والآن، دعنا نستمر في سرد قصتنا بوصف الفلسفة التي يجب على المرء تبنيها لكي يكتسب الثروات الاثنتي عشرة.

    ولقد وصفت طريقة لإعداد العقل لتلقي الثروات، ولكن هذه مجرد بداية  للقصة، وأنا لم أشرح بعد كيف يمكن للمرء امتلاك الثروات و الاستفادة بها  استفادة قصوى.

  وقد بدأت هذه القصة في حياة "أندرو كارنيجي"، وهو أحد فاعلي الخير العظماء، ونتاج مثالي لنظام الاقتصاد الحر الأمريكي. وقد اكتسب السيد "كارنيجي" الثروات الاثنتي عشرة، والتي كان الجزء المالي منها واسعاً جداً    لدرجة أنه لم يعش طويلاً حتى يتمكن من توزيعه، لذا ورث آخرون الكثير منه، والذين قاموا باستخدامه في منفعة البشرية. وكان السيد "كارنيجي" متمتعاً أيضاً بنعمة تدريس الممارسات التسعة للآخرين. وقد نفعته ممارسة الحكمة الشاملة   نفعاً تاماً لدرجة أنه لم يكن ملهماً بتوزيع ثرواته المادية وحسب، بل كان ملهماً في تقديمه للناس فلسفة تامة عن الحياة يمكنهم بها هم أيضاً اكتساب الثروات.

   وتتكون الفلسفة من سبعة عشر مبدأ، وجميعها متوافق تماما مع مبادئ الدستور العظيم للولايات المتحدة ومبادئ نظام الاقتصاد الحر الأمريكي.

     وتطلب بناء هذه الفلسفة عشرين عاماً من العمل، وشارك فيها السيد "كارنيجي" وخمسمائة من قادة الصناعة الأمريكيين العظماء، وقد أسهم كل     منهم بجزء مما تعلمه من خبراته العملية مع نظام الاقتصاد الحر الأمريكي طوال عمره.

   ويشرح لنا السيد "كارنيجي سبب مساعدته في بناء فلسفة للإنجاز الفردي، فيقول:

    "لقد اكتسبت مالي من خلال جهود أناس آخرين، وعليَّ أن أعيدها إليهم عندما أجد طرقاً ممكنة لفعل هذا دون أن ألهمهم رغبة الحصول على الأشياء دون مقابل. ولكن الجزء الأكبر من ثرواتي يكمن في المعرفة التي اكتسبت بها الأجزاء المادية والمعنوية منها. ولهذا، أتمنى أن تنظم هذه المعرفة وتصاغ في فلسفة، وأن تكون متاحة لكل من يسعى إلى فرصة لتقرير مصيره وفق الاقتصاديات الأمريكية".

    وكانت هذه هي الفلسفة التي ألهمت السيد "كارنيجي" بأن يهب ثرواته للناس الذين قدموا إليَّ الاثنتي عشرة ثروة، ومنحوني الفرصة لكسب كل ما لديَّ في حياتي. وهي الفلسفة التي يجب عليك تبنيها وتطبيقها إذا كنت تأمل في قبول الثروات التي أرغب في مشاركتك إياها.

   وقبل أن أصف لك مبادئ هذه الفلسفة، أرغب في أن أسرد لك تاريخاً مختصراً لما ساعدت الآخرين في ما يزيد على نصف العالم على تحقيقه:

   لقد ترجمت إلى أربع من اللهجات الهندية الرئيسية، وأصبحت متاحة لما يزيد على مليوني شخص في الهند.

   وترجمت إلى اللغة البرتغالية لينتفع بها الشعب البرازيلي، حيث أفادت ما يزيد على مليون ونصف المليون شخص.

   وقد نشرت منها طبعة خاصة توزع في أنحاء الإمبراطورية البريطانية، حيث أفادت ما يزيد على مليوني شخص.

   وينتفع بها شخص أو أكثر في كل مدينة، وبلدة، وقرية في الولايات المتحدة الأمريكية، ويقدر عددهم بعشرين مليون شخص.

 وقد تكون هي الوسيلة لخلق روح أفضل من التعاون الودود بين كل شعوب العالم؛ حيث إنها ليست مبنية على أية معتقدات أو شعارات، ولكنها تتكون من أسس كل النجاحات الدائمة، وكل الإنجازات الإنسانية البناءة في كل مجال من مجالات السعي الإنساني.

    وهي تدعم كل الديانات، ولكنها لا تنتمي لأي منها!

    وهي عالمية جداً في طبيعتها لدرجة أنها تقود الناس بصورة حتمية إلى النجاح في كل أعمالهم.

الممارسات التسع لنبل مكافآت الحياة

    ولكن الجزء الأهم بالنسبة لك من كل هذه الأدلة هو أن هذه الفلسفة بسيطة جداً لدرجة أنه بإمكانك البدء في العمل بها لصالحك من موضعك الحالي.

    وسوف تقيدك السبعة عشر مبدأ كخارطة طريق موثوق بها تقودك مباشرة   إلى مصادر كل الثروات، سواء أكانت مادية أم معنوية. ولتتبع الخريطة،       ولن تضل الطريق، ولكن كن مستعداً لاتباع كل الإرشادات وتولي كل المسئوليات الملازمة لامتلاك الثروات العظيمة. وفوق كل هذا، تذكر أن الثروات الدائمة تجب مشاركتها مع الآخرين، وأن هناك ثمناً يجب على المرء دفعه نظير كل ما يكسبه.

    ولن يتكشف لك المفتاح الرئيسي خلال تعرفك على أي مبدأ من تلك المبادئ السبعة عشر؛ لأن سره يكمن في الجمع بينها جميعاً. وهذه المبادئ تمثل سبعة عشر باباً يجب على المرء اجتيازها للوصول إلى الحجرة الداخلية التي يوجد خلف بابها المغلق مصدر كل الثروات. وسوف يقوم المفتاح الرئيسي بفتح باب تلك الحجرة، وسوف تنال هذا المفتاح عندما تكون قد أعددت نفسك لقبوله. ويجب أن يشمل استعدادك استيعاباً للخمسة مبادئ الأولى من تلك المبادئ وتطبيقها، وهي ما سأقوم بوصفها الآن على نحو مطول.