• أصل تسمية سلطنة عُمان

عُمان بضم أوله وفتح ثانيه ثم ألف بعدها نون، اسم أطلقه العرب علي تلك المنطقة الواقعة إلي الجنوب الشرقي من الجزيرة العربية، والتي تطل علي بحر العرب وخليج عُمان والخليج العربي([1])، وقد اختلفت الآراء حول أصل التسمية فالبعض يرجعه إلي قبيلة عُمان القحطانية، والبعض يأخذه من معني الاستقرار والإقامة، فيقول الأعرابي: العُمن أي المقيمون في مكان، ويقال رجل عامن وعُمون ومنه اشتقت عُمان، وقيل أعمن دام علي المقام بعُمان، ويقول الزجاجي، أن عُمان سميت بهذأ الاسم نسبة إلي عمان بن إبراهيم الخليل عليه السلام، بينما يذكر الكلبي: أنها سميت باسم عمان بن سبأ بن يغثان بن إبراهيم خليل الرحمن لأنه هو الذي بني مدينة عُمان([2])، أما شيخ الربوة فيقول: إنها سميت بهذا الاسم نسبة إلي عمان بن لوط النبي عليه السلام([3])، وقيل إن الأزد سمت عُمان (عُمانا) لأن منازلهم كانت علي واد لهم بمأرب يقال له عمان فشبهوها به([4]).

ومهما يكن الامر، فإن اسم عُمان يعود إلى عصور وحقب تاريخية قديمة، وإذا رجحنا أن عُمان حملت هذا الاسم نسبة الي واد في اليمن يسمي عُمان، أو إلى قبيلة يمنية تحمل نفس الاسم([5])، أو إلى شخصيات أراد العرب أن يخلدوا ذكرهم لما كان لهم من دور بارز في بناء عُمان، كما أوضح ذلك كل من ياقوت الحموي، وابن خلدون، والبكري، والقلقشندي ([6])، فإن كل ذلك يدل في النهاية على عمق التاريخ الحضاري للسلطنة، وقدم الهجرات العربية من الجنوب الغربي (اليمن) إلى الجنوب الشرقي في عُمان.

تجدر الإشارة هنا إلي أن عُمان سميت بعدة أسماء أخري ومنها على سبيل الذكر (ملوخا) ([7])، حيث ورد هذا الاسم في النصوص المسمارية القديمة لبلاد الرافدين، وهي تعني في فحواها " المواد كثيرة النقاوة" وتشير المصادر إلي وجود اتصالات قديمة الأزل ما بين بلاد الرافدين ومدينة ملوخا، حيث ذكر الملك سرجون الأكدى عن استيراده لخشب العاج وحجر المرمر وبعض المعادن القيمة الأخرى مثل" الذهب والنحاس" ومن الأسماء الدالة علي قدم الحضارة العُمانية أيضا اسم (مجان([8])) والذي أطلقه أيضًا سكان بلاد وادي الرافدين، حيث كانت السفن العُمانية تجوب المناطق محملة بالبضائع التجارية وأشهراها "النحاس وحجر الدايوريت" وأكدت على ذلك كل من الآثار المصنوعة من الأحجار والكتابات المسمارية على ترابط العلاقات العُمانية بالتجار العراقيين منذ زمن الملك سرجون الأكدي (2340-2284 ) ق م.

  كما ورد في كتابات الحاكم "كوديا" اسم (جوبن) مباشرة بعد مدينة ملوخا، ومجان، حيث ذكر أنها موطن شجر البلوط، وهذا النوع من الأخشاب كان يستورد من مدينة مجان، ولذلك فقد حدد علماء الدراسات المسمارية موقع مدينة جوبن في منطقة الجبل الأخضر، حيث إنها لعبت دورها التجاري في الربع الأخير من الألف الثالثة قبل الميلاد. كما أطلق على عُمان اسم (مزون) حيث يري أن هذا الاسم مأخوذ من المزن العربية وهي تعني "انهمار المياه وتدفقها"، ولعل ذلك راجع إلى ما تمتاز به عُمان من هطول الأمطار وكثرة الأفلاج والعيون المائية المنتشرة في أرجاء السلطنة ([9]).

كما يرد اسم (مزون) خلال فترة الحكم الساساني لعُمان (224-629م) حيث ذكر هذا الاسم في المصادر العُمانية كاسم أطلقه الفرس على إقليم عُمان ([10]). كما أطلق على عُمان اسم (أرض كادي) هو اسم سامي أطلق على شبه جزيرة عُمان في القرن السابع ق.م، ورد ذلك في وثيقة أشورية عثر عليها في معبد عشتار في العاصمة نينوي يعود تاريخها إلى حوالي (640) ق.م، تحدث فيها الملك الأشوري (باينبال) عن رحلته الي أرض كادي أثناء عودته الي مدينته ([11]).

 

(1) المنذري، محمد. صحار ودورها التاريخي، رسالة ماجستير، ص2.

(2) الحموي، الشيخ الإمام شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي، ت626هـ/1228م (1906م).  معجم البلدان، عشرة أجزاء، الطبعة الأولي، 6، القاهرة: مطبعة سعادة، ص215، باب العين.

(3) شيخ الربوة، شمس الدين ابي عبد الله محمد ابي طالب الانصاري، (1865م). نخبة الدهر في عجائب البر والبحر: مطبعة الاكاديمية الامبراطورية، ص218.

(4)  الصحاري، ابي المنذر سلمة بن مسلم العواتبي، (2006م) الانساب، تحقيق محمد احسان النص، جزئين، الطبعة الرابعة، ج2، ص205.ابن رزيق، حميد بن محمد بن رزيق بن نجيئت بن سعيد بن غسان، 1291ه/ 1874م (2016). الشعاع الشائع باللمعان في ذكر أئمة عُمان، تحقيق، عبد المنعم عامر، الطبعة الثانية، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، مسقط، ص28.

(5)  وزارة الاعلام (1995). عُمان في التاريخ، ص69.

(6)  المنذري، محمد. صحار ودورها التاريخي، رسالة ماجستير، ص2.

(1)  ملوخا، أحد أسماء عُمان قديما، يتألف من المقاطع التالية "مي" وتعني "الكثرة" و"لوخ" وتعني "النقي" او المصفى، و"نا" إضافة، وبذلك يكون المعني الحقيقي ميلوخا وتعني في ذاتها (المواد كثرة النقاوة والصفاء) وهذه التسمية تنسجم الي حد كبير مع البضائع التي كانت تشتري من هذه المدينة. للمزيد: انظر: وزارة الاعلام (1995). عُمان في التاريخ، ص85.

(2) مجان، تتألف من شقين في العلامات المسمارية التي كتبت بها هذه الكلمة، (ما) وهي تعني سفينة، و(جان) وهي هيكل، والمعني الكامل لها (هيكل السفينة) وهذا يدل على شهرة عُمان في صناعة السفن انظر: وزارة الاعلام (1995). عُمان في التاريخ، ص-ص 87،69.

(3) شلبي، أحمد (1980) عُمان في التاريخ من أقدم العصور حتى الآن، بحث مشارك به ضمن حصاد ندوت الدراسات العُمانية، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عُمان، المجلد الأول، الطبعة الثانية، ص20.

(4) الجرو، اسمهان سعيد (2009). تاريخ عُمان ودراسات في الحضارة الإسلامية، جامعة السلطان قابوس، سلطنة عمان، الطبعة الثانية، ص18.

(1) الجرو، اسمهان (2009). تاريخ عُمان، ص19.