حسناً، قد يكون أوان الادخار منذ الصغر قد فات بالنسبة لك. فلا يمكننا الرجوع وتغيير الماضي. لكنك بكل تأكيد قادر على أن تعلم أولادك هذه الحيلة المهمة، ولا اقترح هنا أن تكون بخيلاً وأن تقتر على نفسك وأولادك فقط من أجل الادخار في حد ذاته، فالادخار يجب أن يكون شيئاً نفعله بصورة طبيعية، وأنا اعتقد أنك ستفهم هذه القاعدة سريعاً إذا ما كنت تدير عملك الخاص – أو إذا ما حدث ووجدت نفسك مفلساً. كلما أتاح مبلغ من المال، دع منه جزءاً جانباً وذلك من أجل ضرائب القيمة وضرائب الدخل. إذا لم تفعل هذا فستدور حول نفسك في حيرة حينما يقترب موعد سداد هذه المستحقات. إذا ما نحيت جانباً اكثر مما هو مطلوب منك، ستكون المبالغ المتبقية بمثابة مدخرات، وبالطبع قد تفشل مرة أو اثنتين في فعل هذا الأمر قبل أن يصير شيئاً طبيعياً يسهل عليك تذكر فعله.

ومن الأسهل أن تحدد "نسبة" معينة من دخلك، وذلك حتى لا تضطر للتفكير في القدر الذي ستدخره. إن النسبة التي استخدمها هي خمسون بالمئة من دخلي، حيث أضع نسف ما أكسب في حساب مدخراتي، وهكذا لا أضطر للتفكير في القدر الذي سأدخره، وانا أعلم أن قدراً من هذا المال المدخر سيذهب للضرائب وخلافه وان الباقي هو صافي المدخرات، ومن وقت لآخر أقوم بنقل هذه المبالغ

 

المتبقية إلى حساب مدخرات آخر، وهو بمثابة الحساب الادخاري المتميز، ومن هذا الحساب الادخاري المتميز، يمكنني نقل أموالي إلى صندوق المعاشات أو الحساب الادخاري الفردي الخاص بي أو أي حساب آخر مشابه.

وهذه هي الطريقة السهلة التي أدخر بها المال، ولا أحتاج للتفكير بها كثيراً،ـ كما أنني انقلها كذلك إلى أولادي – حيث أعلمهم أن ينفقوا نصف مصروفهم ويدخروا النصف الآخر، واتمنى أن يجدوا هذه الوسيلة سهلة في الفهم والتطبيق وان يتذكروها دائماً، وذلك حتى إذا ما احتاجوا بعض المال أثناء وجودهم في الجامعة أو ما شابه، استطاعوا أن يستفيدوا من المال الذي ادخروه.

وانا أتمنى: أ) أن لو كنت بدأت الادخار في سن مبكرة.

ب) أن لو علمني أحد هذا منذ صغري. إن الكثيرين من الأثرياء يقولون إنهم اضطروا لإدارة شئونهم المالية منذ سن مبكرة،ـ ويبدو لي أن هذا جزء أساسي من عملية تكوين الثروة.

وأنا أشعر بسعادة كبيرة عندما أرى أولادي يتعلمون كيفية التعامل مع المال ويبدو لي أن هناك اساساً جينياً يحدد نظرة الإنسان نحو الإسراف أو الادخار، فقد تعامل الأولاد كافة بنفس الأسلوب فيما يختص بالمال، لكن نجد أن أحدهم يسهل عليه الادخار  بينما آخر يسرف بسفه ولا يستطيع ادخار قرش واحد بينما ثالث لا يهتم بأمر المال سواء من حيث الانفاق أو الادخار.

وأنا أؤمن بشدة بإمكانية تعديل أي مظاهر سلوكية غير قويمة تأصلت في الإنسان عبر مرحلة التنشئة، ولن يجديك نفعاً أن تجلس في بؤس وتلقى باللائمة على الآخرين، وعليك أن تقوم بتغيير الأمر بنفسك، لابد للإنسان أن يتولى المسئولية ويدرب نفسه، لكن بالطبع إنك لا تحتاج لهذا التغيير لو أنك تتصرف بالصورة اللائقة بالفعل.