التي عززتها كتب الأعمال والخبراء الذين لم يسبق لهم أن أداروا أية أعمال، لكني أعتقد جازما أن الناس لا يحبون أن يديرهم أحد، والفكرة في ترسيخ نظام ثابت بدلا من النظام الهرمي أنك حين ترصد تفاوتا أو خللا، يمكنك مهاجمة سبب هذا التناقض، لا مهاجمة الأشخاص، لكن العكس صحيح أيضا: فحين يتجاوز أحدهم معيارا معينا، لن يستطيع أحدهم الانقضاض وسرقة إنجاز ذلك الشخص وما نال من استحسان وتقدير، ذلك أن كل شخص يرى مكانه المناسب له. وعندئذ تصبح لعبة الأعمال الكبرى هي الأساس لمنهج الشركة في المكافأة والتقدير؛ حيث يذهب الامتياز والتقدير لمن يستحق، ولا يمكن لأحد أن يسرق إنجاز أو نتائج غيره، فلا يمكنك أن ترى أحدا ينال تقديرا على شيء فعله غيره، ففي نظامنا هذا أنت المالك الأوحد لإنجازك، وهذا المنحى هو ما يدفع الناس للتطور، وتطورهم يكون سببا في تطور الشركة-

كلمة للمتشككين على الرغم من النجاح الكبير الذي حققته لعبة الأعمال الكبرى في سبرينجفيلد وشركات أخرى كثيرة حول العالم، كان مثيرا للدهشة كذلك كم الناس الذين أصروا على أن هذا النظام لا يصلح للتطبيق في شركاتهم. صدقوني، لقد سمعت جميع الأعذار التي تتخيلونها، وهي تتراوح بين الخوف من انكشاف معلومات مهمة للمنافسين، إلى القول بأن الموظفين ببساطة ليسوا مهتمين أو غير قادرين على التفكير كرجال أعمال، وأنا حزين لهذه المخاوف التي يشعر بها الناس، وقد صور هذه الحالة جورج جيندرون، رئيس التحرير السابق لمجلة Inc ببلاغة كبيرة قائلأ: السبب وراء تجنب الناس لتطبيق لعبة الأعمال الكبرى هي أن لديهم الكثير من الأسرار في شركاتهم وأنا أرى أن هؤلاء الناس يفوتون فرصة العمر لبناء شركة عظيمة، ومن

الموضوعات الرئيسية في كتابنا الثاني A Stake i n theOutcome ، كان التركيز على ما يحدث حين تتوقف عن استغفال الأفراد ودفعهم للتفكير فيما بعد مجرد صنع المنتج والخدمة. فإذا طلبت من الناس بناء شركات عظيمة ومنحتهم المعلومات التي يحتاجون إليها لفعل ذلك، فسوف تحصل على منتجات وخدمات عظيمة في المقابل. فإن الطريقة الوحيدة لتحقيق غاية النجاح هي حين يدرك الناس الصورة الكلية للعمل، لا أن يعلقوا في الجزيئات الصغيرة.

وهناك شيئان كفيلان بتدمير أية شركة، هما: الغرور والجهل، وإبقاء الموظفين في حالة جهل بالوضع المالي للشركة لا يعزز إلا الشائعات، وأنا أرى أن لدى الأفراد كافة الإجابات عن الأسئلة التي لا يريد أصحاب الأعمال طرحها أو التعامل معها. لعلك لا تريد نشر دفاترك على الملأ لأنك ببساطة لا تريد لأحد أن يعرف حجم أرباحك سواء كانت ضخمة أو صغيرة، لكن في غياب المعلومات، سوف يسعى الناس إلى ملء الفراغات بما يتصورونه هم من أرقام، وسيكونون على خطأ في تصوراتهم.

حين يفتقد الناس الأرقام، يسرحون بخيالهم الخاص، معتقدين - خطأ في الغالب - أن أصحاب الشركة يملأون القبو الأرضي بسبائك الذهب، ومن خلال خبرتي، غالبا ما تكون الأرقام التي يختلقها الناس أكبر من الواقع بست مرات على الأقل. في سبرينجفيلد، على سبيل المثال، قمنا بإجراء استبيان للعاملين لدينا، ولكن قبل أن نبدأ بتطبيق نظرية الأعمال كلعبة، فوجئنا بأنهم يظنون أن أرباحنا ما بين ٤٠ و50%  بينما كانت نسبة أرباحنا الحقيقية بين ٣و 5%، وبمجرد أن علموا الحقيقة، سألني أحد العاملين عما يدفعنا للاستمرار في عالم الأعمال إن كانت تلك هي حال الأرباح. لكن بمجرد أن تعلم الحقيقة، سوف تلحظ على الفور تغيرا سلوكيا تجد فيه الناس أكثر استعدادا للمشاركة في تحسين الوضع القائم، وحين يخف أصحاب الشركات أرقامهم، خاصة حين تكون سيئة، فإن ذلك خطأ منهم تجاه العاملين وتجاه أنفسهم كذلك ، فحين يعرف الموظف على نحو مفاجئ نبأ فصله، وهو على وشك مغادرة مكتبه، يود لو أنه كان يعلم بالأمر قبل هذا... فلعله استطاع أن يتصرف بطريقة ما حياله.

إنني أعرف ذلك لأنني، وفي مرحلة ما، لم أستطع إدراك الطبيعة الحيوية للصورة الكلية، حتى جاءت محاولتي إيجاد تمويل لشراء شركتنا، وحينها فقط أدركت أنه على الرغم من معرفتي الكاملة بكيفية إعادة بناء محرك جراف مثلا، فإنني لا أعرف أي شيء عن بناء قيمة لشركة ما، وقد حلت بي لحظة الفهم هذه حين تعلمت كيف أقيم أعمالنا كمستثمر أو كمشتر وليس كتقني. كذلك أدركت حينها أن بالإمكان تعليم أي شخص أن يصبح رجل أعمال أو قائدا، وابتكرنا حينها فكرة لعبة الأعمال الكبرى كسبيل لمساعدة شركائنا العمال على أن يمتلكوا ثقة ليصبحوا رجال أعمال، وذلك من خلال إدارة نظام تكراري يرتكز على ثلاثة مبادئ:

  • كل موظف يجب أن يمنح مقايسات النجاح في عالم الأعمال ويتعلم كيف يفهمها: اعرف القواعد وتعلمها.

  1. يتوقع من كل موظف أن يعمل بحسب هذه المعرفة لكي يحسن الاداء ويجب أن يتم تمكينه من ذلك: اعمل وتقدم.
  2. يجب أن يكون لكل موظف دور مباشر في نجاح الشركة ومخاطر فشلها: اشترك بسهم في الناتج.

إذا شرحت لكل فرد كيف يسير العمل - وكيف أن دفع النتائج في الاتجاه الصحيح يقود إلى مزيد من المكافأة والتقدير “ حينها سيحصل السحر،
وبهذا تؤسس ما أحب أن أسميه الملكية النفسية في عقول العاملين بالشركة، فبائتمان الأفراد على المعلومات الخاصة بالشركة، يشعر هؤلاء
الأفراد بالالتزام وبإحساس بالملكية يتصرفون على أساسه. فما الذي يدفع الأفراد للالتزام بالفعل أو اتخاذ القرارات إذا لم يمنحوا المعلومات الكافية؟ في الوقت الذي يعتبر فيه فتح الدفاتر عنصرا أساسيا في ممارسة لعبة الأعمال الكبرى، فإنها تظل مجرد عنصر واحد في نظام كامل، وأرى أن كثيرا من الناس قد بدأوا في استخدام مصطلح الادارة بأسلوب الكتاب المفتوح - والذي كان أول من صكه هو جون كيس في مجلة Inc - بديلا أو  مثيلا للعبة الأعمال الكبرى، وقد ثبث هذا الخلط، وحين أطلقت مجلة Inc ،على لقب أبو إدارة الكتاب المفتوح، رأيت أن اللقب أقرب إلى المسبة بالنس فتعريف الإدارة بأسلوب الكتاب المفتوح، وبحسب ما يفهم من التسمية، يعني مشاركة البيانات المالية للشركة مع الموظفين، وإعلام الموظفين بهذه المعلومات لا يعني بالضرورة أنهم يفهمون أو يدركون مقدار التأثير الذي يحدثه عملهم على أرقام الشركة.

إن مجرد وجود برنامج لتقاسم الأرباح في شركتك، لا يعد كافيا حتى تعلم كل واحد منهم كيف يصنعون تلك الأرباح. لقد قابلت العديد من الأشخاص خلال السنوات العشرين الماضية، كان  الواحد منهم ينتحي بي جانبا ليبلغني بمدى إحباطه لأنه، وحسبما يقول: أخبرت الموظفين بكل شيء لكن شيئا لم يحصل. وقد كنت أخبرهم بأنهم لم يفهموا الأمر برمته؛ إذا إن لعبة الأعمال الكبرى ليست مجرد عرض لأرقام لشركة أمام الموظفين، بل تعني أن يمتلك الموظفون أنفسهم هذه الأرقام وهم من قدمونها إلى النظام، وهذا المنطق ينحدر من مبدأ ياباني في الأعمال يقول إنه ا أحد لا يعرف العمل أفضل ممن يؤديه، بعبارة أخرى، من هذا الذي يعرف الأرقام أفضل من ذاك الذي يقوم بالعمل بنفسه؟

كذلك تخرج الأعمال عن المسار المرسوم حين تتوقف المؤسسة عن طلب  التوقعات من أفرادها، وغالبا ما يتردد الناس في تسجيل أسمائهم بجوار أرقام متوقعة مستقبلية، وأنا لا أدري كيف يمكن للناس إدارة شركاتهم من دون توقع، وقد وجدنا أنه كلما زادت المعلومات المعروضة على الموظفين، كانوا قدر على التخطيط وتحسين دقة توقعاتهم. إن فكرة التوقعات تقوم في الأساس على وضع بيان لما تريد تحقيقه والالتزام المتبادل بالوصول إلى
الهدف المعلن، فأنت لا تخترع أرقاما لمجرد إرضاء رئيسك " بل تقطع التزاما على نفسك بخوض الرحلة معا، وهذا شيء رائع في الحقيقة. إن التوقع الدقيق يخرج الريبة من العملية ويحدد لك هدفا متوقعا تتطلع لتحقيقه.

إن كنت تستطيع التحكم في توقعاتك، فأنت قادر على السيطرة على العالم. أذكر قول أحد المديرين التنفيذيين لي بعد أن بدأ العاملون لديه في وضع توقعاتهم وكان متخوفا: لا أستطيع أن أتخيل وجود كل هذا القدر من المعلومات في شركتي!". 

في لعبة الأعمال الكبرى، يكون اللاعبون هم من يتتبعون ويتنبأون ويحددون مواضع الضعف الكبرى التي تقف حائلا دون نجاح الشركة. إن سر تغير الثقافة السائدة يكمن في عمل بسيط للغاية وهو التكرار، ثم التكرار، ثم التكرار. لا يتعلق الأمر بالتخطيط فحسب، ولا يتعلق ببرنامج الحوافز، ولا يتعلق فقط بمشاركة الملكية، بل هو متعلق بالتكرار، ومتعلق بتثبيت روتين محدد ودفع الأفراد نحو التنبؤ الدقيق، وبشكل دوري - هكذا يتعلم الناس وهكذا تتغير الثقافات، وتلك من بديهيات إدارة الأعمال، وهي سياسة ناجحة