الفشل جزء ضروري من النمو إلا أنه يخلق أحد أقوى المخاوف التي تراود معظم الناس، عندما كنت طفلاً، لم يكن يزعجك الفشل. فعندما کنت نتزحلق على الجليد وتسقط وتجرح نفسك، تنهض وتبدأ التزحلق من جديد. هل كنت تعتبر نفسك فاشلاً في كل مرة سقطت فيها؟ بالطبع لا!

    إن كل شيء تعلمته عندما كنت طفلاً كان من سبيل التجربة والخطأ. أحياناً كنت تحقق النجاح، وأحياناً                                     أخرى لم تكن تفعل. وعندما كنت لا تحقق النجاح، كنت ببساطة تحاول مرة أخرى حتى يكون النجاح حليفك. لم تكن تدين أو تنسحب وتعقد العزم على ألا تحاول مرة أخرى أبداً. كان الفشل مقبولاً كجزء من عملي النمو.

ومع الأسف، في مرحلة ما على طريق نمو وتطورك، التقطت فكرة أن الفشل ليس شيئاً جيداً. لقد أصبحت شديد الاهتمام والقلق بشأن ما سيعتقده الآخرون عندما يحدث الفشل. لقد كنت تشعر أنه ينبغي عليك دائماً أن تبدو بمظهر جيد في نظر أفراد عائلتك، وأصدقائك، ومجتمعك.

لعلك تكون قد قررت أن أفضل طريق لتجنب الفشل هو أن تعمل فقط على تلك الأشياء التي يكون النجاح فيها مضموناً مسبقاً. وحيث إن الأشياء التي نكون متأكدين منها بنسبة مائة بالمائة قليلة جداً في الحياة، فإن نشاطاتك ستكون بالضرورة محدودة. الأرجح أن أصل هذا الموقف الذهني يعود إلى فترة مراهقتك عندما كنت تكافح لنيل قبول نظرائك. معظم المراهقين يفضلون الموت على أن يبدوا حمقى، أو أغبياء، أو فاشلين أمام نظرائهم.

لقد أهدرنا الكثير من الوقت خلال مراهقتنا في مقارنة أنفسنا بالآخرين. وبينما كنا ننظر حولنا، كان يبدو لنا دائماً أن نظراءنا لديهم مصادر قوة لا نعتقد أنها لدينا. لذا، ولكي لا نعرض أنفسنا للتحدي، واحتمال الفشل، بدأنا في الانسحاب. كان الفشل شيئاً يجب علينا تجنبه مهما كلف الأمر، وكان القبول والاستحسان هو أقوى دوافعنا.

وعندما أصبحت هذه العادة مطبوعة في عقولنا اللاواعية، تسبب فكرنا المحدود في جعلنا سجناء ولكي نستطيع العمل، قمنا بصنع منطقة ارتياح تمكننا من تجنب المواقف غير السارة ونظاماً نشعر بالراحة معه، ومع الأسف، فإن منطقة ارتياحنا تغلق جميع إمكانياتنا غير المحدودة التي توجد خارجها وتمنعنا من استخدامها.

    إذا أردنا الخروج من منطقة الارتياح التي صنعناها، يجب علينا مصادقة الفشل. وعندما نقرر التخلي عن حاجتنا للقبول والاستحسان، فلن يهم عدد الأخطاء التي نرتكبها طالما أننا سنصل إلى هدفنا النهائي. أجرى توماس أديسون ۱۰۰۰۰ تجربة قبل اختراع المصباح الكهربائي، ودون استسلام، لم يصنف أي من هذه التجارب على أنها فشل. وبدلاً من ذلك، قال إنه تعرف بنجاح على ۹۹۹۹ طريقة لا يفلح بها اختراعه!

ما نتحدث عنه هنا هو الإصرار. تلك هي الصفة الفعالة التي تفرق بين أصحاب الإنجازات وبين غيرهم، وكثيراً ما تحل هذه الصفة، بشكل مدهش، محل الذكاء، والمعرفة، والتعليم، وحتى الخبرة. فهؤلاء الذين يتسمون بالإصرار يرفضون السماح لأي شخص، أو ظرف، أو حالة بالوقوف في طريقهم. عبر كاتب عن ذلك المعنى بقوله:

لا شيء في العالم يمكن أن يحل محل الإصرار.

الموهبة لا تستطيع ذلك. وليس هناك شيء أكثر انتشاراً من أصحاب المواهب غير الناجحين. والعبقرية لا تستطيع. والعبقرية التي لا تلقى التقدير والنجاح یکاد يضرب بها المثل، والتعليم لا يستطيع. فالعالم مليء بالمتعلمين المهملين. الإصرار والمثابرة وحدهما أسمي وأكثر أهمية.