نظرية الصقور:

تتمتع الصقور بخاصية مميزة، حيث تحلق على ارتفاع مئات الأقدام فوق سطح الأرض، وتنظر إلى الأرض فترى كل ما يحدث من أسفلها، أما تلك الكائنات الموجودة فوق سطح الأرض فتنظر إلى الحياة بمنظار ضيق للغاية، حتى إنها لا تدرك أن الصقر يحلق أعلاهم متوقعاً كل حركاتهم قبل أن تقوم بها.

ألن يكون الأمر رائعاً لو صرت كالصقر؟

تنظر إلى نفسك من أعلى في المواقف الوعرة التي تسعى للسيطرة على سلوكك؟ فكر في كل الأشياء التي سوف يصبح بإمكانك أن تراها وتفهمها عندما تحلق عالياً. كما أن التزامك الموضوعية سوف يطلق سراحك من قبضة مشاعرك، وستعرف بالتحديد ما الذي عليك فعله حتى تحقق نتائج إيجابية.

ورغم أنك لست صقراً بالفعل، فلا يزال بإمكانك أن تطور فهماً أكثر موضوعية لسلوكك الخاص. يمكنك ممارسة ذلك عبر ملاحظة مشاعرك وأفكارك وسلوكياتك أثناء ظهور الموقف أمامك.

أهمية مراقبة المواقف من أعلى كالصقر:

إن الهدف في الأساس هو أن تهدئ نفسك وتستوعب كل ما تلاقيه أمامك، فتتيح الفرصة لعقلك حتى يعمل على معالجة كافة المعلومات المتاحة قبل أن تفعل شيئاً.

إليك هذا المثال : 

لنقل إن لديك ابناً مراهقاً، وهذا الابن قد تأخر ساعتين عن موعد عودته ليلاً يوم الجمعة. بينما أنت جالس في حجرة المعيشة، تنتظر أن يدلف عبر الباب، ويتذرع بتبرير مبتدع لأسباب تأخيره. وعدم رده على الهاتف المحمول.

وكلما ازدادت فترة جلوسك وأنت تفكر في تجاهل ابنك لسلطتك الأبوية وساعات النوم التي استقطعها منك، راح الدم يغلي في عروقك. وسرعان ما تنسى السبب الرئيسي الذي يضايقك؛ وهو قلقك على سلامته. بالفعل أنت تريده أن يلتزم بالقواعد، إلا أن فكرة وجوده بالخارج متصرفاً بتهور هي ما يبقيك مستيقظاً.

عند مراقبتك لنفسك من أعلى كالصقر، فإن الأمر يتطلب الاستفادة من هذا الهدوء قبل العاصفة. تدرك أن جام غضبك سوف يشتعل ما أن يتلفظ بأعذاره الواهية، كما تدرك أنه من المحتمل ان يتبع قواعدك إذا استطعت أن تجعله يدرك ويحس بمسئوليتك.

وتلك هي اللحظة التي تحتاج فيها أن تضع في الحسبان منظور العالم للموقف بأكمله من أعلى. تدرك أن إطراقك في التفكير يذكي لهيب غضبك. وتتذكر أنه مجرد طفل مطيع راح مؤخراً يتصرف كأي مراهق عادي.

تعرف أن غضبك لن يغير منه شيئاً؛ فلم ينجح في تغييره حتى الآن.

وبعد أن صارت الصورة الآن أكبر حجماً وأكثر وضوحاً، تُقرر أن تشرح أسباب عقابه وما الذي أثار ضيقك إلى هذا الحد، لا أن تفقد أعصابك. وعندما يعود في نهاية الأمر متسحباً إلى المنزل، ويوقع المصباح الموضوع على الطاولة الصغيرة في الظلام، تشعر بالامتنان؛ لأنك تستطيع أن ترى الوضع بأكمله، وليس ما يجري أمامك فحسب.