أجرى كثيرون عددًا كبيرًا من اختبارات الشخصية وأتموها وخرجوا منها وقد صنفوا الشخصيات وفقا للون محدد أو مجموعة من الحروف أو حيوان ما، من دون أن يدركوا بصورة أفضل أن أسلوب برمجة الشخصية يختلط بالتجارب التاريخية والخيارات الشخصيّة.

في واقع الأمر، إننا شخصيات شديدة التعقيد، أكثر بكثير مما قد يخبرنا به أي اختبار على شبكة الإنترنت.

يجدر بجميع البشر أن يتمكنوا من المُساهمة بحرية باستخدام أصواتهم الأصلية الطبيعية من دون أن يتم تهميشهم أو إيذاؤهم “ ليست الأصوات التي يشعرون بأنه يجب عليهم أو يجدر بهم استخدامها، بل الأصوات التي تعكس حقيقتهم الفعلية.

ولكن، نادرا ما يتحقق هذا الأمر، وسنحاول في هذا الكتاب أن نساعدك، عزيزي القارئ على تحقيق أمرين شديدي الأهمية: اكتشاف صوتك والتواصل بفاعلية أكبر.

لذا، بسطنا العملية المعقدة للشخصية عبر ابتكار الأصوات الخمسة: الرائد، والمتواصل، والوصي، والمبدع، والراعي - لمساعدتكم على فهم حقيقتكم ورؤية كيف يبدو الأمر على الجانب الآخر من أصواتكم.

وسنساعدكم على استكشاف أسلوب كتابتكم الفطري، إلى جانب تاريخ تنشئتكم وكيف تؤثر اختياراتكم الشخصية على أسلوب تصرفكم اليوم.

سيمنحكم هذا الكتاب مجالاً لفهم نظام أصواتكم وسيستكشف إسهامات كل صوت منها فيما يسمعه الناس ويمرون به، ومن شأن التغيير المتعمد الذي يحدث في البداية في داخلكم أن يؤثر على كل من يحيطون بكم، سواء كنت قائدا أو مجرد إنسان منشغل يرغب في زيادة تأثيره وفاعليته.

إليكم وصف "ستيف كوكرام" لكيفية ابتكاره للأصوات الخمسة والهدف منها:

كرائد مبتدئ، لم أكن أملك أية فكرة عما يبدو عليه أمر أن أكون على الجانب الآخر من نفسي. منذ عدة سنوات، شجعني صديقاي، "مايكل وليلي نيومان" ، على أن أدرس اختبار مايرز – بريجز- لتحليل الشخصية، واختبار اتجاه العلاقة الأساسية بين الأفراد - السلوك ( 13- )، الأمر الذي جعلني أبدأ رحلتي نحو اكتشاف ذاتي وإحداث تغيير جذري في حياتي- ولكن، عندما أدركت أنه يمكنني أن أساعد الآخرين على التحسن أيضًا، واجهت عقبتين.

الأولى، ما أدرسه للناس كان من شأنه إحداث تغيير جذري في حياة كل من يدرسونه، ولكنهم لم يتمكنوا من تحقيق هذا التغيير بأنفسهم؛ بل كانوا بحاجة دومًا إلى مرشد مثلي لمساعدتهم على فهم واقعهم.

ورغم أن هذا الأمر كان سيعود على بمنافع مادية وشخصية عدة، فكثيرًا ما تساءلت عما إذا كان من الممكن الخروج بأفكار متعمقة من ١٦ كتابًا مختلفة عن الشخصية وإعادة جمعها بطريقة لا تؤثر على قوتها ولكنها تبسطها من أجل القارئ العادي، تبسطها بدرجة تجعلها قابلة للتطوير.

وكان هذا الكتاب هو نتاج تلك العملية: الرغبة في تحويل الأمور المعقدة إلى بسيطة حتى يتمكن الناس من معرفة أنفسهم بالقدر الذي يكفي لأن يقودوا أنفسهم.

والثانية، تزوجت من زوجتي الرائعة هيلين التي تبين أنها الشخصية المناقضة لشخصيتي تمامًا في كل ما يتعلق بالشخصية وأسلوب التفكير. وقد تعلمنا، على مدار ال ٢٣ عانا الماضية، أن نتقبل الاختلافات بين شخصية كل منا، ولكنها لم تكن دونا مهمة سهلة. لقد منحنا هذا الكتاب المفردات واللغة التي مكنتنا من فهم وتقدير بعضنا جيدًا. كانت رغبتي هي تغيير العالم عن طريق مساعدة الناس على فهم بعضهم والتواصل فيما بينهم بطريقة فعالة. فلقد آمنت بأن هناك قدرة كبيرة كامنة في كل فريق ومؤسسة لم تستغل بعد.

إن إطلاق العنان للحكمة والقوة الكاملة للأصوات الخمسة يمتلك قدرة كبيرة على تغيير عالم الكثير من الناس.

إن كنت ترغب في رؤية مدى تغير شخص ما بعد المرور بعملية الأصوات الخمسة، فاقرأ وصف الكولونيل "ابيل ديماركو"، من القوات الجوية الأمريكية، لها:

لقد مرت علي ٣ سنوات منذ البدء باستخدامها، وكأحد القادة العسكريين، كثيرًا ما كنت منبهرًا بجميع تقييمات القيادة، إلا أن عملية الأصوات الخمسة أوضحت الكثير من الأمور للفرق التي أعمل معها - وكذلك لي- لطالما اعتقدت، كرائد/ مبدع، أن الوضع الراهن قد وجد ليتم تغييره. ولم تكن التصريحات هي المشكلة الحقيقية، حيث يمكننا دوما أن نطلب السماح.

إن الرؤية القوية للمستقبل هي القوة الدافعة الحقيقية نحو النجاح، وكان الشعار الأهم بالنسبة لي هو أن جميع البشر لا يعيشون طبقًا للشعارات نفسها.

إن اللحظة الفارقة فيما يتعلق بالقيادة هي أن الأمر يتطلب فريقًا مكونًا من جميع الأصوات الخمسة لتحقيق النجاح الحقيقي. تأمل قصص شركة دي سي المصورة تحت عنوان فريق العدالة- فريق مذهل من الأبطال الخارقين يمكنهم قهر جميع الأشرار.

تنبع قوة فريق العدالة الحقيقية من تنوع شخصيات أفراده، وينجذب الكثير من هواة القصص المصورة إلى شخصيات سوبرمان أو باتمان، وقد يسخرون من شخصيات على غرار أكوامان، ولكن من دون أكوامان، لن يتمكن الفريق من تحقيق أي شيء تحت سطح الماء.

تأمل عملية الأصوات الخمسة: يمكنني كرائد أن أضع تصورًا متعمقًا عن المستقبل، ولكن من دون صوت الوصي أو صوت الراعي، سيتفتت فريقنا بسرعة عندما ننسى حاجات الأفراد أو التاريخ والأدوار والكيانات التي تحكم منظومتنا.

لتبسيط الأمر أكثر، كان الدرس الأهم الذي تعلمته كرائد هو الاستعانة بنقاط ضعفي.

وقد بدأنا مؤخرا بتكوين فريق من القادة الشباب للإشراف على الأهداف، لقد تواصلت مع بعض من زملائي الضباط لاستطلاع من قد يهتم بالأمر.

وعندما بدأت بشرح عملية الأصوات الخمسة لهم، صعقت عندما وجدت أن هؤلاء الضباط الستة كانوا يمتلكون نزعات ريادية وإبداعية وتواصلية قوية، ولكننا كنا نفتقد نزعات الأوصياء والرعاة. لماذا؟

لقد بحثت، دون قصد، عن قادة يفكرون مثلي - خطأ كبير؛ حيث لم تكن النقاشات بيننا عميقة، ووجدنا أننا نتفق أكثر مما نختلف، وكنا ننظر إلى جميع المشكلات تقريباً من وجهة النظر نفسها.

بدا الأمر كأنني قد انجذبت إلى أشخاص يشاركونني تصورًا قويًا عن المستقبل، ولكن من دون وجود نقاط ضعف ظاهرة في فريقنا كان الفشل الحتمي مقدرا لنا.

لقد أدركت الآن أن الأصوات الخمسة جميعها متواجدة في داخلي، وقد قضيت وقتًا كبيرا في العمل على صوتي الراعي - رغم أن الأمر بدا مخيفًا وصعبًا. إنني أهتم كثيرا بمن أعمل معهم، وكان من الصعب التواصل مع هذا الصوت في بعض الأحيان، ولكن تحسَّن الوضع بالمُمارسة.

ولقد وجدت أن الأشخاص المقربين مني وأفضل من يعرفونني يتمعتعون بالعطف والصبر والتفاهم عندما بدأت العمل على أصواتي الثانوية. تلك هي قوة الأصوات الخمسة، وسبب حاجة الجميع لفهمها.

يحتاج باتمان إلى أكوامان في الفريق!

لماذا نحتاج إلى مفردات الأصوات الخمسة

على مدار السنوات القليلة الماضية، كنا نعلم الناس الأصوات الخمسة، وتشرفنا بالعمل مع قادة من الكثير من القطاعات والمجالات كانوا جميعا تقريبا قد خضعوا للعديد من اختبارات الشخصية من قبل، ولكن قلة فقط منهم من تمكنوا من تذكر نتائجها، لذا، كانت شخصياتهم أكثر تشتاً مما كانت عليه من قبل؛ لأنهم لم يتمكنوا من معرفة ما عليهم فعله بالمعلومات التي تلقوها من تلك الاختبارات التي لم تتكرر.

وقد أثبتت الأصوات الخمسة أنها شديدة البساطة لدرجة أن الجميع تمكنوا من تذكُرها وبدأوا باستخدامها منذ لحظة معرفتهم بها.

لم تكن لغة الأصوات الخمسة البسيطة تلك سهلة التذكر وسهلة المشاركة فحسب، بل إنها جعلت أ يضًا عملية التحول مُمكنة.

إليكم فيما يلي كيف تمكن أحد القادة من تنفيذ جميع الأصوات الخمسة في مؤسسته، كمثال. وسأقدم لكم المزيد من الأمثلة على مدار هذا الكتاب:

لقد شهدت تأثيرا كبيرًا في حياتي وأسرتي، وفي عملي أيضًا. وبعدما تعلمت الأصوات الرئيسية وكيفية الوصول إلى الأصوات غير الطبيعية، زاد إدراكي لما تبدو عليه الأمور على الجهة المقابلة مني (رائد).

لقد أصبحت شركتي بأكملها الآن تتحدث بلغة الأصوات الخمسة، وهذا أمر رائع بالفعل، وأصبحت أرى تحولا كبيرا في فرقنا من خلال استخدام لغة جديدة وعقلية جديدة تتعلق بالتحفيز على ابتكار أدوات قيادة جديدة.

كان التغير الأكبر الذي رأيته في فرق مؤسستنا هو كيف تطورت العلاقات طويلة الأمد فيها بصورة إيجابية.

وأخيراً وليس آخرًا، سنُعرفكم بمفهوم أطلقنا عليه اسم فرق المائة ضعف، ويخص هذا المفهوم أولئك الذين يفكرون بشكل جدي في تصحيح مسار الفرق وتحسين حالتهم، ثم تعلُم كيفية مضاعفة تلك الحالات في كامل مؤسساتهم وأسرهم.

إن هدفنا في هذا الكتاب شديد الوضوح، وهو أننا نرغب في مساعدتك على:

  1. اكتشاف صوتك الرئيسي وتعلم كيفية زيادة براعتك في استخدامه.
  2. - إدراك سبب تحدث وتصرف أصوات بعينها بطرق معينة، ومنحك الأدوات التي لن تساعدك على التعامل معها فحسب، بل ستساعدك أيضًا على تحسينها بشكل كبير.
  3. - تشكيل ثقافتك، والتواصل بوضوح، وإنشاء فريق مُنسجم ومُزدهرومُتميز.
  4. - تغيير عالمك الشخصي، بدءًا بطريقة تواصلك مع أسرتك ووصولاً إلى طريقة تعاملك مع من تقضي أغلب ساعات اليوم معهم.

إنَّ مفهوم الأصوات الخمسة بسيط ولكنه عميق؛ فقد صمم لمساعدتكم على مضاعفة تأثير ممارساتكم ومبادئكم القيادية الصحيَّة على فرق عملكم أو مؤسساتكم بأكملها. وإن مارستم الأصوات الخمسة، فسينتقل أسلوب تواصلكم مع كل من تقودونهم في المنزل والعمل إلى مستوى أعلى.

نأمل أن تستمتعوا بطريقة عرضنا للحقائق والأفكار التي يحتويها هذا الكتاب، والتي غيرت من حياتنا، وأثرت في حياة كل من عملنا معهم في جميع أنحاء العالم، ونعلم أنها ستؤثر في حياتك أنت أيضاً.