هل هناك علاقة بين الكيمياء وبين مزاج الإنسان وسلوكه؟

وهل تؤثر كيمياء المخ على اصابة الإنسان بالأمراض النفسية مثل الاكتئاب؟

قبل أن نشرع في الإجابة على هذه الأسئلة علينا أن نتذكر أن الكائن الانساني يتكون من الجسد والعقل حيث يكمل كل منهما الآخر، والجسد هو الشي المدی الملموس الذي نراه، وتعلم الكثير عن تكوينه حيث يتكون الجسم من انسجة واجهزة تؤدي كل منها وظيفة محددة اما العقل فإنه غير منظور لا يرى، ولكننا ندرك وجوده لقيامه ببعض الوظائف التي يستدل بها على وجوده، ويقوم بوظيفة العقل أجزاء من الجهاز العصبي للإنسان خصوصا المخ الذي يوجد بداخل الجمجمة، ويتم فيه علميات التفكير والانفعال والتحكم في مزاج الإنسان وحركته وسلوكه .

كيف يعمل العقل ؟

من المعروف ان العمليات العقلية تتم داخل مراكز المخ، ويكون مخ الانسان حوالی 2 % من الوزن الكلى للجسم أي ما يوازي حوالي كيلو جرام واحد تقريبا، ولكنه نظرا لطبيعة واهمية وظائف المخ فإنه يستهلاك حوالي 15 % من كمية الدم في الدورة الدموية للإنسان أما الطريقة التي يعمل بها المخ والمراكز التي يتكون منها، وعلاقة كل منها بالآخر فإنها مسألة معقدة للغاية ويتكون المخ من عدة بلايين من الخلايا العصبية، وهي الوحدة التركيبية الحقيقة للجهاز العصبي ولكل خلية من هذه الخلايا وظيفة محددة، ويتم انتقال المؤثرات بين هذه الخلايا لتعمل في توافق وتنسيق بين كل منها دون تعارض، ويتم ذلك من خلال بعض المواد الكيميائية والشحنات الكهربائية الحقيقة التي تعتبر أسلوب التفاهم فيما بين هذه الاعداد الهائلة من الخلايا، ولنا أن نتخيل كيف أن عددا هائلا من الخلايا العصبية يفوق اضعاف عدد سكان الكرة الأرضية تزدحم بجانب بعضها البعض داخل تجويف الجمجمة في مكان ضيق، ويؤدي كل منها وظيفته بدقة في نظام محکم بدون ای تداخل او ارتباك .

والعلاقة بين ذلك وبين الاكتئاب النفسي الذي هو موضوع حديثنا الآن هو اننا قمنا بعرض هذه المقدمة حول عمل المخ لأن ذلك يتعلق مباشرة بالانفعالات الانسانية المختلفة حيث ان الوظائف العقلية مثل الشكير والمشاعر والحالة المزاحية لها علاقة مباشرة بمستوى مواد كيميائية معينة داخل المخ يطلق عليها " الموصلات العصبية " Neuro trans mitters وهي مولا توجد في الجهاز العصبي للإنسان وللمخلوقات الأخرى أيضا، وتؤدي وظيفة الأتصال بين الخلايا العصبية وقد كشفت الدراسات وجود علاقة مباشرة بين بعض هذه المولا مثل "نورابنفرين Neurepinephrin" ومادة "السيروتونين Serotonin" ومواد اخرى وبين الحالة المزاجية حيث تبين أن بعض هذه المواد تنص كميتها بصورة ملحوظة في حالات الاكتئاب النفسي كما لوحظ ان بعض الأدوية المضادة للاكتئاب، والتي تقوم بتعويض هذا النقص تؤدي الى تحسن الحالة المزاجية واختفاء اعراض الاكتئاب .