الوالدان

غالباً ما يجد الآباء مشقة في الابتعاد عن أطفالهم، حتى ولو كان هذا يعنى التعامل معهم كأشخاص بالغين يكنون لهم مزيداً من الحب. وبالقدر نفسه - وفي الوقت الذي تؤسس حياتك الخاصة - ستحتاج لأن تسمح لهم بالاقتراب منك من جديد.

إننا جميعاً نوجد مسافة بيننا وبين آبائنا وأمهاتنا بينما نتقدم في العمر، غير أنك الآن بحاجة لأن ترسخ نوعاً مختلفاً من العلاقة بوالديك؛ فإذا كان قد بلغ بهما الكبر عتيا فقد تجد أنهما يطلبان منك النصح والعون في اختياراتهما بالحياة، وقد يكون هذا أيضاً شاقاً على كل من الطرفين، حيث يتم تبادل الأدوار بينكما عما كان عليه الحال وأنت أصغر سناً.

ليس بمقدورنا أن نغير والدينا، لكننا نستطيع أن نؤثر على نوعية العلاقة التي تربطنا بهم. وقد يكون من الطيب أن تلقى نظرة على علاقتك بأبويك وأنت تضع خطة حياتك. ولابد أن تبقى في الأهمية نفسها بالنسبة لهما طوال حياتهما، ولعلك ستود أن تشعر الشعور ذاته حيالهما.

كيف تتغير العلاقة مع الوالدين؟

هناك معلومة سيكولوجية أساسية وجوهرية تماماً من شأنها مساعدتك على أن تدبر أمر علاقتك بوالديك بفعالية! يطلق على هذا الجانب السيكولوجي "تحليل المعاملات"، وهو يفسر قدراً كبيراً من طبيعة التفاعل بينك وبين والديك، وهكذا كثيراً ما يتم استخدامه من قبل مستشاری العلاقات الإنسانية؛ ذلك لأنه يتيح لك تغيير الطريقة التي يرتبط بها الآخرون بك، وذلك عن طريق تغيير أسلوبك في التعامل معهم. وإليك مثالاً توضيحاً: هناك ثلاث حالات تمر بها علاقتك بأبويك:

  • الوالد الوالدة - صاحب سلطة، راع، ومهيمن.
  • الابن الابنة - مطيع، محتاج، منساق.
  • الشخص الراشد - ناضج، مسئول.

لقد بدأت علاقتك بأبويك بوصفها علاقة أبوة وبنوة (الحالتان الأوليان)، وهو ما لا يثير أي دهشة، وقد كانا دائماً على صواب لأنك كنت صغير السن ولا تعرف الكثير. وبينما نمو وتكبر تعترض على هذه العلاقة مما قد يؤدي إلى توتر، بل وإلى صراع. فإذا تصرفت تصرف "الطفل صعب المراس" فإنك تدفع بوالديك ببساطة إلى مزيد من الانخراط في لعب دورهم - دور الأبوة، أي (الحالة الأولى)؛ وهذا سبب أهمية الحفاظ على رجاحة العقل وتجنب الاستجابة بشكل عاطفي بلا اندفاع وتهور عندما يحاول والداك أن يلعبا هذا الدور بينما تكون قد نضجت وكبرت.

۱۰أسئلة تجعل والديك يتحدثان بمزيد من البساطة والوضوح

  1. احكِ لي عن عائلتك - لكل عائلة حكاياتها وأسرارها، وأعضاؤها المهمون وأبطالها وفرسانها. لذا، شجع والديك على أن يقاسماك تلك الحكايات، بل إنك قد تكتبها.
  2. فسر لي السبب - لابد أنه مازالت لديك أسئلة من زمن طفولتك لم تتم الإجابة عليها حتى الآن. لذا، أعد استكشاف تلك الذكريات التي يكاد يطويها النسيان، وافهم لماذا كانت الأمور على ما كانت عليه، وكن مستعداً لتقبل تفسيراتهما وأن تواصل في الاتجاه نفسه.
  3. أين الوصية؟ - لا يروق لأحد أن يكتب وصيته، ولكن كتابتها أيسر كثيراً من الموت بدون ذلك. لذا، حاول إثارة الموضوع بكياسة ورقة، وتأكد من أنك نعرف المكان الذي يضعان فيه وصيتهما وغيرها من المستندات المهمة.
  4. من كان ذلك؟ - تصفح معهما ألبوم الصور العائلية، واطلب منهما أن يضعا التواريخ والأسماء على ظهر كل صورة؛ فذللك سيحفزهما على إنعاش ذاكرتهما ومقاسمتك حقائق مدهشة من ماضيهما - فلتعد أرشيفاً للعائلة.
  5. هل كنت مناضلاً قديماً؟ - فلتكتشف أي القضايا التي آمن بها والداك في شبابهما إيماناً شديداً: هل ناضلاً من أجل بلوغ أمور صارت الآن من المسلمات والأمور العادية للغاية؟ استكشف معهما كيف تغيرت وجهات النظر بمرور السنوات ومغزى ذلك بالنسبة لك وبالنسبة لخطة حياتك.
  6. كيف التقى والداك؟ - تقاسم معهما حكاية ارتباطهما العاطفي، وسوف يستثير ذلك حكايات أخرى من حكايات شبابهما. ماذا كان موقف جديك من علاقتهما؟ حاول أن تستفيد بعمق من تأمل علاقتهما.
  7. ما أهم منجزات حياتكما؟ - شجعهما على الاحتفاء بالنجاحات السابقة، وقارن منجزات والديك بأهداف حياتك أنت.
  8. ما أصعب مراحل حياتكما؟ - حاول أن تبين كيف تعامل والداك مع التحديات التي واجهاها؛ فقد تستمد المرونة من طريقة مواجهتهما المصاعب حياتهما
  9. ما الذي لا يزالان يرغبان في تحقيقه في حياتهما؟ - على الرغم من أنهما سوف يجيبان إجابات متواضعة، فلتلح قليلا عليهما؛ فسوف تكشف بداخلهما عن أحلام يمكنك المساعدة في تحقيقها، وسوف تجد أنه ليس هناك حد زمني للطموح الإنساني.
  10. ما التغيرات التي جرت في العالم من حولكما وأدهشتكما أكثر من سواها؟ - استكشف معهما إلى أي مدى قد تغيرت السياسات والميول وطرق القيام بالأمور، وناقشوا كيف أنها مستمرة في التغير، فارن جوانب حياتك بما كانت عليه في حياتهما وزمانهما.