لا التعليم ولا الخبرة ولا المعرفة ولا القدرة العقلية، لا يوجد في أي هذه العوامل ما يصلح كمؤشر لأسباب نجاح شخص وفشل شخص آخر، هناك أمر آخر يبدو أن المجتمع لا يلقي له بالاً.

نرى أمثلة من دلك الأمر كل يوم في أماكن العمل والمنازل ودور العبادة والمدارس وبين الجيران. نلاحظ معاناة أناس أذكياء على قدر عالٍ من التعليم، فيما ينعم بالرخاء أناس يظهر من مهاراتهم أو صفاتهم القليل. ومن ثم نطرح السؤال على أنفسنا؛ لماذا يحدث ذلك؟

وغالباً ما ترتبط الإجابة بذلك المصطلح الذي يطلق عليه "اسم الذكاء العاطفي". وعلى الرغم من صعوبة التعرف على الذكاء العاطفي وقياسه – مقارنة بحاصل الذكاء العادي – وصعوبة تضمينه في السيرة الذاتية، إلا أنه قوة لا يستهان بها.

 والأن لم يعد الأمر خافياً على أحد، فقد صار الذكاء العاطفي حديث الناس وشغلهم الشاغل لبعض الوقت، إلا أنهم – نوعاً ما – لم يتمكنوا من فك رموز قوته. وفي نهاية الأمر، نسعى كمجتمع نحو الاستمرار في تركيز أكبر قدر من طاقات تطوير الذات لدينا في الحصول على المعرفة والخبرة والذكاء والتعلم. وقد يكون الوضع على ما يرام إذا أمكننا القول – بكل صدق – إننا ندرك مشاعرنا بشكل تام، ناهيك عن مشاعر الآخرين، ونفهم كيف تؤثر تلك المشاعر على حياتنا بشكل أساسي يومياً.
أعتقد أن تلك الفجوة ما بين شيوع مصطلح الذكاء العاطفي وبين تطبيقه على المجتمع ترجع لسبب من شقين: أولهما، أن الناس لا يفهمون ماهية الذكاء العاطفي، فيخطئون في النظر إليه باعتباره أحد أشكال الجاذبية الشخصية أو الألفة الاجتماعية. أما الشق الثاني، فيكمن في نظرهم إلى الذكاء العاطفي كملكة تتوفر لدى الشخص أو ينعدم وجودها. ولا يعتبرونها أمراً قابلاً للتطوير.
وهنا تبرز أهمية هذا الكتاب. فبعد فهم ماهية الذكاء العاطفي وكيفية إدارته في حياتنا، نستطيع أن نسعى نحو الاستفادة مما حققناه من ذكاء وتعليم وخبرة طيلة السنوات الماضية.
لذلك، سواء كان أمر الذكاء العاطفي يدور بخاطرك منذ عدة سنوات، أو كنت لا تعرف عنه أي شيء، فإن هذا الكتاب يمكنه أن يغير طريقة تفكيرك في النجاح بشكل جذري. وقد ترغب في قراءته مرتين لا مرة واحدة فحسب.

باتريك لينشيوني
مؤلف كتاب The Five Dysfunctions of a Team،
رئيس تيبل جروب.