أكثر الأشياء التي يجب أن نتذكرها أهمية هو: لا تقاوم أفكارك. العديد من الناس يقولون: "إنني أواجه صعوبة في التأمل لأنني لا أستطيع التوقف عن التفكير". إن مشكلتهم هي المقاومة. وكلما زادت مقاومتك لأفكارك، زادت إعاقتها لك. ولكن بمجرد أن تكف عن مقاومتها وتتركها تمر دون أن تمنحها انتباهك الكامل، فإنها ستكف عن التطفل.

أول شيء ينبغي أن تفعله هو أن تبطئ سرعة عقلك، وجسدك، وأحاسيسك. إنك تحاول صنع نوع من الفراغ يمكن ملؤه بالأفكار والترددات الإيجابية. إذا بدأت التفكير في أن المنزل يحتاج إلى التنظيف أو أنه يجب القيام بالتسوق، فتوقف على الفور ونظم عقلك لتعود إلى التأمل.

التأمل يشبه عكس اتجاه سير إطار. أولاً، يجب عليك أن تبطئ سرعة الإطار. وبعد أن تبطئ سرعته، عليك أن توقفه، ثم تبدأ في تسييره في الاتجاه المعاكس.

سيساعدك عقلك اللاواعي في هذه العملية. وبمجرد أن يعرف ما تحاول إنجازه، سيقوم بإنشاء عادة تمكنك من الوصول إلى هذه الحالة من الوعي. فقط واصل برمجة العادة الجديدة في عقلك اللاواعي وسوف تترسخ تلك العادة وتهيمن تلقائياً دون أي جهد مشتت من جانبك.

تلك التجربة تشبه كثيراً تشغيل قارب بخاري. لو أنه سبق لك أن فعلت هذا، فإنك تعلم أن القارب لا يعمل في أول مرة تشد فيها الحبل. تحاول مرة أخرى، وأخرى، وفجأة يبدأ المحرك في العمل. وهكذا الأمر مع التأمل، بعد أن تعيش هذا الشعور عدة مرات، تصبح التجربة أكثر وأكثر سهولة.

التأمل عملية من ثلاث خطوات:

 (1) استرخ وتحرر.

(۲) اتصل وأنصت.

(3) تخيل وأكد.

الطريقة التالية تدمج، في صورة مبسطة، جميع الاكتشافات والأساليب الحديثة لعلم النفس، والدین، والفلسفة الشرقية، والطب.

الخطوة الأولى: استرخٍ وتحرر

طالما كانت عضلاتك متوترة، فإنها تمتص الطاقة الجسدية والذهنية معاً. ولكي تتخلص من تلك الطاقة الكهربية المشتتة، قم بمد وإطالة جسدك بأكمله واجعل جميع عضلاتك مسترخية. بعدها اجلس مستقيماً في كرسيك وأغلق عينيك.

خذ نفساً عميقاً وأزفره ببطء وبشكل مريح. اشعر بنفسك بينما تسترخي. من الطبيعي أن تسترخي بينما تزفر. الآن اثنٍ أو شد عضلاتك بضغطها وإرخائها. ابدأ بذراعيك، ويديك، وكتفيك. وبعد ذلك، درب عضلات ظهرك وبطنك. وأخيراً، أرخٍ عضلات فخذيك، وسمانتيك، وقدميك. خذ نفساً عميقاً آخر واسترخٍ.

عند هذه النقطة، تعطي بعض المؤسسات طلابها "شعاراً"، وهو عبارة فارغة لا معنى لها الغرض منها منع العقل من التجول. إنك لست بحاجة إلى شعار. والسبب الوحيد الذي يمكن أن يجعل الشعار يفلح في تحقيق غرضه هو أنك تعتقد أن هذا سيحدث.

أفضل عبارة وجدتها هي "تحرر". فقط قل لنفسك: "تحرر". خذ نفساً آخر وكرر الكلمة إلى أن تشعر بنفسك وأنت تتحرر من جميع همومك، ومخاوفك، وأفكارك السلبية. استمر في تكرار تلك الكلمة إلى أن تشعر بالهدوء والسلام ويكون عقلك خالياً من التفكير الواعي، عند هذه النقطة، ستكون منفتحاً ومتقبلاً.

الخطوة الثانية: اتصل وأنصت

هذا عمل يوسع العقل. كل مفكر، أو فيلسوف، أو عالم عظيم اختلف مع زملائه في العديد من الأشياء، ولكن الشيء الوحيد الذي اتفق عليه الجميع هو أن هناك عقلاً إبداعياً شاملاً واحداً في الكون كله. هذا العقل هو أصل جميع التفكير.

    وحدسك ومرشدك المباشر ينبع من الوعي الفائق، من خلال اللاوعي. تذكر أن اللاوعي مفتوح من ناحيتين.                  

فمن ناحية، هناك تدفق وارد للأفكار الإبداعية من الوعي الفائق. ومن الناحية الأخرى يتلقى اللاوعي التعليمات من جانب العقل الواعي للمخ. وكما علمت، فإن العقل الواعي أو التفكير المنطقي يخدعك عن طريق تحريف وتشويه منظورك للواقع، وبالتالي، تصرفاتك. ولكي تتصل بالعقل الإبداعي الشامل الذي يعبر عن نفسه من خلالك، عليك أن تهدئ عقلك الواعي، الأمر يشبه امتلاكك وتحكمك في محطة ضخمة لتوليد القوة الكهربية بها مولد كهربي هائل في خدمتك. بمجرد أن تسمح لهذه الطاقة بدخول وعيك، ستكون حياتك بمثابة تجربة قوية وفعالة!

ليس من الضروري أن تحاول فهم أو معرفة كيفية عمل تلك القوة. كل ما عليك أن تعرفه هو أنها موجودة وسوف توجهك، وتسمح لك بتجاوز أي مشكلة أو عقبة من عقبات الحياة. اقضٍ بضع دقائق في تأمل حقيقة أن نفس القوة التي تحافظ على الشمس، والسحب، والكواكب، والبحار موجودة بداخلك. اعلم أنك تمثل تعبيراً عن هذه القوة. واعلم أنها كاملة ومطلقة. دع عقلك يسبح فيها. امنحها فرصة دخول وإنارة وعيك. اعلم أنك متوحد مع هذه القوة المطلقة غير المحدودة.

إذا كانت لديك أي حاجة، أو مشكلة تؤرقك وتبحث لها عن حل، فاذكرها بإيجاز، لاحظ أنني قلت بإيجاز. إنك تتعامل مع عقل يعرف كل شيء، لذا فإنك لست بحاجة حقاً إلى أن تقول أي شيء. إنك تقول من أجل مصلحتك الشخصية، بعد أن تفعل هذا، حرر تفكيرك. دع عقلك يعمل كشاشة رادار ويستشعر أثره التوجيهي. کن منفتحاً ومتقبلاً لأي حدس أو توجيه تتلقاه.

تعلم أن تتبنى موقف إنصات كما لو كنت تتوقع سماع شيء ما. وكما قلت سابقاً، فإن التأمل يكون صعباً أحياناً عندما تفكر في حاجتك أو مشكلتك. ولكن، في عملية التأمل المكونة من ثلاث خطوات تلك، تقوم بتنحية التفاصيل جانباً إلى أن تجهز نفسك، ثم تنصت. التأمل هو وقت إسكات أفكارك المشتتة والإنصات إلى مكنون نفسك بدلاً من الإنصات إلى ثرثرة عقلك الواعي.

    بالممارسة والتمرين، سوف تدرك فجأة أنك تنصت. سوف يأتي التوجيه من خلال حدسك. عندما تتلقى حافزاً قوياً، ستشعر بدافع مفاجئ للعمل: لفعل شيء ما، للاتصال بشخص ما، أو الذهاب إلى مكان ما. تلك هي الإشارة، وهذا هو اتجاهك. ثق به، تصرف وفقاً                 لهذا التوجيه. من غير الممكن أبداً أن يكون على خطأ لأن عقلك اللاواعي متصل بمصدر العقل شامل المعرفة من خلال الوعي الفائق.

لا ترفض أفكاراً أو دوافع معينة لمجرد أنك لا تحبها أو لا تصدقها، أو لأنها ليست كما تعتقد أنها يجب أن تكون عليه. احذر عقلك الواعي أو المنطقي لأنه يعمل ضدك. اتبع التوجيه الذي تتلقاه. عندما تتلقى اقتراحات بشأن الذهاب إلى مكان ما أو القيام بعمل ما، اذهب إلى حيث قيل لك وافعل ما أوحي لك. دع عقلك اللاواعي يتولٍ السيطرة الكاملة. إذا فعلت هذا، فسوف تصادف أشخاصاً أو ظروفاً يمكن أن تساعدك. لقد عشت هذه التجربة مئات المرات.

فقط أنصت إلى، وتقبل، وافعل ما يخبرك به حدسك بالضبط إذا قال لك بأن تترك شيئاً ما وشأنه، فأتركه وشأنه، وإذا قال لك أن تغير شيئاً ما، فغيره على الفور. لن تستطيع تغيير حياتك ما لم تفعل شيئاً مختلفاً. تذكر: إذا واصلت القيام بالعمل الذي تقوم به دائماً، فسوف تستمر في حصد نفس النتائج التي تحصدها دائماً. هل هذا جيد؟ إذا لم يكن كذلك، فأنصت إلى التوجيه الداخلي وافعل شيئاً مختلفاً!

 

 

الخطوة الثالثة: تخيل وأكد

خذ بضع لحظات وتخيل وأكد على أي شيء ترغب في أن تكونه، أو تفعله، أو تملكه في حياتك. أي كلمات يتم تكرارها بيقين واقتناع مراراً وتكراراً في هذه الحالة من الوعي، خاصة إذا كانت مرتبطة بالخيال، من المؤكد أنها ستصبح حقيقة.

تخيل شاشة ذهنية أمامك. يمكنك تغيير حياتك عن طريق رؤية نفسك تقوم بالأشياء التي ترغب فيها بواسطة تغيير الصور في عقلك. السر هو أن تتخيل نفسك وكأنك حققت بالفعل هذه الأشياء. إذا كنت تريد الصحة فتخيل نفسك تتمتع بصحة ممتازة. وإذا كنت تريد المال، فتخيل نفسك تنفق الكثير من المال وتتمتع به. تخيل دفتر شيكاتك ورصيدك الضخم من المال. وإذا كنت ترغب في أن يتوسع مشروعك وينمو، فتخيل زيادة عدد العملاء أو الزبائن. وفي كل موقف، تخيل نفسك مبتسماً وسعيداً.

    تخيل أمنياتك بأكبر قدر ممكن من الوضوح. لا ترها فحسب، ولكن اشعر بها أيضاً. إنها تكون واقعاً فعلياً بمجرد أن تتمكن من تخيلها. هل تذكر كلمات البروفيسور جيمس؟ قال الرجل: "إن أعظم اكتشافات عصرنا هو أن الإنسان يستطيع تغيير الأوجه الخارجية لحياته عن طريق تغيير الأوجه الداخلية لتفكيره".

ادعم الصور بتأكيدات أو عبارات إيجابية ترتبط بما ترغب في تحقيقه. يمكنك الاختيار من بين التأكيدات والعبارات الواردة في الفصل الأخير من هذا الكتاب، أو صياغة التأكيدات والعبارات الخاصة بك. استمر في ترديدها بصمت أثناء التخيل. وتذكر دائماً أن الكلمات لها قوة إبداعية.

وأخيراً، اشكر الله ذهنياً. هذا سيجعلك تدرك بوعي أن رغباتك في طريقها إلى التحقق وسوف يتركك في حالة من التوقع والترقب. وهذا أمر ضروري للغاية من أجل تحقيقها. افتح عينيك وتمدد واستمتع بشعورك بالاطمئنان حيال تحقق أو تلبية رغبتك.

كلما مارست التأمل أكثر، زاد حبك له أكثر. وكلما مارست التأمل أقل، وجدته أكثر صعوبة وإزعاجاً لك. وكلما زادت ممارستك له، كانت المكافآت والمردودات أكبر وأعظم.