الفصل الأول :لماذا نعلم الناس كيف يجنون المال ؟

مذهل هو قدر الفائدة التي يمكنك أن تجنيها حين لا يكون لديك مال، ولا مدخلات من مصادر خارجية، و١١٩ فردا يعولون عليك في تأمين وظائفهم ومنازلهم، بل حتى قدرتهم على توفير الطعام لعائلاتهم في المستقبل المنظور.

كان ذلك هو أقرب حال للموقف الذي كنت أواجهه أنا واثنا عشر مديرا في فبراير من عام ١٩٨٣؛ حيث كان ذلك أول شهر لنا في العمل كشركة مستقلة.

كنا مديرين ومشرفين في مصنع صغير في سبرينجفيلد، ميسوري، والذيكان إلى ذلك الحين مملوكا لشركة سبرينجفيلد هارفستر. في ذلك التوقيت، كانت هارفستر تعاني أزمة كبرى، حيث كانت تفرق أسرع من سفينة تيتانيك، وفي هذه الأثناء كانت تتخفف من ممتلكات كثيرة كمصنعنا، راجية من ذلك أن تتمكن من الطفو على السطح. فعرضت الشركة علينا بيع المصنع، فاندفعنا متشبثين بالفرصة من أجل إنقاذ وظائفنا. كانت تلك الخطوة أقرب إلى القفز في قارب نجاة مثقوب وسط إعصار. وكانت شركتنا الجديدة مثقلة تماما بالديون، حتى إن أقل موجة كانت كفيلة بأن تقلبها رأسا على عقب وسط هذا الإعصار الهائج.

كنا خائفين.

ولم تكن حينها تنفعنا الطرق التقليدية في الإدارة؛ كونها لن تأتينا بنوعية النتائج التي كنا بحاجة إليها لإنقاذ أنفسنا. ولذلك تشبثنا بطريقة جديدة، تعتمد على ما كنا نعتبرها القوانين العليا للأعمال.

لا أعرف أين تعلمت هذه القوانين. أنت لن تسمع بها في المدرسة على أية حال. فهي تتكشف لك في الشارع؛ لكني أعرف أنها القوانين الواقعية للأعمال، وكذلك هي السبب في قدرتنا على البقاء وتحقيق النجاح منذ ذلك التاريخ.

ومن بين تلك القوانين أسسنا نظرية لعبة الأعمال الكبرى. وهذان القانونان يلخصان لك النجاح؛ فهما يؤكدان مدى اعتماد كل منا على الآخر -
ومدى ما نصل إليه من قوة بسبب هذا التعويل.

كثيرا ما أسأل عن ماهية لعبة الأعمال الكبرى على وجه التحديد. والحق أني أجد صعوبة في تحديد ذلك. فهي ليست نظاما. وهي كذلك ليست منهجية.
وهي ليست فلسفة، أو توجها، أو مجموعة أساليب، بل كل هي هذه الأشياء وأكثر. إنها طريقة مختلفة كليا لإدارة الشركات والتفكير فيما ينبغي أن تكون عليه إدارة الشركات. إن أساس لعبة الأعمال الكبرى يتمثل في الفرضية
التالية:
إن أفضل الطرق وأكثرها فاعلية وربحية لإدارة أي عمل تجاري هي أن تمنح كل فرد في الشركة قدرة التعبير عن رؤيته في إدارتها وسهما في عائدها المالي، إيجابيا كان أم سلبيا.

على ضوء هذه الرؤية، أمكننا تحويل الأعمال إلى لعبة يمكن لكل شخص داخل الشركة أن يلعبها. إنها لعبة ممتعة، لكنها في الحقيقة أكثر من مجرد  لعبة ممتعة؛ فهي طريقة للاستفادة من الرغبة الفطرية في الفوز، لجعل هذه الرغبة قوة تنافس مؤثرة. إن الفوز في لعبة الأعمال الكبرى يجعل صاحبه يحظى بأعظم مكافأة: التحسين المستمر لحياته ومعيشته. لكنك لا تحصل على المكافأة إلا باللعب الجماعي من خلال فريق، ومن خلال بناء شركة
ديناميكية.

وقد نفعتنا ممارسة اللعبة والفوز فيها في حالتنا وكانت مجدية للغاية. فمن عام ١٩٨٣ إلى ١٩٨٦، ارتفعت مبيعات شركتنا بنسبة تتجاوز ٣٠/ في العام، وتحولنا من خسارة...